الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. كَذَا الْمُقدم فِي حذق بصنعته
…
انى توجه فِيهَا فَهُوَ محروم
…
وَسميت هَذِه الجريدة بِالْعقدِ المنظوم فِي ذكر افاضل الرّوم والمأمول مِمَّن يطلع على كلماتي ان يغض الطّرف عَن عثراتي فان ذَلِك كَلَام من جربه الدَّهْر بالبأس والبؤسى وجرعه سلافة الغموم كأسا فكأسا وَمَا اصدق ابْن عبد الكريم حَيْثُ يَقُول
…
وَلَا الْمَرْء يُبْدِي بالهموم فَضِيلَة
…
وَلَا الشَّمْس
تبدو اذ يحول غمام
…
ومقدم هَؤُلَاءِ السَّادة وواسطة هَذِه القلادة الْمولى عِصَام الدّين ابو الْخَيْر احْمَد بن الْمولى مصلح الدّين المشتهر بطاشكبري زَاده
وَكَانَ الْمولى مصلح الدّين الْمَزْبُور من الْعلمَاء الاعيان توفّي وَهُوَ مدرس باحدى الْمدَارِس الثمان بعد مَا كَانَ قَاضِيا بحلب وَلما خلص المرحوم من ربقة الصِّبَا فانتظم فِي سلك ارباب الْحجر والحجا وَفرق الغث عَن السمين وميز الكاسد عَن الثمين قَامَ على اقدام الاقدام وشمر عَن سَاق الْجد
والاهتمام فِي تَحْصِيل المعارف والفضائل واتقان الْمَقَاصِد والوسائل واشتغل على ابيه حَتَّى ااز لَهُ بِرِوَايَة الحَدِيث وَالتَّفْسِير رَاوِيا لَهما على الْمولى خواجه أجَاز عَن الْمولى فَخر الدّين العجمي عَن الْمولى حيدر عَن الْمولى سعد الدّين التَّفْتَازَانِيّ ثمَّ قرا على الْمولى سَيِّدي مُحَمَّد القوجوي وَصَارَ ملازما لَهُ ثمَّ قَرَأَ على الْمولى مَحْمُود بن مُحَمَّد بِأَن المشتهر بميرم جلبي وكمل عِنْده الْعُلُوم الرياضية وَلما جَاءَ الشَّيْخ مُحَمَّد التّونسِيّ المغوشي الى قسطنطينية قَرَأَ عَلَيْهِ واشتغل لَدَيْهِ حَتَّى اجاز لَهُ بِأَن يروي عَنهُ التَّفْسِير والْحَدِيث وَجَمِيع مَا يجوز اجازته وَيصِح رِوَايَته رَاوِيا عَن الشَّيْخ شهَاب الدّين احْمَد بن حجر الْعَسْقَلَانِي ودرس اولا فِي مدرسة اروج باشا بقصبة ديموتوقه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة الْمولى محيي الدّين ابْن الْحَاج حسن قسطنطينية بِثَلَاثِينَ
ثمَّ اسحاقية اسكوب بِأَرْبَعِينَ ثمَّ الْمدرسَة القلندرية بالوظيفة المزبورة فِي مَدِينَة قسطنطينية ثمَّ فِي مدرسة مصطفى باشا فِي الْمَدِينَة المزبروة بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى احدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ عَاد الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان فِي أدرنه ثمَّ قلد قَضَاء بروسه سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَتِسْعمِائَة ثمَّ عَاد الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ قلد قَضَاء قسطنطينية فاشتغل فِي اجراء الاحكام الدِّينِيَّة الى ان عرضت لَهُ عارضة الرمد فاضرت عَيناهُ وعميت كريمتاه فَكَانَ مصداق مَا ورد فِي الاثر اذا جَاءَ الْقَضَاء عمي الْبَصَر فاستعفى عَن المنصب واستتاب عَن سوالفه واشتغل بتبييض بعض تواليفه بَينا هُوَ فِي هَذِه الامور اذ ابتلى بِمَرَض الْبَاسُور فنعي بِقرب اجله وانصرام امله