الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَصَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ، وَيَكُونُ في حَالِ الْقِيَامِ مُتَرَبِّعًا.
ــ
فصل: ويَجُوزُ التَّطوُّعُ في جَماعَةٍ وفرادَى؛ لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَعَل الأمْرَيْن كِلَيْهما، وكان أكثرُ تَطَوُّعِه مُنْفَرِدًا، وصَلَّى بحُذَيْفةَ مَرة (1)، وبابنِ عباسِ مَرةً (2)، وبأنَس وأمه واليَتيمِ مَرة (3)، وأمَّ أصْحابَه في ليالي رمضان ثَلاثًا (4). وقد ذَكَرْنا بعضَ ذلك فيما مَضَى، وسنَذْكُرُ الباقِيَ، إن شاء اللهُ تعالى، وهي كلُّها أحادِيثُ صِحاحٌ.
506 - مسألة: (وصلاةُ القاعِدِ على النِّصْفِ مِن صلاةِ القائِمِ، ويَكُونُ في حالِ القِيامِ مُتَربعًا)
يَجُوزُ التَّطَوعُ جالِسًا مع القُدْرَةِ على القِيامِ،
(1) أخرجه مسلم، في: باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، من كتاب صلاهَ المسافرين. صحيح مسلم 1/ 536. وأبو داود، في: باب ما يقول الرَّجل ركوعه وسجوده، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 201. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في التسبيح في الركوع والسجود، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 63. والنَّسائي، في: باب تعوذ القارئ إذا مر بآية عذاب، من كتاب الافتتاح، في: باب الذكر في الركوع، وباب الدعاء بين السجدتين، من كتاب التطبيق، وفي: باب تسوية القيام والركوع. . . .، من كتاب قيام الليل. المجتبى 2/ 137، 149، 183، 3/ 184. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 384، 397.
(2)
تقدم تخريجه لي صفحة 119.
(3)
يأتي في صفحة 403.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 162.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه، والصلاةُ قائِمًا أفْضَلُ؛ لقَوْلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«من صَلى قَائِمًا فَهُوَ أفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قاعِدا فَلَهُ نِصْف أجْر الْقَائِمِ» . مُتفَق عليه (1). وفي لَفْظِ مسلم: «صَلَاةُ الرجُلِ قاعِدًا نِصْف الصلَاة» (2). وقالت عائشةُ: إنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يَمُتْ حتَّى كان كَثِيرٌ (3) مِن صلَاتِه وهو جالِس. رَواه مسلمٌ (4). ولأن كَثِيرًا مِن النَّاس يَشُقُّ عليه طُولُ القِيامِ، فلو وَجَب في التَّطوُّعِ لتُرِكَ أكْثَرُه، فسامَحَ الشارِعُ في تَرْكِ القِيامِ فيه تَرْغيبًا في تَكثِيرِه، كما سامَحَ في فِعْلِه على الرّاحِلَةِ في السفَرِ، وسامَح في نِيةِ صَوْمِ التطوُّعِ مِن النهارِ
(1) كذا ذكر المؤلف، ولم يخرجه مسلم، انظر: تحفة الأشراف 8/ 184. وإنما أخرج التالى، ويأتي. وهذا الحديث أخرجه البُخَارِيّ، في: باب صلاة القاعد، وباب صلاة القاعد بالإيماء، من كتاب التقصير. صحيح البُخَارِيّ 2/ 59. كما أخرجه أبو داود، في: باب في صلاة القاعد، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 218. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء أن صلاة القاعد. . . . إلخ، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوازي 2/ 165، 166. والنَّسائي، في: باب فضل صلاة القائم على صلاة النائم، من كتاب قيام الليل. المجتبى 3/ 183. وابن ماجه، في: باب صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم. سنن ابن ماجه 1/ 388. الإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 433، 435، 442، 443.
(2)
أخرجه مسلم، في: باب جواز النافلة قائمًا وقاعدا، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 507. كما أخرجه أبو داود، في: باب في صلاة القاعد، من كتاب الصلاة. عن أبي داود 1/ 218. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 192، 193، 203.
(3)
في م: «كان يصلي كثيرًا» .
