الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَالحا ذكي الطَّبْع جيد القريحة صَحِيح التودد للمشايخ الصُّوفِيَّة مترددا اليهم ومستمدا من انفاسهم الطّيبَة وَكَانَ رحمه الله شَدِيد الْقيام فِي مصَالح من يلوذ بِهِ شَدِيد النَّفْع لمن يتَرَدَّد اليه وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رحمه الله حَسَنَة من حَسَنَات الايام وَبَقِيَّة من السّلف الْكِرَام وَقد رُؤِيَ بعد مَوته فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ هَل غفر الله لَك فَقَالَ نعم ولكثير من الَّذين جاؤا بعدِي قَالَ الرَّائِي وَقلت لَهُ وَكَيف وجدت الدَّار الاخرة بِالنِّسْبَةِ الى الاولى قَالَ لَا شكّ ان الدَّار الاخرة خير للَّذين يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَفِي الدُّنْيَا ايضا خير ثمَّ سَأَلت عَن بعض الاشخاص الَّذين مَاتُوا قبل مَوته فاخبر بالاجتماع بِالْبَعْضِ دون الاخر
وَمِمَّنْ صبغ يَده بالوان الْعُلُوم واظهر الْيَد الْبَيْضَاء فِي كل منثور ومنظوم وشنف آذان الدَّهْر بغرر كَلِمَاته وقلد جيد الزَّمَان بدرر مصنوعاته واعترف بفضله الْكثير من الافاضل السَّادة الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد المشتهر بحناوي زَاده
ولد رحمه الله سنة ثَمَان عشرَة وَتِسْعمِائَة فِي قَصَبَة اسباسه من لِوَاء حميد وَكَانَ ابوه من قُضَاة بعض القصبات قَرَأَ رحمه الله على الْمولى محيي الدّين المشتهر بالمعلول وَالْمولى سِنَان الدّين محشي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَالْمولى محيي الدّين المشتهر بمرحبا ثمَّ صَار معيدا لدرس الْمولى صَالح الاسود وَلما توفّي الْمولى الْمَزْبُور رغب فِيهِ الْمولى الشَّيْخ مُحَمَّد المشتهر بجوي زَاده فَارْتَبَطَ بِهِ وَكَانَ اول درس قَرَأَ عَلَيْهِ من شرح الْعَضُد وَقد كتب رحمه الله على هَذَا الْموضع من شرح الْعَضُد رِسَالَة لَطِيفَة وعرضها على الْمولى الْمَزْبُور فاستحسنها غَايَة الِاسْتِحْسَان وَكَانَ الْمولى محيي الدّين الْمَزْبُور يَقُول حِين مَا سُئِلَ عَنهُ وَعَن الْمولى شاه مُحَمَّد السَّابِق ذكره انهما مني بِمَنْزِلَة عَيْني لَا افضل احدهما على الاخر وَلما صَار ملازما من الْمولى محيي الدّين الْمَزْبُور كتب رِسَالَة يُحَقّق فِيهَا بحث نفس الامر وعرضها على الْمولى ابي السُّعُود وَهُوَ قَاض بالعساكر المنصورة يَوْمئِذٍ فقلده الْمدرسَة الجامية بادرنه بِعشْرين ثمَّ قلد مدرسة الامير حَمْزَة فِي بروسه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة ابْن ولي الدّين
فِي الْبَلدة المزبورة بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة رستم باشا بكوتاهيه باربعين ثمَّ مدرسته الَّتِي ابتناها بقسطنطينية ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان وَلما ابتنى السُّلْطَان سُلَيْمَان المدرستين الواقعتين فِي الْجَانِب الغربي من الْجَامِع قلدا حداهما للْمولى الْمَزْبُور والاخرى للْمولى شاه مُحَمَّد السَّابِق ذكره لمزيد اشتهارهما بالفضيلة الباهرة ثمَّ قلد قَضَاء دمشق ثمَّ نقل الى قَضَاء بروسه ثمَّ الى قَضَاء ادرنه ثمَّ الى قَضَاء قسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا بالعساكر المنصورة فِي ولَايَة اناطولي وَبعد عدَّة اشهر اتّفق سفر السُّلْطَان الى مَدِينَة أدرنه وَكَانَ مبتلى بعلة عرق النسا فاشتدت بالحركة وَشدَّة الْبرد وعالجه بعض المتطببة ودهنه بدهن فِيهِ بعض السمُوم ثمَّ اعقبه بالطلاء بدهن النقط فنفذ السم الى بَاطِنه فَكَانَ ذَلِك سَبَب مَوته فانه مَاتَ رحمه الله عقيب الطلاء الْمَزْبُور وَذَلِكَ فِي الْيَوْم السَّابِع من شهر رَمَضَان من شهور سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَحضر جنَازَته عَامَّة الوزراء وَالْعُلَمَاء وَصلي عَلَيْهِ فِي الْجَامِع الْعَتِيق وَدفن بِظَاهِر بَاب ادرنه فِي الْمَقَابِر الْمَشْهُورَة بمقابر النَّاظر الْوَاقِعَة على طَرِيق الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَكَانَ رحمه الله اُحْدُ اماجد القروم فِي كل مَنْطُوق وَمَفْهُوم ذَا نفس علية وسجية سنية ذلل من الْعُلُوم صعابها وَرفع عَن مخدرات الْفُنُون قناعها وحجابها فأمست عرائس النكات اليه مزفوفة واصبحت عوائص الْفَوَائِد المبهمات لَدَيْهِ مجلوة مكشوفة خَاضَ فِي غمار الْعُلُوم فجَاء بِكُل فريدة يتنافس فِيهَا آذان الايام وَقصد ميادين الفهوم فَأتى بِكُل رهينة يتسابق عَلَيْهَا كمت الشُّهُور والاعوام وَكَانَ رحمه الله وَاسع الْمعرفَة كثير الافتنان جَارِيا فِي ميدان المعارف بِغَيْر عنان وَقد اخترع الْكثير من الْمعَانِي وَولد وقلد جيد الزَّمَان بخرائد منثورة ومنظومة مَا قلدوكان شيخ الْعَرَبيَّة وحامل لوائه وشمس بروجه وكواكب سمائه كلما انطق البراعة اعجز وَكلما وعد الانجاز وفى ذَلِك الْوَعْد وانجز وَقد اثْبتْ لَهُ فِي هَذِه الْمجلة مَا تستعذبه وتسطيبه وتحكم بِهِ انه على الْحَقِيقَة امام هَذَا الشان وخطيبه قَالَ رحمه الله وَفِيه تورية لطيفه
…
ارى من صدغك المعوج دَالا
…
وَلَكِن نقطت من مسك خَالك
فاصبح دَالَّة بالنقط ذالا
…
فها انا هَالك من اجل ذَلِك
…