الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَام صَلَاِته عَمْدًا، أَبْطَلَهَا، وَإنْ كَانَ سَهْوًا، ثُمَّ ذَكَرَ قَرِيبًا، أتَمَّهَا وَسَجَدَ، فَإنْ طَالَ الْفَصْلُ، أَوْ تَكَلَّمَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، بَطَلَتْ،
ــ
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا مُبارَكًا فيه، كما يُحِب رَبُّنا ويَرْضَى. فلم يَأْمُرْه بالسُّجُودِ (1).
472 - مسألة: (وإن سَلَّمَ قبلَ إتْمَامِ صَلاِته عَمْدًا، أبْطَلَها)
لأنَّه تَكَلَّمَ فيها عامِدًا (وإن كان سَهْوًا، ثم ذَكَر قَرِيبًا، أتَمَّها وسَجَد، وإن طال الفَصْلُ، أو تَكَلَّمَ لغيرِ مَصْلَحَةِ الصلاةِ، بَطَلَت) وجُمْلته أنَّ مَن سَلَّمَ
(1) أخرجه أبو داود، في: باب ما يفتح به الصلاة من الدعاء، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 176. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في الرَّجل يعطس في الصلاة، من كتاب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 193، 194، والنَّسائيّ، في: باب قول المأموم إذا عطس خلف الإمام، من كتاب افتتاح الصلاة. المجتبى 2/ 112.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قبلَ إتْمامِ صَلاتِه ساهِيًا، ثم عَلِم قبلَ طُولِ الفَصْلِ، [ونَقْضِ وُضُوئِه](1)، فصَلاتُه صَحِيحَة لا تَبْطُلُ بالسَّلامِ، وعليه أن يَأْتِيَ بما بَقِي منها، ثم يَتَشَهَّدُ ويُسَلِّمُ، ويَسْجُدُ سَجْدَتَيْن، ويَتَشَهَّدُ ويُسَلِّمُ. فإن لم يَذكُرْ حتَّى قام، فعليه أن يَجْلِسَ ليَنْهَضَ إلى الإتْيانِ بما بَقِيَ عن جُلُوسٍ؛ لأنَّ هذا القيامَ واجِبٌ للصلاةِ، ولم يَأْتِ به لها، فلَزِمَه الإتْيانُ به مع النِّيَّةِ. ولا نَعْلَمُ في جَوازِ الإِتْمامِ في حَقِّ مَن نَسِيَ رَكْعَةً فما زاد خِلافًا. والأصْلُ في هذا ما روَى ابنُ سِيرِينَ، عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: صَلَّى بنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إحْدَى صَلَاتيِ العَشِيِّ، قال ابنُ سِيرِينَ: سَمّاها لنا أبو هُرَيْرَةَ، ولكنْ أنا نَسِيتُ، فصَلَّى رَكعَتَيْن، ثم سَلَّمَ، فقام إلى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ في المَسْجِدِ، فوَضَعَ يَدَه عليها، كأنَّه غَضْبانُ، وشَبَّكَ بينَ أصابِعِه، ووَضَع يَدَه اليُمْنَى على ظَهْرِ كَفه اليُسْرَى، وخَرَجَتِ السَّرْعَانُ مِن المَسْجِدِ،
(1) في م: «ولم ينتقض وضوءه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فقالُوا: قُصِرَتِ الصَّلاةُ، وفي القَوْمِ أبو بكر وعُمَرُ، فهاباه أن يُكلِّماه، وفي القَوْمِ رجلٌ في يَدَيْه طُولٌ، يُقالُ له: ذو اليَدَيْن. فقال: يَا رسولَ اللهِ، أنسِيتَ أم قُصِرَتِ الصلاةُ؟ قال:«لَمْ أنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ» ، فقال:«أكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟» . قالوا: نَعَمْ. قال: فتَقَدَّمَ فَصَلَّى ما تَرَك مِن صلاتِه، ثم سَلَّمَ، ثم كبَّر وسَجَد مِثْلَ سُجُودِه أو أطْوَلَ، ثم رَفع رَأْسَه، فكَبَّرَ، وسَجَد مِثْلَ سُجُودِه أو أطْوَلَ، ثم رفَع رَأْسَه، فكَبَّرَ. قال: فرُبَّما سَألُوه: ثم سَلَّمَ قال: نُبِّئْتُ (1) أنَّ عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ قال: ثم سَلَّمَ. مُتَّفَقٌ عليه (2) ورَواه أبو داودَ (3). وزاد قال: قُلْتُ، فالتَّشَهُّدُ؟ قال: لم
(1) في م: «ثبت» .
