الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب بيان أدب الزوج مع أصهاره في الكلام
اعلم أنه يستحب للزوج أن لا يخاطب أحداً من أقارب زوجته بلفظ
ــ
الثانية وقول ابن حجر الهيتمي في شرح الشمائل الخلق ملكة نفسانية ينشأ عنها جميل الأفعال وكمال الأحوال ليس بصواب إذ الناشيء عن الملكة يكون جميلاً تارة وقبيحاً أخرى كما علم مما تقرر ولعله أراد تعريف الخلق الحسن لا مطلق الخلق وكأنه لم يقف على قول الإِمام الراغب حد الخلق حال للإنسان داعية إلى الفعل من غير فكر ولا روية ولا على قول الغزالي الخلق هيئة للنفس تصدر عنها الأفعال بسهولة من غير احتياج إلى فكر وروية فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الحميدة عقلاً وشرعاً سميت الهيئة خلقاً حسناً وإن كان الصادر عنها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي المصدر خلقاً سيئاً وإنما كان من جمع بين الخلق النفيس واللطف للأهل أكمل المؤمنين إيماناً لأن الخلق الحسن تصدر عنه الأعمال المحمودة شرعاً بسهولة من القيام بالأوامر واجتناب المناهي وذلك شأن المؤمنين وإذا جمع إلى ذلك اللطف إلى العيال زاد كمالاً على كمال وقد بلغ صلى الله عليه وسلم من حسن الخلق ما لم يصل إليه أحد قال أبو علي الدقاق خصه الله تعالى بمزايا كثيرة ثم لم يثن عليه بشيء من خصاله بمثل ما أثنى عليه بخلقه فقال: وإنك لعلى خلق عظيم وقد كان ألطف المؤمنين بأهله كما يعلم ذلك من تتبع أحواله في لطفه مع أهله وعياله فهو سيد الخلق وأكملهم في كل حال بل كل وصف كامل إنما استعاره منه كاملو
الرجال والله أعلم وقد عقد هذا الحديث الإِمام زين الدين العراقي فقال في أمالي المستدرك ومن خطه نقلت:
إيمان كل امريء يزداد بالعمل
…
أن يصحب المرء توفيق من الأزل
وأكمل النّاس إيماناً أحاسنهم
…
خلقاً فكن حسن الأخلاق تكتمل
يكفيك مدحة خير الخلق منزلة
…
في نون ممن كساه أشرف الحلل
باب بيان أدب الرجل مع أصهاره في الكلام
المراد من الصهر هنا الحم وهو قريب الرجل من جهة زوجته والختن أقاربها من جهة الزوج
فيه ذِكْر جماع النساء، أو تقبيلهن، أو معانقتهن، أو غير ذلك من أنواع الاستمتاع بهن، أو ما يتضمن ذلك أو يستدل به عليه أو يفهم منه.
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن علي رضي الله عنه قال: "كنت رجلاً مذَّاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني،
ــ
والصهر يعم الجميع. قوله: (وتقبيلهن) أي وغيره من مقدمات الجماع. قوله: (أو ما يتضمن ذلك) أي كالاستمتاع بالمرأة. قوله: (أو يستدل به عليه) أي كذكر المذي ونحوه. قوله: (أو ما يفهم منه) أي كأن يذكر الاغتسال. قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم) قال القلقشندي في شرح العمدة الحديث أخرجه مالك وأحمد والشيخان وأبو داود والنسائي وابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان والإسماعيلي وأبو عوانة والدارقطني والبرقاني وأبو نعيم والبيهقي وغيرهم. قوله: (كنت رجلاً مذاء) يحتمل أن يكون على حد قوله وكان الله غفوراً رحيماً أي في الحال وما قبله لأن النّاس على ذلك في الحال فأخبرهم أنه كان في الماضي كذلك ويحتمل أنه حكاية عما مضى وانقطع عنه حين إخباره به واستبعد ومذاء بتشديد الذال والمد صيغة مبالغة على وزن فعال من المذي أي كثير المذي وهو ماء أبيض رقيق يخرج عند ثوران الشهوة من غير شهوة قوية وهو في النساء أكثر منه في الرجال يقال مذي وأمذى كما يقال مني وأمنى كذا في تحفة القاري. قوله: (فاستحييت) بتحتانيتين وهي اللغة الفصحى ويقال: استحيت بتحتانية واحدة ونقلها الأخفش عن تميم ونقل الأولى عن أهل الحجاز وقال هي الأصل وقال ابن القطاع أكثر العرب في اللغة لا تأتي بها على التمام واختلف في الياء المحذوفة في اللغة الثانية هل هي عين الفعل أو لامه والحياء شرعاً خلق يبعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حق صاحب الحق وهو محمود وممدوح وهو الذي لا يأتي إلا بخير ومذموم وهو ما كان مشوباً بشيء من الأنفة كتركه تعلم علم أو من الخور كترك إنكار منكر. قوله: (إن أسأل) محله النصب إن قدرنا استحى متعدياً بنفسه وإن قدرناه متعدياً بالحرف فمذهب الخليل والكسائي إن محله خفض ومذهب سيبويه والفراء نصب. قوله: (لمكان ابنته) اللام للتعليل وهذه علة الاستيحاء إذ