الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَصَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى. وإنْ تَطوَّعَ في النَّهَارِ بِأرْبَعٍ فَلَا بَأسَ، وَالْأَفْضَلُ مَثْنَى.
ــ
505 - مسألة: (وصلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإن تَطوَّعَ في النهارِ بأرْبعٍ فلا بَأسَ، والأفْضَلُ مَثْنَى)
قَوْلُه، مَثْنَى مَثْنَى. يَعْنِي يُسَلِّمُ مِن كلِّ ركْعَتَيْن. والتَّطَوُعُ قِسْمان؛ تَطوُّعُ الليْلِ، وتَطَوُّعُ النهارِ، فلا يَجُوزُ [تَطوُّعُ اللَّيْلِ](1) إلَّا مَثْنَى مَثْنَى. وهذا قولُ كثير مِن أهْلِ العِلْمِ؛ منهم أبو يُوسُف، ومحمدٌ. وقال القاضي: لو صَلى سِتًّا في لَيْلٍ أو نَهارٍ، كُرِهَ، وصَحَّ. وقال أبو حنيفةَ: إن شِئْتَ رَكْعَتيْن، وإن شِئْتَ أرْبَعًا، وإن شِئْتَ سِتًّا، وإن شِئْتَ ثَمانِيًا. ولَنا، قَوْل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:«صَلَاة الليل مَثْنَى مثْنى» . مُتَّفَق عليه (2).
= والثاني أخرج صدره أبو داود، في: باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة، من كتاب التطوع. سنن أبي داود 1/ 315. والنَّسائي، في: باب المصلى يكون بينه وبين الإمام سترة، من كتاب القبة، وفي: باب قيام الليل، وباب الاختلاف على عائشة، من كتاب قيام الليل، وفي: باب ذكر اختلاف الناقلين في عائشة فيه، وباب صوم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأبي هو أمي، من كتاب الصيام. المجتبى 2/ 53، 3/ 163، 178، 4/ 125، 169. والإمام أَحْمد، في: المسند 6/ 109.
(1)
في الأصل: «التطوع بالليل» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 11، 12.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمّا صلاةُ النهارِ فتَجُوزُ أرْبَعًا، فَعَل ذلك ابنُ عُمَرَ. وقال إسحاقُ: صلاةُ النَّهارِ أخْتارُ أرْبَعًا، وإن صَلَّى رَكْعَتَيْن جاز؛ لِما رُوِيَ عن أبي أَيوب، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«أرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ لَا يُسَلَّمُ فِيهِنَّ تُفْتَحُ لَهنَّ أبوَابُ السَمَاءِ» . رَواه أبو داودَ (1). [والأفْضَلُ مَثْنَى. وقال إسحاقُ: الأفْضَلُ أرْبَعًا. ويُشْبِهُه قَوْلُ الأوْزاعِي، وأصْحاب الرأيِ، وحديثُ أبي أيوبَ. ولَنا، ما روَى عليُّ بنُ عبدِ الله البارِقي، عن ابنِ عُمَرَ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «صلَاةُ اللَّيْلِ وَالنهَار مَثْنَى مَثْنَى». رَواه أبو داود](2). ولأنه أبْعَد [مِن السهْوِ](3)، وأشبَهُ بصلاةِ اللَّيْلِ. وتَطَوعات النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الصَّحِيحِ رَكْعَتان. وذَهَب الحَسَنُ، وسَعِيد بنُ جُبَيْر، ومالك، إلى أنَّ تَطَوُّعَ النَّهارِ والليْلِ (4) مَثنَى مَثنَى؛ لحديثِ علي ابنِ عبدِ الله البارِقيِّ، وقد ذَكَرْنا حديثَ أبي أَيوبَ، وحديثُ البارِقي تَفَرّدَ بذِكْرِ النَّهارِ مِن بينِ سائِرِ الرُّواةِ، ونَحْمِلُه على الفَضِيلَةِ جَمعًا بينَ الحَدِيثَيْن.
(1) في: باب الأربع قبل الظهر، بعدها، من كتاب التطوع. سنن أبي داود 1/ 292. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب في الأربع ركعات قبل الظهر، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 365، 366.
(2)
سقط من الأصل.
وحدث ابن عمر أخرجه أبو داود، في: باب صلاة النهار، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 298. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 419.
(3)
في م: «للسهو» .
