الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ وَقَفَ خَلْفَهُ، أوْ عَنْ يَسَارِهِ، لَمْ يَصِحَّ.
ــ
أو غُلامًا؛ لِما رَوَيْنا مِن حديثِ جابِرٍ. وروَى ابنُ عباسٍ، قال: قام النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى مِن اللَّيْلِ، فَقُمْتُ ووَقَفْتُ عن يسارِه، فأخَذَ بذُؤَابَتِي، فأدارَنِي عن يَمِيِنه. مُتَّفَقٌ عليه (1).
572 - مسألة: (وإن وَقَف خَلْفَهُ، أو عن يَسارِه، لم يَصِحَّ)
وجُملَةُ ذلك، أنَّه مَن صَلَّى وحدَه خَلْفَ الإمامِ رَكْعَةً كامِلَةً، لم تَصِحَّ صَلَاتُه. وهذا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وإسْحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ، وغيرِهم. وأجازَه الحسنُ، ومالكٌ، والأوْزَاعِيُّ، والشافعيُّ، وأصحابُ الرَّأْى؛ لأنَّ أَبا بَكْرَةَ رَكَع دُونَ الصَّفِّ، فلم يَأْمُرْه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالإعادَةِ (2)، ولأنَّه مَوْقِفٌ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 119.
(2)
أخرجه البخاريّ، في: باب إذا ركع دون الصف، من كتاب الأذان. صحيح البُخَارِيّ 1/ 198. وأبو داود، في: باب الرَّجل يركع دون الصف، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 157، 158. والنَّسائي، في: باب الركوع دون الصف، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 91. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 39، 42، 45، 46، 50.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للمرأةِ فكان مَوْقِفًا للرجالِ، كما لو كان مع جَماعَة. ولَنا، ما روَى وابصَةُ ابنُ مَعْبَدٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وحْدَه، فأَمَرَه أن يُعِيدَ. رَواه أبو داودَ، وغيرُه (1). وقال ابنُ المُنْذِرِ: ثَبَت الحديثُ. وفي لَفْظٍ: سُئِل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن رجلٍ صَلَّى وراءَ الصَّفِّ وحدَه، فقال:«يُعِيدُ» . رَواه تمّامٌ في «الفَوائِدِ» . وعن عليِّ بنِ شَيْبانَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بهم فسَلَّمَ، فانْصَرَفَ ورَجُلٌ فَرْدٌ خَلْفَ الصَّفِّ، فوَقَفَ نبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتَّى انْصَرَف الرَّجُلُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«اسْتَقْبِلْ صَلَاتك، فَلَا صَلَاةَ لفَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» . رَواه الأثْرَمُ (2). وقال: قلتُ لأبِي عبدِ اللهِ: حديثُ مُلازِمِ بنِ عمرٍو، يَعْنِي هذا الحَدِيثَ، أَيضًا حسَنٌ؟ قال: نعم. ولأنَّه خالَفَ المَوْقِفَ، فلم تَصِحَّ صلاتُه، كما لو وَقَف قُدّامَ الإمامِ. فأمّا حديثُ أبي بَكْرَةَ، فإنَّ النبيَّ نَهاه، فقالَ:«لا تَعُدْ» (3). والنَّهْىُ يَقْتَضِي الفَسادَ، وعَذَره فيما فَعَلَه لجَهْلِه،
(1) أخرجه أبو داود، في: باب الرَّجل يصلي وحده خلف الصف، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 157. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في الصلاة خلف الصف وحده، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 27، 28. وابن ماجه، في: باب صلاة الرَّجل خلف الصف وحده، من كتاب الإقامة. سنن ابن ماجه 1/ 321. والدارمي، في: باب في صلاة الرَّجل خلف الصف وحده، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 294، 295. الإِمام أَحْمد، في: المسند 4/ 23، 228.
(2)
أخرجه ابن ماجه، في: باب صلاة الرَّجل خلف الصف وحده، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 320، والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 23. والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 105.
(3)
كذا ضبط في جميع الروايات المشهورة، من العَوْد. وانظر عون المعبود 1/ 254.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وللجَهْلِ تَأْثِيرٌ في العَفْوِ، ولا يَلْزَمُ مِن كَوْنِه مَوْقِفًا للمَرْأةِ أن يكونَ مَوْقِفًا للرجلِ؛ بدَلِيلِ اخْتِلافِهما في كَراهَةِ الوُقُوفِ واسْتِحْبابِه.
