الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن العربي: لا يفعل هذا، وزعم أنه جهل من فاعله، وأخطأ في زعمه، بل الصواب استحبابه لما ذكرناه، وبالله التوفيق.
فصل: فيما إذا عطس يهودي
روينا في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله
ــ
من يبتديء عاطساً بالحمد يأمن من
…
شوص ولوص وعلوص كذا وردا
عنيت بالشوص داء الأذن ثم بما
…
يليه داء البطن والضرس اتبع رشدا
قوله: (وقال ابن العربي الخ) قال ابن القيم وظاهر السنة قول ابن العربي لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشمت الذي لم يحمد وهذا تعزير له وحرمان لبركة الدعاء لما حرم نفسه بركة الحمد فنسي الله فصرف قلوب المؤمنين وألسنتهم عن تشميته والدعاء له ولو كان تذكيره سنة لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بفعلها وتعليمها والإعانة عليها اهـ. وما استدل به من أنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر من لم يحمد يقال في جوابه ذلك الرجل كان كافراً كما سبق فلم يكن أهلاً لتذكير ما يستدعي دعاءه له صلى الله عليه وسلم ودعاء غيره من المؤمنين بالرحمة أما المؤمنون فكالبنيان بعضه بعضاً فلا بأس بالتذكير وإن ذكر وترك الحمد كان آية
عدم توفيقه وحرمانه فظهر أن المختار ما قاله المصنف وأنه بالشريعة الشريفة أنسب لما فيه من التعاون على البر والتقوى والدعاء إلى ذكر المولى والله أعلم.
فصل
قوله: (فيما إذا عطس يهودي) ومثله النصراني فلو قال: إذا عطس كتابي كان أولى ليعمهما وكأن الاقتصار في الذكر على اليهودي لكونه محل النص وغيره مقيس عليه. قوله: (روينا في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما) أي فأخرجه النسائي وابن السني في عمل اليوم والليلة والحاكم في المستدرك. قوله: (يتعاطسون) أي يطلبون العطسة من أنفسهم. قوله: (يرجون أن يقول لهم يرحمكم الله) قال العاقولي: هذا من خبث اليهود حتى في طلب الرحمة أرادوا حصولها لا عن منة وانقياد اهـ. وقال الطيبي ولعل هؤلاء هم الذين عرفوه حق معرفته لكن منعهم عن الإسلام
فيقول: يهديكم الله ويُصْلِحُ بالَكُمْ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
فصل: روينا في "مسند
ــ
إما التقليد أو حب الرياسة وعرفوا أن ما هم فيه مذموم فتحروا أن يهديهم الله تعالى ويزيل عنهم ذلك ببركة دعائه اهـ. وتعقب بأنهم كانوا يرجون دعاءه بالرحمة لا بالهداية على ما سبق وإلا فدعاؤه بالهداية في وقع لجميع أمة الدعوة في قوله: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ودعوته صلى الله عليه وسلم مستجابة وتخلف من مات على كفره للسابقة بذلك قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية اهـ. قوله: (فيقول يهديكم الله ويصلح بالكم) تعريض لهم بالإسلام أي اهتدوا وآمنوا يصلح الله بالكم اهـ.
فصل
قوله: (روينا الخ) قال السخاوي في المقاصد الحسنة حديث من حدث حديثاً فعطس عنده فهو حق. أبو يعلى من حديث بقية عن معاوية بن يحيى عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً وكذا أخرجه الطبراني والدارقطني في الأفراد بلفظ من حديث بحديث فعطس عنده فهو حق والبيهقي وقال إنه منكر عن أبي الزناد وقال غيره أنه باطل ولو كان سنده كالشمس ولكن قال النووي في فتاويه له أصل أصيل اهـ. وله شاهد عند الطبراني من حديث الخضر بن محمد بن شجاع عن غضيف بن سالم عن عمارة بن زادان عن ثابت عن أنس مرفوعاً أصدق الحديث ما عطس عنده وقال: لم يروه عن ثابت إلا عمارة تفرد به الخضر به معرفة الصحابة ومسند الديلمي كلاهما من جهة أبي رهم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعاً من سعادة المرء العطاس عند الدعاء اهـ. وقال السيوطي في اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة -بعد ذكر الحديث من تخريج ابن شاهين من حديث أبي هريرة من طريق بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ونقل قول ابن الجوزي فيه إنه باطل تفرد به معاوية بن أبي يحيى وليس بشيء وتابعه عبد الله بن جعفر المديني بن