وَلما تَيَقّن اقاربه بِمَوْتِهِ تضرعوا ان يجعلهم فِي حل من تقصيرهم فِي خدمته فاحسن فِي الْجَواب واستملى هَذَا الْكتاب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على نبيه مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَله وَصَحبه اجمعين وعَلى الْمَشَايِخ الزاهدين وعَلى الْفُقَرَاء الصابرين وعَلى الاغنياء الشَّاكِرِينَ وَسلم عَلَيْهِم سَلاما الى يَوْم الْحَشْر وَالدّين ثمَّ اني اشهدك وَأشْهد ملائكتك بِأَنِّي عِشْت على مِلَّة الاسلام وعذت عَن الْبِدْعَة فِي الدّين وَأَرْجُو ان أَلْقَاك بالاسلام فِي يَوْم الدّين ثمَّ ان اولادي واقربائي التمسوا مني ان اجعهلم فِي حل مِمَّا عمِلُوا من الاساءة فِيمَا وَجب عَلَيْهِم من رِعَايَة حَقي واني جعلتهم فِي حل ان عمِلُوا فِي رِعَايَة حَقي فِيمَا بعد ذَلِك وَالسَّلَام على سيدالانام وصحبة الْكِرَام فَلَمَّا تمّ التَّحْرِير من لِسَان ذَلِك التَّحْرِير انْقَطع عَن عَالم الانس واتصل بحظائر الْقُدس وَقضى نحبه وَلَقي ربه روح الله روحه وَزَاد كل يَوْم فتوحه وَذَلِكَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَكَانَ الْمولى المرحوم بحرا من المعارف
والعلوم متسنما من الْفَضَائِل سنامها وغاربها مُقَيّدا من الْمعَانِي شواردها وغرائبها وَكَانَ لَهُ الْيَد الطُّولى فِي تَحْرِير الْمسَائِل وتصويرها وتدقيق المباحث وتنويرها تكل السّنة الاقلام من افواه المحابر فِي ادائها وتقريرها وَيَكْفِيك آثاره المنيفة وتصانيفه الشَّرِيفَة فَمن رأى من السَّيْف اثره فقد رأى اكثره وَكَانَ رحمه الله فِي جَمِيع مباحثاته على النصفة والسداد رَاضِيا بِالْحَقِّ عَارِيا عَن المكابرة والعناد اذا احس من اُحْدُ اللجاج والمنافسة امسك عَن التَّكَلُّم والمباحثة وَكَانَ رحمه الله قَلِيل الرَّغْبَة فِي دُنْيَاهُ كثير التشمر فِي تَحْصِيل زلفاه صارفا لجَمِيع اوقاته فِي تَحْصِيل الْعُلُوم وعباداته وَحكي بعض من اثق بِكَلَامِهِ انه اشار يَوْمًا بِيَدِهِ الى لِسَانه وَقَالَ ان هَذَا فعل مَا فعل من التَّقْصِير والزلل وَصدر عَنهُ مَا صدر من الْحق والغلط غير انه مَا تكلم فِي طلب المناصب الدُّنْيَوِيَّة قطّ وَكَانَ يكْتب خطا مليحا يرغب فِيهِ مَعَ كَمَال السرعة وَقد كتب الْكتب بِخَطِّهِ الشريف وَقَالَ وَاحِد من اعيان تلاميذه حضرت طَعَامه لَيْلَة من ليَالِي شهر رَمَضَان وَهُوَ مدرس بالقلندرية وَكَانَ من عَادَته ان يَدْعُو طلبته فِي كل لَيْلَة من ليَالِي شهر رَمَضَان فَقَالَ اني مُنْذُ توليت اسحاقية اسكوب جعلت لنَفْسي عَادَة وَهِي ان اكْتُبْ فِي كل سنة نُسْخَة من تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وابيعها بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وانفق ذَلِك الْمبلغ على طَعَام الطّلبَة فِي ليَالِي رَمَضَان وَسمعت من الثِّقَات انه قَالَ اتَّصَلت بِبَعْض الْمَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَحصل لي بِسَبَبِهِ الْحَمد لله تَعَالَى بعض