الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنصب لتعليم بنت السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان صَاحِبَة الْخيرَات الحسان فَلَمَّا زوجت بالوزير الْكَبِير رستم باشا اكرمه غَايَة الاكرام وانزله منزلَة ابيه فِي الاعزاز والاحترام فبهذه الملابسة اشْتهر بِالِاسْمِ الْمَزْبُور واليه اشار الْمولى عَليّ بن عبد الْعَزِيز الْمَعْرُوف بِأم الْوَلَد زَاده بقوله فِي الرسَالَة القلمية
…
ملاذ الْخلق فِي الْأَحْوَال طرا
…
وَمن يَبْغِي لَهُ الْمَكْرُوه خابا
وَبَيت الْعلم محروز منيع
…
لَهُ قد كَانَ ذَاك الحبر بَابا
…
ففاز من الرياسة بالحظ الوافر واصبح بَابه ملْجأ للأصاغر والاكابر وقصده الْعلمَاء وَالشعرَاء بالرسائل الشَّرِيفَة والاشعار اللطيفة وَتوجه اليه ارباب الْحَاجَات بالتحف السّنيَّة والهدايا السمية فَاجْتمع عِنْده من نفائس الْكتب والتحف والاموال مَا لم يتَّفق لغيره من الامثال الى ان
انْتقل مخاديمه الْكِرَام الى دَار السَّلَام فقابله الدَّهْر بالانقباض وَنظر اليه بِعَين الاعراض وَانْزِلْ قدره نقص قدره وَهَكَذَا الدَّهْر يرفع وَينزل وَينصب ويعزل
ارى الدَّهْر الا منجنونا باهله
…
وَمَا صَاحب الْحَاجَات الا معذبا
…
توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي اواسط رَجَب سنة سبع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رحمه الله عَالما عَارِفًا محبا للْعلم واهله ساعيا فِي اقتناء الْكتب النفيسة ضنانا بهَا ضنة الْمُحب بالمحبوب وَلم يزل مجدا فِي تَحْصِيلهَا حَتَّى كتب فِي آخر عمره تَفْسِير الْمُفْتِي ابي السُّعُود وَقد دهي بالتجرد
والانفراد وَلم يتْرك من يقوم بِحقِّهِ من الاقارب والاولاد فَتفرق نفائس كتبه ايدي سبا فجزء حوته الدبور وجزء حوته الصِّبَا
من ارباب الْمجد والافادة الْمَعْرُوف بالاحسان والاجادة الْمولى شمس الدّين احْمَد بن الْمولى بدر الدّين المشتهر بقاضي زَاده
كَانَ ابو الْمَزْبُور عَن عُتَقَاء الْوَزير عَليّ باشا الْعَتِيق وَقد تصرف فِي عدَّة من الْمدَارِس والمناصب الى ان صَار قَاضِيا بِمَدِينَة ادرنه فِي دلة السُّلْطَان بايزيدخان وَقد ولد المرحوم وانوار الْعِزّ والشرف من طوالع شموسه شارقة وآثار الْمجد
والشرف فِي مطالع بدوره بارقة فَعَن قريب حقق مَا تفرس فِيهِ النظار من الظُّهُور والشهرة كَالشَّمْسِ فِي وسط النَّهَار قرا رحمه الله على عُلَمَاء عصره وافاضل دهره مِنْهُم الْمولى مُحَمَّد الْمَعْرُوف بجوي زَاده وَالْمولى سعدي محشي الْبَيْضَاوِيّ وَصَارَ ملازما من الْمولى القادري ودرس اولا بالفرهادية بِخمْس وَعشْرين ثمَّ مدرسة ابْن ولي الدّين بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة يلدرم خَان بِأَرْبَعِينَ الْكل بِمَدِينَة بروسه ثمَّ مدرسة عَليّ باشا بقسطنطينية بِخَمْسِينَ بِوَاسِطَة كَونهَا مَشْرُوطَة لعتقاء الْوَزير الْمَزْبُور واولادهم ثمَّ نقل الى احدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى احدى مدارس السُّلْطَان سُلَيْمَان وَهُوَ اول مدرس بهَا على مَا سبق ذكره مرّة ثمَّ قلد قَضَاء حلب بعد مَا قاساه من آلام الْمكْث والتعب وَبعد عدَّة سِنِين رفع عَن القضا وَوَقع مُدَّة فِي غيابة الْحزن والاسى الى ان ساعده بعض الاهالي بالهمم السّنيَّة فنصب قَاضِيا بقسطنطينية المحمية ثمَّ نقل الى قَضَاء العساكر المصنورة فِي ولَايَة روم ايلي المعمورة فَبعد سَبْعَة اشهر اخْتَلَّ امْرَهْ وتراجع شعره فَفَزعَ طَائِر عزه وطار قبل ان يقْضِي الاوطار وَذَلِكَ بالوحشة الْوَاقِعَة بَينه وَبَين الْمولى عَطاء الله معلم السُّلْطَان سليم خَان فتقاعد بوظيفة مثله ثمَّ قلد تدريس دَار الحَدِيث بِمَدِينَة ادرنه وَعين لَهُ كل يَوْم مِائَتَا دِرْهَم ثمَّ تَركه وَعَاد الى قسطنطينية وَفِي اثنائه جلس السُّلْطَان مرادخان على سَرِير السلطنة فاعاد المرحوم الى قَضَاء الْعَسْكَر بِالْولَايَةِ المزبورة لما سمع فِيهِ من الْفَضِيلَة الباهرة والصلابة الدِّينِيَّة الظَّاهِرَة فَعَاشَ مُدَّة فِي كنف الْعِزّ وَالسُّلْطَان شامخ الانف سامي الْمَكَان نَافِذ القَوْل فِي الْجَلِيل والحقير جاري الحكم فِي الْكَبِير وَالصَّغِير الى ان قلد الْفَتْوَى بدار السلطنة السّنيَّة بقسطنطينية المحمية فدام على الافتاء والدرس الى ان افضت بِهِ الْمنية الى الرمس وَذَلِكَ فِي آخر الربيعين سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَدفن بِالْمَكَانِ الَّذِي عنيه دَاخل الْبَلدة قَرِيبا من جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان حفه الله تَعَالَى بِأَسْتَارِ الرَّحْمَة والغفران كَانَ المرحوم من الجهابذة القروم طالما جال فِي ميدان الْفَضَائِل فبرز وأحرز زمن قصبات السَّبق فِي مضماره مَا احرز افحم من عَارضه بشقاشقه الهادرة وارغم من عاناه بحقائق النادرة كثير الاعتناء بدرسه دَائِم الِاشْتِغَال فِي