الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شمس الدّين مُحَمَّد بن حَمْزَة بن مُحَمَّد الفناري قدس الله روحه الْعَزِيز
قَالَ السُّيُوطِيّ سَمِعت من شَيخنَا الْعَلامَة محيي الدّين الكافيجي ان نِسْبَة الفناري الى صَنْعَة الفنار قلت سَمِعت من وَالِدي رحمه الله يَحْكِي عَن جدي ان نسبته الى قَرْيَة مُسَمَّاة بفنار وَالله أعلم قَالَ السُّيُوطِيّ لَازمه شَيخنَا الْعَلامَة محيي الدّين الكافيجي وَكَانَ يُبَالغ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ جدا وَقَالَ ابْن حجر كَانَ الْمولى الفناري عَارِفًا بالعلوم الْعَرَبيَّة وَعلمِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَعلم القراآت كثير الْمُشَاركَة فِي الْفُنُون ولد رحمه الله فِي صفر سنة احدى وَخمسين وَسَبْعمائة وَأخذ عَن الْعَلامَة عَلَاء الدّين الاسود شَارِح الْمُغنِي والوقاية وَأخذ ببلاده عَن الْجمال مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الاقسرائي ولازم الِاشْتِغَال ورحل الى مصر لاجل الِاشْتِغَال واخذ عَن الشَّيْخ أكمل الدّين وَغَيره ثمَّ رَجَعَ الى الرّوم فولي قَضَاء بروسا وارتفع قدره عِنْد ابْن عُثْمَان جدا وَحل عِنْده الْمحل الاعلى وَصَارَ فِي معنى الْوَزير واشتهر ذكره وشاع فَضله وَكَانَ حسن السمت كثير الْفضل والافضال وَلما دخل الْقَاهِرَة يُرِيد الْحَج اجْتمع بِهِ فضلاء الْعَصْر وذاكروه وباحثوه وشهدوا لَهُ بالفضيلة ثمَّ رَجَعَ وَكَانَ قد أثرى الى الْغَايَة حَتَّى يُقَال ان عِنْده من النَّقْد خَاصَّة بِمِائَة وَخمسين الف دِينَار وَحج سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين فَلَمَّا رَجَعَ طلبه الْمُؤَيد فَدخل الْقَاهِرَة وَاجْتمعَ بفضلائها ثمَّ رَجَعَ الى الْقُدس فزار ثمَّ رَجَعَ الى بِلَاده ثمَّ حج سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ على طَرِيق انطاكية وَرجع فَمَاتَ ببلاده فِي شهر رَجَب وَكَانَ قد اصابه رمد وأشرف على الْعَمى بل يُقَال انه عمي ثمَّ رد الله تَعَالَى اليه بَصَره فحج فِي هَذِه الْحجَّة الاخيرة شكرا لله تَعَالَى على ذَلِك وَله مُصَنف فِي أصُول الْفِقْه سَمَّاهُ فُصُول الْبَدَائِع فِي أصُول الشَّرَائِع جمع فِيهِ الْمنَار والبزدوي ومحصول الامام الرَّازِيّ ومختصر ابْن الْحَاجِب وَغير ذَلِك واقام فِي عمله ثَلَاثِينَ سنة وَله تَفْسِير الْفَاتِحَة ورسالة اتى فِيهَا بمسائل من مائَة فن وَأورد عَلَيْهَا اشكالات وسماها انموذج الْعُلُوم قَالَ ابْن حجر كتب لي بِخَطِّهِ بالاجازة لما قدم الْقَاهِرَة مَاتَ فِي رَجَب سنة ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة هَذَا مَا ذكره ابْن حجر وَلَقَد سَمِعت من بعض احفاده ان الرسَالَة الَّتِي اتى فِيهَا بمسائل من مئة فن إِنَّمَا هِيَ لِابْنِهِ مُحَمَّد شاه
وَرَأَيْت للْمولى الفناري عشْرين قِطْعَة منظومة كل قِطْعَة مِنْهَا مسئلة من فن مُسْتَقل وَغير أَسمَاء تِلْكَ الْفُنُون بطرِيق الالغاز امتحانا لفضلاء دهره وَلم يقدروا على تعْيين فنونها فضلا عَن حل مسائلها على انه قَالَ فِي خطْبَة تِلْكَ الرسَالَة وَذَلِكَ عجالة يَوْم مِمَّا تبصرون وَشرح هَذِه الرسَالَة ابْنه مُحَمَّد شاه الْمَذْكُور وَعين اسامي الْفُنُون وَبَين الْمُنَاسبَة فِيمَا ذكره من الالغازات وَحل مشكلات مسائلها ونظم عقيب كل قِطْعَة مِنْهَا قِطْعَة اخرى قَالَ فِي بَعْضهَا قلت مؤكدا وَفِي بَعْضهَا قلت مجيبا وأتى بِأَحْسَن الاجوبة وَشرح الْمولى الفناري الرسَالَة الاثيرية فِي الْمِيزَان شرحا لطيفا حسنا وَقَالَ فِي خطبَته شرعت فِيهِ غدْوَة يَوْم من اقصر الايام وختمت مَعَ اذان مغربه بعون الْملك العلام وَشرح الْفَرَائِض السِّرَاجِيَّة أَيْضا شرحا لطيفا وهومن احسن شروحها وَلما رأى شرح المواقف للسَّيِّد الشريف علق عَلَيْهِ تعليقات متضمنة