الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مناصب فَلم يقبل وَقَالَ ان السُّلْطَان هُوَ خواجه حسن وَالْمولى الْمَذْكُور لم يشْتَغل بالتصنيف صدر مِنْهُ بعض التعليقات على حَوَاشِي الْكتب وَرَأَيْت لَهُ رِسَالَة فِي بحث الْعلم تدل على ان فرط ذكائه مَنعه عَن تعْيين الْحق وَصرف همته الى جَانب الاعتراضات نور الله تَعَالَى روحه الْعَزِيز
وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى بن يُوسُف بن صَالح البروسوي المشتهر بَين النَّاس بالمولى خواجه زَاده نور الله تَعَالَى مرقده وَفِي أَعلَى غرف الْجنان ارقده
كَانَ وَالِده من طَائِفَة التُّجَّار وَكَانَ صَاحب ثروة عَظِيمَة وَكَانَ اولاده مترفهين فِي اللبَاس وَالْعَبِيد وَعين للْمولى خواجه زَاده فِي شبابه كل يَوْم درهما وَاحِدًا فَقَط وَكَانَ ذَلِك لاشتغاله بِالْعلمِ وَتَركه طَريقَة وَالِده وَقد سخط ابوه عَلَيْهِ لذَلِك وَفِي يَوْم من الايام اجْتمع وَالِده مَعَ الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى ولي شمس الدّين البُخَارِيّ قدس سره فَرَأى الشَّيْخ شمس الدّين الْمولى خواجه زَاده وَعَلِيهِ سوء الْحَال يجلس فِي صف النِّعَال وَعَلِيهِ ثِيَاب دنيئة وَرَأى اخوته متجملين بالثياب النفيسة مَعَ الخدم وَالْعَبِيد فَقَالَ الشَّيْخ الْمَذْكُور لوالده من هَؤُلَاءِ وَأَشَارَ الى اولاده فَقَالَ اولادي قَالَ وَمن هَذَا واشار الى الْمولى خواجه زَاده قَالَ هُوَ ايضا وَلَدي قَالَ لأي سَبَب هُوَ فِي سوء الْحَال قَالَ إِنِّي اسقطته من عَيْني لتَركه طريقتي فنصح الشَّيْخ لَهُ وَلم يُؤثر فِيهِ نصحه وَلما قَامُوا عَن الْمجْلس قَالَ الشَّيْخ للْمولى خواجه زَاده ادن مني فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ لَا تتأثر من سوء الْحَال فَإِن الطَّرِيق طريقك وَيكون لَك ان شَاءَ الله تَعَالَى شَأْن عَظِيم وَيقوم اخوتك عنْدك فِي مقَام الخدم وَالْعَبِيد وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى لَا يملك الا قَمِيصًا وَاحِدًا وَكَانَ لَا يقدر على اشْتِرَاء الْكتاب وَيكْتب كِتَابه بِنَفسِهِ على اوراق ضَعِيفَة لرخصها ثمَّ انه حصل الْعُلُوم ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى ابْن قَاضِي اياثلوغ وَقد مر ذكره وقرا عِنْده الاصولين والمعاني وَالْبَيَان فِي مدرسة اغراس ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى حضر بك ابْن جلال وَهُوَ مدرس سلطانية بروسه ثمَّ صَار معيدا لدرسه وَحصل عِنْده علوما كَثِيرَة وَهُوَ فِي سنّ الشَّبَاب وَكَانَ الْمولى الْمَذْكُور يُكرمهُ اكراما عَظِيما وَكَانَ يَقُول إِذا اشكلت
