الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب جواز استحباب اللقب الذي يحبه صاحبه
فمن ذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه، اسمه عبد الله بن عثمان، لقبه عتيق، هذا هو
الصحيح الذي عليه جماهير العلماء من المحدثين وأهل السير والتواريخ وغيرهم. وقيل: اسمه عتيق، حكاه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في كتابه "الأطراف"، والصواب الأول، واتفق العلماء على أنه لقب خير. واختلفوا في سبب تسميته عتيقاً.
فروينا عن عائشة رضي الله عنها من أوجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أبُو بَكْرٍ عَتِيقُ اللهِ مِنَ النَّارِ" قال: فمن يومئذٍ سمي عتيقاً.
ــ
جواز ذلك عند الحاجة ومنه حديث أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه فإن هذا مما يكرهانه لكن الحاجة دعت إليه فذكره لذلك.
باب جواز استحباب اللقب الذي يحبه صاحبه
أي بشرط الأمن من المدح والإطراء كما تقدم عن الحافظ. قوله: (واسمه عبد الله) قيل سماه به أهله ابتداء وقيل بل سموه عبد الكعبة فسماه صلى الله عليه وسلم عبد الله حكاهما ابن الأثير. قوله: (ولقبه عتيق) وكذا لقب الصديق لقبه به النبي صلى الله عليه وسلم كما قاله الحافظ وغيره لما بادر لتصديقه في قصة الإسراء ولم يتوقف فيه
وقال: إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه في خبر السماء غدوة أو روحة وقال ابن النحوي في شرح البخاري ذكر ابن سعد أنه صلى الله عليه وسلم لما أسري به قال لجبريل أن قومي لا يصدقوني فقال له جبريل: يصدقك أبو بكر وهو الصديق وقال علي سماه الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم صديقاً قال أبو محجن الثقفي:
وسميت صديقاً وكل مهاجر
…
سواك يسمى باسمه غير منكر
سبقت إلى الإسلام والله شاهد
…
وكنت جليساً في العريش المشهر
قوله: (وقيل اسمه عتيق) حكاه في النهاية كذلك وقال العتيق الكريم الرابح من كل شيء. قوله: (فروينا عن عائشة الخ) في جامع الأصول عن عائشة قالت: دخل أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبشر فأنت عتيق الله من النار" فمن يومئذٍ سمي عتيقاً أخرجه الترمذي قلت: وأخرجه
وقال مصعب بن الزبير وغيره من أهل النسب: سمي عتيقاً لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به، وقيل غير ذلك، والله أعلم.
ومن ذلك أبو تراب لقب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكنيته أبو الحسن:
ثبت في الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجده نائماً في المسجد وعليه التراب، فقال: قُمْ أبا تُرَاب، قُمْ أبا تُراب" فلزمه هذا اللقب الحسن الجميل.
وروينا هذا في "صحيحي البخاري
ــ
في أسد الغابة كذلك وفي النهاية سماه النبي صلى الله عليه وسلم عتيقاً لما أسلم وعلى هذا فهو من العتق فمعنى عتيق أي معتوق من النار. قوله: (وقال مصعب بن الزبير) مصعب بضم الميم وسكون المهملة الأولى فتح الثانية بعدها والزبير هو ابن العوام رضي الله عنه. قوله: (وغيره من أهل النسب) قال في أسد الغابة قال الليث بن سعد وجماعة معه وقال الزبير بن بكار وجماعة معه: إنما قيل له عتيق لأنه لم يكن شيء في نسبه يعاب به وقال بعضهم: قيل له عتيق لحسن وجهه وجماله قلت وعلى هذين فهو مأخوذ من العتاقة بفتح العين بمعنى الحسن وقال ابن النحوي بعد أن ذكر ما تقدم من الأقوال وقيل لأنه قديم في الخير وكان له أخوان معتق وعتيق قالته عائشة فيما حكاه الزمخشري في ربيعه وقال أبو طلحة: سمي عتيقاً لأن أمه كان لا يعيش لها ولد فلما ولدته استقبلت به البيت ثم قالت: اللهم هذا عتيقك من الموت فهبه لي وقال ابن المعلى وكانت أمه إذا نقزته قالت:
عتيق ما عتيق
…
ذو المنظر الأنيق
رشفت منه ريق
…
كالزرنب العتيق
فائدة
من ألقاب الصديق الأواه فيما قاله إبراهيم النخعي وذو الخلال لعباءة كان يخلها على صدره كما في وشاح ابن دريد قال السهيلي وكان يلقب أمير السالكين فهذه خمسة ألقاب له. قوله: (ومن ذلك أبو تراب) أي ومن اللقب المحبوب أبو تراب لقب عين الأحباب أمير المومنين علي بن أبي
طالب، تقدم أن المراد باللقب في هذا المقام ما أشعر بضعة أو رفعه اسماً كان أو لقباً أو كنية أو غيرها. قوله:(وكنيته أبو الحسن) كني بأكبر أولاده رضي الله عنهما. قوله: (ثبت في الصحيح الخ)
ومسلم" عن سهل بن سعد، قال سهل: وكانت أحبُّ أسماء عليّ إليه، وإن كان ليفرح أن يدعى بها. هذا لفظ رواية البخاري.
ــ
أخرج الشيخان من حديث سهل بن سعد قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد علياً في البيت فقال: "أين ابن عمك فقال كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلن يقل عندي فقال صلى الله عليه وسلم لإنسان: "انظر أين هو" فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد فجاءه صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع وقد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب فجعل صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب قم أبا تراب قال في جامع الأصول رواه مسلم وأخرج هو والبخاري رواية أخرى قلت: أخرجه البخاري من حديث سهل بهذا اللفظ في باب نوم الرجال في المساجد وأخرجه في باب آخر من حديث سهل أيضاً قال: إن كانت أحب أسماء علي إليه لأبو تراب وإن كان ليفرح أن يدعى بها وما سماه أبو تراب إلا النبي صلى الله عليه وسلم غاضب يوماً فاطمة فخرج فاضطجع إلى الجدار في المسجد وجاءه صلى الله عليه وسلم يتتبعه فقيل هو ذا مضطجع إلى الجدار فجاءه أي النبي صلى الله عليه وسلم وامتلأ ظهره تراباً فجعل صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره ويقول: "اجلس يا أبا تراب" قال ابن النحوي في شرح البخاري وروى عمار أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك لعلي في غزوة العشيرة رواه ابن إسحاق في السيرة والبخاري في التاريخ وأعله بالانقطاع وأما الحاكم فصححه قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أنه عليه الصلاة والسلام إنما سماه بذلك لأنه كان إذا عتب على فاطمة في شيء أخذ تراباً فيضعه على رأسه فكان عليه الصلاة والسلام إذا رأى التراب عرف أنه عاتب على فاطمة فيقول ما لك: يا أبا تراب فالله أعلم أي ذلك كان، وروى أو محمد المنذري في معجمه من حديث حفص بن جميع حدثنا سماك عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما آخى بين النّاس لم يؤاخ بين علي وبين أحد حتى أتى كثيب رمل فنام عليه فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "قم يا أبا تراب أغضبت إني لم أؤاخ بينك وبين أحد" قال: نعم قال: أنت أخي وأنا أخوك اهـ. ما ذكره ابن النحوي. قوله: (هذا لفظ البخاري) وسبق أنه كذلك عند مسلم ولعل التفاوت الذي أشار إليه تقديم قول سهل وكانت أحب أسماء علي إليه على الحديث وتأخيره عنه فالأول عند مسلم كما نقله في جامع الأصول والثاني عند المصنف كما ذكره المصنف هنا. قوله: