الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ لَم يَقِفْ مَعَهُ إِلَّا كَافِرٌ، أوِ امْرَأَةٌ، أوْ مُحْدِثٌ يَعْلَمُ حَدَثَهُ، فَهُوَ فَذٌّ. وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ، إلَّا في النَّافِلَةِ.
ــ
575 - مسألة: (وَمَنْ لَم يَقِفْ مَعَهُ إِلَّا كَافِرٌ، أوِ امْرَأَةٌ، أوْ مُحْدِثٌ يَعْلَمُ حَدَثَهُ، فَهُوَ فَذٌّ. وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ، إلَّا في النَّافِلَةِ)
أمَّا إذا وَقَفَ معه كافِرٌ أو مُحْدِثٌ يَعْلَمُ حَدَثه لم تَصِحَّ صَلاتُه؛ لأن وجُودَه وعَدَمَه واحِدٌ. وكذلك إذا وَقَف معه سائِرُ مَن لا تَصِحُّ صَلاتُه؛ لِما ذَكَرْنا. وقد رُوِيَ عن أحمدَ، أَّنه قال: إذا أَمَّ رَجُلَيْن، أحَدُهما غيرُ طاهِرٍ، أَتَمَّ الطّاهِرُ معه. وهذا يَحْتَمِلُ أنَّه إرادَ عَلِمَ المُحْدِثُ حَدَثَ نَفْسِه، أتَمَّ الآخَرُ إن كان عن يَمِينِ الإمامِ، وإن لم يكنْ عن يَمِينِه تَقَدَّمَ، فصار عن يَمِنِيه. فأمّا إن كانا خَلْفَه، وأتَمَّ الصلاةَ عِلْمِ المُحْدِثِ بحَدَثِه، لم تَصِحَّ. وإن لم يَعْلَمْه صحَّ؛ لأنَّه لو كان إمامًا صحَّ الائْتِمامُ به، فصِحَّةُ مُصافَّتِه أوْلَى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن لم يَقِفْ (1) معه إلَّا امْرَأةٌ، فقال ابنُ حامِدٍ: لا تَصحُّ صَلَاتُه، لأنَها لا تَؤُمُّه، فلا تَكُونُ معه صَفًّا، ولأنَّها مِن غير أهلِ الوُقُوفِ معه فوُجُودهُا كعَدَمِها. وقال ابنُ عَقِيلٍ: تَصِحُّ على أصَحِّ الوَجْهَيْن؛ لأنَّه وَقَف معه مُفْتَرِضٌ صَلاتُه صَحِيحَةٌ، أشْبَهَ ما لو وَقَف معه رجلٌ، وليس مِن شَرْطِ المُصافَّةِ أن يكونَ مِمَّن تَصِحُّ إمامَتُه، بدَلِيلِ القارِئُ مع الأُمِّيِّ، والفاسِقِ والمفُتْرِضِ مع المُتَنَفِّلِ. وإن وَقَف معه خُنْثَى مُشْكِلٌ، لم يَكُنْ معه صَفًّا، على قوْلِ ابنِ حامِدٍ، لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ امْرَأةٌ.
فصل: وإن وَقَف معه فاسِقٌ أو مُتَتفِّلٌ صار صَفًّا، لأنَّ صلاتَهما صَحِيحَةٌ. وكذلك لو وَقَف قارِئ مع أُمِّيّ، أو مَن به سَلَسُ البُوْلِ مع صَحِيح، أو قائِمٌ مع قاعِدٍ كانا صَفًّا؛ لِما ذَكَرْنا.
فصل: [فأمَّا الصَّبِي إذا وَقَفَ مع البالِغِ وَحْدَه](2)؛ فإن كان في النَّافِلَةِ صَحَّ؛ لِما ذَكَرْنا مِن حَدِيثِ أنَسٍ. وذَكَر أبو الخَطَّابِ رِوايَةً، أنَّه لا يَصِحُّ، بِناءً على صِحَّةِ (3) إمَامَتِه في النَّفْل. وإن كان في الفَرْضِ، فقد روَى الأثْرَمُ عن أحمدَ، أنَّه توَقَّف في هذه المَسْألَةِ، وقال: ما أدْرِي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فذُكِرَ له حَدِيثُ أنَس، فقال: ذلك في التَّطَوُّعِ. واخْتَلَف فيه أصحابُنا، فقال بَعْضُهم: لا يَصِحُّ؛ لأنَّه لا يَصْلُحُ إمامًا للرجالِ في الفَرْضِ، [فلم يُصافِّهم كالمرأةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَصِحُّ؛ لأنَّه يَصِحُّ أن يُصافَّ الرجلَ في النَّفْلِ، فيَصِحُّ في الفَرْض] (1)، كالمُتَنَفِّلِ. ولا يُشْتَرَطُ لصحةِ مصافَّتِه صَلاحِيَتُه للإمامَةِ، بدَلِيلِ الفاسِقِ والعَبْدِ والمُسافِرِ في الجُمُعَةِ، والأصْلُ المَقِيسُ عليه مَمْنُوعٌ.