لمؤاخذات لَطِيفَة على السَّيِّد الشريف وَله كثير من الرسائل والحواشي لَكِنَّهَا بقيت فِي المسودة وَمنع الافتاء والتدريس وَالْقَضَاء من تبييضها وَسمعت من بعض الثِّقَات ان مَوْلَانَا حَمْزَة وَالِد الْمولى الفناري كَانَ من تلامذة الشَّيْخ صدر الدّين القونوي وَقَرَأَ عَلَيْهِ من تصانيفه مِفْتَاح الْغَيْب واقرأه على وَلَده الْمولى الفناري ثمَّ ان الْمولى الْمَذْكُور شَرحه شرحا وافيا وَضَمنَهُ من معارف الصُّوفِيَّة مالم تسمعه الاذان وتقصر عَن فهمه الاذهان وَسمعت من وَالِدي رحمه الله يَحْكِي عَن جدي ان الْمولى الفناري كَانَ مدرسا بِمَدِينَة بروسا فِي مدرسة مناستر وَكَانَ قَاضِيا بهَا ومفتيا فِي المملكة العثمانية وَكَانَ صَاحب ثروة عَظِيمَة وجاه وَاسع وَصَاحب ابهة وشوكة وَكَانَ إِذا خرج الى الْجَامِع يَوْم الْجُمُعَة يزدحم النَّاس على بَابه بِحَيْثُ يمتلىء من النَّاس مَا بَين بَيته وَبَين الْجَامِع الشريف وَكَانَ لَهُ عبيد لَا يُحصونَ كَثْرَة حُكيَ ان الْمولى خطيب زَاده قَالَ للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان ان الْمولى الفناري من احسن مصنفاته فُصُول الْبَدَائِع وَأَنا ازيفه بادنى مطالعة وَكَانَ لَهُ مَعَ ذَلِك اثْنَا عشر من العبيد يلبسُونَ الثِّيَاب الفاخرة وَالْفراء النفيسة وَكَانَ لَهُ فِي بَيته جوَار لَا يحصين كَثْرَة اربعون مِنْهُنَّ يلبسن القلانس الذهبية وَحكي ايضا انه مَعَ هَذِه الابهة وَالْجَلالَة كَانَ يلبس نَفسه النفيسة ثيابًا دنيئة وَكَانَ على ر أسه
عِمَامَة صَغِيرَة على زِيّ مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَكَانَ يتعلل فِي ذَلِك وَيَقُول ان ثِيَابِي وطعامي من كسب يَدي وَلَا يَفِي كسبي بِأَحْسَن من ذَلِك وَكَانَ يعْمل صَنْعَة القزازية وَكَانَ بَيته بَين الْمدرسَة وَبَين قصر السُّلْطَان بايزيدخان الْمَذْكُور وَله مدرسة وجامع بِمَدِينَة بروسا ومرقده الشريف قُدَّام الْجَامِع يحْكى انه خلف عشرَة آلَاف مُجَلد من الْكتب يرْوى انه شهد السُّلْطَان الْمَذْكُور عِنْده يَوْمًا بقضية فَرد شَهَادَته فَسَأَلَهُ عَن سَبَب رده فَقَالَ انك تَارِك للْجَمَاعَة فَبنى السُّلْطَان قُدَّام قصره جَامعا وَعين لنَفسِهِ فِيهِ موضعا وَلم يتْرك الْجَمَاعَة بعد ذَلِك ثمَّ انه وَقع بَينهمَا خلاف فَترك الْمولى الفناري مناصبه ورحل الى بِلَاد قرامان وَعين لَهُ صَاحب قرامان كل يَوْم الف دِرْهَم ولطلبته كل يَوْم خَمْسمِائَة دِرْهَم وقرا عَلَيْهِ هُنَاكَ الْمولى يَعْقُوب الاصفر وَالْمولى يَعْقُوب الاسود وَكَانَ الْمولى الفناري يفتخر بذلك وَيَقُول ان يعقوبين قرآ عَليّ ثمَّ ان السُّلْطَان الْمَذْكُور نَدم على مَا فعله فِي حق الْمولى الفناري فارسل الى صَاحب قرامان يَسْتَدْعِي الْمولى الْمَذْكُور فَأجَاب اليه وَعَاد الى مَا كَانَ عَلَيْهِ من المناصب وَحكي انه صحب الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ حميد شيخ الْحَاج بيرام واخذ مِنْهُ التصوف ورايت لَهُ نظما ارسله الى الشَّيْخ عبد اللَّطِيف بن غَانِم الْقُدسِي خَليفَة الشَّيْخ زين الدّين الخافي قدس الله سره الْعَزِيز
…
قدمت بِلَاد الرّوم يَا خير قادم
…
بِخَير طَرِيق جلّ عَن كل نَائِم
فمنذ فتوح الرّوم لم يَأْتِ مثله
…
الى ملكه يهدي بِهِ كل عَالم
على مَسْلَك الْمُخْتَار من سَائِر الورى
…
الى حَضْرَة الْغفار من كل عَالم
يلقب زين الدّين قد صَحَّ كَامِلا
…
وَيُسمى اذا عبد اللَّطِيف بن غَانِم
لعمرك ان ابْن الفناري طَالب
…
وَلَكِن تقصيري لملزوم لَازم
وَقد حثني شوق شَدِيد لارضه
…
لاقضي بقايا الْعُمر هذي عزائمي
وانتظر المخدوم فِي الْقُدس راجيا
…
لجمع بِجمع السِّرّ عَن كل هائم
فَقُمْ واستلم حبرًا يعز بعصرنا
…
وَسلم لَهُ مَا دمت حَيا بقائم
ورض واغتنم واخدم سَبِيلا لعارف
…
تنَلْ بغية تعلو على كل خَادِم
…