الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَكفِيهِ لجَمِيعِ السهْوِ سَجْدَتَانِ، إلَّا أنْ يَخْتَلِفَ مَحَلهُمَا، فَفيهِ وَجْهَانِ؛ أحَدُهُمَا، تُجْزِئُهُ سَجْدَتَانِ.
ــ
485 - مسألة: (ويَكفِي لجَميعِ السَّهْوِ سَجْدَتان، إلَّا أن يَخْتَلِفَ مَحَلُّهما، ففيه وَجْهان)
إذا سَها سَهْوَيْن أو أكثرَ مِن جِنْس، كَفاه سَجْدَتان، بغيرِ خِلاف عَلِمْناه. وإن كان السَّهْوُ مِن جِنْسَيْن، فكذلك. حَكاه ابن المُنْذِرِ، عن أَحْمد. وهو قولُ أكْثَرِ أهل العلمِ؛ منهم الثَّوْرِيُّ، ومالك، والشافعي، وأصحابُ الرأيِ. وذَكَر أبو بكرٍ فيه وَجْهَيْن؛
وَالْآخَرُ، يَسْجُدُ لِكُل سَهْو سَجْدَتيْنِ.
ــ
أحَدُهما، ما ذَكَرْناه. والثاني، يَسْجُدُ سُجُودَيْن. وهو قولُ الأوْزاعِيِّ، وابن أبي حازِم (1)، وعبدِ العزيز بن أبي سَلَحَةَ (2)، إذا كان أحَدُهما قبلَ السلامِ، والآخَرُ بعدَه؛ لقوْلِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:«لِكُل سَهْو سَجْدَتَانِ» . رَواه أبو داودَ، وابنُ ماجه (3). وهذان سَهْوان. ولأنَّ كل سَهْو يَقْتضِي سُجُودًا، وإنما يَتَداخَلان في الجِنْس الواحِدِ. ولَنا، قولُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:«إذَا سَهَا أحَدُكُمْ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» (4). وهذا يَتَناولُ السهْوَ في مَوْضِعين، ولأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سها فسَلمَ (5)، وتَكَلَّمَ بعدَ سَلَامِه، فسَجَدَ لهما سُجُودًا واحِدا، ولأنه شُرِع للجَبْرِ، فكَفَى فيه سُجُودٌ واحد، ما لو كان مِن جِنْس واحِد. وحَدِيثهم في إسْنادِه مَقالٌ. ثم إنَّ المُرادَ به، لكل سَهْو في صَلاة. والسَّهْوُ وإن كَثُر داخِلٌ في لَفْظِ السَّهْوِ؛ لأنه اسْمُ جنْس، فيَكونُ التَّقْدِيرُ، لكل صلاة فيها سَهْو سَجْدَتان. يدُلُّ على ذلك أنَّه قال:«لكُل سَهْوٍ سَجْدَتانِ بَعْدَ السلام» (6). كذا رِوايَةُ
(1) في م: «حاتم» . وهو أبو عبد الله عبد العزيز بن أبي حازم (سلمة) بن دينار الأعرج، الفقيه المالكى، المتوفى سنة خمس، وثمانين ومائة. طبقات الفقهاء 146، ترتيب المدارك 1/ 286 - 288.
(2)
هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، أبو عبد الله، فقيه مالكى، ثِقَة صدوق، كثير الحديث. توفى سنة أربع وستين ومائة. تهذيب الكمال 6/ 343، 344، وانظر طبقات الفقهاء، للشيرازى 67.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 84.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 9 عن حديث ابن مسعود.
(5)
سقط عن: م.
(6)
تقدم تخريجه في صفحة 84.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبي داودَ. ولا يَلْزَمُه بعدَ السلامِ سُجُودان.
فصل: ومعنى اخْتِلافِ مَحَلِّهما أن يكونَ أحَدُهما قبلَ السَّلامِ، والآخَرُ بعدَه؛ لاخْتِلافِ سَبَبِهما وأحْكامِهما. وقال بعضُ أصحابِنا: هو أن يكون أحَدُهما مِن نَقْص، والآخَرُ مِن زِيادَةٍ. قال شيخُنا (1): والأوَّلُ أوْلى، إن شاء الله تعالى. فإذا قلْنا: يَسْجُدُ لهما سُجُودًا واحِدًا. سجده قبل السَّلامِ؛ لأنه أسْبَقُ وآكدُ؛ ولأن الذى قبلَ السَّلامِ قد وُجد سبَبُه، ولم يُوجَدْ قبْلَه ما يَمنَعُ (2) وُجُوبَه، ولا يَقُومُ مَقامَه، فلَزِمَه الإتْيانُ به، وإذا سجَد له، سَقَط الثّانِي؛ لإغْناء الأوَّلِ عنه.
(1) في: المغني 2/ 438.
(2)
في م: «يوجب منع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولو أحْرَمَ مُنْفَرِدا، فصَلى ركْعَة، ثم نَوى مُتابَعَةَ الإمام، وقُلْنا بجَواز ذلك، فسها فيما انْفَرَدَ فيه، وسَها إمامه فيما تابَعَه فيه، فإن صَلَاته تَنْتَهِي قبلَ صلاةِ إمامِه. فعلى قَوْلِنا، هما مِن جِنْس واحِدٍ إن (1) كان مَحَلهما واحِدًا، وعلى قولِ مَن فَسَّرَ الجِنْسَيْن بالزيادَةِ والنَّقْص، يَحْتَملُ كوْنُهما ين جِنْسَيْن. وهكذا لو صَلى مِن الرباعِيةِ رَكْعَةً، ودَخَل مع مُسافِر، فنَوَى مُتابَعَتَه، فلمّا سَلمَ إمامُه، قام ليُتمَّ ما عليه، فقد حَصَل مَأمُومًا في وَسَطِ صَلاتِه، مُنْفرِدا في طَرَفَيْها. فإذا سَها في الوَسطِ والطَّرَفين جميعًا، فعلى قَوْلنا، إن كان مَحَل سُجُودِهما واحِدًا، فهي جِنْسٌ واحِدٌ. وإنِ اخْتَلَفَ مَحَل السُّجُودِ، فهي جِنْسان. وقال بعضُ أصْحابنا: هي جِنْسان. ولأصْحابِ الشافعية فيها وَجْهان كهَذَيْن، ووَجْه ثالِث، أنَّه يَسْجُدُ سِت سَجَداتٍ، لكلَّ سَهْو سَجْدَتان.
(1) في الأصل: «وإن» .