المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب جوازه دعاء الإنسان على من ظلم المسلمين أو ظلمه وحده - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٦

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌باب تشميت العاطس وحكم التثاؤب

- ‌فصل: فيما إذا عطس يهودي

- ‌باب المدح

- ‌فائدة

- ‌باب مدح الإنسان نفسه وذكر محاسنه

- ‌باب في مسائل تتعلق بما تقدم

- ‌كتاب أذكار النكاح وما يتعلق به

- ‌باب ما يقوله من جاء يخطب امرأة من أهلها لنفسه أو لغيره

- ‌باب عرض الرجل بنته وغيرها ممن إليه تزويجها على أهل الفضل والخير ليتزوجوها

- ‌باب ما يقوله عند عقد النكاح

- ‌باب ما يقال للزوج بعد عقد النكاح

- ‌فصل "يكره أن يقال للمتزوج بالرفاء والبنين لما قدمناه في كتاب النكاح" اه

- ‌باب ما يقول الزوج إذا دخلت عليه امرأته ليلة الزفاف

- ‌باب ما يقال للرجل بعد دخول أهله عليه

- ‌باب ما يقوله عند الجماع

- ‌باب ملاعبة الرجل امرأته وممازحته لها ولطف عبارته معها

- ‌باب بيان أدب الزوج مع أصهاره في الكلام

- ‌باب ما يقال عند الولادة وتألم المرأة بذلك

- ‌باب الأذان في أذن المولود

- ‌باب الدعاء عند تحنيك الطفل

- ‌كتاب الأسماء

- ‌باب تسمية المولود

- ‌باب تسمية السقط

- ‌باب استحباب تحسين الاسم

- ‌باب بيان أحبِّ الأسماء إلى الله عز وجل

- ‌تتمة

- ‌باب استحباب التهنئة وجواب المهنَّأ

- ‌باب النهي عن التسمية بالأسماء المكروهة

- ‌باب ذكر الإنسان من يتبعه من ولد أو غلام أو متعلم أو نحوهم باسم قبيح ليؤدِّبه ويزجره عن القبيح ويروِّض نفسه

- ‌باب نداء من لا يعرف اسمه

- ‌باب نهي الولد والمتعلم والتلميذ أن ينادي أباه ومعلمه وشيخه باسمه

- ‌باب استحباب تغيير الاسم إلي أحسن منه

- ‌باب جواز ترخيم الاسم إذا لم يتأذَّ بذلك صاحبه

- ‌باب النهي عن الألقاب التي يكرهها صاحبها

- ‌باب جواز استحباب اللقب الذي يحبه صاحبه

- ‌باب جواز الكنى واستحباب مخاطبة أهل الفضل بها

- ‌باب كنية الرجل بأكبر أولاده

- ‌باب كنية الرجل الذي له أولاد بغير أولاده

- ‌باب كنية من لم يولد له وكنية الصغير

- ‌باب النهي عن التكني بأبي القاسم

- ‌باب جواز تكنية الكافر والمبتدع والفاسق إذا كان لا يعرف إلا بها أو خيف من ذكره باسمه فنتة

- ‌باب جواز تكنية الرجل بأبي فلانة وأبي فلان والمرأة بأم فلان وأم فلانة

- ‌كتاب الأذكار المتفرقة

- ‌باب استحباب حمد الله تعالى والثناء عليه عند البشارة بما يسرّه

- ‌باب ما يقول إذا سمع صياح الديك ونهيق الحمار ونباح الكلب

- ‌باب ما يقوله إذا رأى الحريق

- ‌باب ما يقوله عند القيام من المجلس

- ‌باب دعاء الجالس في جمع لنفسه ومن معه

- ‌باب كراهة القيام من المجلس قبل أن يذكر الله تعالى

- ‌باب الذكر في الطريق

- ‌باب ما يقول إذا غضب

- ‌باب استحباب إعلام الرجل من يحبه أنه يحبه وما يقوله له إذا أعلمه

- ‌باب ما يقول إذا رأى مُبتلى بمرضٍ أو غيره

- ‌باب استحباب حمد الله تعالى للمسؤول عن حاله وحال محبوبه مع جوابه إذا كان في جوابه إخبار بطيب حاله

- ‌باب ما يقول إذا دخل السوق

- ‌باب استحباب قول الإنسان لمن تزوَّج تزوجاً مستحباً، أو اشترى أو فعل فعلاً يستحسنه الشرع: أصبت أو أحسنت ونحوه

- ‌باب ما يقول إذا نظر في المرآة

- ‌باب ما يقول عند الحجامة

- ‌باب ما يقول إذا طنَّت أذنه

- ‌باب ما يقوله إذا خدرت رجله

- ‌باب جوازه دعاء الإنسان على من ظلم المسلمين أو ظلمه وحده

- ‌باب التبرِّي من أهل البدع والمعاصي

- ‌باب ما يقوله إذا شرع في إزالة منكر

- ‌باب ما يقول من كان في لسانه فحش

- ‌باب ما يقوله إذا عثرت دابته

- ‌باب بيان أنه يستحبُّ لكبير البلد إذا مات الوالي أن يخطب النَّاس ويعظهم ويأمرهم بالصبر والثبات على ما كانوا عليه

