الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، وبينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت.
باب التبرِّي من أهل البدع والمعاصي
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي بردة بن أبي موسى قال: "وجع أبو موسى رضي الله عنه وجعاً، فغشي عليه، ورأسه في حَجْر امرأة
ــ
والله أعلم، وسيأتي له في أدب الدعاء مزيد. قوله:(فما ماتت حتى ذهب بصرها) قال ابن الأثير في أسد الغابة فكان أهل المدينة يقولون: أعماك الله كما أعمى أروى يريدونها ثم صار أهل الجهل يقولون: أعماك الله كما أعمى أروى يريدون الأروى التي في الجبل يظنونها ويقولون إنها عمياء وهذا جهل منهم وفي ربيع الأبرار للزمخشري إن المرأة سألت سعيداً أن يدعو لها حين عميت وقالت: إني ظلمتك فقال: لا أرد ما أعطانيه الله تعالى اهـ.
باب التبري من أهل البدع والمعاصي
قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) تقدم الكلام على تخريج الحديث في باب تحريم النياحة وقال الحافظ السخاوي بعد تخريجه: هذا حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه عن الحكم بن موسى وابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى وأبو عوانة في مستخرجه على الصحيح عن ابن عبدوس وأبي حفص القاص كلاهما عن الحكم وعلقه البخاري في صحيحه فقال وقال الحكم وذكره ووهم أبو الوقت في روايته حيث وقع عنده فيها حدثنا بدل وقال: بل الصواب أنه من تعاليقه ويتأيد بأطباق الجامعين شيوخ البخاري على عدم ذكرهم للحكم في شيوخه وعلى كل حال فقول الشيخ: روينا في صحيحي البخاري ومسلم صحيح ثم أشار السخاوي إلى أن كلاًّ من الحكم ومن فوقه إلى أبي بردة لم ينفرد بهذا الحديث بل له متابع من طبقته وبين ذلك وأخرج الحديث النسائي من وجه آخر وفي رواية أخرى للنسائي إن المرأة المذكورة أم ولد لأبي موسى اهـ، وأبو بردة هو ابن أبي موسى الأشعري. قوله:(فغشي عليه) بضم الغين وكسر الشين المعجمتين أي أغمي عليه. قوله: (في حجر امرأة) بفتح المهملة وكسرها والمرأة هي زوجته أم عبد الله صفية
من أهله، فصاحت امرأة من أهله فلم يستطع أن يردَّ عليها شيئاً، فلما أفاق قال: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالِقة والحالِقة والشَّاقَّة".
قلت: الصالقة: الصائحة بصوت شديد، والحالقة: التي تحلق رأسها عند المصيبة، والشاقة: التي تشقُّ ثيابها عند المصيبة.
وروينا في "صحيح مسلم" عن يحيى بن يَعْمَر قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: أبا
ــ
بنت أبي دومة. قوله: (فصاحت امرأة) ظاهره أن التي صاحت عليه غير التي كان في حجرها لأن النكرة إذا تكررت كان الثاني غير الأول وفي رواية لمسلم والنسائي أقبلت امرأته أي أبي موسى أم عبد الله تصيح برنة ثم أفاق فقال: ألم تعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا بريء" وذكره قال راوي الحديث وكان أبو موسى حدثها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وفي رواية ربعي عند أبي نعيم فأكبت عليه امرأته بنت أبي دومة قال السخاوي فاستفيد من مجموع ذلك كنيتها وكنية آبائها ووقع لغير واحد ذكرها في الصحابة لهذا الحديث وقوله لها: أما سمعت ما قاله صلى الله عليه وسلم قالت: بلى وكذا في رواية للنسائي وفي هذا نظر لأنه أشار بقوله: أما سمعت إلى ما سمعته منه قبل ذلك ولم يرد أنها سمعته صلى الله عليه وسلم ثم ذكر السخاوي ما يؤيد ذلك من رواية للنسائي وقال: نعم روى دعلج في فوائده عن موسى بن هارون عن عبد الله بن براد الأشعري قال: اسم أبي بردة عامر وأمه أم عبد الله بنت دمي هاجرت مع أبي موسى وقال غيره كما تقدم ابنة أبي دومة وسماها عمرو بن شبة في تاريخ البصرة صفية بنت دحون وقال أيضاً: إنها أم أبي
بردة وإن ذلك وقع منها وأبو موسى أمير على البصرة من قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قوله: (الصالقة) هو بالصاد ويقال بالسين المهملة. قوله: (الصالقة الخ) وقيل: الصالقة هي التي تضرب وجهها.
قوله: (وروينا في صحيح مسلم الخ) أخرجه أول كتاب الإيمان وفي الأطراف للمزي أنه عند النسائي. قوله: (عن يحيى بن يعمر) هو بفتح الميم ويقال بضمها غير منصرف للعلمية ووزن الفعل وكنية يحيى بن يعمر أبو سليمان ويقال: أبو سعيد ويقال: أبو عدي البصري ثم المروزي قاضيها من بني
عبد الرحمن، إنه قد ظهر قِبَلنا ناس يقرؤون القرآن، ويزعمون أن لا قَدَر، وأنَّ الأمر أُنُفٌ، فقال: إذا لقيتَ أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء
ــ
عوف بن بكر بن أسد نفاه الحجاج إلى خراسان فقتله قتيبة بن مسلم فولاه خراسان. قوله: (ويزعمون أن لا قدر الخ) اعلم أن مذهب أهل الحق إثبات القدر ومعناه أنه سبحانه وتعالى قدر الأشياء في الأزل وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه على صفات مخصوصة فهي تقع على حسب ما قدرها سبحانه وأنكرت القدرية هذا وابتدعت وزعمت أنه سبحانه لم يقدرها ولم يتقدم علمه سبحانه بها وأنها مستأنفة العلم أي أنه إنما يعلمها سبحانه بعد وقوعها وكذبوا على الله سبحانه وتعالى وجل عن أقوالهم الباطلة علواً كبيراً وسميت هذه الفرقة قدرية لإنكارهم القدرة قال أصحاب المقالات من المتكلمين وقد انقرضت القدرية القائلون بهذا القول الشنيع ولم يبق أحد من أهل القبلة عليه وصارت القدرية في الأزمان المتأخرة تعتقد إثبات القدر ولكن يقولون الخير من الله والشر من غيره تعالى عن قولهم بل كل من عند الله وفي الحديث عن ابن عمر مرفوعاً القدرية مجوس هذه الأمة رواه أبو حازم وأبو داود في سننه والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين إن صح سماع أبي حازم من ابن عمر شبههم بهم لتقسيمهم الخير والشر في حكم الإرادة كما قسمت المجوس فصرفت الخير إلى يزدان والشر إلى أهرمن وقال الخطابي: إنما جعلهم مجوساً لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس في قولهم بالأصلين النور والظلمة يزعمون أن الخير من فعل النور والشر من فعل الظلمة فصاروا ثنوية وكذلك القدرية يضيفون الخير إلى الله سبحانه والشر إلى غيره والله سبحانه وتعالى خالق الجميع لا يكون شيء منهما إلا بمشيئته فهما مضافان إليه تعالى خلقاً وإيجاداً وإلى الفاعلين من العباد فعلاً واكتساباً والله أعلم اهـ، كذا تلخص من كلام المصنف في شرح مسلم. قوله:(فإذا لقيت أولئك الخ) زاد في الحديث والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر قال المصنف هذا القول من ابن عمر ظاهر في تكفير
القدرية قال القاضي عياض في القدرية الأول الذين نفوا علم الله تعالى بالكائنات والقائل بهذا كافر بلا خلاف