الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإنْ صَلَّى، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، اسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَتُهَا إلَّا الْمَغْرِبَ. وَعَنْهُ، يُعِيدُهَا، وَيَشْفَعُهَا بِرَابِعَةٍ.
ــ
532 - مسألة: (فإن صَلَّى، ثم أُقِيمتَ الصلاةُ وهو في المَسْجِدِ، اسْتُحِبَّ له إعادَتُها إلَّا المَغْرِبَ. وعنه
(1)، يُعِيدُها، ويَشْفَعُها برابِعةٍ)
(1) في م: «فإنه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَن صَلَّى فَرِيضَةً، ثم أدْرَكَ تلك الصلاةَ في جَماعَةٍ اسْتُحِبَّ له إعادَتُها، أيَّ صلاةٍ كانت، إذا كان في المَسْجِدِ، أو دَخَل المَسْجدَ وهم يُصَلُّون. وهذا قول الحسنِ، والشافعيِّ. سواءٌ كان صَلّاها مُنْفَرِدًا أو في جَماعَةٍ، وسواءٌ كان مع إمامِ الحَيِّ أو لا. وهذا ظاهِرُ كَلامِ أحمدَ، فيما حَكاه عنه الأثْرَمُ والخِرَقِيُّ. وقال القاضي: إن كان مع إمامِ الحَيَّ، اسْتُحِبَّ له، وإن كان مع غيرِ إمامِ الحَيَّ اسْتُحِبَّ له إعادَةُ ما سِوَى الفَجْرِ والعَصْرِ. وقال أبو الخَطّابِ: يُسْتَحَبُّ له الإعادَةُ مع (1) إمامِ الحَيِّ. وقال مالكٌ: إن كان صَلَّى وحدَه أعاد المَغْرِبَ، والَّا فلا؛ لأنَّ الحَدِيثَ الدّالَّ على الإعادَةِ قال فيه: صَلَّينا في رِحالِنا (2). وقال أبو حنيفةَ: لا تُعادُ الفَجْرُ، ولا العَصْرُ، ولا المَغْرِبُ؛ لعُمُومِ أحادِيثِ النَّهْي، ولأنَّ التَّطَوعَ لا يكونُ بوتْرٍ. وعن ابنِ عُمَرَ، والنَّخعِيَّ، تُعادُ الصَّلَواتُ كلُّها، إلا الصبُّحَ والمَغْرِبَ (3). وقال أبو موسى، والثَّوْرِيُّ، والأوْزاعِيُّ: تُعادُ كلُها إلَّا المَغْرِبَ؛ لِما ذَكَرْنا. وقال الحَكَمُ: إلَّا الصُبْحَ وَحْدَها. ولَنا، حَدِيثُ يَزِيدَ بنِ الأسْوَدِ الذي ذَكَرْناه (4)، وحَدِيثُ أبي ذَر (5)، وهي تَدُلَّ على
(1) في الأصل: «مع غير» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 252.
(3)
بعده في الأصل: «لما ذكرنا» .
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 252.
(5)
تقدم تخريجه في صفحه 253.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَحَلّ النَّزاعِ. وحَدِيثُ يَزِيدَ بنِ الأسْوَدِ صَرِيحٌ في صَلاةِ الفَجْرِ، والعَصْرُ في مَعْناها. ويَدُلُّ أيضًا على الإعادَةِ، سواءٌ كان مع إمام الحيَّ أو غيرِه، وعلى جَمِيعِ الصَّلَواتِ. وقد روَى أنسٌ، قال: صَلَّى بنا أبو موسى الغَداةَ في المِرْبَدِ، فانْتهَينا إلى المَسْجِدِ الجامِع، فأُقِيمَتِ الصلاة، فصَلَّينا مع المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ. وعن حُذيفةَ، أنَّه أعاد الظُّهْرَ والعَصْرَ والمَغْربَ، وكان قد صَلّاهُنَّ في جَماعَةٍ. رَواهما الأثْرَمُ.