(2)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، من كتاب الصلاة، وفي: باب هل يأخذ الإمام إذا شك بقول النَّاس، من كتاب الأذان، وفي: باب إذا سلم في ركعتين أو ثلاث. . . إلخ، وباب من لم يتشهد في سجدتى السهو، وباب من يكبر في سجدتى السهو، من كتاب السهو، وفي: باب ما يجوز من ذكر النَّاس، نحو قولهم الطَّويل والقصير، من كتاب الأدب، وفي: باب ما جاء في إجازة خبر الآحاد، من كتاب خبر الآحاد. صحيح البُخَارِيّ 1/ 129، 130، 183، 2/ 85 - 87، 8/ 19، 20، 9/ 108. ومسلم، في: باب السهو في الصلاة والسجود له، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 403، 404. كما أخرجه أبو داود، في: باب السهو في السجدتين، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 231. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في الرَّجل يسلم في الركعتين من الظهر والعصر، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 188، 189، والنَّسائيّ، في: باب ما يفعل من سلم من ركعتين ناسيًا وتكلم، من كتاب السهو. المجتبى 3/ 17، 18. وابن ماجه، في: باب في من سلم من ثنتين أو ثلاث ساهيا، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 383. والدارمي، في: باب سجدة السهو من الزيادة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 351، 352. والإمام مالك، في: باب ما يفعل من سلم من ركعتين ساهيا، من كتاب النداء. الموطأ 1/ 93، 94. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 234، 235، 423، 460.
(3)
انظر التخريج السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أسْمَعْ في التَّشَهُّدِ، وأحَبُّ إلَيَّ أن يَتَشَهَّدَ. وروَى عِمْرانُ بنُ حُصَيْنٍ، قال: سَلَّمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ثَلاثِ رَكَعات [مِن العَصْرِ](1)، ثم قام فدَخَلَ الحُجْرَةَ، فقام رجلٌ بَسِيطُ الْيَدَيْنِ، فقال: أقُصِرَتِ الصَّلاةُ يَا رسولَ اللهِ؟ فخَرَجَ مُغْضَبًّا، فصَلَّى الرَّكْعَةَ التى كان تَرَك، ثم سَلَّمَ، ثم سَجَد سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، ثم سَلَّمَ. رَواه مسلمٌ (2).
فصل: فأمّا إن طال الفَصْلُ، أو انْتَقَض وُضُوءُه، اسْتَأْنَفَ الصلاةَ. كذلك قال الشافعيُّ، إن (3) ذكَر قَرِيبًا، مِثْلَ فِعْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ ذِي اليَدَيْن ونَحْوَه، بَنَى. وقال مالكٌ نَحْوَه. وقال اللَّيْثُ، ويحيى الأنْصارِيُّ، والأوْزاعِيُّ: يَبْنِي ما لم يَنْتَقِضْ وُضُوءُه. . ولَنا، أنَّها صلاةٌ واحِدَةٌ، فلم يَجُزْ بِناءُ بَعْضِها على بَعْضٍ مع طُولِ الفَصْلِ، كما لو انتقَضَ وُضُوءُه. والمَرْجِعُ في طُولِ الفَصْلِ وقِصَرِه إلى العادَةِ. ولأصحابِ الشافعيِّ في ذلك خلافٌ قد ذَكَرْناه فيما إذا تَرَك رُكْنًا، في البابِ قَبْلَه (4). والصحِيحُ أنَّه لا حَدَّ له، إذ (5) لم يَرِدْ بتَحْدِيدِه نَصٌّ،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في: باب السهو في الصلاة والسجود له، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 405. كما أخرجه أبو داود، في: باب السهو بين السجدتين، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 234. وابن ماجه، في: باب في من سلم من ثنتين أو ثلاث ساهيا، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 384. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 431، 441.
(3)
في م: «وإن» .
(4)
انظر الجزء الثالث صفحة 667.
