الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ رَكَعَ فَذًّا ثُمَّ دَخَلَ في الصَّفِّ، أوْ وَقَفَ مَعَهُ آخَرُ قَبْلِ رَفعِ الإِمَامِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ رَفَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ صَحَّتْ. وَقِيلَ: إنْ عَلِمَ النَّهْىَ لَمْ تَصِحَّ، وَانْ فَعَلَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ تَصِحَّ.
ــ
578 - مسألة: (وَإنْ رَكَعَ فَذًّا ثُمَّ دَخَلَ في الصَّفِّ، أوْ وَقَفَ مَعَهُ آخَرُ قَبْلِ رَفعِ الإِمَامِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ رَفَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ صَحَّتْ. وَقِيلَ: إنْ عَلِمَ النَّهْىَ لَمْ تَصِحَّ، وَإنْ فَعَلَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ تَصِحَّ)
عَن رَكَع دونَ الصَّفِّ، ثم دَخَل في الصف، لم يَخْلُ مِن ثلاثَةِ أحْوالٍ؛ أحَدُها، أن يُصَلى رَكْعَةً ثم يَدْخلَ، فلا تَصح صلاته؛ لِما ذَكرنا. الثَّاني، أن يَمْشِيَ وهو راكِعٌ، ثم يَدْخُلَ في الصَّف قبلَ رَفْعِ الإمامِ رَأْسَهُ مِن الرُّكُوعِ، أو يَأتِيَ آخَرُ فيَقِفَ معه قبلَ رَفْعِ الإمامِ رَأسَه، فتَصِحُّ صلاتُه؛ لأنَّه أدْرَك مع الإمامِ في الصَّفِّ ما يُدْرِكُ به الرَّكْعَةَ. وممَّن رَخَّصَ في ذلك زَيْدُ بنُ ثابِتِ. وفعَلَه ابنُ مسعودٍ، وزَيْدُ بنُ وَهْبٍ، وعُرْوَةُ، وسَعِيدُ بن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جُبَيْرٍ. وجَوَّزَه الزُّهْرِيُّ، والأوْزاعِيُّ، ومالكٌ، والشافعيُّ، إذا كان قَرِيبًا من الصَّفِّ. الحالُ الثَّالِثْ، أن لا يَدخُلَ في الصَّفِّ إلَّا بعدَ رَفْعِ الإمام رَأْسَه مِن الرُّكُوعِ، أو يقِفَ معه آخَرُ في هذه الحالِ، ففِيه ثَلاثُ رواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، تَصِحُّ صلاتُه. وهذا مَذْهَبُ مالكٍ، والشافعيِّ؛ لأنَّ أَبا بكرَةَ فَعَل ذلك، وفَعَلَه مَن ذَكَرْنا مِن الصَّحَابَةِ، ولأنَّه لم يُصَلِّ رَكْعَةً كامِلَةً، أشْبَه ما لو أدْرَك الرُّكوعَ. والثّانِيَةُ، تَبْطُلُ صلاتُه بكُلِّ حالٍ؛ لأنَّه لم يُدْرِكْ في الصَّفِّ ما يُدْرِكُ به الرَّكْعَةَ، أشْبَه ما لو صَلَّى رَكعَةً كامِلَةً. والثّالِثَةُ، أنَّه إن كان جاهِلًا بتَحْرِيمِ ذلك، صَحَّتْ صلاتُه، وإلَّا لَزمَتْه الإعادَةُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اخْتارَها الخِرَقِيُّ؛ لِما رُوِيَ أنَّ أَبا بَكْرَةَ انْتَهَى إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو راكِعٌ، فرَكعَ قبلَ أن يَصِلَ إلى الصَّفِّ، فذَكَرَ ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:«زَادَكَ اللهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» . رَواه البُخَارِيّ (1). فلم يَأمُرْه بإعادَةِ الصلاةِ، ونَهاه عن العَوْدِ، والنَّهْىُ يَقْتَضِي الفَسادَ. ولم يُفَرِّقِ القاضِيّ والخرَقِيُّ في هذه المَسْألةِ بينَ مَن دَخَل قبلَ رَفْعِ رَأسِه مِن الرُّكُوع أو بعدَ الرَّفْعِ، وذلك مَنْصُوصُ أحمدَ. والدَّلِيلُ يَقْتَضِي التَّفْرِيق، فيُحْمَلُ كلامُهم عليه، وقد ذَكَرَه أبو الخَطّابِ على نحْوِ ما ذَكَرْنا.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 421.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن فَعَل ذلك لغوِ عُذْرٍ، ولا خَشِيَ الفَواتَ لم تَصِحَّ صلاتُه، في أحَدِ الوَجْهَيْن؛ لأنَّه فاتَه ما تَفُرتُه الرَّكْعَةُ بفَواتِه، وإنَّما أَبِيحَ للمَعْذُورِ، لحَدِيثِ أبي بَكْرَةَ، فيَبْقَى فيما عداه على قَضِيَّةِ الدَّلِيلِ. والثّانِي تَصِحُّ؛ لأنَّ المَوْقِفَ لا يَخْتَلِفُ بخِيفَةِ الفَواتِ وعَدَمِه؛ لو فَاتَتْه الرَّكْعَةُ كلُّها.
