الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا أبا أيوب لا يكن بك السوء وروينا فيه عن عبد الله بن بكر الباهلي قال: أخذ عمر رضي الله عنه من لحية رجل أو رأسه شيئاً، فقال الرجل: صرف الله عنك السوء، فقال عمر رضي الله عنه: صُرِفَ عنا السوءُ منذ أسلمنا، ولكن إذا أُخِذَ عنك شيء فقل: أخَذَتْ يداك خيراً.
باب ما يقول إذا رأى الباكورة من الثمر
ــ
الأقرب تعددها".
قوله: (لا يكن بك السوء) أي لا يوجد بك السوء لتنحيتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نحيت ولا دعائية والفعل بعدها مجزوم بها وتكرار الدعاء اهتماماً بشأن أبي أيوب والسوء ما يسوء الإنسان في نفسه أو أهله أو ماله فهو دعاء له بصرف كل سوء بنا على أن أل في السوء للاستغراق أو لصرف حقيقة السوء المنتفي بانتفائها كل ما يطلق عليه أنه سوء بناء على أن أل للجنس والله أعلم. قوله: (صرف الله عنك السوء) أي الكفر والعصيان الذي هو سوء الحال والمآكل وأما سائر ما يراه الإنسان من الامتحان في البدن أو الأهل أو المال فليس من السوء لأنه من نعمة المولى بعبده إذ يترقى به إلى المنازل العلا إن صبر على البلا فإن رضي به كان أسنى مقاماً وأعلى إنما السوء ما يؤول بالعبد إلى غضب الجبار وهو الإشراك بالله والعياذ بالله ومعاصيه وقد صرف ذلك عن المؤمنين بالإيمان فالدعاء به تحصيل الحاصل. قوله: (أخذت يداك خيراً) أي ثواباً لتنحية الأذى عن المؤمنين.
باب ما يقول إذا رأى الباكورة من الثمر
الباكورة بوزن فاعولة قال في النهاية أول كل شيء باكورته يقال: ابتكر الرجل إذا أكل باكورة الفواكه اهـ، والثمر بالمثناة وإسكان الميم ثمر النخل ويحتمل أن يقرأ بالمثلثة والميم المفتوحتين فيشمل سائر الثمار وهذا أنسب بإدخال المصنف حديث
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذه الصفحة انتقلت في المطبوعة إلى ص 333
روينا في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النّاس إذا رأوْا أوَّل الثمر جاؤوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللَّهُمَّ بارِكْ لنا في ثَمرنا، وبارِكْ لنا في مَدِينَتِنا، وبارِك لنا في صاعِنا، وبارِك لنا في مُدِّنا،
ــ
ابن السني في الباب الشامل لباكورة كل الثمار.
قوله: (روينا في صحيح مسلم) وكذا رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن السني في عمل اليوم والليلة. قوله: (كان النّاس إذا رأوا أول التمر جاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم) قال العلماء كانوا يفعلون ذلك رغبة في دعائه في التمر والمدينة والصاع والمد وإعلاماً له صلى الله عليه وسلم بابتداء صلاحها لما يتعلق بها من
الزكاة وغيرها وتوجيه الخارص كذا قال المصنف في شرح مسلم وهو يقتضي أنه التمر بالمثناة إذ الذي تجب فيه الزكاة من ثمر المدينة يومئذٍ ويتوجه له الخارص هو التمر لا غير وضبطه بعض شراح الشمائل بالمثلثة والميم المفتوحتين وظاهر أن المراد منه تمر النخل لأنه الذي كان حينئذ بالمدينة والباء في به للتعدية وفي الحديث أنه يستحب الإتيان بالباكورة لأكبر القوم علماً وعملاً. قوله: (اللهم بارك بنا في تمرنا) أي بالنمو والحفظ من الآفات. قوله: (وبارك لنا في مدينتنا) أي بكثرة الأرزاق وبقائها على أصلها وإقامة شعائر الإسلام فيها وإظهاره على غاية لا توجد في غيرها. قوله: (في صاعنا وبارك لنا في مدنا) بضم الميم وتشديد المهملة قال القاضي عياض: يحتمل أن تكون هذه البركة دنيوية بحيث يكفي المكيال فيها من لا يكفيهم إضعافه في غيرها وقد استجاب الله دعاءه صلى الله عليه وسلم كما هو محسوس فالبركة بمعنى الزيادة في نفس مكيالها ويحتمل أنها آثاره الدينية بمعنى دوام أحكامه المتعلقة به في نحو الزكاة والكفارة فتكون البركة بمعنى الثبات والبقاء لها كبقاء الحكم ببقاء الشريعة ودوامها ويجوز أن يراد بالبركة في الكيل البركة في التصرف به بنحو تجارة حتى يزداد الربح ويتسع عيش أهلها أو إلى كثرة ما يكال بها من غلات المدينة وثمارها ويجوز أن تكون الزيادة فيما يكال بها لاتساع عيشهم وسعته بعد ضيقه لما فتح الله عليهم ووسع من فضله لهم
ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك الثمر".
وفي رواية لمسلم أيضاً "بَرَكَةَ مع بركة، ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان".
وفي رواية الترمذي "أصغر وليد يراه".
وفي رواية لابن السني عن أبي هريرة رضي الله
ــ
وملكهم من بلاد الخصب والريف بالشام والعراق ومصر حتى كثر الحمل إلى المدينة واتسع عيشهم حتى صارت هذه البركة في نفس الكيل فزاد مدهم فصار هاشمياً مثل مد النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أو مرة ونصفاً اهـ، ولا مانع من إرادة إحاطة البركة بالكل وقدم الثمار قضاء لحق المقام إذ هو مستدع لذلك ثم ذكر الصاع والمد اهتماماً بشأنهما ففي كلامه إجمال بعد تفصيل وتفصيل بعد إجمال وهو من اللطائف، والصاع مكيال معروفة وصاع المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي بالمدينة المشار إليه هنا أربعة أمداد وذلك خمسة أرطال وثلث بالبغدادي وقول الحنفية ثمانية أرطال منع بأن الزيادة عرف طار على عرف الشرع لما روي أن أبا يوسف اجتمع لما حج مع الرشيد بمالك بالمدينة فقال أبو يوسف: الصاع ثمانية أرطال فقال مالك: خمسة وثلث فأحضر مالك جماعة شهدوا بقوله فرجع أبو يوسف والمد رطل وثلث. قوله: (يدعو) أي ينادي. قوله: (أصغر وليد) بفتح الواو وكسر اللام أي المولود والمراد أن يدعو أصغر طفل فيعطيه ذلك التمر لشدة فرح الولدان وكثرة رغبتهم وشدة تلفتهم وتطلعهم للباكورة أو لكمال المناسبة بينهم وبين الباكورة في قرب عهدها بالإبداع وإنما لم يأكل منه قمعاً للشره الموجب لتناوله وكسراً للشهوة المقتضية لذوقه وإشارة إلى أن النفوس الزكية والأخلاق المرضية لا تتشوف إلى شيء من أنواع الباكورة إلا بعد عموم الوجود فيقدر كل أحد على تحصيله وفيه أن الآخذ للباكورة يسن أن يدعو بهذا الدعاء وإن وقت رؤية الباكورة مظنة إجابة الدعاء، ثم التقييد يكون الوليد له صلى الله عليه وسلم عند مسلم في رواية
وليس هو عند غيره وحينئذٍ فيحتمل أن يقضي بما في مسلم على ما في غيره لأن المطلق يحمل على المقيد ويحتمل تأويل رواية مسلم لهذه بأن معنى كونه له أنه منتسب إليه