فصل: وإن وَقَف عن يَسارِ الإِمام، وكان عن يَمِينَ الإِمام أحَدٌ، صَحَّتْ صَلَاتُه؛ لِما ذَكَرْنا مِن حَدِيثِ ابنِ مسعود (1) ، ولأنَّ وَسَطَ الصَّفِّ مَوْقِفٌ لإِمامِ العُراةِ. وإن لم يكنْ عن يَمِينِه أحَدٌ فصَلاتُه فاسِدَةٌ. وكذلك إن كانوا جَماعَةً. وأكْثَرُ أهلِ العِلْمِ يَروْن أنَّ الأوْلَى للواحِدِ أن يَقِفَ عن يَمِينِ الإمامِ. رُوِيَ عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، أنَّه كان إذا لم يكنْ معه إلَّا واحِدٌ جَعَلَهُ عن يَسارِه. وقال مالكٌ، والشافعيُّ، وأصحابُ الرَّأْيِ: تَصِحُّ صلاةُ مَن وَقَف عن يَسارِ الإمامِ؛ لأنَّ ابنَ عباسٍ لَمَّا أحْرَم عن يَسارِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أدارَه عن يَمِيِنه، ولم تَبْطُلْ تَحْرِيمَتُه، ولو لم يكنْ مَوْقِفًا، لَزِمَه اسْتِئْنافُها، كقُدّامِ الإمامِ، ولأنَّه أحَدُ الجانِبَيْن، أشْبَهَ اليَمِينَ، وكما لو كان عن يَمِينِه أحَدٌ. ولَنا، حَدِيثُ ابنِ عباس، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أدارَه عن يَمِيِنه. وكذلك حَدِيثُ جابِرٍ. وقَوْلُهم: لم يَأْمُرْه بابْتِداءِ التَّحْريمَةِ؛ لأنَّ ما فَعَلَه قبلَ الرُّكُوعِ لا يُؤْثِّرُ، فإنَّ الإمامَ يُحْرِمُ قبل المَأْمُومِين، وكذلك المَأْمُومُون يُحْرِمُ بَعْضُهم قبلَ بعضٍ (2)، ولا
(1) تقدم تخريجه في صفحة 418.
(2)
في م: «بعض الباقين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَضُرُّ انْفِرادُه، ولا يَلْزَمُ مِن العَفْوِ عن ذلك العَفْوُ عن رَكْعَةٍ كامِلَةٍ. وقَوْلُهم: هو مَوْقِفٌ إذا كان أحَدٌ عن يَمِينِه. قُلْنا: لا يَلْزَمُ مِن كَوْنِه موْقِفًا في صُورَةٍ أن يكونَ مَوْقِفًا في غيرِها؛ بدَلِيلِ ما وراءَ الإِمامِ، فإنَّه مَوْقِفٌ للاثْنَيْن، وليس مَوْقِفًا للواحِدِ، وإن مَنَعُوه فقد دَلَّ عليه الحديثُ المذْكُورُ. والقِياسُ أنَّه يَصِحُّ، كما لو كان عن يَمِينِه، وكونُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أدار ابنَ عباسٍ، وجابِرًا يَدُلُّ على الفَضِيلَةِ، لا على عَدَمِ الصِّحَّةِ، بدَلِيلِ رَدِّ جابِرٍ وجَبّارٍ إلى وراءِه مع صِحَّةِ صَلاِتهما عن جَنْبَيْه.
فصل: فإن كان خَلْفَ الإمامِ صَفٌّ، فهل تَصِحُّ صلاةُ مَن وقفَ عن يَسارِه؛ فيه احْتمالانِ؛ أحَدُهما، يَصِحُّ؛ لأنَّه رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه صَلَّى وأبو بَكْرٍ عن يَمِينِه، وكان أبو بكر الإمَامَ (1). ولأنَّ مع الإمامِ مَن تَنْعَقِدُ صَلَاتُه به، فصَحَّ، كما لو كان عن يَمِينِه أحَدٌ. والثّانِي، لا تَصِحُّ؛ لأنَّه ليس بمَوْقِفٍ إذا لم يكنْ صَفَّ، فلم يكنْ مَوْقِفًا مع الصَّفِّ، كأمامِ الإمامِ، وفارَقَ إذا كان معه آخَرُ؛ لأنَّه معه في الصَّفِّ، فكان صَفًا واحِدًا، فهو كما لو وَقَف معه خَلْفَ الصَّفِّ.
(1) بعده في م: «وكان مع الإمام» . وانظر ما تقدم في صفحة 377.