فصل: السُّنَّةُ أن يَتَقَدَّمَ في الصَّفِّ الأوَّلِ أَو لُو الفَضْلِ، [والسِّنِّ](1)، وأن يَلِيَ الإمامِ أكْمَلُهم وأفْضَلُهُم. قال أحمدُ: يَلِي الإمامَ الشُّيُوخُ وأهلُ القُرْآنِ، ويُؤخَّرُ الصِّبْيانُ والغِلْمانُ؛ لِما روَى أبو مَسْعودٍ (2) الأنصارِيُّ، قال: كان رسِولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «لِيَلِنِي مِنْكُم أُولُو الأحْلَامِ والنُّهَى، ثم الَّذِينَ يَلُونَهُم، ثم الَّذِين يَلُونَهُمْ» . وقالَ أبو سعِيدٍ: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأى في أصحابِه تَأَخُّرًا، فقال:«تَقَدَّموا فَائْتَمُوا بى، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، ولا يَزَالُ قَوْمْ يَتَأخَّرونَ حتَّى يُؤَخِّرَهُمُ الله عز وجل» . رَواهما أبو
(1) في م: «والأسن» .
(2)
في م: «سعيد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
داودَ (1). وعن قَيْسِ بنِ عُبادٍ، قال: أَتَيْتُ المَدِينَةَ لِلِقاءِ أصحابِ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، [فأُقِيمَتِ الصلاةُ، وخَرَجَ عمرُ مع أصْحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم](2)، فقُمْتُ في الصَّفِّ الأوَّلِ، فجاءَ رَجُلٌ فنَظَرَ في وُجُوهِ القَوْمِ، فعَرَفَهُم غيرِي، فنَحّانِي وتام في مَكانِي، فما عَقَلْتُ صلاِتى، فلمَّا صَلَّى قال: يَا بُنَيَّ لا يَسُؤْكَ اللهُ، فإنِّي لم آتِ الَّذي أتيْتُ بجَهالَةِ، ولكنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لنَا:«كونُوا في الصَّفِّ الَّذي يَلينِي» . وإنِّي نَظَرْتُ في وُجُوهِ القَوْمِ فعَرَفْتُهُم غيرَك. وكان الرَّجُلُ أبَيَّ بنَ كعبٍ. رَواه أحمدُ، والنَّسائِيُّ (3).
(1) الأول، في: باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخير، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 156. كما أخرجه مسلم، في: باب تسوية الصفوف. إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 323. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء ليلينى منكم أولو الأحلام والنهى، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 26. والنَّسائي، في: باب من يلى الإمام ثم الَّذي يليه، وباب ما يقول الإمام إذا تقدم في تسوية الصفوف، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 68، 71. وابن ماجه، في: باب من يستحب أن يلى الإمام، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 312، 313. والدارمي، من: كتاب من يلى الإمام من النَّاس، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 290. والإمام أَحْمد، في: المسند 1/ 457، 4/ 122.
والثاني، في: باب صف النساء وكراهية التأخير عن الصف الأول، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 157. كما أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الرَّجل يأتم بالإمام ويأتم النَّاس بالمأموم، من كتاب الأذان. صحيح البُخَارِيّ 1/ 182. ومسلم، في: باب تسوية الصفوف. إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 325. والنَّسائي: كتاب الائتمام بمن يأتم بالإمام، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 65. وابن ماجه في: باب من كتاب من يلى الإمام، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 313.
(2)
سقط من: م.
(3)
أخرجه الإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 140. والنَّسائي بتغيير في اللفظ، في: باب من يلى الإمام ثم الَّذي يليه، من كتاب الإمامة. المجتبي 2/ 68.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والصَّفُّ الأوَّلُ أفْضَلُ للرِّجالِ، والنِّساءُ بالعَكْس؛ لقَوْلِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«خَيْرُ صُفوفِ الرِّجالِ أوَّلُهَا، وشَرُّهَا آخِرُهَا، وخَيْرُ صُفُوفِ النَّسَاء آخِرُهَا، وشَرُّهَا أوَّلُهَا» . رَواه أبو داودَ (1). وعن أنَسٍ، أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«أتمُّوا الصَّفّ الأوَّلَ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ في الصَّفِّ الْآخِرِ» . رَواه أبو داوُدَ (2). وعن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ. قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الصَّفُّ الأوَّلُ عَلَى مِثْلِ صَفِّ الْمَلَائِكَةِ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ فَضِيلَتَهُ لَابتدَرْتُمُوهُ» . رَواه الإمامُ أحمدُ (3). ومَيامِنُ الصُّفُوفِ أفْضَلُ؛
(1) في: باب صف النساء وكراهية التأخير عن الصف الأول، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 156. كما أخرجه مسلم، في: باب تسوية الصفوف. إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 326. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في فضل الصف الأول، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 23، 24. والنَّسائي، في: باب ذكر خير صفوف النساء وشر صفوف الرجال، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 73. وابن ماجه، في: باب صفوف النساء، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 319. والدارمي، في: باب أي صفوف النساء أفضل، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 291. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 247، 336، 340، 367، 3/ 3، 96، 293، 331.
(2)
في: باب تسوية الصفوف، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 155. كما أخرجه النَّسائيّ، في: باب الصف المؤخر، من كتاب الإمام. المجتبى 2/ 72. والإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 132، 215، 233.
(3)
في: المسند 5/ 140، وكما أخرجه أبو داود، في: باب في فضل صلاة الجماعة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 131. والنَّسائي، في: باب الجماعة إذا كانوا اثنين، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 81.