الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلم يغسلهَا قَالَ وَلما رأى الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء مني الْبَهْجَة وَالسُّرُور من هَذِه الْجِهَة قَالَ كَيفَ يغسلهَا وَقد وَجب قطعهَا قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْمَذْكُور وَلم يفتح لي بَاب التصوف الا بِهَذِهِ الْكَلِمَة وَمن جملَة مناقبه ايضا انه قيل لَهُ جَاءَ رجل الى الْبَلَد مِمَّن يقدر على جر الاثقال يحمل كَذَا وَكَذَا قِنْطَارًا من الْحجر قَالَ الشَّيْخ حمل ابريق الْوضُوء اصعب مِنْهُ وَلَقَد اصاب فِي الْجَواب لِأَن فِي حمل هَذَا الْحجر الثقيل حَظّ النَّفس فيهون عَلَيْهَا وَفِي حمل ابريق الْوضُوء مُخَالفَة النَّفس فَيكون اصعب مِنْهُ وَله مَنَاقِب كَثِيرَة لَا يُمكن شرحها الا فِي مجلدة مُسْتَقلَّة ثمَّ انه سَافر لِلْحَجِّ من طَرِيق الْبَحْر فَأَخَذته النَّصَارَى وحبسوه فِي قلعة رودس وَاشْتَرَاهُ مِنْهُم الامير إِبْرَاهِيم بك ابْن قرامان ثمَّ توطن بِمَدِينَة قسطنطينية وَله فِيهَا زَاوِيَة وجامع وقبره قُدَّام الْجَامِع وَهُوَ مَشْهُور يزار ويتبرك بِهِ وَكَانَت وَفَاته قدس سره الْعَزِيز فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَقَالَ المؤرخ فِي تَارِيخ وَفَاته الى رَحْمَة ربه
وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه عبد الله الْمَشْهُور بحاجي خَليفَة
كَانَ اصله من ولَايَة قسطموني واشتغل أَولا بالعلوم الظَّاهِرَة وأكملها ثمَّ اتَّصل الى خدمَة الشَّيْخ تَاج الدّين إِبْرَاهِيم بن بخشى فَقِيه وَحصل عِنْده طَريقَة الصُّوفِيَّة وانكشف لَهُ الْمَرَاتِب الْعَالِيَة حَتَّى اجازه للارشاد واقامه مقَامه بعد وَفَاته كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى جَامعا للعلوم والمعارف كلهَا وَكَانَ متواضعا متخشعا صَاحب اخلاق حميدة وآثار سعيدة وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي تَعْبِير الْوَاقِعَات وَكَانَ مظْهرا لِلْخَيْرَاتِ والبركات وَصَاحب عز وكرامات وَكَانَ مرجعا للْعُلَمَاء والفضلاء ومربيا للْفُقَرَاء والصلحاء وَآيَة فِي المروات والفتوة وَالْكَرم والسخاوة وَكَانَ بدنه الشريف جسيما وخلقه عَظِيما وَكَانَ لَهُ فَم بسام وَوجه بَين الْجلَال وَالْجمال قسام حُكيَ عَنهُ انه قَالَ اتى الي الشَّيْخ مُحَمَّد ابْن الْمولى الْفَاضِل خواجه زَاده وَقَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام ان وَاحِدًا من اولاد الافرنج كَانَ مَحْبُوسًا فِي قلعة مُنْذُ سبع وَعشْرين سنة قَالَ الشَّيْخ فحسبت سنه فَوَافَقت عدَّة سنه بعد بُلُوغه الْعدة الْمَذْكُورَة وَمن جملَة احواله الشَّرِيفَة ان الْمولى الْفَاضِل عَلَاء الدّين الفناري لما عزل عَن قَضَاء
الْعَسْكَر اراد ان يسْلك مَسْلَك التصوف عِنْد الشَّيْخ الْمَذْكُور فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ النِّهَايَة تَابِعَة للبداية فَمن سلك المسلك الْمَذْكُور بِقطع جَمِيع الْعَوَائِق يكون سلوكه على ذَلِك فِي النِّهَايَة وَلَكِن يجوز ان يسْلك على الِاعْتِدَال وَلَا يلْزم على المريد ان يعْتَقد فِي شَيْخه الْكَرَامَة وَالْولَايَة بل يَكْفِي لَهُ ان يَعْتَقِدهُ سالكا طَرِيق الْحق واصلا اليه وجاريا على منهاج الطَّرِيقَة والشريعة ثمَّ قَالَ وَكَانَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ ان ينظر الى شَيْء كَانَ لَا يلوي عُنُقه الى ذَلِك الْجَانِب فَقَط بل يتَوَجَّه اليه بكليته قَالَ فَفِيهِ اشارة الى ان الطَّالِب يَنْبَغِي ان يتَوَجَّه الى مَطْلُوبه بكليته حَتَّى يحصل لَهُ ذَلِك وَحكي ان الْمولى الْمَذْكُور لما طلب من الشَّيْخ الْمَذْكُور الاذن بالرياضة وَترك اكل الْحَيَوَانَات قَالَ الشَّيْخ اني مَا اكلت حَيَوَانا وَمَا شربت مَاء سِتَّة اشهر فِي أَوْقَات رياضة وَمَا انتفعت بذلك بل بامتثال امْر الشَّيْخ وَمن كَلَامه الشريف ايضا ان وَاحِدًا من المريدين قَالَ لَهُ يَوْمًا رُبمَا يمر عَليّ وَقت لَا اقدر على التَّلَفُّظ بِكَلِمَة الشَّهَادَة ويخطر ببالي ان وَاحِدًا لَو قَالَ فِي احضور السُّلْطَان كل وَقت لَا سُلْطَان اكبر مِنْك يعد هَذَا سوء ادب وَمن الْمَعْلُوم انه لَا اله الا الله فَذكره فِي حُضُوره كل وَقت يكون بَعيدا عَن الادب فَقَالَ الشَّيْخ هَذَا معنى الاحسان فَمن وصل اليه يَكْفِيهِ ان يُلَاحظ حُضُور الْحق وَذَلِكَ الرجل قَالَ رُبمَا لَا أقدر على مُلَاحظَة معنى الذّكر ايضا بل لَا اقدر على الدُّعَاء فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين مَا قدرت ان ادعو الله تَعَالَى مُدَّة سِتَّة وَشهر وَقَالَ الشَّيْخ عِنْد ذَلِك الْوَقْت يكل اللِّسَان فيكفيه مُلَاحظَة حُضُور الْحق قَالَ الرجل وترتعد اعضائي قَالَ الشَّيْخ هَذَا ابْتِدَاء الْحُضُور وَلَو قدرت على الصَّيْحَة لَكَانَ ازيد وَحكي ان الْفَاضِل قَاضِي زَاده كَانَ قَاضِيا ببروسه فِي ذَلِك الْوَقْت وَقد حضر يَوْمًا عندالشيخ الْمَذْكُور فَسَأَلَهُ عَن مَذْهَب الجبرية وَمذهب اهل الْحق فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ الْجَبْر قِسْمَانِ جبر مُحَقّق وجبر مقلد اما جبر الْمُحَقق فَهُوَ تَفْوِيض اموره جَمِيعًا الى الله تَعَالَى واسقاط اخْتِيَاره بعد الِامْتِثَال بالأوامر والاجتناب عَن المناهي واما جبر الْمُقَلّد فَهُوَ تَفْوِيض اموره الى هَوَاهُ وَاتِّبَاع شهوات نَفسه واسقاط ارادته فِي الاوامر والنواهي ويتمسك بِأَنَّهُ لَيْسَ لي اخْتِيَار