المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الحث على المشاورة - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٦

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌باب تشميت العاطس وحكم التثاؤب

- ‌فصل: فيما إذا عطس يهودي

- ‌باب المدح

- ‌فائدة

- ‌باب مدح الإنسان نفسه وذكر محاسنه

- ‌باب في مسائل تتعلق بما تقدم

- ‌كتاب أذكار النكاح وما يتعلق به

- ‌باب ما يقوله من جاء يخطب امرأة من أهلها لنفسه أو لغيره

- ‌باب عرض الرجل بنته وغيرها ممن إليه تزويجها على أهل الفضل والخير ليتزوجوها

- ‌باب ما يقوله عند عقد النكاح

- ‌باب ما يقال للزوج بعد عقد النكاح

- ‌فصل "يكره أن يقال للمتزوج بالرفاء والبنين لما قدمناه في كتاب النكاح" اه

- ‌باب ما يقول الزوج إذا دخلت عليه امرأته ليلة الزفاف

- ‌باب ما يقال للرجل بعد دخول أهله عليه

- ‌باب ما يقوله عند الجماع

- ‌باب ملاعبة الرجل امرأته وممازحته لها ولطف عبارته معها

- ‌باب بيان أدب الزوج مع أصهاره في الكلام

- ‌باب ما يقال عند الولادة وتألم المرأة بذلك

- ‌باب الأذان في أذن المولود

- ‌باب الدعاء عند تحنيك الطفل

- ‌كتاب الأسماء

- ‌باب تسمية المولود

- ‌باب تسمية السقط

- ‌باب استحباب تحسين الاسم

- ‌باب بيان أحبِّ الأسماء إلى الله عز وجل

- ‌تتمة

- ‌باب استحباب التهنئة وجواب المهنَّأ

- ‌باب النهي عن التسمية بالأسماء المكروهة

- ‌باب ذكر الإنسان من يتبعه من ولد أو غلام أو متعلم أو نحوهم باسم قبيح ليؤدِّبه ويزجره عن القبيح ويروِّض نفسه

- ‌باب نداء من لا يعرف اسمه

- ‌باب نهي الولد والمتعلم والتلميذ أن ينادي أباه ومعلمه وشيخه باسمه

- ‌باب استحباب تغيير الاسم إلي أحسن منه

- ‌باب جواز ترخيم الاسم إذا لم يتأذَّ بذلك صاحبه

- ‌باب النهي عن الألقاب التي يكرهها صاحبها

- ‌باب جواز استحباب اللقب الذي يحبه صاحبه

- ‌باب جواز الكنى واستحباب مخاطبة أهل الفضل بها

- ‌باب كنية الرجل بأكبر أولاده

- ‌باب كنية الرجل الذي له أولاد بغير أولاده

- ‌باب كنية من لم يولد له وكنية الصغير

- ‌باب النهي عن التكني بأبي القاسم

- ‌باب جواز تكنية الكافر والمبتدع والفاسق إذا كان لا يعرف إلا بها أو خيف من ذكره باسمه فنتة

- ‌باب جواز تكنية الرجل بأبي فلانة وأبي فلان والمرأة بأم فلان وأم فلانة

- ‌كتاب الأذكار المتفرقة

- ‌باب استحباب حمد الله تعالى والثناء عليه عند البشارة بما يسرّه

- ‌باب ما يقول إذا سمع صياح الديك ونهيق الحمار ونباح الكلب

- ‌باب ما يقوله إذا رأى الحريق

- ‌باب ما يقوله عند القيام من المجلس

- ‌باب دعاء الجالس في جمع لنفسه ومن معه

- ‌باب كراهة القيام من المجلس قبل أن يذكر الله تعالى

- ‌باب الذكر في الطريق

- ‌باب ما يقول إذا غضب

- ‌باب استحباب إعلام الرجل من يحبه أنه يحبه وما يقوله له إذا أعلمه

- ‌باب ما يقول إذا رأى مُبتلى بمرضٍ أو غيره

- ‌باب استحباب حمد الله تعالى للمسؤول عن حاله وحال محبوبه مع جوابه إذا كان في جوابه إخبار بطيب حاله

- ‌باب ما يقول إذا دخل السوق

- ‌باب استحباب قول الإنسان لمن تزوَّج تزوجاً مستحباً، أو اشترى أو فعل فعلاً يستحسنه الشرع: أصبت أو أحسنت ونحوه

- ‌باب ما يقول إذا نظر في المرآة

- ‌باب ما يقول عند الحجامة

- ‌باب ما يقول إذا طنَّت أذنه

- ‌باب ما يقوله إذا خدرت رجله

- ‌باب جوازه دعاء الإنسان على من ظلم المسلمين أو ظلمه وحده

- ‌باب التبرِّي من أهل البدع والمعاصي

- ‌باب ما يقوله إذا شرع في إزالة منكر

- ‌باب ما يقول من كان في لسانه فحش

- ‌باب ما يقوله إذا عثرت دابته

- ‌باب بيان أنه يستحبُّ لكبير البلد إذا مات الوالي أن يخطب النَّاس ويعظهم ويأمرهم بالصبر والثبات على ما كانوا عليه

- ‌باب دعاء الإنسان لمن صنع معروفاً إليه أو إلى النَّاس كلهم أو بعضهم، والثناء عليه وتحريضه على ذلك

- ‌باب استحباب مكافأة المهدي بالدعاء للمهدى له إذا دعا له عند الهدية

- ‌باب استحباب اعتذار من أهديت إليه هدية فردَّها لمعنى شرعي بأن يكون قاضياً أو والياً أو كان فيها شبهة أو كان له عذر غير ذلك

- ‌باب ما يقول لمن أزال عنه أذى

- ‌باب ما يقول إذا رأى الباكورة من الثمر

- ‌باب استحباب الاقتصاد في الموعظة والعلم

- ‌باب فضل الدلالة على الخير والحث عليها

- ‌باب حثّ من سُئل علماً لا يعلمه ويعلم أن غيره يعرفه على أن يدله عليه

- ‌باب ما يقول من دُعي إلى حكم الله تعالى

- ‌باب الإعراض عن الجاهلين

- ‌باب وعظ الإنسان من هو أجلّ منه

- ‌باب الأمر بالوفاء بالعهد والوعد

- ‌باب استحباب دعاء الإنسان لمن عرض عليه ماله أو غيره

- ‌باب ما يقوله المسلم للذمي إذا فعل به معروفاً

- ‌باب ما يقوله إذا رأى من نفسه أو ولده أو ماله أو غير ذلك شيئاً فأعجبه وخاف أن يصيبه بعينه أو يتضرَّر بذلك

- ‌باب ما يقول إذا رأى ما يحبُّ وما يكره

- ‌باب ما يقول إذا نظر إلى السماء

- ‌باب ما يقول إذا تطيَّر بشيء

- ‌باب ما يقول عند دخول الحمام

- ‌باب ما يقول إذا اشترى غلاماً أو جارية أو دابة، وما يقوله إذا قضى دَيناً

- ‌باب ما يقول من لا يثبت على الخيل ويدعى له به

- ‌باب نهي العالِمِ وغيره أن يحدّث النَّاس بما لا يفهمونه، أو يخاف عليهم من تحريف معناه وحمله على خلاف المراد

- ‌باب استنصات العالم والواعظ حاضري مجلسه ليتوفروا على استماعه

- ‌باب ما يقوله الرجل المقتدى به إذا فعل شيئاً في ظاهره مخالفة للصواب مع أنه صواب

- ‌باب ما يقوله التابع للمتبوع إذا فعل ذلك أو نحوه

- ‌باب الحث على المشاورة

- ‌باب الحثِّ على طيب الكلام

- ‌باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب

- ‌باب المزاح

- ‌باب الشفاعة

- ‌باب استحباب التبشير والتهنئة

- ‌باب جواز التعجب بلفظ التسبيح والتهليل ونحوهما

- ‌باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌كتاب حفظ اللسان

- ‌باب تحريم الغيبة والنميمة

- ‌باب بيان مهمات تتعلق بحدِّ الغيبة

- ‌باب بيان ما يدفع به الغيبة عن نفسه

الفصل: ‌باب الحث على المشاورة

‌باب الحث على المشاورة

قال الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159] والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة مشهورة، وتغني هذه الآية الكريمة عن كل شيء، فإنه إذا أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه نصاً

جلياً نبيَّه صلى الله عليه وسلم بالمشاورة مع أنه أكمل الخلق، فما الظنُّ بغيره؟ .

واعلم أنه يستحبُّ لمن همَّ بأمر أن يشاور فيه من يثق بدِينه

ــ

باب الحث على المشاورة

أي الحض على الاستضاءة برأي الغير فيما يريد الإنسان فعله. قوله: (وشاورهم في الأمر) في ذلك دليل على المشاورة وتحرير الرأي وتنقيحه والفكر فيه وإن ذلك مطلوب شرعاً وأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورتهم تطييباً لخواطرهم وتنبيهاً على رضاه صلى الله عليه وسلم حيث جعلهم أهلاً للمشاورة إيذاناً بأنهم أهل المحبة الصادقة والمناصحة إذ لا يستشير الإنسان إلا من كان فيه المودة والعقل والتجربة، ومنهج العرب وعادتها الاستشارة في الأمور وإذا لم يشاور أحداً منهم حصل في نفسه شيء ولذا عز على علي وأهل البيت كونهم استبد عليهم بترك المشاورة في خلافة أبي بكر، وفي أمره صلى الله عليه وسلم بالمشاورة التشريع للأمة ليقتدوا به في ذلك قال ابن عطية الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب وهذا مما لا خلاف فيه والمستشار في الدين عالم دين وقلماً يكون ذلك إلا في عاقل اهـ، لفظه وفيه بعض تلخيص. قوله:(وتغني هذه الآية) أي للأمر فيها للنبي

صلى الله عليه وسلم مع كماله وزيادة فضله بالمشاورة فغيره بالأولى. قوله: (نصّاً جليّاً) وصف توضيحي ونصبه إما بنزع الخافض أو على الحال أو وصف للمصدر أي أمر نبيه بالمشاورة أمراً نصاً جلياً. قوله: (مع أنه أكمل الخلق) أي عقلاً ورأياً وعلماً وفي سائر أنواع الكمال. قوله: (لمن هم بأمر) أي خطر بخاطره وأراد فعله. قوله: (بدينه) إذ من لا دين له لا وثوق برأيه فقد يحمله هواه مع عدم دينه على الإرشاد بما فيه الضرر.

ص: 290

وخِبْرته وحِذْقه ونصيحته وورَعه وشفقته. ويستحبُّ أن يشاور جماعة بالصفة المذكورة ويستكثر منهم، ويعرفهم مقصوده من ذلك الأمر، ويبين لهم ما فيه من مصلحة ومفسدة إن علم شيئاً من ذلك، ويتأكدُ الأمر بالمشاورة في حق وُلاة الأمور العامة، كالسلطان، والقاضي، ونحوهما، والأحاديث الصحيحة في مشاورة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصحابَه ورجوعَه إلى أقوالهم كثيرة مشهورة،

ــ

قوله: (وخبرته) بضم المعجمة وسكون الموحدة أي معرفته لبواطن الأمور إذ من لا معرفة له بالشيء لا يظهر خيره من غيره. قوله: (وصدقه) أي في نفسه فإن من كان بخلاف ذلك ربما حمله طلب استمالة الخواطر إلى الإشارة بما الخير في نفس الأمر بخلافه. قوله: (ونصيحته) أي لمن استشار مطلقاً أوله بخصوصه والأول أكمل فإن من يوثق بنصيحته النفس لقوله أسكن. قوله: (وورعه) أي ليمنعه الورع من الإشارة بخلاف ما يتبع. قوله: (وشفقته) أي على جميع الخلق أو عليه بخصوصه والأول أكمل لكون شفقة أشمل. قوله: (ويستحب أن يشاور جماعة) أي ليقوي سكون قلبه لذلك الفعل لما اتفق عليه القوم من الإشارة به وإذا اختلف المشيرون عليه قدم رأي ذي الدين والورع والنصح الخير على غيره. قوله: (ويبين لهم ما فيه من مصلحة ومفسدة إن علم شيئاً من ذلك) أي ليزداد الخبير بها بذكر ذلك معرفة إلى معرفته وتحصل به الخبرة لغيره. قوله: (ويتأكد الأمر بالمشاورة في حق ولاة الأمور) أي لأن أمورهم تعود على العباد صلاحاً وفساداً. قوله: (والأحاديث الصحيحة في مشاورات عمر بن الخطاب أصحابه ورجوعه إلى قولهم كثيرة مشهورة) من ذلك ما في صحيح البخاري لما أراد الذهاب إلى الشام فأخبر بالوباء فاستشار الصحابة في القدوم إلى الشام مع الوباء والرجوع عنها لذلك فأشار الأكثرون بالعود فعاد ثم جاء عبد الرحمن بن عوف وروى في ذلك خبراً مرفوعاً

ص: 291

ثم فائدة المشاورة القبول من المستشار إذا كان بالصفة المذكورة، ولم تظهر المفسدة فيما أشار به، وعلى المستشار بذلُ الوسع في النصيحة وإعمالُ الفكر في ذلك.

فقد روينا في "صحيح مسلم" عن تميم الداري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ"، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "للهِ وكتَابِهِ وَرَسُولِهِ وأئمةِ المُسْلِمِينَ وعَامَّتِهِمْ".

وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المُسْتَشارُ مُؤْتَمَنٌ".

ــ

فيه النهي عن القدوم على الأرض الوبيئة ومنها ما في. قوله: (ثم فائدة المشاورة القبول الخ) فإن المشير إذا علم العمل بإشارته وكان موصوفاً بما تقدم زاد في محض النصح وحسن الإشارة بخلاف ما إذا توهم إن ذلك لمجرد استبانة الرأي من غير عمل ربما حمله ذلك على التساهل في الأمر لكونه لا يخشى ترتب شيء على ما أشار به. قوله: (وعلى المستشار بذل الوسع) بضم الواو أي الطاقة في النصيحة أي لكون المستشير رضي برأيه فحقه أن يبالغ في ذلك أداء لحق النصح قال بعضهم وآفة من استشير ولم ينصح الابتلاء بخلل في عقله. قوله: (وإعمال الفكر في ذلك) أي في النصيحة ومحض الرأي والنظر في عواقب الأمر ديناً ودنيا والله الموفق.

قوله: (فقد روينا في صحيح مسلم الخ) وترجمة تميم سبقت في كتاب الأسماء والكنى والكلام على حديثه سيأتي في الكلام على الأحاديث التي ختم بها الشيخ الكتاب. قوله: (وروينا في سنن أبي داود الخ) قال في الجامع الصغير رواه أصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة ورواه الترمذي عن أم سلمة ورواه ابن ماجه عن ابن مسعود ورواه الطبراني في الكبير عن سمرة وزاد فيه إن شاء أشار وإن شاء لم يشر ورواه الطبراني في الأوسط عن علي رضي الله عنه وزاد بعد قوله مؤتمن فإذا استشير فليشر بما هو صانع لنفسه وتقدم في أذكار المسافر زيادة بسط في تخريج هذا الحديث وفي فوائد متعلقة بالمشاورة. قوله: (المستشار مؤتمن) أي

ص: 292