- ‌باب دعاء الإنسان لمن صنع معروفاً إليه أو إلى النَّاس كلهم أو بعضهم، والثناء عليه وتحريضه على ذلك

- ‌باب استحباب مكافأة المهدي بالدعاء للمهدى له إذا دعا له عند الهدية

- ‌باب استحباب اعتذار من أهديت إليه هدية فردَّها لمعنى شرعي بأن يكون قاضياً أو والياً أو كان فيها شبهة أو كان له عذر غير ذلك

- ‌باب ما يقول لمن أزال عنه أذى

- ‌باب ما يقول إذا رأى الباكورة من الثمر

- ‌باب استحباب الاقتصاد في الموعظة والعلم

- ‌باب فضل الدلالة على الخير والحث عليها

- ‌باب حثّ من سُئل علماً لا يعلمه ويعلم أن غيره يعرفه على أن يدله عليه

- ‌باب ما يقول من دُعي إلى حكم الله تعالى

- ‌باب الإعراض عن الجاهلين

- ‌باب وعظ الإنسان من هو أجلّ منه

- ‌باب الأمر بالوفاء بالعهد والوعد

- ‌باب استحباب دعاء الإنسان لمن عرض عليه ماله أو غيره

- ‌باب ما يقوله المسلم للذمي إذا فعل به معروفاً

- ‌باب ما يقوله إذا رأى من نفسه أو ولده أو ماله أو غير ذلك شيئاً فأعجبه وخاف أن يصيبه بعينه أو يتضرَّر بذلك

- ‌باب ما يقول إذا رأى ما يحبُّ وما يكره

- ‌باب ما يقول إذا نظر إلى السماء

- ‌باب ما يقول إذا تطيَّر بشيء

- ‌باب ما يقول عند دخول الحمام

- ‌باب ما يقول إذا اشترى غلاماً أو جارية أو دابة، وما يقوله إذا قضى دَيناً

- ‌باب ما يقول من لا يثبت على الخيل ويدعى له به

- ‌باب نهي العالِمِ وغيره أن يحدّث النَّاس بما لا يفهمونه، أو يخاف عليهم من تحريف معناه وحمله على خلاف المراد

- ‌باب استنصات العالم والواعظ حاضري مجلسه ليتوفروا على استماعه

- ‌باب ما يقوله الرجل المقتدى به إذا فعل شيئاً في ظاهره مخالفة للصواب مع أنه صواب

- ‌باب ما يقوله التابع للمتبوع إذا فعل ذلك أو نحوه

- ‌باب الحث على المشاورة

- ‌باب الحثِّ على طيب الكلام

- ‌باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب

- ‌باب المزاح

- ‌باب الشفاعة

- ‌باب استحباب التبشير والتهنئة

- ‌باب جواز التعجب بلفظ التسبيح والتهليل ونحوهما

- ‌باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌كتاب حفظ اللسان

- ‌باب تحريم الغيبة والنميمة

- ‌باب بيان مهمات تتعلق بحدِّ الغيبة

- ‌باب بيان ما يدفع به الغيبة عن نفسه

الفصل: ‌باب جوازه دعاء الإنسان على من ظلم المسلمين أو ظلمه وحده

‌باب جوازه دعاء الإنسان على من ظلم المسلمين أو ظلمه وحده

اعلم أن هذا الباب واسع جداً، وقد تظاهر على جواز نصوص الكتاب والسنَّة وأفعال سلف الأمة وخلفها، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى في مواضع كثيرةٍ معلومةٍ من القرآن عن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم بدعائهم

ــ

فقلت: يا أبا بكر تنشد مثل هذا الشعر فقال: يالله! وهل هو إلا كلام حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيحه اهـ، وأخرجه أبو نعيم كذلك.

باب جواز دعاء الإنسان على من ظلم المسلمين أو ظلمه وحده

المراد من الجواز ما يشمل الاستحباب فهو بمعنى عدم الحرمة والكراهة ثم إن كان الدعاء على من ظلم النّاس ليندفع أذاه فهو مستحب وإن كان على من ظلمه هو أو آذاه فإنه يباح له الدعاء والأفضل أن يعفو ويصفح كما تقدم في أذكار الصباح والمساء في حديث ما ضر أحدكم أن يكون كأبي ضمضم وأفضل منه أن يترحم على ظالمه ويدعو له بأن الله يهديه كما وقع له صلى الله عليه وسلم يوم أحد لما شجوا رأسه وكسروا رباعيته فقال الصحابة: يا رسول الله ادع الله عليهم فقال: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" فصفح فيما يتعلق بحقه صلى الله عليه وسلم ودعا لهم بغفران ما يتعلق بذلك الذنب واعتذر عنهم ونقل عن إبراهيم بن أدهم أن جندياً شج رأسه فقيل له: إنه إبراهيم بن أدهم فعاد إليه معتذراً فقال له: إنك بمجرد ما شجيت رأسي دعوت لك بالجنة قال: وكيف يا سيدي قال: لأنك كنت سبباً لإيصال

خير إليّ فلا أكون سبباً لإيصال شر إليك. قوله: (وقد تظاهرت على جوازه الخ) تظاهرت بالهاء أي تتابعت وأظهر بعضها بعضاً أو شد بعضها ظهر بعض ومحل جواز الدعاء على الظالم أن يكون بحسب ما ظلم به وإلا كان متعدياً وذلك بأن يقول: اللهم انتقم منه

ص: 201

على الكفار.