(5)
في الأصل: «إذا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيُرْجَعُ فيه إلى العَادَةِ والمُقاربَةِ لمِثْلِ حالِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حديثِ ذى اليَدَيْن. فصل: فإن لم يَذْكُرْه حتَّى شَرَع في صلاةٍ أُخْرَى، فإن طال الفَصْلُ، بَطَلَتِ الأُولَى، لِما ذَكَرْنا. وإن لم يَطُلِ الفَصْلُ، عاد إلى الأُولَى فأتَمَّها. وهذا قولُ الشافعيِّ. وقال الشيخُ أبو الفَرَجِ، في «المُبْهِجِ»: يَجْعَلُ ما شَرَع فيه مِن الصلاةِ الثّانِيَةِ تَمامًا للأُولَى، فيَبْنِي إحْداهما على الأُخْرَى، ويصيرُ وُجُودُ السَّلامِ كعَدَمِه؛ لأنَّه سَهْوٌ مَعْذُورٌ فيه، وسَواءٌ كان ما شَرَع فيه نَفْلًا أو فَرْضًا. وقال الحسنُ، وحمادُ بنُ أبي سليمانَ: إنْ شَرَع في تَطَوُّعٍ بَطلَتِ المَكْتُوبَةُ. وقال مالكٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أن يَبْتَدِيَّها. ورُوِي عن أحمدَ، مِثْلُ قولِ الحسن، فإنَّه قال، في روايَةِ أبي الحارِثِ، إذا صَلَّى رَكْعَتَيْن مِن المَغْرِبِ وسَلَّمَ، ثم دَخَل في التَّطَوُّعِ (1): إنَّه بمَنْزِلَةِ الكَلامِ، يَسْتَأنِفُ الصَّلاةَ. ولَنا، أنَّه عَمِل (2) عَمَلًا مِن جنسِ الصلاةِ سَهْوًا، فلم تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، كما لو زاد خامِسَةً. وأمّا إتْمامُ الأُولَى بالثّانِيَةِ فلا يَصِحُّ؛ لأنَّه قد خَرَج مِن الأُولَى بالسَّلامِ ونِيَّةِ الخُروجِ منها، ولم يَنْوِها بعدَ ذلك، ونِيَّةُ غيرِها لا تُجْزِئُ عن نِيَّتِها، كحالَةِ الابْتِداءِ.
(1) في م: «التكلم» .
(2)
في م: «أهمل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن تَكَلَّمَ في هذه الحالِ، يَعْنِي إذا سَلَّمَ يَظُنُّ أنَّ صَلَاته قد تَمَّت، لغيرِ مَصْلَحَةِ الصلاةِ، كقَوْلِه: يَا غُلامُ اسْقِنِي ماءً. ونحوِه، بَطَلَت صَلاتُه. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوايَةِ يُوسُفَ بن مُوسَى (1)، وجماعَةٍ سِواه، لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» . رَواه مسلمٌ (2). وعن زيدِ بنِ أرْقَمَ، قال: كُنّا نَتَكَلَّمُ في الصلاةِ، يُكَلِّمُ أحَدُنا صاحِبَه وهو إلى جَنْبِه، حتَّى نَزَلَتْ:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (3). فأُمِرْنا بالسُّكوتِ ونُهِينا عن الكلامِ. رَواه مسلمٌ (4). وفيه روايةٌ ثانيةٌ، أنَّ الصَّلاةَ لا تَفْسُدُ بالكَلامِ في تلك الحالِ بحالٍ. وهو مَذْهَبُ مالكٍ،
(1) يوسف بن موسى العطار الحربي، كان يهوديا، أسلم على يدى الإمام أَحْمد، وهو حدث، فحسن إسلامه، ولزم العلم، وروى عن الإمام أَحْمد أشياء. طبقات الحنابلة 1/ 420، 421.
(2)
تقدم تخريجه في الجزء الثالث صفحة 559 من حديث معاوية بن الحكم السلمي.
(3)
سورة البقرة 238.
(4)
في: باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 383. كما أخرجه البُخَارِيّ، في: باب ما ينهى من الكلام في الصلاة، من كتاب الجمعة، وفي: باب وقوموا لله قانتين مطيعين، من كتاب التفسير. صحيح البُخَارِيّ 2/ 78، 79، 6/ 38. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في نسخ الكلام في الصلاة، من أبواب الصلاة، وفي: باب حَدَّثَنَا أَحْمد بن منيع، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذي 2/ 195، 196، 11/ 107. والنَّسائيّ، في: باب الكلام في الصلاة، من كتاب السهو. المجتبى 3/ 16.