(4)
سقط من م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: قال بعضُ أصحابِنا: لا تجوز الزيادة في النَّهارِ على أربع. وهذا ظاهِرُ كَلامِ الخِرقِي. وقال القاضِي: يَجُوز ويكْرهُ. ولَنا، أنَّ الأحْكامَ إنما تُتَلَقَى مِن الشارِعِ، ولم يَرِدْ شيءٌ مِن ذلك. واللهُ أعلمُ.
فصل: ويُسْتَحَبُّ التنفّل بينَ المَغْرِبِ والعِشاءِ؛ لِما روِيَ عن أنس ابنِ مالكٍ في هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} (1). الآيةُ. قال: كانوا يَتَنَفلون بينَ المَغْرِب والعِشاءِ، يُصَلُّون. رَواه أبو داود (2). وعن عائشةَ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغرِبِ عِشْرِين رَكْعَةً بَنَى اللهُ لَه بَيْتًا في الْجَنة» (3). قال الترمِذِي: هذا حديثٌ غريبٌ.
فصل: وما وَرَد عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تَخْفِيفُه أو تَطْوِيلُه، فالأفْضَلُ اتباعُه فيه؛ فإنَّه عليه السلام لا يَفْعَل إلَّا الأفْضَلَ، وقد ذَكَرْنا بعضَ ما كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّفُه ويُطولُه. وما عَدا ذلك، ففيه ثَلاث رِواياتٍ؛ إحْداها، الأفْضَل كَثْرَةُ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ، لقَوْلِ ابنِ مسعودٍ: إنِّي لأعْلَمُ النَّظائِرَ التي كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقْرِنُ بينَهُنَّ سُورَتَيْن في كلِّ رَكْعَةٍ، عِشْرُون
(1) سورة السجدة 16.
(2)
في: باب قيام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من الليل، من كتاب التطوع. سنن أبي داود 1/ 304.
(3)
أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب ما جاء في فضل التطوع وست ركعات بعد المغرب، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 225.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سُورَةٌ مِن المُفَصَّلِ. رَواه مسلمٌ (1). ولقَولِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسجدُ سَجْدَةً، إلَّا كتب اللهُ لَهُ بِهَا حَسَنَة، وَمَحَا عَنْهُ بِهَا سَيئَةً، وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً» (2). والثَّانِيَةُ، التَّطْوِيل أفْضَلُ؛ لقَوْلِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم:«أفْضَلُ الصلَاةِ طُولُ (3) القُنُوتِ» . رَواه مسلم (4). ولأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان أكْثَرَ صلَاته التَّهَجدُ وكان يُطِيلُه، على ما قد ذَكَرْنا. والثالثةُ، هما سَواءٌ؛ لتَعارُضِ الأخْبارِ في ذلك. واللهُ أعلمُ.
(1) تقدم تخريجه في 3/ 618.
(2)
أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب ما جاء في كثرة الركوع والسجود، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 179، 180. والنَّسائي، في: باب ثواب من سجد لله عز وجل سجدة، من كتاب التطبيق. المجتبى 3/ 180، 181. وابن ماجه، في: باب ما جاء في السجود، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 457. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 276.
(3)
سقط من: م.
(4)
في: باب أفضل الصلاة طول القنوت، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 520. كما أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب ما جاء في طول القيام في الصلاة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 178، 176. وابن ماجه، في: باب ما جاء في طول القيام في الصلوات، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 456. والدارمي، في: باب أي الصلاة أفضل، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 331. الإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 302، 391، 412.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والتطَوُّعُ في البَيْتِ أفْضَلُ؛ لقَوْلِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: «عَليْكُمْ بِالصلَاةِ في بُيُوتِكمْ، فَإِنْ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ في بَيتهِ إلَّا الْمكْتُوبَة» . وقال عليه السلام: «إذا قضَى أحدُكُمُ الصلَاةَ في مَسْجِدِه، فَلْيَجْعَلْ لِبَيتهِ نَصيبًا مِنْ صَلَاِتهِ؛ فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ في بَيتهِ مِنْ صَلَاِتهِ خَيْرًا» . رَواهما مسلم (1). وعن زيدِ بنِ ثابِتٍ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:«صَلَاةُ المَرْءِ في بَيتهِ أفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ في مَسْجدِي هذَا، إلَّا الْمكْتُوبَةَ» . رَواه أبو داودَ (2). ولأن الصَّلاة في البَيْتِ أَقرَبُ إلى الإخْلاصِ، وأَبْعَدُ مِن الرياءِ، وهو مِن عَمَلِ السرِّ، والسرُّ أفْضَلُ مِن العَلانِيَة.