روينا في "صحيح البخاري ومسلم" عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب: "مَلأ اللهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ ناراً

ــ

أو عامله بعدلك أو نحوه.

قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) قال القلقشندي في شرح العمدة: أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة وابن خزيمة والإسماعيلي وأبو عوانة والبرقاني وأبو نعيم والبيهقي وغيرهم اهـ. قوله: (يوم الأحزاب) وفي بعض طرقه في الصحيحين يوم الخندق وهي غزاة لها هذان الاسمان وكانت في شوال سنة أربع من الهجرة قاله موسى بن عقبة ومالك ومال إليه البخاري وقيل: في ذي القعدة وقيل في شوال سنة خمس قاله ابن إسحاق وجزم به غيره من أهل السير وسميت بالأحزاب لتحزب الكفار على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أجلى في النضير فخرج نفر منهم إلى مكة فحرضوا قريشاً على قتاله فلما أقبلوا نحو المدينة أشار سلمان الفارسي بحفر الخندق فحفر حول المدينة في ستة أيام وكانت أول غزاة غزاها سلمان وأقبلت قريش في عشرة آلاف حتى نزلوا بمجتمع الأسيال وعليهم أبو سفيان بن حرب وخرج صلى الله عليه وسلم واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم وجعل سلعاً وراء ظهره والخندق بينه وبين القوم وهو في ثلاثة آلاف من المسلمين وأقاموا بضع عشرة ليلة وقيل أربعة وعشرين يوماً ثم أرسل الله عليهم ريحاً فانهزموا والخندق فارسي معرب جمعه خنادق. قوله: (ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً) وقع عند البخاري ملأ الله عليهم قبورهم وبيوتهم ناراً وقع في بعض طرقه زيادة أو أجوافهم على الشك وفي بعضها أو قال: قبورهم وبطونهم والبيوت بضم الموحدة وكسرها جمع بيت والقبور جمع قبر ويجمع القبر على أقبر قال الخليل: القبر مدفن الإنسان والقبر مما أكرم به بنو آدم حيث لم تجعل جيفته ملقاة كجيفة باقي الحيوان قال تعالى: ممتنا بذلك {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} : "وللقبر أسماء" الرمس والجدث والجدف بإبدال الثاء فاء والبيت والضريح والريم والرجم والبلد ذكرهن صاحب المخصص والجنان والدمس بالدال والمنهال ذكرهن ابن السكيت والعسكري والحاموض ذكره صاحب المنتخب كذا في غاية الأحكام

ص: 202

كما شَغَلُونا عَنِ الصَّلاةِ الوُسْطَى".

وروينا في "الصحيحين" من طرق أنه صلى الله عليه وسلم دعا على الذين قتلوا القُرَّاء رضي الله عنهم، وأدام الدعاءَ عليهم شهراً يقول:

ــ

للقلقشندي قال العراقي في شرح التقريب: وهذه الجملة دعاء عليهم بدليل قوله في رواية الترمذي: اللهم املأ قبورهم وبيوتهم ناراً ففيه الدعاء على المشركين بمثل هذا. قوله: (كما شغلونا) بفتح المعجمتين أوله والشغل فيه أربع لغات بضم الشين مع سكون الغين وضمها وفتح الشين مع سكون الغين وفتحها والجمع أشغال ولا يقال: أشغلته لأنها لغة رديئة قاله الجوهري وفي المصباح إنه هجر استعماله في فصيح الكلام ووقع في رواية المستملي كلما شغلونا بزيادة لام قال الحافظ في فتح الباري إنها خطأ. قوله: (عن الصلاة الوسطى) بضم الواو فعلى تأنيث أفعل وكلاهما لا يستعمل إلا بأل أو الإضافة أو من

ومادة وسط لها معنيان للغاية في الجودة وما كان بين طرفين نسبته من الجهتين سواء إما باعتبار العدد أو الزمان أو المكان والوسطى صفة للصلاة ووقع عند مسلم في بعض طرقه صلاة الوسطى وهو مؤول على طريق البصريين المانعين إضافة الشيء لنفسه بأن التقدير صلاة الساعة الوسطى أي عن فعلها وبعده في الصحيحين قوله: صلاة العصر ففيه التصريح بأن الصلاة الوسطى هي العصر وهو الصحيح عند أصحاب الشافعي وإليه ذهب كثير من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وقال به أبو حنيفة وأحمد وقال الشافعي: إذا صح الحديث فهو مذهبي وصح الحديث بأنها العصر فهو مذهبه أيضاً وللعلماء في ذلك أقوال كثيرة وقد ألف في ذلك الحافظ شرف الدين الدمياطي جزءاً حافلاً سماه: كشف المغطى عن الصلاة الوسطى ذكر فيه سبعة عشر قولاً.

