الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُحَمَّد القوشجي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ تقلد قَضَاء قسطنطينية وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض بهَا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِالْعلمِ غَايَة الِاشْتِغَال وَكَانَ كثير الْحِفْظ رُوِيَ انه حفظ كثيرا من الْكتب المطولة وَكَانَ لَهُ نباهة شان وفخامة عقل وسخاوة نفس الا انه لم ينْقل انه صنف شيأ روح الله روحه وَنور ضريحه
وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ بن احْمَد بن مُحَمَّد الجمالي
قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي صغره على الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ ابْن حَمْزَة القراماني وَحفظ عِنْده مُخْتَصر الامام الْقَدُورِيّ ومنظومة النَّسَفِيّ ثمَّ اتى مَدِينَة قسطنطينية وَقَرَأَ على الْمولى الْعَالم الْفَاضِل الْمولى خسرو ثمَّ ارسله الْمولى الْمَذْكُور الى الْمولى مصلح الدّين بن حسام وَعلل فِي ذَلِك وَقَالَ اني مشتغل بالفتوى وَالْمولى مصلح الدّين يهتم لتحصيلك اكثر مني فَذهب اليه وَهُوَ مدرس بسلطانية بروسه فَقَرَأَ عِنْده الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والشرعية ثمَّ صَار معيدا لدرسه ثمَّ زوجه الْمولى الْمَذْكُور بنته وَحصل لَهُ مِنْهَا اولاد ثمَّ اعطاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمدرسَة الحجرية بادرنه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهما واعطاه خَمْسَة آلَاف دِرْهَم وبعضا من الالبسة وَذَلِكَ لانه سمع فقره وَلما صَار مُحَمَّد باشا القراماني وزيرا للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان نقمه لِكَثْرَة مصاحبته مَعَ سِنَان باشا فنقله من تِلْكَ الْمدرسَة الى مدرسة اخرى وَنقص من وظيفته خَمْسَة دَرَاهِم وَالْمولى الْمَذْكُور لم يَنْقَطِع عَن سِنَان باشالسابقة فَضله عَلَيْهِ وَكَرمه وَلِهَذَا نَقله الْوَزير الْمَذْكُور الى مدرسة اخرى وَنقص من وظيفته خَمْسَة اخرى واشمأز الْمولى الْمَذْكُور من ذَلِك فَترك التدريس واتصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه مصلح الدّين ابْن الْوَفَاء ثمَّ مَاتَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَقتل الْوَزير الْمَذْكُور وَجلسَ السُّلْطَان بايزيدخان على سَرِير السلطنة وَرَأى السُّلْطَان بايزيدخان الْمولى الْمَذْكُور فِي الْمَنَام فَأرْسل اليه الوزراء وَدعَاهُ اليه فَلم يجب ثمَّ ارسله جبرا الى بَلْدَة اماسيه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهما وفوض اليه أَمر الْفَتْوَى هُنَاكَ ثمَّ اعطاه مدرسة السُّلْطَان مرادخان الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه ثمَّ ترك الْمولى
الْمَذْكُور تِلْكَ الْمدرسَة وَذهب الى أماسيه لزيارة ابْن عَمه وَهُوَ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ محيي الدّين مُحَمَّد الجمالي ثمَّ اعطاه السُّلْطَان بايزيد خَان مدرسة ازنيق وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما ثمَّ اعطاه السُّلْطَان بايزيد خَان سلطانية بروسه وَلما بنى السُّلْطَان بايزيدخان مدرسته باماسيه نَصبه مدرسا بهَا وفوض اليه أَمر الْفَتْوَى هُنَاكَ ثمَّ اعطاه احدى الْمدَارِس الثمان فدرس هُنَاكَ مُدَّة كَبِيرَة ثمَّ توجه بنية الْحَج الى مصر وَاتفقَ انه لم يَتَيَسَّر لَهُ الْحَج فِي تِلْكَ السّنة لفتنة حدثت بِمَكَّة الشَّرِيفَة وَتوقف الْمولى الْمَذْكُور بِمصْر سنة وَفِي أَثْنَائِهَا توفّي الْمولى حميد الدّين بن افضل الدّين الْمُفْتِي بقسطنطينية فَأمر السُّلْطَان بايزيدخان بَان يكْتب الْفَتْوَى مدرسوالمدارس الثمان وَلما أَتَى الْمولى الْمَذْكُور من الْحَج اعطاه منصب الْفَتْوَى وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ ان السُّلْطَان بايزيدخان لما بنى مدرسته بقسطنطينية اضافها الى الْمولى الْمَذْكُور وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما لاجل التدريس فَصَارَت وظيفته كل يَوْم مائَة وَخمسين درهما فحسده على ذَلِك