(4)
في: باب جواز النافلة قائمًا، قاعدًا، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 506.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويسْتَحَبّ للمُتَطوعِ جالِسًا أن يكونَ في حالِ القِيامِ مُتَرَبِّعًا، رُوِيَ ذلك عن ابنِ عُمَرَ، وأنس، وابنِ سِيرِينَ، ومالك، والثوْرِيِّ، والشافعي، وإسحاقَ. وعن أبي حنيفةَ، كقَوْلِنا. وعنه، يَجْلِسُ كيف شاء؛ لأن القِيامَ سَقَط، فسَقَطَت هَيْئته. ورُوىَ عن (1) ابنِ المسَيبِ، وعُرْوَةَ، وابنِ سِيرِينَ، وعُمَرَ بين عبدِ العزيز، أنَّهم كانوا يَحْتَبُون في التَّطوُّع. واخْتُلِفَ فيه عن عَطاء، والنخَعيِّ. ولَنا، ما رُوِي عن أنس، أنَّه صَلى مُتَرَبعًا. ولأن ذلك أبعَدُ مِن السَهوِ والاشْتِباهِ، ولأنَّ القِيامَ يُخالِف القُعُودَ، فيَنْبَغِي أن تُخالِفَ هيْئته في بَدَلِه هَيْئَةَ غيرِه، كمُخالَفَةِ القِيامِ غيرَه، ولا يَلْزَمُ مِن سُقُوطِ القِيامِ لمَشَقَتِه سُقُوطُ ما لا مشقَّةَ فيه، كمَن سَقَط عنه الركُوعُ والسجودُ، ولا يَلْزَمُ سُقوطُ الإيماءِ بهما. وهذا الذي ذَكَرْنا مِن صِفةِ الجُلُوس مُسْتَحَب غيرُ واجِبٍ، إذ (2) لم يَرِدْ بإيجابه دَلِيل.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل، تش:«إذا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويثْنِي رِجْلَيْه في الركُوعِ والسُّجُودِ. كذلك ذَكرَه الخِرَقيُّ؛ لأنَّ ذلك يروَى عن أُنسٍ، وهو قولُ [سعيدِ بنِ جُبَيْر و](1) الثَّوْرِي. وحُكِيَ عن أحمدَ، وإسحاقَ، أنَّه لا يَثْنِي رِجْلَيْه إلَّا في السُّجُودِ خاصةً، ويكونُ في الركُوعِ على هَيْئَةِ القِيامِ. وحكاه أبو الخطابِ. وهو قولُ أبي يوسفَ، ومحمَّد، وهو أقْيَسُ؛ لأن هَيْئَةَ الرَّاكِع (2) في رِجْلَيْه هَيْئَةُ القائِمِ، فيَنْبَغِي أن يكونَ على هَيْئَتِه. قال شيخُنا (3): وهذا أصَحُّ في
(1) سقط من: م.
(2)
والأصل: «الركوع» .
(3)
في: المغني 2/ 569.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّظرَ، إلَّا أن أحمدَ ذَهَب إلى فِعْلِ أَنَسٍ، وأخَذَ به. وهو مُخيَّرٌ في الرُّكُوعِ والسُّجُودِ، إن شاء مِن قِيام، وإن شاء مِن قُعُودٍ؛ لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَعَل الأمْرَيْن. قالت عائشةُ: لم أر رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلى صلاةَ اللَّيْلِ قاعِدًا قَط، حتَّى أسَن، فكانَ يَقْرأ قاعِدًا، حتَّى إذا أراد أن يَرْكَعَ، قام فقَرَأ نَحْوًا مِن ثَلاثِين آيَةً، أو أرْبَعِين آيَة، ثم رَكَع. مُتَّفَق عليه (1). وعنها، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يصَلى لَيْلًا طَوِيلا قائمًا، ولَيْلًا طَوِيلًا قاعِدًا، وكان إذا قَرَأ وهو قائِم رَكَع وسَجد وهو قائِمٌ، وإذا قَرَأ وهو قاعِد رَكَع وسَجَد وهو قَاعِدٌ. رَواه مسلمٌ (2).
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب إذا صلى قاعدًا، من كتاب التقصير، وفي: باب قيام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالليل، من كتاب التهجد. صحيح البُخَارِيّ 2/ 60، 67. ومسلم، في: باب جواز النافلة قائمًا، قاعدًا، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 505. كما أخرجه أبو داود، في: باب في صلاة القاعد، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 218. والنَّسائي، في: باب كيف يفعل إذا افتتح الصلاة قائمًا، من كتاب قيام الليل. المجتبى 3/ 179، 180. وابن ماجه، في: باب في صلاة النافلة قاعدًا، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 387. والإمام مالك، في: باب ما جاء في صلاة القاعد في النافلة، من كتاب الجماعة. الموطأ 1/ 137. والإمام أَحْمد، في: المسند 6/ 52، 127، 178، 231.
(2)
في: باب جوز النافلة قائمًا، قاعدًا، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 504، 505. كما أخرجه أبو داود، في: باب في صلاة القاعد، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 219. والتِّرمذيّ في: باب ما جاء في الرَّجل يتطوع جالسًا، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي 2/ 168. وابن ماجه، في: باب في صلاة النافلة قاعدًا، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 388. والإمام أَحْمد، في المسند 6/ 30، 98، 100، 113 ، 166، 204، 217، 227، 262، 265.