قوله: (وروينا في الصحيحين) كان الأخضر أن يقول فيهما. قوله: (من طرق الخ) فأخرج مسلم في باب القنوت في صلاة الصبح عن خفاف بن إيماء الغفاري قال: قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم العن بني لحيان ورعلا وذكوان وعصية" عصت الله ورسوله الحديث. قوله: (على الذين قتلوا أصحابه القراء الخ) هم أصحاب بئر معونة ماء لبني سليم وكانت في صفر سنة أربع وأميرها

ص: 203

"اللهم الْعَنْ رِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ".

وروينا في "صحيحيهما" عن ابن مسعود رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصة أبي جهل وأصحابه من قريش حين وضعوا سَلَى الجزور على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم فدعا عليهم

ــ

المنذر قال ابن سعد كانت سرية المنذر في صفر على رأس ستة وثلاثين شهراً من مهاجره قالوا: قدم عامر بن مالك بن جعفر أبو براء ملاعب الأسنة الكلابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدي له فلم يقبل منه وعرض عليه الإسلام فلم يسلم ولم يبعد وقال: لو بعثت معي نفراً من قومك إلى قومي لرجوت أن يجيبوا دعوتك فقال: "إني أخاف عليهم أهل نجد" قال: أنا لهم جار فبعث معه سبعين رجلاً من الأنصار شببة يسمون القراء وأمر عليهم المنذر فلما نزلوا بئر معونة قدموا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل فقتل حراماً واستصرح عليهم في عامر فأبوا وقالوا: لا نحفر أبا براء فاستصرخ عليهم قبائل من سليم عصية ورعل وذكوان ورعب والقارة ولحيان فنفروا معه فقتل الصحابة كلهم إلا عمرو ابن أمية وأخبر جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم تلك الليلة قيل وذكر لحيان فيمن قتل القراء ببئر معونة وهم إنما هم من هذيل الذين قتلوا أصحاب ابن الدثنة ومنهم خبيب لكن الوقعتان في زمن واحد فالتبس ذلك على الراوي نبه عليه الشرف الدمياطي وغيره وقد سلف ذكر القصة في كتاب الجهاد.

فائدة

في شرف المصطفى جاءت الحمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اذهبي إلى رعل وذكوان وعصية عصت الله ورسوله فأتتهم فقتلت منهم سبعمائة بكل رجل من المسلمين عشرة نقله ابن النحوي في شرح البخاري. قوله: (اللهم العن رعلا) بكسر الراء وسكون المهملة (وذكوان) بفتح المعجمة وسكون الكاف (وعصية) بضم المهملة الأولى وفتح الثانية وتشديد التحتية قبائل من سليم.

قوله: (وروينا في صحيحيهما عن ابن مسعود الخ) قال الحافظ المزي في الأطراف أخرجه

البخاري في مواضع من صحيحه منها: باب الطهارة وباب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجه مسلم في المغازي وأخرجه النسائي في الطهارة اهـ، ملخصاً. قوله:(حين وضعوا سلى الجزور) الواضع له هو أشقاه

ص: 204

وكان إذا دعاد دعا ثلاثاً ثم قال: "اللهُم عَلَيكَ بقُرَيْشٍ"، ثلاثَ مرَّاتٍ، ثم قال: "اللهم عليك بأبي جَهْل وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ

ــ

عقبة بن أبي معيط ونسب الشيخ الوضع إليهم لأنهم أشاروا بذلك ورضوا به وإلا فالذي في صحيح البخاري فانبعث أشقاهم وفي مسلم فانبعث أشقى القوم فلما سجد صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه ولبث النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً الحديث والسلى بفتح المهملة وبالقصر وعاء جنينها ومثلها سائر الحيوانات وهي من الآدمي المشيمة والجزور بفتح الجيم وبالزاي آخره راء المنحور من الإبل يقع على الذكر والأنثى وهي مؤنث قاله الجوهري وقوله على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم أي بين كتفيه كما تقدم آنفاً. قال المصنف في شرح مسلم والجواب المرضي عن استمراره صلى الله عليه وسلم في الصلاة مع وضع السلا المذكور على ظهره إنه صلى الله عليه وسلم لم يعلم ما وضع على ظهره فاستمر في سجوده استصحاباً للطهارة، وتعقب بأنه مشكل على قولنا بوجوب الإعادة في مثل هذه الصورة، وأجاب بأن الإعادة إنما تجب في الفريضة وما يدري هل كانت هذه الصلاة فريضة فتجب إعادتها أم غيرها فلا تجب فإن وجبت إعادتها فالوقت متسع لها والله أعلم. قال في فتح الباري وتعقب بأنه لو أعاد لنقل وبأن الله لا يقره على التمادي في صلاة باطلة وقد خلع نعليه وهو في الصلاة فإن جبريل أخبره بأن فيهما قذراً، ويدل على أنه علم بما ألقى على ظهره إن فاطمة ذهبت به قبل أن يرفع رأسه وعقب هو صلاته بالدعاء عليهم اهـ، ويمكن أن يقال إن الله أعلمه به بعد رفع فاطمة له فعقب صلاته دعا عليهم. قوله:(وكان إذا دعا دعا ثلاثاً) فيه استحباب تكرار الدعاء وهذا اللفظ عند مسلم في كتاب الصلاة. قوله: (عليك بقريش) أي أهلكهم والمراد كفارهم أو من سمي منهم فهو عام مخصوص. قوله: (ثلاث مرات) أي كرر هذا اللفظ ثلاث مرات على عادته في تكرار الدعاء والسؤال ثلاثاً زاد مسلم في رواية زكريا وكان إذا دعا دعا ثلاثاً وإذا سأل سأل ثلاثاً. قوله: (عليك بأبي جهل) هو فرعون زمانه عمرو بن هشام وقد جاء في رواية إسرائيل بعمرو بن هشام قال في فتح الباري

ص: 205

وذكر تمام السبعةَ

وتمام الحديث".

وروينا في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو: "اللهُم

ــ

فلعله سماه وكناه معاً. قوله: (وذكر تمام السبعة) وهم شيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة أي بالمثناة فالموحدة ووقع في بعض نسخ مسلم بالقاف في محل المثناة وهو غلط قديم نبه عليه ابن سفيان الراوي عن مسلم وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعمارة بن الوليد قال عبد الله: فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر سحبوا إلى القليب قليب بدر ثم قال صلى الله عليه وسلم وأتبع أصحاب القليب لعنة قال المصنف: هذه إحدى دعواته صلى الله عليه وسلم المجابة، وقول ابن مسعود: لقد رأيتهم الخ، المراد منه ما عدا عمارة بن الوليد فإنه لم يحضر بدراً إنما مات بجزيرة بأرض الحبشة فالمراد من قوله: رأيتهم أي رأيت أكثرهم وإلا فعقبة بن أبي معيط لم يقتل ببدر وإنما حمل منها أسيراً وقتله النبي صلى الله عليه وسلم صبراً بعد انصرافه من بدر بعرق الظبية وهو بمعجمة مضمومة فموحدة ساكنة فتحتية مفتوحة قال الراوي على ثلاثة أميال مما يلي المدينة من الروحاء، قال الشيخ زكريا وفي الحديث الدعاء على أهل الكفر إذا آذوا المؤمنين ولم يرج إسلامهم قال صاحب المفهم: ولا خلاف في جواز لعن الكفرة والدعاء عليهم

قال: واختلفوا في جواز الدعاء على أهل المعاصي فأجازه قوم ومنعه آخرون قال العراقي أما إذا كان الدعاء على أهل المعاصي أو لعنهم من غير تعيين فلا خلاف في جوازه، وفي فتح الباري فيه جواز الدعاء على الظالم لكن قال بعضهم: محله إذا كان كافراً أما المسلم فيستحب الاستغفار له والدعاء بالتوبة ولو قيل لا دلالة فيه على الدعاء على الكافر لما كان بعيداً لاحتمال أن يكون أطلع صلى الله عليه وسلم على أن المذكورين لا يؤمنون والأولى أن يدعي لك حي بالهداية اهـ، وسيأتي لهذا مزيد وفي الحديث حجة للجمهور في جواز الدعاء لمعين وعلى معين في الصلاة ومنعه أبو حنيفة فيها وفيه حجة عليه أيضاً في منعه ما ليس بلفظ القرآن من الدعاء في الصلاة وخالفه غيره في ذلك ذكره القرافي.

قوله: (وروينا في صحيحيهما) ورواه أبو داود. قوله: (كان يدعو) أي يقنت بذلك لما يرفع رأسه من الركوع ويقول: اللهم أنج الوليد

ص: 206

اشْدُدْ وَطأتَكَ على مُضَرَ، اللهم اجْعَلْهَا عَلَيهِمْ سِنينَ كَسِنِي يُوسُفَ".

