الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإنْ لَمْ يَجُدِ الْقَارِئُ، لَمْ يَسْجدْ.
ــ
والجوزَجانِيُّ (1)، في «المتَرْجَمِ» ، عن عَطاءٍ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. فإن كان التّالى أميًّا، سَجَد [القارِئُ المُسْتَمِعُ](2) بسُجودِه؛ لأن القِراءَةَ ليست برُكْن في السجودِ. وإن كان صَبِيًّا ففي سُجُودِ الرجلِ بسُجُودِه وجْهان؛ بِناءً على صِحةِ إمامتِه في النفل.
511 - مسألة: (فإن لم يَسْجدِ القارِئُ، لم يَسْجُدْ)
يَعْنِي إذا لم
(1) لعله أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب، الذي تقدمت ترجمته في 1/ 121. وذكر له الذهبي في تذكرة الحفاظ 2/ 549 كتابًا في الضعفاء، كما نجد بعض آثاره في تاريخ التراث العربي 1/ 1 / 262.
(2)
في الأصل: «القارئ والمستمع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَسْجُدِ التالي لم يَسْجُدِ المُسْتَمِعُ. وقال الشافعيُّ: يَسْجُد: لوُجُودِ الاسْتِماعِ، وهو سَبَبُ السُّجُودِ. وقال القاضي: إذا كان التالِي في غيرِ صلاةٍ، وهناك مسُتمع للقِراءَةِ فلم يَسْجُدِ التالِي، لم يَسْجُدِ المُسْتَمِعُ، في ظاهِرِ كَلامِه. فدَلَّ على أنَّه قد رُوِيَ عنه السُّجُودُ. ولَنا، ما رَوَيْنا من الحَدِيثِ، ولأنه تابع له، فلم يَسْجُدْ بدُونِ سُجُودِه، كما لو كانا في الصلاةِ. وإن كان التّالِي في صلاة دُونَ المُسْتَمع، سَجَد معه. وإن كان المُسْتَمِعُ في صلاةٍ أخْرَى لم يَسْجُدْ، ولا يَنْبَغِي له الاسْتِماعُ؛ لقولِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ في الصَّلَاةِ لَشُغْلا» . مُتفَق عليه (1). فعلى هذا، لا يَسْجُدُ إذا فَرَغ مِن الصلاةِ. وقال أبو حنيفةَ: يَسْجُدُ؛ لأنَّ سَبَبَ السجُودِ وُجِدَ، وامْتَنَعَ لمُعارِض (2)، فإذا زال المُعارِضُ سَجَد. ولَنا، أنَّه لو تَرِك السجُودَ لتِلاوَتِه في الصلاةِ لم يَسْجُدْ بعدَها، فلِئَلَّا يَسْجُدَ ثم بحُكْمِ تِلاوَةِ غيرِه أولَى. وعن أحمدَ في المسْتَمِعِ، أنَّه يَسْجُدُ إذا كان في تَطَوُّع؛ سَواء كان التالِي في صلاةٍ أخْرَى، أو لم يَكُنْ. قال شيخُنا (3): والأولُ أصَحُّ؛ لأنه ليس بإمام له، فلا يَسْجُدُ لتِلاوَتِه، كما لو كان في فَرْضٍ.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 33.
(2)
في م: «المعارض» .
(3)
في: المغني 2/ 368.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والرُّكُوعُ لا يَقُومُ مَقامَ السُّجُودِ. وحَكَى صاحِبُ «المسُتوْعِبِ» رِوايَة عن أحمدَ، أن رُكُوعَ الصلاةِ يَقُومُ (1) [مَقامَ السُّجُودِ. وقال أبو حنيفةَ: يَقُومُ] (2) مَقامَه؛ لقَوْلِه تعالى: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} (3). ولَنا، أنَّه سُجُود مَشروع، فلم يَقُمِ الرُّكُوعُ مقامَه، كسُجُودِ الصلاةِ، والآيَةُ أُريدَ بها السُّجُودُ، وعَبر عنه بالركُوعِ؛ بدَلِيلِ أنّه قال:{وَخَرَّ} . ولا يُقالُ للراكِع: خَر. وإنما رُوِيَ عن داودَ عليه السلام السُّجُودُ، ولو قُدِّرَ أنَّ داودَ رَكَع حَقِيقَةً، لم يَكُنْ فيه حُجَّةٌ؛ لأنَّه إنما فَعَل ذلك توْبَةً، لا لسُجُودِ التلاوَةِ.
(1) في «تش» «لا يقوم» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سورة ص 24.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإذا قَرَأ السَّجْدَةَ في الصلاةِ في آخِرِ السُّورَةِ؛ فإن شاء رَكَع، وإن شاء سَجَد، ثم قام فقَرَأ شيئًا مِن القُرآنِ ثم رَكَع، وإن شاء سَجَد ثم قام فرَكَعَ مِن غيرِ قراءَة. نَص عليه أحمدُ. وهذا قولُ ابنِ مسعود، والربِيعِ بنِ خُثَيْم (1)، وإسحاق، وأصحابِ الرأيِ. ورُوِيَ عن عُمَرَ، أنَّه قَرَأ بالنَّجْمِ فسَجَدَ فيها، ثم قام فقَرَأ سُورَةً أخْرَى.
فصل: وإذا قَرَأ السَّجْدَةَ على الراحِلَةِ في السَّفَرِ، أوْمَأ بالسجودِ حيث كان وَجْهه. وقال القاضي: إن أمْكَنَه أن يَسْتَفتِحَ بها القِبْلَةَ فَعلَه، وإن كان لا تُطِيقُ دابتُهُ، احْتَمَلَ أن لا يَسْتَفْتِحَ بها، واحْتَمَلَ أنَّه لا بُد مِن الاسْتِفْتاحِ. وقد رُوِيَ الإيماءُ به على الراحِلةِ عن عليٍّ، وسعيدِ بنِ زَيْدٍ، وابنِ عُمَرَ، وابنِ الزبَيْرِ. وبه قال مالك والشافعي، وأبو ثَوْر، وأصحابُ الرَّأيِ؛ لِما روَى ابنُ عُمَرَ، أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأ عامَ الفَتْح سَجْدَةً،
(1) في م: «خيثم» . وهو الرَّبيع بن خثيم من عائذ الثَّوريّ الكُوفيّ أبو يزيد، من كبار التابعين روى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا، تُوفِّي بعد مقتل الحسين بن عليّ سنة ثلاث وستين. تهذيب التهذيب 3/ 242.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فسَجَدَ النَّاسُ كلهم؛ منهم الراكِب والسَّاجدُ بالأرض، حتَّى إن الرّاكِبَ ليَسْجُدُ على يده. رَواه أبو داودَ (1). ولأَنه صلاةُ تَطَوُّع، أشْبَهَ سائِرَ التَّطَوعِ. وإن كان ماشيًا سَجد بالأرض، وبه قال أبو العالِيَةِ، وأبو ثوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْيِ؛ لِما ذَكَرْنا. وقال الأسْودُ بنُ يَزِيدَ (2)، وعَلْقَمةُ، وعَطاء، ومجاهِد: يُومِئُ. وقد قال أبو الحسنِ الآمِدِي، في صلاةِ الماشِي: يومِئُ. وهذا مثله.
(1) في: باب في الرَّجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 326.
(2)
في الأصل: «زيد» .