فصل: فأمّا المَغْرِبُ ففي اسْتحْبابِ إعادَتِها رِوايَتان؛ إحْداهما، تُسْتَحَبُّ. قِياسًا على سائِر الصَّلَواتِ؛ لِما ذَكَرْنا مِن عُمُومِ الأحادِيثِ. والثّانِيَةُ، لا تُسْتَحَبُّ. حَكاها أبو الخطَّابِ؛ لأنَّ التَّطَوُّعَ لا يكونُ بوتْرٍ. فإن قُلْنا: تُسْتَحَبُّ إعادَتُها. شَفَعَها برابِعَةٍ. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال الأسْوَدُ بنُ يَزِيدَ، والزُّهْرِيُّ، والشّافعيُّ، وإسْحاق؛ لِما ذَكَرْنا. وروَى صِلَةُ، عن حُذيفةَ، أنَّه قال، لَمّا أعادَ المَغْرِبَ، قال: ذَهَبْتُ أقُومُ في الثّالِثَةِ (1) ، فأجْلَسَنِي. وهذا يَحْتَمِلُ أن يَكُونَ أمَرهَ بالاقْتِصارِ على رَكْعَتَين، ويَحْتَمِلُ أنَّه أمَرَه بالصَّلاةِ مِثْلَ صَلاةِ الإمامِ. ووَجْهُ الأوَّلَ،
(1) في م: «الثانية» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ النّافِلَةَ لا تُشرَعُ بوتْرٍ، والزَّيادَةُ أَولَى مِن النُّقْصانِ؛ [لِئَلّا يُفارِقَ إمامَه قبلَ إتْمام صَلاتَهِ](1).
فصل: فإن أُقِيمَتِ الصلاةُ وهو خارِجُ المَسْجِدِ، فإن كان في وَقْتِ نَهْي لم يُسْتَحَبَّ له الدُّخُولُ؛ لِما روَى مُجاهِدٌ، قال: خَرَجْتُ مع ابنِ عُمَرَ مِن دارِ عبدِ اللهِ بنِ خالدِ بنِ أسِيدٍ، حتى إذا نَظَر إلى بابِ المَسْجِدِ، إذا النّاسُ في الصلاةِ، فلم يَزَلْ واقِفًا حتى صَلَّى النّاسُ، وقال: إنِّي قد صَلَّيتُ في البَيتِ. فإن دَخَل وصَلَّى فلا بَأْسَ؛ لِما ذَكَرْنا مِن خَبَرِ أبي موسى. وإن كان في غير وَقْتِ النَّهْي، اسْتُحِبَّ له الدُّخُولُ والصلاةُ معهم؛ لعُمُومِ الأحادِيثِ الدّالَّةِ على إعادَةِ الجَماعَةِ.
فصل: وإذا أعادَ الصلاةَ فالأُولَى فَرْضُه. رُوِيَ ذلك عن عليٍّ، رضي الله عنه. وهو قولُ الثَّوريّ، وأبي حنيفةَ، وإسحاقَ، والشافعيَّ في
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجَدِيدِ. وعن سعيدِ بن المُسَيَّبِ، وعَطاء، والشَّعْبيَّ، التي صَلَّى معهم المَكْتُوبَةُ؛ لأنّه رُوِيَ في حَدِيثِ يَزِيدَ بنِ الأسْوَدِ:«إذَا جِئْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَوَجَدْتَ النَّاسَ فَصَلِّ مَعَهُمْ، وَإنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيتَ تَكُنْ لَكَ نَافِلَةً، وَهَذِهِ مَكتُوبَةً» (1). ولَنا، أنَّ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ:«تَكُنْ لَكُمَا نَافِلَةً» (2) وقَوْلُه في حَدِيثِ أبي ذَرٍّ: «فَإنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ» (3). ولأنَّها قد وقَعَتْ فَريضَة، وأسْقَطَتِ الفَرْضَ، بدَلِيلِ أنَّها لا تَجِبُ ثانِيًا، وإذا بَرِئَتِ الذِّمَّةُ بالأوْلَى، اسْتَحال كَوْنُ الثّانِيةِ فَرِيضَةُ. قال إبراهيمُ: إذا نَوَى الرجلُ صلاةً، وكَتَبَتْها المَلائِكَةُ، فمَن يَسْتَطيعُ أن يُحَوِّلَها! فما صَلَّى بعدَه فهو تَطَوُعٌ. وحَدِيثُهم لا تَصْرِيحَ فيه، فيَنْبَغِي أن يُحْمَلَ مَعْناه على ما في الأحادِيثِ الباقَيَةِ. فعلى هذا لا يَنْوي الثانِيَةَ فَرْضًا، بل يَنْويها ظُهْرًا مُعادَة، وإن نواها نَفْلًا صَحَّ.
فصل: ولا تَجِبُ الإعادَةُ، رِوايةً واحِدَةً، قاله القاضي، قال: وقد ذَكَر بعضُ أصْحابنا فيه رِوايةً، أَنَّها تَجِبُ مع إمامِ الحَيِّ؛ لظاهِرِ الأمْر.
(1) الحديث بهذا اللفظ أخرجه أبو داود، في: باب في من صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 136.
(2)
تقدم تخريجه ق صفحة 253.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 253.