الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالت: "أسقطت من النبي صلى الله عليه وسلم سقطاً فسماه عبد الله، وكناني بأمِّ عبد الله" فهو حديث ضعيف.
وقد كان في الصحابة جماعات لهم كنى قبل أن يولدَ لهم، كأبي هريرة، وأنس أبي حمزة، وخلائق لا يُحْصَوْن من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، ولا كراهة في ذلك، بل هو محبوب بالشرط السابق.
باب النهي عن التكني بأبي القاسم
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن جماعة من الصحابة، منهم جابر، وأبو هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ــ
وبفتحها وتشديد النون وعند ابن السني وكانت تدعى أم عبد الله. قوله: (فهو حديث ضعيف) قال ابن النحوي: سنده ضعيف قلت من رجال سنده داود بن المحبر وهو كما في الكاشف بصري واه قال أحمد: لا شيء. قوله: (كأبي هريرة) كني بهرة كان يلعب بها في صغره وقيل: رآه النبي صلى الله عليه وسلم وفي كمه هرة فقال: يا أبا هريرة ذكره الكرماني وغيره. قوله: (وأنس أبي حمزة) عطف بيان على أنس أو بدل منه وأنس هو ابن مالك وكني بأبي حمزة بالحاء المهملة المفتوحة وإسكان الميم وبالزاي ببقلة فيها حموزة أي حموضة كان يحبها. قوله: (وخلائق لا يحصون من الصحابة) منهم صهيب بن سنان الرومي كناه صلى الله عليه وسلم بأبي يحيى مع أنه لم يولد له كما رواه ابن السني وترجم له باب تكنية من لم يولد له. قوله: (بل هو محبوب بشرطه السابق) أي ألا يكون فيه كذب ولا مجازفة أو مجاوزة حد.
باب النهي عن التكني بأبي القاسم
قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن جماعة من الصحابة الخ) قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الشرح الكبير للرافعي حديث تسموا باسمي الخ، متفق عليه من حديث جابر وأبي هريرة وأنس وفي الباب عن ابن عباس رواه ابن أبي خيثمة وفي سنده إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف اهـ، وقال السيوطي في الجامع الصغير
"سَمُّوا باسمِي وَلا يكَنُّوا بِكُنْيَتِي".
قلت: اختلف العلماء في التكني بأبي القاسم على ثلاثة مذاهب: فذهب الشافعي رحمه الله ومن وافقه إلى
ــ
رواه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه عن أنس ورواه أحمد والشيخان وابن ماجه عن جابر وفي المرقاة ورواه الطبراني عن ابن عباس. قوله: (تسموا باسمي) أي فإنه لا يوجب الالتباس لأنهم منهيون عن دعائه صلى الله عليه وسلم باسمه قال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} وللتعليم الفعلي من الله تعالى لعباده حيث ما خاطبه في كلامه إلا بيأيها النبي ونحوه بخلاف سائر الأنبياء إذ ناداهم بأسمائهم: يا آدم، يا إبراهيم، يا موسى. قوله:(ولا تكنوا بكنيتي) يحتمل أن يكون بضم الفوقية وتشديد النون من التكنية من باب التفعيل ويحتمل أن يكون بفتح الفوقية وسكون ثانيه وهما لغتان وقوله بكنيتي أي الكنية المخصوصة بي لأن مذهب العرب في العدول عن الاسم إلى الكنية هو التوقير والتعظيم ولما كان من حق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يراد به التعظيم ألا يشاركه فيه أحد كره أن يكنى أحد بكنيته قال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} قيل: سبب هذا النهي ما روياه عن أنس قال: كان صلى الله عليه وسلم في السوق فقال رجل:
يا أبا القاسم فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنما دعوت هذا، فقال صلى الله عليه وسلم:"تسموا باسمي الخ" وقد أشار صلى الله عليه وسلم في حديث جابر عند الشيخين إلى علة النهي عن التكنية بذلك بقوله: فإني إنما جعلت قاسماً أقسم بينكم أي وهذا المعنى غير موجود في حقكم فيكون في حقكم مجرد اسم لفظاً وصورة وحاصله إني لست أبا القاسم لمجرد كون ولدي كان يسمى بقاسم بل لوحظ في معنى القاسمية باعتبار القسمة الأزلية في الأمور الدينية والدنيوية فلست كأحدكم في الذات ولا الصفات فعلى هذا يكون أبو القاسم نظير قولهم: الصوفي ابن الوقت أي صاحبه وملازمه الذي لا ينفك عنه فمعنى أبي القاسم صاحب هذا الوصف كما يقال: أبو الفضل وإن لم يكن له ولد يسمى بالفضل ومجمله إن هذه الكنية ترجع إلى معنى اللقب المحمود والله أعلم.