بعض الْعلمَاء وَهُوَ الْمولى سيد عَليّ وَالسَّيِّد الْحميدِي وَجمع بعض فَتَاوَاهُ وَقَالَ إِنَّه اخطأ فِيهَا وارسلها الى الدِّيوَان العالي وارسلها الوزراء الى الْمولى الْمَذْكُور فَكتب اجوبتها وَفِي اثناء تِلْكَ الايام قَالَ اني حينما نزلت من عَرَفَة حصل لي جذبة لم يبْق بيني وَبَين الْحق سبحانه وتعالى حجاب وفوضت امْر الْمولى سيد عَليّ الى الْحق سبحانه وتعالى وَلم يمر عَلَيْهِ اسبوع الا وَقد مَاتَ سيد عَليّ فِي لَيْلَة وَاحِدَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى يصرف جَمِيع أوقاته فِي التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة والدرس وَالْفَتْوَى وَيُصلي الصَّلَوَات الْخمس بِالْجَمَاعَة وَكَانَ كريم النَّفس طيب الاخلاق متخشعا متواضعا ويبجل الصَّغِير كَمَا يوقر الْكَبِير وَكَانَ لِسَانه طَاهِرا لَا يذكر احدا بِسوء وَكَانَ انوار الْعِبَادَة تتلألأ فِي صفحات وَجهه الْمُبَارك وَكَانَ يقْعد فِي علو دَاره وَله زنبيل مُعَلّق فيلقي المستفتي ورقته فِيهِ ويحركه فيجذبه الْمولى الْمَذْكُور وَيكْتب جَوَابه ثمَّ يدليه اليه وَإِنَّمَا فعل ذَلِك كي لَا ينْتَظر النَّاس لاجل الْفَتْوَى ثمَّ ان السُّلْطَان سليم خَان فِي زمَان سلطنته امْر بقتل مائَة وَخمسين رجلا من حفاظ الخزائن فَتنبه لذَلِك الْمولى الْمَذْكُور فَذهب الى الدِّيوَان العالي وَلم يكن من عَادَتهم ان يذهب الْمُفْتِي الى الدِّيوَان العالي الا لحاديث
عَظِيم فتحير اهل الدِّيوَان وَلما دخل الدِّيوَان سلم على الوزراء فاستقبلوه واجلسوه فِي صدر الْمجْلس ثمَّ قَالُوا لَهُ أَي شَيْء دَعَا الْمولى الى الْمَجِيء الى الدِّيوَان العالي قَالَ اريد ان ادخل على السُّلْطَان ولي مَعَه كَلَام فَعَرَضُوهُ على السُّلْطَان سليم خَان فاذن لَهُ وَحده فَدخل وَسلم عَلَيْهِ وَجلسَ ثمَّ قَالَ وَظِيفَة أَرْبَاب الْفَتْوَى ان يحافظوا على آخِرَة السُّلْطَان وَقد سَمِعت انك قد امرت بقتل مائَة وَخمسين رجلا لَا يجوز قَتلهمْ شرعا فَعَلَيْك بعفوهم فَغَضب السُّلْطَان سليم خَان وَكَانَ صَاحب حِدة وَقَالَ إِنَّك تتعرض لامر السلطنة وَلَيْسَ ذَلِك من وظيفتك قَالَ لَا بل اتعرض لامر آخرتك وانه من وظيفتي فان عَفَوْت فلك النجَاة والا فَعَلَيْك عِقَاب عَظِيم فانكسر كند ذَلِك سُورَة غَضَبه وَعَفا عَن الْكل ثمَّ تحدث مَعَه سَاعَة وَلما اراد ان يقوم من مَجْلِسه قَالَ تَكَلَّمت فِي أَمر آخرتك وَبَقِي لي كَلَام مُتَعَلق بالمروءة قَالَ السُّلْطَان مَا هُوَ قَالَ ان هَؤُلَاءِ من عبيد السلطان فَهَل يَلِيق بِعرْض السلطنة ان يتكففوا النَّاس قَالَ لَا قَالَ فقررهم فِي منصبهم فَقبله السُّلْطَان قَالَ الا اني اعذبهم لتقصيرهم فِي خدمتهم قَالَ الْمولى الْمَذْكُور وَهَذَا جَائِز لَان التَّعْزِير مفوض الى راي السُّلْطَان ثمَّ سلم عَلَيْهِ وَانْصَرف وَهُوَ مشكور ثمَّ ان السُّلْطَان سليم خَان ذهب الى مَدِينَة ادرنه فشيعه الْمولى الْمَذْكُور فلقي فِي الطَّرِيق اربعمائة رجل مشدودة بالحبال فَسَأَلَ عَن حَالهم فَقَالُوا انهم خالفوا أَمر السُّلْطَان وَقد اشْتَروا الْحَرِير وَكَانَ قد منع السُّلْطَان عَن ذَلِك فَذهب الْمولى الْمَذْكُور الى السُّلْطَان وَهُوَ رَاكب فَكلم فيهم وَقَالَ لَا يحل قَتلهمْ فَغَضب السُّلْطَان وَقَالَ ايها الْمولى اما يحل قتل ثُلثي الْعَالم لنظام الْبَاقِي قَالَ نعم وَلَكِن اذا ادى الى خلل عَظِيم قَالَ السُّلْطَان وَأي خلل اعظم من مُخَالفَة الامر قَالَ الْمولى هَؤُلَاءِ لم يخالفوا امرك لانك نصبت الامناء على الْحَرِير وَهَذَا اذن بطرِيق الدّلَالَة قَالَ السُّلْطَان وَلَيْسَ امور السلطنة من وظيفتك قَالَ انه من امور الاخرة فالتعرض لَهَا من وظيفتي ثمَّ قَالَ الْمولى الْمَذْكُور هَذَا الْكَلَام وَذهب وَلم يسلم عَلَيْهِ فَحصل للسُّلْطَان سليم خَان حِدة عَظِيمَة حَتَّى وقف على فرسه زَمَانا كثيرا وَالنَّاس واقفون قدامه وَخَلفه متحيرين فِي ذَلِك الامر ثمَّ ان السُّلْطَان سليم خَان لما وصل الى منزله عَفا عَن الْكل وَلما وصل الى مَدِينَة ادرنه ارسل الى الْمولى الْمَذْكُور امرا وَقَالَ فِيهِ اعطيتك