ــ

بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن ربيعة والمستضعفين بمكة اللهم اشدد وطأتك الخ. ققوله: (اشدد وطأتك) بفتح الواو وسكون المهملة وبالهمز أي خذهم أخذاً شديداً قاله صاحب النهاية قال ومنه حديث خولة بنت حكم في مسند أحمد آخر وطأة يطؤها الله بوج قال: والوطء في الأصل الدوس بالقدم فسمى به الغزو والقتل والمعنى إن آخر أخذة ووقعة أوقعها الله في الكفار كانت بوج وكانت غزوة الطائف آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يغز بعدها إلا غزوة تبوك ولم يكن فيها قتال اهـ. قوله: (على مضر) أي على كفار قريش أولاد مضر. قوله: (اجعلها) أي الوطأة أو السنين أو الأيام. قوله: (سنين كسنين يوسف) قال الشيخ زكريا في تحفة القاريء سنين جمع سنة شذوذاً بتغير مفرده من الفتح إلى الكسر وكونه غير علم لعاقل ومخالفته لجموع السلامة في جواز إعرابه بثلاثة أوجه بالحروف وبالحركات على النون منوناً وغير منون منصرفاً وغير منصرف اهـ، وهو في الأصول التي وقفت عليها من الأذكار بإثبات النون في قوله: كسنين يوسف وبحذف الألف من قوله: سنين الأول وهو محتمل لأن يكون من لغة من أعربه بالحركات ومنع صرفه أو أعربه بها وصرفه وحذف الألف على لغة ربيعة وفي البخاري كسني يوسف بحذف نون الجمع للإضافة، قال العراقي: وهي لغة شاذة والصحيح إثباتها اهـ، وسنين يوسف هي السبع المجدبة وأضيفت إليه لأنه هو الذي قام بأمور النّاس فيها ووقع للقرطبي في المفهم إنه أول هذا الدعاء بحديث ابن مسعود فقال: واستجيب له صلى الله عليه وسلم فيهم وأجدبوا سبعاً أكلوا فيها كل شيء وذكر الحديث وقال فيه حتى جاء أبو سفيان وكلم النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لهم فسقوا على ما ذكرناه عن ابن مسعود في كتاب التفسير اهـ، قال العراقي في شرح التقريب وهذا فيه أوهام في قوله: فأجدبوا سبعاً وليس في واحد من الصحيحين وليس بصحيح فإنه كشف عنهم قبل بدر وكانت في السنة الثانية من الهجرة وأيضاً فأبو هريرة راوي الحديث

ص: 207

وروينا في "صحيح مسلم" عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه "أن رجلاً أكل بشماله عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "كُلْ بِيَمِينِكَ"، قال: لا أستطيع، قال: "لا اسْتَطَعْتَ، ما منعه إلا الكِبْر"، قال: فما رفعها إلى فيه".

قلت: هذا الرجل هو بُسر -بضم الباء وبالسين المهملة- ابن راعي العَيْر الأشجعي، صحابي ففيه جواز الدعاء على من خالف الحكم الشرعي.

وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن جابر بن سمرة قال:

ــ

شهد قنوت النبي صلى الله عليه وسلم ودعاءه عليهم بذلك وإنما أسلم أبو هريرة في السنة السابعة فلا صح حمله على دعائه على قريش قبل بدر وحديث ابن مسعود الذي في الصحيحين إن قريشاً استصعبوا عليه قال: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم السنة حتى حصت كل شيء حتى أكلوا العظام والجلود وفي رواية الميتة بدل العظام وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد إن قومك قد هلكوا فادع الله أن يكشف عنهم فدعا وفي رواية فدعا ربه

فكشف عنهم فعادوا فانتقم الله منهم ففي هذا الحديث إن دعاءه على قريش كان قبل وقعة بدر وهذا لم يشهده أبو هريرة والذي أوقع القرطبي في ذلك إن في بعض طرقه في الصحيحين ذكر مضر فظن إنها قصة واحدة وليس كذلك: قصة الدعاء على قريش كانت قبل بدر ولم ينقل فيها قنوت ولم يشهدها أبو هريرة وقريش هي من مضر وقصة القنوت كانت بعد خيبر بعد إسلام أبي هريرة وكان فيها دعاؤه على مضر وهو اسم جامع لقريش وغيرها اهـ.

قوله: (وروينا في صحيح مسلم الخ) سبق تخريجه والكلام على ما يتعلق به في باب وعظ وتأديب من يسيء في أكله. قوله: (وروينا في صحيح البخاري ومسلم الخ) قال الحافظ المزي بعد أن أورده من حديث جابر عن سعد بنحو من ذلك أخرجه البخاري في الصلاة ومسلم ورواه أبو داود والنسائي كلهم

ص: 208

"شكا أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إلى عمر رضي الله عنه، فعزله واستعمل عليهم

" وذكر الحديث

إلى أن قال: "أرسل معه عمر رجالاً أو رجلاً إلى الكوفة: يسأل عنه، فلم يَدَعْ مسجداً إلا سأل عنه ويثنون معروفاً، حتى دخل مسجداً لبني عَبْس، فقام رجل منهم يقال له: أسامة بن قتادة، يكنى أبا سعدة، فقال: أما إذا نشدتنا فإن سعداً لا يسير بالسرِّية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل

ــ

في الصلاة أيضاً اهـ، ملخصاً. قوله:(شكا أهل الكوفة) أي بعضهم وسميت كوفة: لاستدارتها من قولهم للرمل المستدير كوفا وقيل: لأن ترابها مخالط حصى وكل ما كان كذلك يسمى كوفة. قوله: (رجالاً أو رجلاً) شك من الراوي فالرجل قال الشيخ زكريا اسمه محمد بن مسلمة. قوله: (يسأل عنه) جملة في محل الحال المقدرة واقتصر على سؤال الرجل اكتفاء وإلا فكان الأصل يسألون أو يسأل عنه والمعنى يسأل كل منهم. قوله: (فلم يدع) أي لم يترك. قوله: (لبني عيسى) بفتح العين وسكون الموحدة وبمهملة قبيلة من قيس. قوله: (أبا سعدة) هو بفتح السين وسكون العين المهملتين. قوله: (أما) بتشديد الميم وقسيمها محذوف أي أما نحن إذ نشدتنا أي سألتنا فنقول كذا وأما غيرنا فأثنى عليه. قوله: (كان) وبحذفها في نسخة. قوله: (بالسرية) بتخفيف الراء قطعة من الجيش سموا بذلك لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم من الشيء السري النفيس كما في المصباح وغيره وفي التوشيح للسيوطي السرية من مائة إلى خمسمائة فإن زاد على خمسمائة فإنه منسر بالنون ثم المهملة قلت وبعدها راء فإن زاد على ثمانمائة فجيش فإن زاد على أربعة آلاف سمي جحفلاً فإن زاد فجيش جرار اهـ، وفي فتح الباري السرية هي التي تخرج بالليل والسارية التي تخرج بالنهار

قال وقيل: سميت بذلك يعني السرية لأنها تخفي ذهابها وهذا يقتضي إنها أخذت من السر ولا صح لاختلاف المادة ثم ذكر بعد ما تقدم في المنسر والجحفل قوله: والخميس الجيش العظيم وما افترق من السرية يسمى بعثاً والكثيبة ما اجتمع

ص: 209

في القضية. قال سعد: أما والله لأدعونَّ بثلاث: اللهُم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياءً وسمعةً فأطل عمره، وأطل فقره، وعرِّضْه للفتن،

ــ

ولم ينتشر اهـ، وفي المصباح والمنسر فيه لغتان مثل مسجد ومقود دخيل من المائة إلى المائتين وقوله: الفارابي جماعة من الخيل ويقال: المنسر الجيش لا يمر بشيء إلا اقتلعه اهـ، والباء في قوله بالسرية للمصاحبة. قوله:(في القضية) أي الحكومة والقضاء. قوله: (أما هي) بتخفيف الميم حرف استفتاح قال المصنف في أوائل شرح مسلم في حديث وفاة أبي طالب قال الإِمام أبو السعادات هبة الله العلوي الحسني المعروف بابن الشجري ما المزيدة للتوكيد ركبوها مع همزة الاستفهام واستعملوا مجموعهما على وجهين أحدهما أن يراد به معنى حقاً كما في قولهم أما والله لأفعلن والآخر أن يكون افتتاحاً للكلام بمنزلة ألا كقولك أما إن زيداً منطلق وتحذف ألفها وأكثر ما تحذف إذا كان بعدها قسم ليدل على شدة اتصال الثاني بالأول نحو أم والله لأفعلن كذا. قوله: (قام رياء وسمعة) أي ليراه النّاس ويسمعوا به ويشهروا ذلك عنه ليكون له به ذكر. قوله: (فأطل عمره) أي بأن يرد إلى أرذل العمر وينكس في الخلق نقمة لا نعمة وللطغرائي:

من يطلب التعمير فليدرع

صبراً على فقد أحبائه

ومن يعمر يلق في نفسه

ما يتمناه لأعدائه

وفي رواية سيف بعد وأطل عمره: وأكثر عياله ولسيف أنه عمي واجتمع عنده عشر بنات كذا في التوشيح. قوله: (وعرضه للفتن) أي اجعله عرضة لها وإنما ساغ لسعد أن يدعو على أسامة مع أنه مسلم لأنه ظلمه بالافتراء عليه والحكمة في دعواته الثلاث إن أسامة نفى عنه الفضائل الثلاث التي هي أصول الفضائل الشجاعة التي هي كمال القوة الغضبية حيث قال: لا يسير بالسرية والعفة التي هي كمال القوة الشهوية حيث قال: لا يقسم بالسوية والحكمة التي هي كمال القوة العقلية حيث قال: لا يعدل في القضية والثلاث تتعلق بالنفس والمال والدين فقابلها سعد بثلاث مثلها فدعا عليه بما يتعلق بالنفس وهو طول العمر وبما يتعلق بالمال وهو الفقر وبما يتعلق بالدين وهو الوقوع في الفتن وقال ابن المنير في الدعوات الثلاث مناسبة للحال أما طول عمره فليراه من سمع بأمره فيعلم كرامة سعد وأما طول فقره فلنقيض

ص: 210

فكان بعد ذلك يقول: شيخ مفتون أصابتني دعوة سعد".

قال عبد الملك بن عمير الراوي عن جابر بن سمرة: فأنا رأيته بعدَ ذلك قد سقط حاجباه على عينيه من الكِبَر، وإنه ليتعرَّض للجواري في الطرق فيغمزهنَّ.