قوله: (اختلف العلماء في التكني بأبي القاسم على ثلاثة مذأهب الخ)
أنه لا يحلُّ لأحد أن يتكنَّى أبا القاسم، سواء كان اسمه محمداً أو غيره، وممن روى هذا من أصحابنا عن الشافعي الأئمة الحفاظ الأثبات الفقهاء المحدثون: أبو بكر البيهقي، وأبو محمد البغوي في كتابه "التهذيب" في أول "كتاب النكاح"، وأبو القاسم بن عساكر في "تاريخ دمشق". والمذهب الثاني مذهب مالك رحمه
ــ
وزاد في شرح مسلم فحكى عن ابن جرير أنه حمل النهي على التنزيه والأدب لا على التحريم وتعقب بأنه خلاف الأصل في أن النهي للتحريم لا سيما وما يترتب عليه من الأذى به صلى الله عليه وسلم ولو في بعض الأحيان من حياته على أنه علل النهي بعلة دالة على اختصاص الاسم به حال وجوده وزاد الطيبي فحكى قولاً آخر أنه نهى عن التكني بأبي القاسم مطلقاً وأراد المقيد وهو النهي عن التسمية بالقاسم وقد غير مروان بن الحكم اسم ابنه حين بلغه هذا الحديث فسماه عبد الملك وكان اسمه القاسم وكذا عن بعض الأنصار ونازع فيه في المرقاة بأن جواز إطلاق أبي القاسم ومنع القاسم ممنوع لا وجه له والظاهر أن مروان غير اسم ابنه القاسم لما بلغه النهي عن التكني بأبي القاسم وخاف أن يكنى به ويقع في المحظور فغيره تخليصاً من المحذور وحكى الطيبي قولاً آخر أن التسمية بمحمد ممنوعة مطلقاً واستدل له بما لا دليل فيه. قوله: (إنه لا يحل لأحد أن يتكنى بأبي القاسم) قال في شرح مسلم وقال بعضهم: ينهي عن التكني به مطلقاً وعن التسمية بالقاسم لئلا يكنى أبوه بأبي القاسم قلت وقد سبق حديث الصحيحين عن جابر ولد الرجل من الأنصار ولد فسماه القاسم فقالوا: لا نكنيك أبا القاسم ولا كرامة فسأله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يسمي ولده عبد الرحمن. قوله: (سواء كان اسمه محمداً أو غيره) قال في شرح مسلم لظاهر الحديث اهـ قيل ولأنه لما كان صلى الله عليه وسلم يكنى بأبي القاسم لأنه يقسم بين النّاس ما يوحى إليه وينزلهم منازلهم التي يستحقونها في الشرف والفضل وقسم الغنائم ولم يشاركه في هذا المعنى ولا في شيء منه أحد منع أن يكنى غيره بهذا المعنى. قوله: (والمذهب الثاني مذهب مالك الخ) أي فالنهي عنده منسوخ وكان الحكم في أول الأمر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال في شرح مسلم وبه قال جمهور السلف وفي فقهاء الأمصار وجمهور العلماء قالوا: وقد اشتهر أن جماعة تكنوا بأبي القاسم في العصر الأول وفيما بعد ذلك إلى اليوم مع كثرة فاعلي ذلك وعدم الإنكار اهـ، وقال الحافظ في تخريج أحاديث الشرح الكبير ويدل له
رواه أبو داود والترمذي من طريق قطر بن المنذر الثوري عن ابن الحنفية عن علي قال: قلت: يا رسول الله أرأيت أن ولد لي بعدك ولد اسميه محمداً وأكنيه بكنيتك قال: "نعم" وكانت لي رخصة صححه الترمذي والحاكم قال البيهقي: هذا يدل على إنه سمع النهي فسأل الرخصة له وحده وقال: حميد بن زنجويه سأل ابن أبي أوسى ما كان مالك يقول في الرجل يجمع بين كنية النبي صلى الله عليه وسلم واسمه فأشار إلى شيخ جالس معنا فقال: هذا محمد بن مالك سماه أبوه محمداً وكناه أبا القاسم وكان يقول: إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك في حياته صلى الله عليه وسلم كراهة أن يدعى أحد باسمه وكنيته فيلتفت إليه صلى الله عليه وسلم أما اليوم فلا وكأنه استنبط من سياق الحديث الذي في الصحيح في سبب النهي عن ذلك اهـ، أي وهو أن رجلاً بالبقيع قال: يا أبا القاسم فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم فقال: إني لم أعنك فقال: "تسموا باسمي الخ" فإن قلت هذا المعنى موجود في التسمي باسمه مع أنه جائز قلت: لا لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينادى باسمه تعظيماً له بخلاف تكنيته لما فيها من الإجلال والتعظيم والدلالة على الوصف المختص به من قوله: إنما أنا قاسم والله يعطي أو كما قال كما تقدم، قلت: وما رواه أبو داود من حديث صفية بنت شيبة عن عائشة قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني قد ولدت غلاماً وسميته محمداً وكنيته أبا القاسم فذكر لي أنك تكره ذلك فقال: "ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي أو ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي؟ " يشهد لهذا القول لكن قال الحافظ في تخريج أحاديث الشرح الكبير إن صح فيشبه أن يكون قبل النهي لأن أحاديث النهي أصح منه اهـ، ثم قول علي في حديث الترمذي وكانت لي رخصة كتب عليه شيخ الإسلام السراج البلقيني.
فائدة
قد تسمي جماعة محمداً وتكنوا أبا القاسم وهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأذن لبعضهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك إذناً صريحاً فمنهم محمد بن طلحة بن عبيد الله أتى به أبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فمسح رأسه وسماه محمداً وكناه بأبي
الله أنه يجوز التكني بأبي
القاسم لمن اسمه محمد ولغيره، ويجعل النهي خاصاً بحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمذهب الثالث: لا يجوز لمن اسمه محمد، ويجوز لغيره. قال الإِمام أبو القاسم الرافعي من أصحابنا: يشبه أن يكون هذا الثالث أصح، لأن النّاس لم يزالوا يكتنون به في جميع الأعصار من غير إنكار، وهذا
ــ
القاسم وقد قيل: كنيته أبو سليمان والصحيح أبو القاسم كما في الاستيعاب لابن عبد البر ثم ذكر دليل من الكنيتين قال ابن عبد البر: قال راشد بن حفص الزهري: أدركت أربعة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم تسمى محمداً وتكنى أبا القاسم محمد بن علي ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن طلحة ومحمد بن سعد بن أبي وقاص وذكر ابن عبد البر إن عائشة سمعت محمد بن أبي بكر محمداً وكنته أبا القاسم اهـ، وقال العجلي ثلاثة تكنوا بأبي القاسم محمد ابن الحنفية ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن طلحة بن عبيد الله اهـ، نقله عنه ولده صالح فيما ألفه من ترجمة والده وفي فتح الباري زيادة على ذلك محمد بن حاطب بن أبي بلتعة وابن سعد بن أبي وقاص وابن جعفر بن أبي طالب وابن الأشعث بن قيس فكل هؤلاء سماهم آباؤهم محمداً وكونهم أبا القاسم وحمله الحافظ على إنهم فهموا تخصيص النهي بزمانه صلى الله عليه وسلم قال: وجزم الطبراني بأن النبي صلى الله عليه وسلم كنى محمد بن طلحة بأبي القاسم اهـ. قوله: (والمذهب الثالث لا يجوز لمن اسمه محمد ويجوز لغيره قال الرافعي يشبه أن يكون هذا الثالث
أصح) قال في المهمات: هذا هو الصواب والراجح دليلاً فقد قال صلى الله عليه وسلم: "من تسمى باسمي فلا يكنى بكنيتي ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي" رواه أحمد وأبو داود من حديث جابر ورواه الترمذي وقال حسن غريب وقال البيهقي في شعب الإيمان إسناده صحيح وكذا صححه ابن حبان أيضاً من حديث أبي هريرة وصححه الترمذي من هذا الوجه قال الحافظ ابن حجر وبهذا القول جزم ابن حبان في صحيحه ثم ذكر الحافظ حديث جابر المذكور ونقل تحسين الترمذي وتصحيح ابن حبان له ثم قال: وفي الباب عن أبي حميد عند البزار في مسنده اهـ، وقال الشيخ زكريا في شرح البخاري رجح الرافعي وابن أبي الدم بعد أن نقلا نص الشافعي بتحريم التكني بذلك مطلقاً أن تحريم التكني بذلك فيمن اسمه
الذي قاله صاحب هذا المذهب فيه مخالفة ظاهرة للحديث.
ــ
محمد خبر من تسمى باسمي الخ رواه ابن حبان في صحيحه وقال البيهقي إسناده صحيح وما رجحاه فيه جمع بين الخبرين بخلاف النص إذ فيه تقديم خبر الصحيحين على خبر ابن حبان وأما تكنية علي ولده محمد ابن الحنفية بذلك فرخصة من النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ابن أبي الدم قال شيخنا يعني الحافظ ابن حجر وأما ما رواه أبو داود عن عائشة قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني ولدت غلاماً وسميته محمداً الخ فيشبه أن يكون قبل النهي لأن أحاديث النهي أصح اهـ، وضعف النووي ما قاله الرافعي وقال الأقرب: إن النهي يختص بحياته لما في الحديث من سبب النهي وهو إن اليهود تكنوا به وكانوا ينادون: يا أبا القاسم فإذا التفت صلى الله عليه وسلم قالوا: لم نعنك إظهاراً للإيذاء وقد زال ذلك المعنى اهـ، وما قاله إنه أقرب من سبب النهي مخالف لقاعدة إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب بل الأقرب ما رجحه الرافعي وقال الأسنوي: إنه الصواب لما فيه من الجمع بين الخبرين السابقين كما مر اهـ، كلام شرح البخاري للشيخ زكريا.
تنبيه
قال الحافظ في الفتح مما ينبه عليه إن النووي أورد هذا المذهب مقلوباً فقال: يجوز لمن اسمه محمد دون غيره وهذا لا يعرف به قائلاً وإنما هو سبق قلم وقد حكاه في الأذكار على الصواب ثم أجاب عما أورد على المصنف من تكنيته في خطبة منهاجه للرافعي بأبي القاسم مع اختياره تحريم ذلك مطلقاً بأنه إما إشارة إلى اختيار طريقة الرافعي أو إلى إنه مشتهر بذلك ومن شهر بشيء لم يمتنع تعريفه به ثم حكى الحافظ مذاهب أخرى في التكنية بأبي القاسم فليراجع منه. قوله: (فيه مخالفة ظاهرة للحديث) أي لأنه صلى الله عليه وسلم أطلق المنع عن التكني بكنيته ولم يفصل في المنع بين أن يكون مع التسمي باسمه أولاً وقدم مفهوم هذا الحديث على مفهوم حديث من تسمى باسمي الخ، لأن هذا لكونه من أحاديث الصحيحين مقدم على ذلك عند التعارض والله أعلم. وفي المرقاة هذا القول مع مخالفة ظاهر الحديثين المتفق عليهما من جواز التسمية ومنع التكنية أعم من أن يكون مقارناً بالتسمية أو مفارقاً لها لا يلائمه سبب ورود النهي المذكور عندهما في حديث أنس ولا يناسبه