علي عن أبي الزناد وعبد الله متروك- ما لفظه قلت أخرجه الحكيم الترمذي وأبو يعلي بن عدي والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان من طريق معاوية وقال البيهقي معاوية بن يحيى هو
أبي يعلى الموصلي" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَدَّثَ حَدِيثاً فَعَطَسَ عِنْدَهُ فَهُوَ حَقٌّ"
ــ
أبو مطيع الاطرابلسي فيما زعم ابن عدي وهو منكر عن أبي الزناد وذكر السيوطي حديث الخضر بن محمد بن شجاع عند الطبراني السابق ثم قال: وقال الحكيم الترمذي بسنده إلى عطاء عن عطاء قال: العطسة الواحدة شاهد عدل والعطستان شاهدان وما زاد فبحساب ذلك وقال الترمذي أيضاً بسنده إلى أبي السمعي عنه إن مما يسعد به العطاس عند الدعاء وأسنده الترمذي الحكيم بسند فيه مبهم عن الرويهب السلمي مرفوعاً الفأل مرسل والعطاس شاهد قال الحكيم الترمذي أي أن هذه الأشياء مما يرسلها الله تعالى حتى يستقبلك كالبشير قال: والعطسة تنفس الروح وتحببه إلى الله تعالى وقد صح من حديث أبي هريرة مرفوعاً إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب وأخرج عن أنس بن مالك قال: عطس عثمان بن عفان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عطسات متواليات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عثمان ألا أبشرك هذا جبريل يخبرني عن الله تعالى قال: ما من مؤمن يعطس ثلاث عطسات متواليات إلا كان الإيمان في قلبه ثابتاً قال الحكيم الترمذي للروح كشف غطاء عن الملكوت وذكر هنالك وإذا تحرك لذلك تنفس وهو عطاسه فإذا كان ذلك الوقت كان وقت حق يحقق الحديث ويستجاب فيه الدعاء اهـ. قال الحافظ السيوطي وسئل النووي عن هذا الذي يقوله النّاس عند الحديث إذا عطس الإنسان أنه تصديق المحدث هل له أصل فأجاب: نعم له أصل أصيل روى أبو يعلى في مسنده بإسناد جيد حسن عن أبي هريرة إلى آخر ما ذكر هنا في الأذكار انتهى ما في اللآليء المصنوعة. قوله: (أبو يعلى الموصلي) بفتح الياء المثناة التحتية وإسكان العين المهملة وفتح اللام والموصلي بفتح الميم وكسر الصاد نسبة للموصل اسم بلدة كذا في نسخة ربيع الأبرار وتقويم البلدان وفي القاموس الموصل كمجلس دار أو أرض بين العراق والجزيرة. قوله: (فعطس عنده) بصيغة المعلوم أي عطس المتكلم عند إخباره والذهبي في الميزان ضبطه بالبناء للمجهول فيعم عطاس المتكلم وغيره قال الطاهر
كل إسناده ثقات متقنون إلا بقية ابن الوليد فمختلف فيه، وأكثر الحفاظ والأئمة يحتجون بروايته عن الشاميين، وقد روي هذا الحديث عن معاوية بن يحيى الشامي.
فصل: إذا تثاءب، فالسُّنَّة أن يردَّه ما استطاع، للحديث الصحيح الذي قدمناه.
والسُّنَّة أن يضع يده على فيه، لما رويناه في "صحيح مسلم" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تَثَاءَبَ أحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بيَدِهِ على فَمِهِ، فإن الشيطانَ يَدْخُلُ".
قلت: وسواء كان التثاؤب في الصلاة أو خارجها، يستحب وضع اليد على الفم، وإنما يكره للمصلي وضع يده على فمه في الصلاة إذا لم تكن حاجة كالتثاؤب وشبهه، والله أعلم.
ــ
الأهدل وهو الأشبه. قوله: (كل إسناده ثقات متقنون الخ) قد علمت مما تقدم في كلام البيهقي أن معاوية بن يحيى عن أبي الزناد منكر وقال غيره: باطل. قوله: (إلا بقية بن الوليد فمختلف فيه الخ) قال الذهبي في الجزء الذي ألفه فيمن تكلم فيه من رواة الستة بما لم يؤثر في قبول حديثه: بقية بن الوليد الحمصي من أوعية العلم خرج عنه الأئمة الأربعة مختلف في الاحتجاج به وبعضهم قبله على كثرة مناكيره إذا قال: ثنا أو أنا فهو ثقة قلت: خرج له في الشواهد اهـ. ويتحصل من جملة كلام المصنف هنا وفي فتاويه أن الحديث من جملة المقبول الشامل للصحيح والحسن والله أعلم.
فصل
قوله: (إذا تثاءب فالسنة أن يرده الخ) أي بأن يدفعه بإطباق فمه عند تمكنه منه فإن غلبه وضع
يده على فيه وقال شيخ الإسلام زكريا في شرح البخاري قوله: إذا تثاءب أحدكم فليرده أي التثاؤب بأن يضع يده على فيه لئلا يبلغ الشيطان مراده من تشويه صورته ودخول فمه وضحكه منه اهـ. وينبغي حمل تفسير الرد بذلك على ما إذا لم يتمكن من دفع التثاؤب بإطباق الفم وإلا فهو أولى كما هو ظاهر لأنه أبلغ في إذهاب التثاؤب من أصله الذي هو محبوب للشيطان ثم