الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنْكَرَات والوعظ بالزواجر الزاجرات وَحصل بَينه وَبَين الْمولى عَطاء الله محبَّة اكيدة ومودة شَدِيدَة فَأقبل بِحسن الِالْتِفَات عَلَيْهِ وَبنى مدرسة فِي قَصَبَة بركى وفوض تدريسها اليه وَعين لَهُ كل يَوْم سِتِّينَ درهما فَكَانَ رحمه الله يدرس تَارَة ويعظ اخرى بِمَا هُوَ اليق واحرى قَصده النَّاس من كل فج عميق وَأَوَى اليه الطّلبَة من مَكَان سحيق وَاجْتمعَ عَلَيْهِ الطلاب وَاشْتَغلُوا عَلَيْهِ من كل فصل وَبَاب واكب هُوَ على الِاشْتِغَال بيومه وأمسه وانتفع النَّاس بوعظه ودرسه فكم من أَسِير فِي غيابة الْجَهَالَة مُقَيّد بسلاسل الشؤون والبطالة نَالَ بِسَبَبِهِ من شرف الْعلم وعزه مَا ناله وَكم من تائه بمهامه هَوَاهُ عَاد الى السَّبِيل بهداه كَانَ رحمه الله فِي طرف عَال من الْفضل والكمال وتتبع الْكتب والرسائل وَجمع الْقَوَاعِد والمسائل وَجمع الْعلم وتبحر فِيهِ وحوى من الْفضل والمعرفة مَا يَكْفِيهِ شرح مُخْتَصر الْبَيْضَاوِيّ فِي النَّحْو وَكتب متْنا لطيفا فِي علم الْفَرَائِض وَله فِي الحَدِيث وَتَفْسِير الْقُرْآن وَالْفِقْه تعاليق ورسائل اخترمته دونهَا الْمنية ففاته حُصُول الامنية وَكَانَ رحمه الله آيَة فِي الزّهْد والصيانة وَنِهَايَة فِي الْوَرع والديانة رَأْسا فِي التجنب والقوى متمسكا بِمَا هُوَ أتم وَأقوى قَائِما على الْحق فِي كل مَكَان يرد على من خَالف الشَّرِيعَة كَائِنا من كَانَ لَا يهاب احدا لعلو رتبته وسمو مَنْزِلَته جَاءَ فِي آخر عمره الى قسطنطينية وَدخل مجْلِس الْوَزير مُحَمَّد باشا وَكَلمه فِي قمع الظلمَة وَدفع الْمَظَالِم بِكَلِمَات اُحْدُ من السيوف الصوارم وملأ بفرائد المواعظ ذَلِك النادي وَلَكِن لَا حَيَاة لمن يُنَادي وَكَانَ المرحوم لَا يرى الِاسْتِئْجَار على التِّلَاوَة وَتَعْلِيم الْعُلُوم ويباحث فِيهِ مَعَ الفحول بالمنقول والمعقول وَتُوفِّي رحمه الله فِي شهر جُمَادَى الاولى سنة احدى وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَهُوَ مكب على الزّهْد وَالْعِبَادَة كتب الله لَهُ الْحسنى وَزِيَادَة
وَمن الْعلمَاء الاعيان الَّذين اصابتهم عين الْعَصْر وَالزَّمَان بعدتسليم الْمجد الاثيل قياده الْمولى محيي الدّين المشتهر بنكساري زَاده
كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى نخبة أَوْلَاد الْمولى مصلح الدّين النكساري السَّابِق ذكره فِي هَذَا الْكتاب فَلَا نعيد فِي ذَلِك الْخطاب والمرحوم مذ تخلص من ربقة صباه
ضم صبحه الى مساه وجد فِي الطّلب وَاحْتمل انحاء النصب واستفرغ مجهوده فِي تَحْصِيل الْفَضَائِل وتكميل الخصائل وَدخل مجْلِس القرم الْهمام السميدع القمقام الْمُفْتِي ابي السُّعُود وتميز فِي خدمته حَتَّى زوجه بابنته وشرفه بخلع التَّعْلِيم والافادة الى ان صَار ملازما مِنْهُ بطرِيق الاعادة درس اولا بمدرسة مُرَاد باشا بقسطنطينية بِثَلَاثِينَ وَهُوَ اول مدرس من ابناء الْقُضَاة بالوظيفة المزبورة اولا ثمَّ درس بِالْمَدْرَسَةِ القلندرية بالبلدة المسفورة بِأَرْبَعِينَ ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خمسين ثمَّ نقل الى مدرسة السيدة المعظمة اسْما خَان بنت السُّلْطَان سليم خَان المبنية فِي جوَار ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان وَتُوفِّي رحمه الله مطعونا وَهُوَ مدرس بهَا فِي اواسط جُمَادَى الاخرة سنة احدى وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَمَا بلغ عمره اربعين سنة وَلَعَلَّ ذَلِك مِمَّا فِيهِ من الْعجب الزَّائِد وازدراء النَّاس والوقوع فِي اعراضهم كثيرا وَقد وَقع لي وَاقعَة غَرِيبَة بعد مَوته ارجو الْخَيْر فِيهَا واستبشر بذكرها وَهِي انه لما رَأَيْته فِي الْمَنَام سَأَلته عَمَّا بدا لَهُ بعد مَوته فَأخْبر عَن نَفسه وَقَالَ لما انْتَقَلت من هَذِه الدَّار ادخلت مجْلِس النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ غاص بالأكابر وقدا جتمع حوله من ختم لَهُم بالايمان فغلبني هَيْبَة ذَلِك الْمجْلس وأخذني دهشة وحيرة فاذا بقائل يَقُول كَيفَ كَانَ اعتقادك فِي الدُّنْيَا وعَلى أَي شَيْء ختمت فَمَا قدرت على الْجَواب مِمَّا عرض لي من الْحيرَة فاستملت من الاطراق فوصل يَدي الى صُورَة فَتْوَى كتبهَا ابي تَتَضَمَّن اعْتِقَاد اهل السّنة من التَّوْحِيد وَغَيره فأخذتها وناولتها السَّائِل وَقلت اني ختمت على مَا فِي طي هَذَا الْكتاب وانه هُوَ الَّذِي وَقع عَلَيْهِ اعتقادي وَكَانَ بِهِ اعتمادي فَاكْتفى عني بِهَذَا الْقدر وليعلم انه وان كَانَ يحصل للداخل فِي هَذَا الْجمع الْعَظِيم كَمَال الْحيرَة والدهشة الا ان فِيهِ من التوسيع وَالْعَفو مَا يزِيد على المأمول ويربو على المسؤول فانه جَاءَ بعدِي كثير من ارباب الملاهي وضعفاء النَّاس وَغفر لجميعهم وعفي عَنْهُم خُصُوصا الْخُلَفَاء الاربعة فان بشفاعتهم يُعْفَى عَن خلق لَا يُحصونَ كَثْرَة وَلَا يحْتَملُونَ عدَّة اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مظَاهر الطافك الْكَامِلَة ورأفتك الوافرة الشاملة كَانَ رحمه الله من الَّذين برزوا