الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يقوله عند القيام من المجلس
روينا في كتاب الترمذي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال
ــ
الشيطان عادته وفعله كأن للشيطان إعانة عليه وتنفيذ له وكانت النار تطلب بطبعها العلو والفساد وهذان الأمران وهما العلو والفساد هدى الشيطان وإليهما يدعو وبهما يهلك في آدم فالنار والشيطان كل منهما يريد العلو في الأرض والفساد، وكبرياء الله عز وجل يقمع الشيطان وفعله فلذا كان تكبير الله عز وجل له أثر في إطفاء الحريق فإن كبرياء الله عز وجل لا يقوم لها شيء فإذا كبر المسلم ربه أثر تكبيره في خمود النار وخمود الشيطان التي هي مادته فطفئ الحريق وقد جربنا نحن وغيرنا هذا فوجدناه كذلك والله أعلم اهـ.
باب ما يقول عند القيام من المجلس
بفتح الميم وكسر اللام اسم مكان أي من مكان جلوسه. قوله: (روينا في كتاب الترمذي الخ) قال في السلاح رواه أبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وابن حبان في صحيحيهما وقال الترمذي واللفظ له حسن صحيح غريب من هذا الوجه ورواه النسائي والحاكم في المستدرك من طرق: منها عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس مجلساً أو صلى صلاة تكلم بكلمات فسألته عائشة عن
الكلمات فقال: "إن تكلم بخير كان طابعاً عليهن إلى يوم القيامة وإن تكلم بغير ذلك كان كفارة له" وذكر الحديث هذا لفظ النسائي وله في رواية عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلس يكثر أن يقول سبحانك فذكره في أوله من طريق آخر سبحان الله وبحمده اهـ، وكذا روى هذا الذكر الطبراني من حديث ابن عمر وجبير بن مطعم ورواه ابن أبي شيبة عن أبي برزة الأسلمي كما نقله في الحرز عن ميرك وسبق في الأذكار بعد السلام في كتاب الحافظ عن الطبراني من مرسل الشعبي قال: قال صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَلَسَ في مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فقالَ قَبلَ أنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذلِكَ: سُبحانَكَ اللهُم وبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَاّ أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إلَيْكَ، إلَاّ غُفِرَ لَهُ ما كانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروينا في سنن أبي داود وغيره عن أبي برزة رضي الله عنه واسمه نضلة
ــ
حين يريد أن يقوم: سبحان ربك الخ". قوله: (وكثر فيه لغطه) لغط بفتح اللام والغين المعجمة وبالطاء المهملة وهو كما في النهاية صوت وضجة لا يفهم معناها اهـ، والمراد منه هنا اللام القريب من الهذيان وهو ما لا طائل تحته لمشابهته من حيث إن ذاك عري عن المعنى وهذا قريب منه ومثل الهذيان بل أولى منه ما يقع في المجلس من غيبة أو نميمة أو نحوها من آفات الاجتماع. قوله:(سبحانك اللهم وبحمدك) من الكلام على هذه الجملة مراراً قال الطيبي: قوله: اللهم معترض لأن قوله: وبحمدك متصل بما قبله إما بالعطف أي أسبحك وأحمدك أو بالحال أي أسبح حامداً لك قال ابن حجر في شرح المشكاة: ينبغي ألا يذكر هذا الذكر أي المشتمل على قوله: أستغفرك وأتوب إليك إلا بعد أن توجد منه توبة صحيحة مما هو فيه من المعاصي أما المقيم على المعصية القائل ذلك فهو قولها ذب بين يدي الله تعالى فربما يخشى عليه من المقت فليتنبه له فإنه كثيراً ما يغفل عنه اهـ، وتقدم كلام في هذا المعنى في الذكر عقب الوضوء وحاصله أنه يأتي بهذا الذكر وإن لم يكن متلبساً بها لأن الجملة خبر بمعنى الإنشاء أي أسألك أن تتوب عليّ أو باق على خبريته والمعنى فيه أني بصورة التائب الخاضع الذليل.
قوله: (وروينا في سنن أبي داود عن أبي برزة الأسلمي الخ) وكذا رواه من حديثه ابن أبي شيبة كما تقدم نقله في تخريج الحديث قبله. قوله: (واسمه نضلة) أي بفتح النون وسكون الضاد المعجمة وقد اختلف في اسمه واسم أبيه وهذا الذي قاله المصنف في اسمه هو أصح ما قيل فيه واسم أبيه على الأصح عدي بن عبيد قاله أحمد بن حنبل وابن معين وقيل: نضلة بن عبد الله ويقال: ابن عايد
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأخَرة إذا أراد أن يقوم من المجلس: "سُبْحَانَكَ اللهم وَبحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ أنتَ، أستغْفرُكَ، وأتُوبُ إلَيْكَ"، فقال رجل: يا رسول الله إنك لتقَول قولاً ما كنتَ
تقوله فيما مضى، قال:"ذلكَ كَفَارَةٌ لِمَا يَكُونُ في المَجْلِسِ" ورواه الحاكم في "المستدرك" من رواية عائشة رضي الله عنها وقال: صحيح الإسناد.
قلت: قوله: بأخرة، هو بهمزة مقصورة مفتوحة وبفتح الخاء، ومعناه: في آخر الأمر.
وروينا في "حلية الأولياء" عن علي رضي الله عنه قال: من أحبَّ أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقل في آخر مجلسه
ــ
وقال الخطيب عن الهيثم اسم أبي برزة خالد بن نضلة وقيل: اسمه عبد الله بن نضلة بن عبيد وقيل: غير ذلك سبق ذكر ترجمته في كتاب. قوله: (بأخرة) هو بالهمزة المقصورة والمعجمة والراء المفتوحات آخره تاء قال في النهاية أي في آخر جلوسه ويجوز أن يكون في آخر عمره اهـ، وقول الشيخ معناه في آخر الأمر مراده هذا معنى لفظ الآخرة لا في خصوص هذا الحديث أو يراد من آخر الأمر، الأمر الحاصل منه في ذلك المجلس أي آخر شؤونه وأحواله في مجلسه هذا الذكر والله أعلم. قوله: (فقال
رجل) في رواية للنسائي والحاكم عن عائشة نحوه وأنها سألته عن ذلك وتقدم في كلام السلاح ذكر ذلك. قوله: (وروينا في حليلة الأولياء) بكسر الحاء المهملة وسكون اللام وفتح التحتية وفي الدر المنثور للسيوطي كما رأيت بخط شيخي العلامة عبد الرحيم الحساني نقلاً عنه أخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقل في آخر مجلسه: سبحان ربك رب العزة عما يصفون الخ" فأورده مرفوعاً مرسلاً والله أعلم، وقال القرطبي في التذكار في فضل الأذكار وابن الشعبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره الخ" ذكره الثعلبي من حديث علي رضي الله عنه مرفوعاً اهـ. قوله: (من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى) قال ابن حجر الهيتمي في الدر المنضود المكيال الأوفى كناية عن كثرة الثواب إذ التقدير به يغلب في الكثير وبالوزن يغلب في القليل وأكد ذلك بقوله: