الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يقول من دُعي إلى حكم الله تعالى
ينبغي لمن قال له غيره: بيني وبينك كتابُ الله أو سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أقوال علماء المسلمين، أو نحو ذلك، أو قال: اذهب معي إلى حاكم المسلمين، أو المفتي لفصل الخصومة التي بيننا، وما أشبه ذلك، أن يقول: سمعنا وأطعنا، أو سمعاً وطاعةً، أو نعم وكرامةً، أو شِبْه ذلك، قال الله تعالى:{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)} [النور: 51].
ــ
باب ما يقول من دعي إلى حكم الله تعالى
قوله: (ينبغي) أي يطلب على سبيل الندب وقوله: "أن يقول سمعنا وأطعنا الخ" فاعل ينبغي. قوله: (بيني وبينك) أي وصل بيني وبينك (كتاب الله) أي ما فيه من الأحكام فكتاب مبتدأ خبره ما قبله. قوله: (أو نحو ذلك) من المسألة المستنبطة من النص أو بطريق القياس له على غير المنصوص عليه. قوله: (ليفصل الخصومة) أي الحاكم بالإلزم والمفتي بتبيين حكم الله في ذلك. قوله: (أو شبه ذلك) أي من الألفاظ الدالة على كمال الانقياد والطاعة للحق الذي دعي إليه. قوله: (إنما كان قول المؤمنين) بالرفع. قوله: (سمعنا) أي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (وأطعنا) أمره وإن كان ذلك مما تكرهه الأنفس، أي علامة الإيمان وشأن أهله تقديم طاعة الله تعالى على هوى النفس وإن كان مشقاً عليها قال صلى الله عليه وسلم:"لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به" قال الحافظ السيوطي في الإكليل في الآيات: وجوب الحضور على من دعي لحكم الشرع وتحريم الامتناع واستحباب أن يقول: سمعنا
فصل: ينبغي لمن خاصمه غيرُه أو نازعه في أمر فقال له: اتَّقِ الله تعالى، أو خَفِ الله تعالى أو راقب الله، أو اعلم أن الله تعالى مطلع عليك، أو اعلم أن ما تقوله يكتب عليك وتحاسب عليه، أو قال له: قال الله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} [آل عمران: 30]، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] أو نحو ذلك من الآيات، وما أشبه ذلك من الألفاظ، أن يتأدَّب ويقول: سمعاً وطاعةً، أو أسأل الله تعالى التوفيقَ لذلك أو أسأل
الله الكريمَ لطفَه، ثم يتلطَّفُ في مخاطبة من قال له ذلك، وليحذرْ كل الحذر مِنْ تساهله عند
ــ
وأطعنا اهـ.
فصل
قوله: (راقب الله) أي اعمل عمل من يرى أن ربه ناظر إليه ومن كان من أهل ذلك الشهود منعه ذلك العصيان بحول الله وبه المستعان. قوله: (أو اعلم أن الله مطلع عليك) اعلم بصيغة الأمر خطاباً للخصم قال تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} فإذا كان كذلك فليحذر من وبال العصيان والمخالفة. قوله: (اعلم أن ما نقوله يكتب عليك وتحاسب عليه) قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ثم إن نوقش الإنسان الحساب هلك وإن تداركه ربه برحمته أدخله في جنته. قوله: (من الآيات) أي الدالة على الحساب في المآب والجزاء بالأعمال الحسنة والسيئة مثلاً بمثل وكما قيل: النّاس مجزيون بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر نعم إن تفضل المنان عفا عن السيئات وتفضل بالإحسان. قوله: (إن يتأدب) أي بأن يأتي بما
يدل على انقياده لحكم الله وإيمانه بذلك وتسليمه لما هنالك ويسأل التوفيق للقيام بحق هذه المسالك. قوله: (أو أسأل الله الكريم لطفه) أي إرادته الخير بنا في المآل وإسباغ الفضل علينا في كل حال فعند ذلك يظفر العبد بأسنى الأحوال. قوله: (وينبغي أن يتلطف في مخاطبة من قال له ذلك) أي يتلطف معه بالقول أو بالفعل وفي النهر لأبي حيان وقف يهودي لهارون الرشيد فقال: اتق الله يا أمير المؤمنين فنزل عن دابته وخر