الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأجزَأتهُ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالأفْضَلُ اثْنَتَانِ.
ــ
538 - مسألة: (وأجْزأتْه تَكْبيرَةٌ واحِدَةٌ، والأفْضَل اثْنَتان)
وجملَةُ ذلك، أنَّ مَن أدْرَكَ الإمامَ في الرُّكُوع أجْزأته تَكْبيرَة واحِدَةٌ، وهي تكْبِيرَةُ الإحْرامِ، التي ذَكَرْناها، وهي رُكنٌ، لا تَسْقَطُ بحالٍ، وتسْقُطُ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ ههُنا. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ أبيِ داودَ، وصالحٍ. رُوِيَ ذلك عن زيدِ بن ثابتٍ، وسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وعَطاءٍ، والحسنِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثَّوْرِيِّ، والشافعيِّ، ومالكٍ، وأصحابِ الرَّأْي. وعنِ عُمَرَ بنِ عبدِ العَزيزِ: عليه تَكْبِيرَتان. وهو قولُ حَمّادِ بنِ أبي سُليمانَ. قال شيخُنا (1): والظّاهِرُ أنَّهما أرادا، الأوْلَى له تَكْبِيرَتان، فيَكُونُ مُوافقًا لقَوْلِ الجَماعَةِ، فإنَّ عُمَرَ بنَ عبدِ العزيزِ قد نُقِلَ عنه، أنَّه كان مِمَّن لا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ. ووَجْهُ القَوْلِ الأوَّلِ، أنَّ هذا قد رُويَ عن زيدِ بنِ ثابِت، وابنِ عُمَرَ، ولا يُعْرَفُ لهما مُخالِفٌ مِن الصحابَةِ، فيَكُونُ إجَماعًا، ولأنَّه اجْتَمَع واجِبان مِن جِنْسٍ واحِدٍ في مَحلٍّ واحِدٍ، أحَدُهما رُكْنٌ، فسَقطَ به الآخَرُ، كما لو طاف الحاجُّ (2) طَوافَ الزَّيارَةِ عندَ خُرُوجِه مِن مَكَّةَ، فإنَّه يُجْزِئُه عن طَوافِ الوَداعِ. وقال القاضي: إن نَوَى بها تَكْبِيرَةَ الإحْرامِ وحدَها أجْزأه، وإن نَواهما لم يُجْزِئْه، في الظّاهِرِ مِن قَوْلِ أحمدَ؛ لأنَّه شَرَّكَ بينَ الواجِبِ وغيرِه في النِّيَّة، أشْبَهَ ما لو عَطَس عندَ رَفْعِ رَأْسِه مِن الرُّكُوعِ، فقال: رَبَّنا ولك الحَمْدُ. يَنْويهما، فإنَّ أحمدَ قد نَصَّ في هذا أنَّه لا يُجْزِئُه. وهذا القَوْلُ يُخالِفُ مَنْصُوصَ أحمدَ، فإنَّه قد قال، في رِوايَةِ ابنِه صالحٍ، في مَن جاء والإمامُ راكِعٌ: كَبَّرَ تَكْبِيرَةً واحِدَةً. قِيلَ له: يَنوي بها الافْتِتاحَ؟
(1) في: المغني 2/ 182.
(2)
في م: «في الحج» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[قال: نَوَى أَو لم يَنْو، أليس قد جاء وهو يُرِيدُ الصلاة؟ ولأنَّ نِيَّةَ الرُّكُوعِ لا تُنافِي نِيَّةَ الافْتِتاحِ](1)، ولهذا حَكَمْنا بدُخولِه في الصلاةِ بهذه. النِّيَّةِ، ولم تُؤثِّرْ نِيَّةُ الرُّكُوعِ في فَسادِها، ولا يَجُوزُ ترْكُ نَص الإمام لقِياس نَصَّه في مَوْضِع آخَرَ، كما يُتْرك نَصُّ اللهِ تعالى وسُنَّةُ رسولِه صلى الله عليه وسلم بالقِياس، وهذا لا يُشْبِهُ ما قاس عليه القاضي؛ فإنّ التَّكبِيرَتَين مِن جُمْلَةِ العِبادَةِ، بخِلافِ حَمْدِ اللهِ في العُطاس، فإنَّه ليس مِن جمْلَةِ الصلاةِ، فقِياسُه على الطَّوافَين أَولَى؛ لكَوْنِهما مِن أجْزاءِ العِبادَةِ، والأفْضَلُ تَكْبِيرَتان. نَصَّ عليه. قال أبو داودَ: قلتُ لأحمدَ: يُكَبِّرُ مَرَّتَينِ أحَبُّ إليك؟ قال: إن كَبَّر تكْبِيرَتَين، ليس فيه اخْتِلافٌ. وإن نَوَى تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ خاصَّةً، لم يُجْزِئْه؛ لأن تَكْبِيرَةَ الإحْرامِ رُكْنٌ، ولم يَأُتِ بها.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن أدْرَكَ الإمامَ في رُكْنٍ غيرِ الرُّكُوعِ، لم يُكَبِّر إلَّا تَكْبِيرَةَ الافْتِتاحِ، ويَنْحَطُّ بغيرِ تَكْبِيرٍ؛ لأنَّه لا يُعْتَدُّ له به، وقد فاتَه مَحَلُّ التَّكْبِيرِ. وإن أدْرَكَه في السُّجُودِ، أو في التَّشَهُّدِ الأوَّلِ، كَبَّرَ في حالِ قِيامِه مع الإمامِ إلى الثَّالِثَةِ؛ لأنَّه مَأْمُومٌ له، فيُتابِعُه في التَّكْبِيرِ، كمَن (1) أدْرَكَ الرَّكْعَةَ معه (2) مِن أوَّلِها. وإن سَلَّمَ الإمامُ قام المأمُومُ إلى القَضاءِ بتَكْبِيرٍ. وبه قال مالكٌ، والثَّوْرِيُّ، وإسحاقُ. وقال الشافعيُّ: يقُومُ بغيرِ تَكْبِيرٍ؛ لأنَّه قد كَبَّرَ في ابْتِداءِ الرَّكْعَةِ، ولا إمامَ له يُتابِعُه [في التَّكْبِيرِ](3). ولَنا، أنَّه قام في الصلاةِ إلى رُكْنٍ مُعْتدٍّ له (4) به، فيُكَبِّرُ، كالقائِمِ مِن التَّشَهُّدِ الأوَّلِ، وكما لو قام مع الإمامِ، ولا يُسَلَّمُ أنَّه كَبَّرَ في ابْتِداءِ الرَّكْعَةِ، فإنَّ ما كَبر فيه لم يكنْ مِن الرَّكْعَةِ، إذ ليس في أوَّلِ الرَّكْعَةِ سُجُودٌ ولا تَشَهّدٌ، وإنَّما ابْتِداءُ الرَّكْعَةِ قِيامُه، فيَنْبَغِي أن يُكَبِّر فيه.
(1) في م: «من» .
(2)
في الأصل: «في» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: م.