وروينا في "صحيحيهما" عن عروة بن الزبير أن سعيد بن زيد رضي الله عنهما خاصَمَتْهُ أروى بنت أوس -وقيل: أويس- إلى مروان بن الحكم، وادَّعت أنه أخذ شيئاً من أرضها، فقال سعيد رضي الله عنه:

ــ

مطلوبه لأن حاله يشعر بأنه أمراً دنيوياً وأما تعرضه للفتن فلكونه قام فيها ورضيها دون أهل بلده لبلده. قوله: (فكان إذا سئل) أي عن حال نفسه وعند ابن عيينة إذا قيل له: كيف أنت. قوله: (شيخ كبير) زاد الطبراني فقير أي أنا شيخ كبير بالدعوة الأولى فقير بالدعوة الثانية مفتون بالدعوة الثالثة وعلى حذف قوله: فقير كما هو عند الشيخين فاكتفى عن الثانية بعموم قوله أصابتني دعوة سعد فإنها تعم الثلاث وعند ابن عيينة ولا تكون فتنة إلا وهو فيها وفي فوائد الملخص إنه عاش إلى أن أدرك فتنة المخباث الكذاب الذي ادعى النبوة فقتل فيها.

فائدة

كان سعد معروفاً بإجابة الدعوة روى الترمذي وابن حبان والحاكم عن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم استجيب لسعد إذا دعاك" قوله: (يغمزهن) أي يعصر أصابعهن بأصابعه وفيه إشارة إلى الفتنة والفقر إذ لو كان غنياً لما احتاج لذلك. قوله: (وروينا في صحيحيهما الخ) وخرجه البخاري في بدء الخلق ومسلم في البيوع. قوله: (أروى بنت أوس) بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الواو وبالألف المقصورة وأوس بفتح الهمزة وسكون الواو وبالسين المهملة وقيل: أويس مصغر وعليه اقتصر الكرماني فقال: بنت أبي أويس ومثله في شرح البخاري للشيخ زكريا قال الكرماني: قال ابن الأثير: لم أتحقق أنا صحابية أو تابعية اهـ. قوله: (إلى مروان) متعلق بخاصمته أي ترافعاً إليه وهو كان يومئذٍ متولي المدينة قال الشيخ زكريا في شرح البخاري فترك سعد الحق لها ودعا عليها وفي باب المظالم من شرح البخاري للكرماني إن مروان أرسل إلى

ص: 211

أنا كنتُ آخذ شيئاً من أرضها بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ أخذ شِبْراً مِنَ الأرضِ ظُلْماً طُوّقَهُ إلى سَبْعِ أرَضِينَ" فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال سعيد: اللهُم إن كانت كاذبة فَأعْمِ بصرها، واقتُلْها في أرضها،

ــ

سعد ناساً يكلمونه في شأن أروى بنت أويس وكانت شكته إلى مروان في أرض فقال سعد: تروني ظلمتها وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر الحديث فترك سعد لها ما ادعت ثم قال: اللهم إن كانت كاذبة الخ. قوله: (إن كنت) أنا نافية بمعنى ما كنت. قوله: (بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم) سكت عن بيانه أولاً لتتوجه النفس نحوه فيكون ذكره أمكن في النفس. قوله: (قال) أي مروان. قوله: (قال) أي سعد. قوله: (طوقه) هو بضم المهملة وتشديد الواو مبني للمجهول و (من سبع أرضين) متعلق بقوله طوقه وأرضين بفتح الراء وقد تسكن ولتطويقه معنيان أحدهما أن يكلف ثقل ما ظلم منها في القيامة إلى المحشر في حديث الطبراني وغيره ثانيهما أن نخسف به الأرض المغصوبة كما في الحديث الآخر فتصير في عنقه كالطوق ويطول عنقه حتى يسع ذلك كما في غلظ جلد الكافر وعظم ضرسه. قوله: (فقال مروان: لا أسألك بينة بعد هذا) أي لأن القصد من البينة ما يغلب به الظن في صدق دعوى صاحبها وهذا الحديث إذا كان عند مثل سعد أقوى في إفادة الظن بصدقه فيما قال من البينة. قوله: (اللهم إن كانت كاذبة الخ) دعاؤه عليها بعد أن ترك لها ما ادعته كما تقدم وإنما دعا عليها بما ذكر لأنها نسبته إلى الظلم في غصب الأرض المبتني على حبه لها وقد جاء في الحديث حبك للشيء يعمي ويصم فلما نسبته إلى ما يقتضي عمى البصيرة وصممها دعا عليها بعمى البصر وإنما لم يدع عليها بعمى البصيرة إسقاطاً لبعض حقه ولما كان طمعها دعاها إلى الدعوة الكاذبة في تلك الأرض فدعا بأن تكون تلك الأرض محل حتفها لتكون

كالباحث عن حتفه بظلفه والله أعلم، وتبين حينئذٍ أن دعاءه عليها بجزاء ما وقع منها كما سبق نظيره في دعوات سعد

ص: 212