عَليّ مسئلة لتعرض على الْعقل السَّلِيم يُرِيد بِهِ الْمولى خواجه زَاده ثمَّ ارسله الْمولى حضر بك الى السُّلْطَان مُرَاد خَان وَشهد لَهُ باستحقاقه التدريس فَقبله السُّلْطَان الا انه كَانَ مُتَوَجها الى السّفر وَأَعْطَاهُ قَضَاء كستل وَلما رَجَعَ عَن السّفر أعطَاهُ مدرسة الاسدية بِمَدِينَة بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم عشْرين درهما فَمَكثَ هُنَاكَ سِتّ سِنِين واشتغل بِالْعلمِ مَعَ فقر وفاقه حَتَّى انه كَانَ يخْدم فِي بَيته بِنَفسِهِ وَحفظ هُنَاكَ شرح المواقف ثمَّ لما انْتَهَت السلطنة الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وشاهدالعلماء رغبته فِي الْعلم ذَهَبُوا اليه واراد الْمولى خواجه زَاده الذّهاب اليه لَكِن مَنعه فقره عَن السّفر وَكَانَ لَهُ خَادِم من أَبنَاء التّرْك فاقترض لَهُ ثَمَانمِائَة دِرْهَم فَاشْترى بهَا فرسا لنَفسِهِ وفرسا لِخَادِمِهِ وَذهب الى السُّلْطَان ولقيه وَهُوَ ذَاهِب من قسطنطينية الى ادرنه وَلما رَآهُ الْوَزير مَحْمُود باشا قَالَ لَهُ اصبت فِي مجيئك اني ذكرتك عِنْد السُّلْطَان اذْهَبْ اليه وَعِنْده الْبَحْث فَذهب اليه وَسلم على السُّلْطَان فَقَالَ السُّلْطَان لمحمود باشا من هَذَا فَقَالَ هُوَ خواجه زَاده فَرَحَّبَ بِهِ السُّلْطَان فَإِذا فِي أحد جانبيه الْمولى زيرك وَفِي جَانِبه الاخر الْمولى سَيِّدي عَليّ فَتوجه خواجه زَاده الى جَانب سَيِّدي عَليّ وَاعْترض على الْمولى زيرك فَجرى بَينهمَا كَلَام كثير وَذهب الْمولى سَيِّدي عَليّ وَبَقِي هُوَ فِي جَانب السُّلْطَان وَكثر المباحثة وأفحم الْمولى زيرك حَتَّى قَالَ لَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان كلامك لَيْسَ بِشَيْء وَذهب الْمولى زيرك وَبَقِي الْمولى خواجه زَاده عِنْد السُّلْطَان وتحدث مَعَه الى الْمنزل ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان احسن الى الْمولى سَيِّدي عَليّ والى الْمولى زيرك وَبَقِي الْمولى خواجه زَاده حَزينًا مهموما حَتَّى ان خادمه صَار لَا يَخْدمه وَيَقُول لَهُ لَو كَانَ لَك علم لأكرمك كَمَا اكرمهم وَفِي بعض الْمنَازل نَام الْخَادِم وخدم خواجه زَاده الْفرس بِنَفسِهِ ثمَّ جلس حَزينًا فِي ظلّ شَجَرَة فَإِذا ثَلَاثَة من حجاب السُّلْطَان يسْأَلُون عَن خيمة خواجه زَاده ويظنون ان لَهُ خيمة كَسَائِر الاكابر فاشار بعض النَّاس اليهم ان هَذَا الْجَالِس فِي ظلّ الشَّجَرَة هُوَ خواجه زَاده فانكروا ذَلِك ثمَّ جاؤوا وسلموا عَلَيْهِ وَقَالُوا انت خواجه زَاده قَالَ نعم قَالُوا اصحيح هَذَا قَالَ نعم قَالُوا انت مدرس الاسدية وانت الَّذِي الزمت على الْمولى زيرك قَالَ نعم فتقدموا اليه وقبلوا يَده وَقَالُوا ان