مَا اشتاقه من نفائس السلوك وقداتفق لي انسلاخ كلي وَفَارَقت بدني كل الْمُفَارقَة فَبينا انا على تِلْكَ الْحَالة اذ دخل وَقت الظّهْر فقصدت التَّوَضُّؤ للصَّلَاة فَلم اقدر على تَحْرِيك القالب واستعماله فِيهِ حَتَّى ذهب وَقت الظّهْر ثمَّ وَقت الْعَصْر وانا على تِلْكَ الْحَالة ثمَّ عدت على حالتي الاولى اللَّهُمَّ احشرنا فِي زمر الصَّالِحين السالكين وَلَا تجعلنا فِي مهاوي الْغَفْلَة هالكين ذكر تواليفه مِنْهَا الْكتاب الْمُسَمّى بالمعالم فِي علم الْكَلَام وحاشية على حَاشِيَة التَّجْرِيد للشريف الْجِرْجَانِيّ من اول الْكتاب الى مبَاحث الْمَاهِيّة جمع فِيهِ مقالات الْمولى عَليّ القوشي وَالْمولى جلال الدّين الدواني وَالْمولى
مير صدر الدّين وَالْمولى ابْن الْخَطِيب واداها بأخصر عبارَة وأليق اشارة ثمَّ ذكر مَا خطر لَهُ من تَحْقِيق الْمقَام وتبيين المرام وَشرح الْقسم الثَّالِث من كتاب الْمِفْتَاح وَشرح الْفَوَائِد الغياثية وَهُوَ شرح حافل يتَضَمَّن الرَّد على بعض الْمَوَاضِع من شرح الْمِفْتَاح وَكتاب سَمَّاهُ بالشقائق النعمانية فِي عُلَمَاء الدولة العثمانية وَقد جمعه بعد عماه وَهُوَ اول من تصدى لَهُ وَكتاب ذكر فِيهِ انواع الْعُلُوم وضروبها وموضوعاتها وَمَا اشْتهر من المصنفات فِي كل فن مَعَ نبذ من تواريخ مصنفيها فجَاء كتابا عَزِيزًا غزير الْفَائِدَة وصنف كتابا كَبِيرا فِي التَّارِيخ جمع فِيهِ مَا ذكره ابْن خلكان واضاف اليه سير الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَغَيرهم ثمَّ اختصر مِنْهُ مجلدا لطيفا وَكتب حَاشِيَة من اول شرح الْمِفْتَاح للشريف الْجِرْجَانِيّ وادمج فِيهَا كَلِمَات ابيه الْمولى مصلح الدّين وَلم يتم وَشرح العوامل من المختصرات وَشرح ديباجة الْهِدَايَة وديباجة الطوالع وَله مُخْتَصر فِي علم النَّحْو على منوال مُخْتَصر الْبَيْضَاوِيّ وَكتب رسائل وحقق فِيهَا كثيرا من الْمسَائِل المشكلة والمباحث المعضلة وَبَقِي اكثرها فِي المسودة وَمَا تيَسّر تبييضه تنيف على خَمْسَة عشر مِنْهَا صُورَة الْخَلَاص فِي سُورَة الاخلاص الرسَالَة الجامعة لوصف الْعُلُوم النافعة مسالك الْخَلَاص فِي مهالك الْخَواص اجل الْمَوَاهِب فِي معرفَة وجوب الْوَاجِب نزهة الالحاظ فِي عدم وضع الالفاظ للالفاظ رِسَالَة التَّعْرِيف والاعلام فِي حل مشكلات الْحَد التَّام الْقَوَاعِد الحمليات فِي تَحْقِيق مبَاحث الكليات فتح الامر المغلق فِي مسئلة الْمَجْهُول الْمُطلق رِسَالَة فِي تَفْسِير آيَة الْوضُوء رِسَالَة فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى هُوَ الَّذِي خلق لَك مَا فِي الارض جَمِيعًا وَكَانَ رحمه الله ينظم الشّعْر الْعَرَبِيّ وَقد كتب الى بعض اصدقائه بعدعماه
…
سقيت بسيط الارض فِي كل سَاعَة
بدمع جدرى فِي ذكر خير الاحبة
وصفحة خدي كالوشاح الْمفصل
بقطر دموع بَين فانىء عِبْرَة
وعيني عقيق بياقوت مقلة
وإنسان عَيْني عنبر فَوق جَمْرَة
حرمت من الاحباب لَذَّة نظرة
فواحسرتا ان لم افق قبل موتتي
…