الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذَّات وَهُوَ مقَام قرب قوسين مَعَ بَقَاء الاثنينية ثمَّ ذكر الذَّات وَهُوَ شُهُود الذَّات بارتفاع الْبَقِيَّة وَهُوَ مقَام اَوْ ادنى وَسمعت من رَئِيس الخلوتية فِي هَذَا الْعَصْر ان التشخص والتعين لم يرْتَفع عَن سيدالمرسلين فِي الْمِعْرَاج فَقلت هَل وجدت الامر على مَا قلته قَالَ لم اصل بعد الى مثل ذَلِك فَقلت ذَلِك خلاف مَا يجده اهل الذَّوْق لَان الْمِعْرَاج لَا يكون الا بالفناء لَا الْبَقَاء لَان التعين والتشخص مَا لم يرفع لم يحصل الشُّهُود الذاتي فَلم يحصل الِارْتفَاع الى عين الْجمع فَأَيْنَ الْبَقَاء وَيُخَالِفهُ قَوْله تَعَالَى اَوْ ادنى وَقَوله عليه الصلاة والسلام لي مَعَ الله وَقت لَا يسعني فِيهِ ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل اذ الْمَعْنى انه لم يبْق فِيهِ بَقِيَّة الْوُجُود وَهُوَ الْمَعْنى بالفناء فَقَالَ ذَلِك الْقَائِل يجوز ان يكون تعينه غير مَانع فَقلت ان التعين يَقْتَضِي الاثنينية فَمَا لم يرْتَفع لم يصل السالك الى الشُّهُود الذاتي واعتقاده ان ارْتِفَاع التعين من النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يكون نقصا وَلم يتفطن ان بَقَاءَهُ نقص فَعرفت انه غافل عَن الفناء والبقاء فَأَيْنَ مقَام الارشاد وَلَا يظنّ اُحْدُ اني لم اسلك مسلكهم فَانِي جاهدت فِي طريقهم سبع سِنِين مُنْقَطِعًا عَن الْحَيَوَانَات المألوفات وَكَانَ غذائي فِي السَّبْعَة قِطْعَة من الْخبز مَعَ الْخلّ فَقَالَ رئيسهم انك قد وصلت الى الْمَطْلُوب وأمرنا بِخِلَافِهِ فَعلمت انهم لَيْسُوا فِي حَاصِل من حَالهم فَرَجَعت عَنْهُم متأسفا لما اتلفت من الْعُمر الْعَزِيز وَلَا اقدر ان افصل مَا جرى بيني وَبينهمْ وَالله عليم بِذَات الصُّدُور
وَمِمَّنْ انتظم فِي سلك الاعيان فِي هَذَا الْعَصْر والاوان ثمَّ القاه الدَّهْر فِي غيابة القطوع والتناسي الْمولى عبد الرحمن ابْن سَيِّدي عَليّ الاماسي
كَانَ ابوه من كبار قُضَاة القصبات وَنَشَأ هُوَ على طلب الْعُلُوم وَتَحْصِيل الْمُهِمَّات فقرا على عُلَمَاء عصره وَاجْتمعَ بأماثل مصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْمُعظم مفتي ذَلِك الزَّمَان سعد ابْن عِيسَى بن امير خَان وَهُوَ مدرس بمدرسة مَحْمُود باشا فانتظم فِي سلك طلابه وَأكْثر التَّرَدُّد الى بَابه واشتغل عَلَيْهِ مُدَّة طَوِيلَة فخصص مِنْهُ بالانظار الشَّرِيفَة الجليلة وَلما صَار ملازما مِنْهُ درس بمدرسة فرهاد باشا بِمَدِينَة بروسه بِعشْرين ثمَّ بمدرسة كنقري بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ بمدرسة
الاشهر بِثَلَاثِينَ ثمَّ بمدرسة سُلَيْمَان باشا الْغَازِي ببلدة ازنيق بِأَرْبَعِينَ ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بِمَدِينَة ادرنه بالوظيفة المزبورة ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خمسين ثمَّ نقل الى الْمدرسَة الخاصكية بقسطنطينية ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة ادرنه بستين ثمَّ استقضي بحلب ثمَّ نقل عَنْهَا الى قَضَاء بروسه وَبعد سِتَّة اشهر نقل عَنْهَا الى قَضَاء ادرنه فَأَقَامَ بهَا ارْبَعْ سِنِين ثمَّ صَار قَاضِيا بعسكر روم ايلي فدام عَلَيْهِ قَرِيبا من خمس سِنِين ثمَّ عزل عَنهُ وَبَقِي معزولا الى ان قلد قَضَاء مَكَّة شرفها الله تَعَالَى كل ذَلِك فِي دولة السُّلْطَان سُلَيْمَان وَيُقَال انه اجْتمع فِي بعض سفرته بالسلطان سليم خَان فِي حَيَاة ابيه السُّلْطَان سُلَيْمَان وَهُوَ امير ببلدة مغنيسا وَعرض لَهُ هَدَايَا سنية وتحفا سميَّة فاستمال قلبه واستملك لبه فوعد لَهُ بِقَضَاء الْعَسْكَر ان قدر لَهُ الْجُلُوس على سَرِير السلطنة وتيسر فَلَمَّا ساعده الزَّمَان واجلسه على سَرِير ابيه السُّلْطَان سُلَيْمَان وَفِي بعهده الْمَزْبُور وَأقر عينه بالمنصب المسفور فتصرف فِيهِ قَرِيبا من سنتَيْن مَعَ كَمَال التهتك فِي مُرَاعَاة الخواطر وتمشية مرادات الاكابر وَقد انْتقل فِي اثنائه السُّلْطَان الى جوَار الرَّحْمَن وَجلسَ السُّلْطَان مرادخان على سَرِير السلطنة فخدمه شهورا وَلم يكمل سنة فهجمت عَلَيْهِ الامراض فعاقته عَن التَّصَرُّف فتحكمت الاغراض واختل امْر التَّفْوِيض والتقليد وَوجه المناصب الى كل وغد وبليد فعزل قبل مَوته بِثَلَاثَة ايام فاستراحت قُلُوب النَّاس وارتفع عَنْهُم الظلام وَذَلِكَ فِي شهر ربيع الاول من شهور ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ الْمولى المرقوم مشاركا فِي الْعُلُوم مَعْرُوفا بِقُوَّة الذِّهْن وَسُرْعَة الِانْتِقَال وتأدية المطالب بِحسن الْمقَال وَقد اعتنى بِكَلِمَات استاذه المرقوم الْمولى الْمُفْتِي سعد الله المرحوم واخرجها من هوامش كتبه ورتبها مِنْهَا الْحَوَاشِي الَّتِي علقها على الْعِنَايَة شرح الْهِدَايَة والحواشي الَّتِي علقها على الْقَامُوس للعلامة الفيروز ابادي وَقد عَاد من قَضَاء مَكَّة بتعليقة على اول كتاب الْهِدَايَة وَكَانَ يَدعِي انه كتب شرحا كَامِلا لَهُ وَلِلنَّاسِ فِيهِ قيل وَقَالَ وَالله اعْلَم بسرائر الاعمال وَكَانَ سامحه الله تَعَالَى مَعَ مَا بِهِ من التيقظ والفراسة منهمكا فِي طلب الرّفْعَة والرياسة فِي غَايَة الْميل الى جَانب الامراء والمداهنة الْعَظِيمَة مَعَ