فصل: إذا أمَّ الرَّجُلُ خُنْثَى مُشْكِلًا وحْدَه، فالصَّحِيحُ أنَّه يَقِفُ عن يَمِينِه؛ لأنَّه إن كان رَجُلًا فهذا مَوْقِفُه، وإن كان امرأةً لم تَبْطُلْ صلاتُها بوُقُوفِها مع الإمامِ؛ لو وَقَفَتْ مع الرجالِ. ولا يَقِفُ وحدَه، لجَوازِ أن يكونَ رَجُلًا. فإن كان معهما رَجُلٌ، وقَف الرَّجُلُ عن يَمِينِ الإمامِ،
(1) سقط س: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والخُنْثَى عن يَسارِه، أو عن يَمِينِ الرَّجُلِ، ولا يَقفان خلْقه؛ لجوازِ أن يكونَ امرأَةً، إلَّا عندَ مَن أجاز للرَّجُلِ مُصافَّةَ المرأةِ. فإن كان معهم رَجُلٌ آخَرُ، وقَف الثَّلَاثة خَلْفَه صَفًّا؛ لِما ذَكَرْنا. وإن كانا خُنْثَييْن مع الرَّجُلَيْن، فقال أصْحابُنا: يَقِفُ الخُنْثَيان صَفًّا خَلْفَ الرَّجُلَيْن؛ لاحْتِمالِ أن يكونا امرأتيْن. ويَحْتَمِل أن يَقِفا مع الرَّجُلَيْن؛ لأنَّه يَحْتمِلُ أن يكون أحَدُهما رَجُلًا، فلا تصِحُّ صلاتُه. وإن كان معهم نِساءً، وقفْنَ خَلْفَ الخَناثَى، على ما ذَكَرنا.
فصل: وإذا كان المَأمُومُ واحِدًا، فكَبَّر عن يَسارِ الإمامِ، أدارَ الإِمامُ عن يَمِينِه، ولم تَبْطلْ تَحْريمَتُه كما فَعَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم بابنِ عباسٍ (1). وإن كَبَّر وحدَه خلفَ الإمامِ، ثم تَقَدَّم عن يَمِينِه، أو جاء آخَرُ فوَقَفَ معه، أو تَقَدَّم إلى الصَّفِّ بينَ يَدَيْه، أو كانا اثْنَيْن فكَبَّرَ أحَدُهما، وتَوَسْوَس الآخَرُ ثم كَبَّر قبلَ رَفْعِ الإمام رَأسَه مِن الرُّكُوعِ، أو كَبَّر واحِدٌ عن يَمِينِ الإِمام، فأحَسَّ بآخرَ، فتَأَخَّرَ معه قبل أن يُحْرِمَ الثّانِي ثم أحْرَم، أو أحرَم عن يَسارِ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 119.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإمامِ، فجاءَ آخَرُ فوَقَفَ عن يَمِينِه قبل رَفْعِ الإمامِ رَأْسَه مِن الرُّكُوعِ، صَحَّتْ صَلاتُهم. وقد نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ الأثْرَمِ، في الرَّجُلينِ يقومان خلْفَ الإمامِ، ليس خَلْفَه غيْرُهُما [فإن كَبَّرَ أحدُهما قبلَ صاحِبِه](1) خاف أن يَدْخُلَ في الصلاةِ خلْف الصَّف، فقال: ليس هذا مِن ذاك، ذاك في الصلاةِ بكَمالِها، أو صَلَّى رَكْعَةً كامِلَةً، وما أشْبَهَ هذا، فأمَّا هذا فأرْجُو أن لا يكونَ به بَأَسٌ. ولو أحْرَم رَجُلٌ خلْفَ الصَّفِّ، ثم خَرج مِن الصَّفِّ رَجُلٌ فوَقَفَ معه، صَحَّ؛ لِما ذَكَرْنا.
فصل: وإن كَبَّر رَجُلٌ عن يَمِينِ الإمام، وجاء آخَرُ فكَبَّرَ عن يَسارِه، أخْرَجَهُما الإمامُ إلى ورائِه، كفِعْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بجابِرٍ وجَبّارٍ (2). ولا يَتَقَدَّمُ الإمامُ، إلَّا أن يكونَ وراءَهُ ضَيِّقٌ. وإن تَقَدَّم، جاز، وإن كَبَّر الثّانِي مع الأوَّلِ عن اليَمِينَ وخرَجا، جاز. وإن دَخَل الثّانِي، وهما في التَّشَهدِ، كَبَّر وجَلَس عن يَسارِ الإمامِ، أو عن يَمِينِ الآخَرِ، ولا يَتَأخَّران في التَّشَهُّدِ، لأنَّ فيه مَشَقَّةً.
(1) سقط من: م.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 417.