فصل: ويُسْتَحَب أن يكونَ للإنْسانِ تَطوعاتٌ يُداوِمُ عليها، وإذا فاتَت يَقْضِيها؛ لقَوْلِ عائشةَ: سئِل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعْمالِ أفْضَل؟ قال:
(1) في: باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 539، 540.
كما أخرج الأول البُخَارِيّ، في: باب صلاة الليل من كتاب الأذان، وفي: باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله، عن كتاب الأدب، وفي: باب ما يكره عن كثرة السُّؤال وتكلف ما لا يعنيه، عن كتاب الاعتصام. صحيح البُخَارِيّ 1/ 186، 8/ 34، 9/ 117 والتِّرمذيّ، في: باب في فضل صلاة التطوع في البيت من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 239. والنَّسائي، في: باب الحث على الصلاة في البيوت والفضل في ذلك، من كتاب قيام الليل. المجتبى 3/ 161. والدارمي، في: باب صلاة التطوع في أي موضع أفضل، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 317. والإمام مالك، في: باب فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، عن كتاب الجماعة. الموطأ 1/ 130. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 182، 184، 186، 187. وأخرج الثاني ابن ماجه، في: باب ما جاء في التطوع في البيت، من كتاب إقامة الصلاة. عن ابن ماجه 1/ 438. والإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 15، 59، 316.
(2)
في: باب في فضل التطوع في البيت، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 333.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«أدْوَمُهُ وَإنْ قَلَّ» . مُتفَق عليه (1). وقالت: كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا صَلى صلاةً أحَبَّ أن يُداوِم عليها، وكان إذا عَمل عَمَلًا أَثْبَتَه. رَواه مسلم (2). وقال ابنُ عَمْرٍو (3). قال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ، كَانَ يَقُومُ الليْلَ، فَتَرَكَ [قِيامَ اللَّيْلِ] (4)» . مُتَّفَق عليه (5). ولأنه إذا قَضَى ما تَرَك مِن تَطَوُّعِه، كان أبعَدَ له مِن التَّرْكِ.
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب أحب الدين إلى الله أدومه، من كتاب الإيمان، وفي: باب الجلوس على الحصير ونحوه، من كتاب اللباس، وفي: باب القصد والمداومة على العمل، من كتاب الرقاق. صحيح البُخَارِيّ 1/ 17، 7/ 200، 8/ 122. ومسلم، في: باب فضيلة العمل الدائم، من كتاب صلاة المسافرين، وفي: باب صيام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، من كتاب الصيام، وفي: باب لن يدخل أحد الجنة بعمله، من كتاب المنافقين. صحيح مسلم 1/ 540، 541، 2/ 809، 4/ 2171. كما أخرجه النَّسائيّ، في: باب المصلى يكون بينه وبين الإِمام سترة، من كتاب القبلة، وفي: باب الاختلاف على عائشة في إحياء الليل، من كتاب قيام الليل. المجتبى 2/ 53 ، 3/ 178. وابن ماجه، في: باب المداومة على العمل، من كتاب الزهد. سنن ابن ماجه 2/ 1416. والإمام أَحْمد، في: المسند 6/ 40، 61، 125، 165، 176، 180، 199، 231، 241، 268، 273.
(2)
في: باب جامع صلاة الليل، وباب فضيلة العمل الدائم، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 515، 541. كما أخرجه البُخَارِيّ، في: باب هل يختص شيئًا من الأيام، من كتاب الصوم، وفي: باب القصد والمداومة على العمل، من كتاب الرقاق. صحيح البُخَارِيّ 3/ 55، 8/ 122. والنَّسائي، في: باب المصلي يكون له وبين الإِمام سترة، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 53. والإمام أَحْمد، في: المسند 6/ 43، 55، 84، 95، 109، 128، 174، 189، 233، 244، 250.
(3)
في الأصول: «ابن عمر» . والمثبت هو الصواب، كما في المصادر.
(4)
في م: «القيام فنام الليل» .
(5)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب ما يكره من ترك قيام الليل، من كتاب التهجد. صحيح البُخَارِيّ 2/ 68. ومسلم، في: باب النهي عن صوم الدهر، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 814.