الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دولته مِقْدَار خمس سِنِين وَحضر جنَازَته فِي بَيته عَامَّة الْعلمَاء والوزراء وَنزل السُّلْطَان الى الْبَاب العالي واخذ باطراف نعشه الْوَزير الْكَبِير مُحَمَّد باشا وَسَائِر الوزراء والامراء الْحَاضِرين واتوا بجنازته الى جَامع السُّلْطَان سُلَيْمَان وَصلى عَلَيْهِ الْمُفْتِي ابو السُّعُود وَدفن بزاوية الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء بِمَدِينَة قسطنطينية وَفِي غَد ذَلِك الْيَوْم ورد الامر بِالزِّيَادَةِ على وظائف ابنائه وَتَعْيِين الْوَظَائِف لعدة من خُدَّامه مَا بَين رق وحر تنيف على خمسين نفسا ويروى انه رأى قبل مَرضه فِي مَنَامه كانه قَاعد فِي صدر مجْلِس حافل بِالنَّاسِ وهم مطرقون حوله وَظهر رجل على زِيّ الصُّوفِيَّة وَبِيَدِهِ عَصا فَلَمَّا قرب من الْمجْلس توجه اليه وخاطبه فَقَالَ قُم من مجلسك يَا سيىء الادب قَالَ فَلم الْتفت اليه فكرر الْخطاب ثَانِيًا فثالثا وكررت عدم الِالْتِفَات فهجم عَليّ وضربني بعصاه الَّتِي بِيَدِهِ ورفعني من مجلسي قهرا فَلَمَّا نجوت من يَده سَأَلت بعض الْحَاضِرين عَنهُ فَقَالُوا انه الشَّيْخ محيي الدّين الاسكليبي ابوه الْمُفْتِي ابو السُّعُود فانتبهت مذعورا فَوجدت فِي يَدي ثقلة وَلم يذهب الا ايام قَلَائِل حَتَّى هجمني هَذَا الْمَرَض وَلَعَلَّ السَّبَب فِي ذَلِك مَا وَقع بَينه وَبَين الْمُفْتِي الْمَزْبُور من المعاداة والمشاجرة بِسَبَب انه ظَهرت مِنْهُ اقوال الى تَخْفيف الْمُفْتِي الْمَزْبُور وازدرائه كَانَ رحمه الله فَاضلا ورعا دينا ذكيا قوي الطَّبْع صَحِيح الْفِكر اصيل الرَّأْي آيَة فِي التَّدْبِير وَالتَّصَرُّف الا ان فِيهِ التعصب الزَّائِد وَقد كتب رِسَالَة تشْتَمل على فنون خَمْسَة الحَدِيث وَالْفِقْه والمعاني وَالْكَلَام وَالْحكمَة وعملت لَهَا خطْبَة سنية تَتَضَمَّن غرر المدائح اولها الْحَمد لله على جميل عطائه وجزيل نعمائه الَّتِي تقاصرت صَحَائِف الايام دون احاطة آلائه وَلما وَقع نظره عَلَيْهَا وَقع فِي حيّز الِاسْتِحْسَان الا انه لم يحصل مِنْهُ طائل وَلم يفد عَنهُ اظهار الْفَضَائِل وَلَعَلَّ ذَلِك الحرمان الصَّرِيح من الاطراء الْوَاقِع فِي المديح
وَمِمَّنْ اشْتهر بفضله وعرفانه فاضحى مَقْصُودا لطلبة عصره واوانه الشَّيْخ رَمَضَان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والرضوان
كَانَ رحمه الله من بليدَة يزه من بِلَاد الرّوم فَخرج مِنْهَا فِي طلب المعارف والعلوم فاتصل الى مجَالِس السَّادة وتحرك فِي ميادين الطّلب على الطَّرِيقَة الْمُعْتَادَة
وَقَرَأَ على الْعَالم النحرير الْمولى مُحَمَّد الشهير بمرحبا ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى المسي سعد بن عِيسَى ثمَّ حبب لَهُ الْعُزْلَة والانقطاع فسلك مَسْلَك القناعة والانجماع وَرغب عَن قبُول المنصب وَاخْتَارَ خطابة جَامع احْمَد باشا فِي قَصَبَة جورلي فتقاعد فِي القصبة المزبورة واكب على الِاشْتِغَال والافادة من الْكتب الْمَشْهُورَة فَاجْتمع اليه الطّلبَة واهرعوا من الاماكن وَالْبِقَاع وانتفعوا بِهِ أَي انْتِفَاع وَكتب رحمه الله فِي اثناء درسه حَاشِيَة لَطِيفَة على حَوَاشِي الْمولى الخيالي على شرح العقائد للعلامة التَّفْتَازَانِيّ توافقها فِي الدقة والوجازة وَكتب ايضا حَاشِيَة على شرح المسعودية من آدَاب الْبَحْث وعلق حَوَاشِي على بعض الْمَوَاضِع من شرح المتاح للشريف الْجِرْجَانِيّ وَتُوفِّي رحمه الله فِي القصبة المزبورة سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة
وَكَانَ رحمه الله عَالما فَاضلا مدققا يذلل من الْعُلُوم صعابها ويكشف عَن وُجُوه مخدراتها حجابها وَيحل ببنان افكاره الصائبة عقد المشكلات وَيرْفَع بأيدي انظاره الثاقبة عقال المعضلات مواظبا على النّظر والافادة حَتَّى أفناه الدَّهْر واباده وَكَانَ رحمه الله ظريف الطَّبْع لذيذ الصُّحْبَة حُلْو المحاضرة ينظم الشّعْر على لِسَان التّرْك بابلغ النظام ويتمشى فِيهِ ببهشتى كَمَا هُوَ دأب شعراء الرّوم والاعجام وَقد عثر على كَلِمَات لَهُ علقها على مَوضِع من شرح كَافِيَة ابْن الْحَاجِب للفاضل الْهِنْدِيّ مِمَّا يمْتَحن بِهِ اذهان الطّلبَة فاثبتها فِي هَذَا الْمقَام وختمت بهَا ذَلِك الْكَلَام قَالَ قَالَ الشَّارِح والاسناد اليه أَي الى الِاسْم فورد ان قَوْله والاسناد اليه عطف على الْمُبْتَدَأ فَيكون حِينَئِذٍ فِي حكمه وَخَبره فِي حكم خَبره فالمآل اسناد الشَّيْء الى الِاسْم من خَواص الِاسْم فَهَذَا لَغْو من الْكَلَام واجاب عَنهُ بقوله وَالْحكم عَلَيْهِ أَي الاسناد اليه بالخصوص أَي بِكَوْنِهِ خَاصَّة الِاسْم بِاعْتِبَار الطبيعة النوعية للاسم المتناول للمسند والمسند اليه دون الصنفية وَهِي قسم الْمسند اليه (المستفادة) وصف للطبيعة الصنفية (وَمن اليه الْمُخْتَص بِهِ) وصف لقَوْله اليه وَضمير بِهِ رَاجع الى الصِّنْف وَالْجَار دَاخل على الْمَقْصُور وَمُلَخَّصه ان المُرَاد اسناد الشَّيْء الى صنف الِاسْم من خَواص نوع الِاسْم فَلَا