السُّلْطَان جعلك معملما لنَفسِهِ قَالَ الْمولى خواجه زَاده فَظَنَنْت انهم يسخرون مني ثمَّ ضربوا هُنَاكَ خيمة فقدموا اليه طَوِيلَة فرس مَعَ عبيد والبسة فاخرة وَعشرَة الاف دِرْهَم وَالْعَبِيد اسرجوا مِنْهَا فرسا وَقَالُوا قُم الى السُّلْطَان وَالْخَادِم الْمَذْكُور نَائِم بعد فَذهب اليه الْمولى خواجه زَاده ونبهه من النّوم فَقَالَ الْخَادِم خَلِّنِي انام قَالَ قُم فَانْظُر الى حَالي قَالَ اني اعرف حالك دَعْنِي انام فابرم عَلَيْهِ فَقَامَ وَنظر الْحَال فَقَالَ أَي حَال هَذَا قَالَ اني صرت معلم السُّلْطَان فَقبل الْخَادِم يَده وتضرع اليه وَاعْتذر عَن تَقْصِيره فِي خدمته ثمَّ ان الْمولى خواجه زَاده ادى فِي ذَلِك الْوَقْت مَا عَلَيْهِ من دينه للخادم الْمَذْكُور وَهُوَ ثَمَانمِائَة دِرْهَم ثمَّ ركب الى السُّلْطَان وقرا عَلَيْهِ السُّلْطَان متن عز الدّين الزنجاني فِي التصريف وَكتب هُوَ شرحا عَلَيْهِ وتقرب عِنْده غَايَة التَّقَرُّب حَتَّى حسده الْوَزير مَحْمُود باشا وَقَالَ يَوْمًا للسُّلْطَان يُرِيد خواجه زَاده منصب قَضَاء الْعَسْكَر قَالَ لاي شَيْء يتْرك صحبتي قَالَ يُريدهُ وَقَالَ لخواجه زَاده امرك السُّلْطَان ان تصير قَاضِي الْعَسْكَر فَقَالَ انا لَا اريده قَالَ هَكَذَا جرى الامر فامتثل امْرَهْ وَصَارَ قَاضِيا بالعسكر وَكَانَ وَالِده وقتئذ فِي الْحَيَاة فَسمع ان لده صَار قَاضِيا بالعسكر فَلم يصدق وَلما تَوَاتر الْخَبَر قَامَ من بروسه الى مَدِينَة ادرنه لزيارة ابْنه فَلَمَّا قرب من ادرنه استقبله الْمولى خواجه زَاده وَتَبعهُ عُلَمَاء الْبَلَد واشرافه فَنظر وَالِده فَرَأى جمعا عَظِيما وَقَالَ من هَؤُلَاءِ قَالُوا ابْنك قَالَ ان ابْني هَل بلغ الى هَذِه الْمرتبَة قَالُوا نعم فَلَمَّا رأى الْمولى خواجه زَاده وَالِده نزل عَن فرسه وَنزل وَالِده ايضا فَقبل وَلَده وعانقه وَاعْتذر اليه عَن تَقْصِيره وَقَالَ الْمولى خواجه زَاده انك لَو اعطيتني مَالا لما بلغت الى هَذَا الجاه ثمَّ انه عرض وَالِده على السُّلْطَان واذن لَهُ فِي الدُّخُول عَلَيْهِ فَدخل هُوَ عَلَيْهِ بِهَدَايَا جزيلة وَقبل يَد السُّلْطَان ثمَّ ان الْمولى خواجه زَاده صنع ضِيَافَة عَظِيمَة لوالده وَجمع الْعلمَاء والاكابر وَجلسَ هُوَ فِي صدر الْمجْلس ووالده عِنْده وَسَائِر الاكابر جَلَسُوا على قدر مَرَاتِبهمْ وَلم يُمكن لاخوانه الْجُلُوس فِي الْمجْلس لازدحام الاكابر فَقَامُوا مقَام الخدم فَقَالَ الْمولى خواجه زَاده فِي نَفسه هَذَا مَا ذكره لي الشَّيْخ ولي شمس الدّين رَحمَه الله تَعَالَى على ذَلِك ثمَّ ان السُّلْطَان اعطاه تدريس سلطانية