الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبلغ أشدَّه، ورُزِقتَ بِرَّه.
ويستحبُّ أن يردَّ على المهنّئ فيقولو: بارك الله لك، وبارك عليك، أو جزاك الله خيراً، ورزقك الله مثله، أو أجزل الله ثوابك، ونحو هذا.
باب النهي عن التسمية بالأسماء المكروهة
ــ
إنساناً التهنئة فقال: قل بارك الله لك الخ اهـ. فأطباق الأصحاب على سن ذلك يبين أن المراد الحسن بن علي كرم الله وجهها لا البصري لأن الظاهر أن هذا لا يقال من قبل الرأي فهو حجة من الصحابي لا التابعي وحينئذٍ اتضح منه جواز استعمال الواهب وأنه من قبيل الأسماء التوقيفية ولم يستحضر بعضهم ذلك فأنكره بباديء رأيه وأما قول الأوزاعي إنه البصري فيرد بأنه يلزم عليه تخطئة الأصحاب كلهم لأن ما يجيء عن التابعي لا يثبت به سند اهـ. ولك أن تقول لعل للجمهور مستنداً في إطلاق الواهب عليه تعالى فلا يلزم من كون الحسن هنا البصري تخطئة الأصحاب أو لعله على مذهب من يكتفي بورود المشتق ولا يشترط اورود نفس اللفظ أو لعل ذلك على مذهب من يجوز إطلاق ما صح إطلاقه عليه سبحانه مما لا يوهم نقصاً وهي مذاهب لبعض الأشاعرة. قوله: (وبلغ أشده) قال ابن القيم في كتابه تحفة الودود بأحكام المولود وحكى الأزهري في تفسير لفظة الأشد أنه من بلوغ الإنسان مبلغ الرجال إلى أربعين سنة وقال الأشد محصور الأول والآخر غير محصور ما بين ذلك فبلوغ الأشد مرتبة بين البلوغ والأربعين ومعنى اللفظة من الشدة وهي القوة الجلادة اهـ.
باب النهي عن التسمية بالأسماء المكروهة
قال العاقولي في شرح المصابيح ما نهى الشارع عن التسمي به، منه ما كان النهي لكون ذلك لا يليق إلا باللهِ تعالى كملك الأملاك، ومنه ما نهى عن التسمي به لكونه خاصاً برسول الله صلى الله عليه وسلم كأبي القاسم لأنه ما يقسم بين العباد ما أعطاهم الله ومنه ما نهى عن التسمي به لغيره تفاؤلاً لصاحبه كحزن
فسماه صلى الله عليه وسلم سهلاً الحديث ومنه ما نهى عن التسمي به لغيره كبرة فغيره صلى الله عليه وسلم وكانت زوجته لئلا يقال خرج
روينا في "صحيح مسلم" عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُسَمِّيَنَّ غُلامَكَ يَساراً، ولا رَباحاً، ولا نَجاحاً، ولا أفْلَحَ، فإنَّكَ تَقُولُ: أثَمَّ هُوَ؟ فَلا يَكُونُ، فَتَقُولُ: لا، إنَّما هُنَّ أرْبَعٌ فَلا تَزِيدُنَّ عَليَّ".
ــ
من عند برة اهـ. قلت ومن الأخير التسمية بما يتطير من نفيه كسعادة وبركة ونحوهما. قوله: (وروينا في صحيح مسلم) أي من جملة حديث أوله أحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضر بأيهن بدأت ولا تسمين غلامك الخ. قوله: (لا تسمين) أي لا تسمين أيها الصالح للخطاب بهذا الخطاب العام أو أيها المخاطب الخاص وحكمه صلى الله عليه وسلم على الواحد حكمه على الأمة. وقوله: (غلامك) صبيك أو عبدك. قوله: (يساراً) بالتحتية فالمفتوحة المهملتين و (رباحاً) بالراء فالموحدة بعد الألف حاء مهملة و (نجاحاً) بالنون فالجيم وبعد الألف حاء مهملة وفي رواية نجيحاً بوزن فعيل و (أفلح) بالفاء أفعل تفضيل من الفلاح وهو الفوز. قوله: (فإنك تقول الخ) تعليل لكراهة التسمية بذلك أي لأنه يتطير من نفيها عند السؤال عنها وفي شرح السنة معنى هذا إن النّاس يقصدون بهذه الأسماء التفاؤل بحسن ألفاظها ومعانيها وربما ينقلب عليهم ما قصدوه إلى الضد إذا سألوا فقالوا: أثم يسار أو تجيح فقيل: لا فيتطيروا من نفيه وأضمروا اليأس من اليسر أو غيره فنهاهم عن السبب الذي يجلب سوء الظن والإياس من الخير قال حميد بن زنجويه فإذا ابتلى رجل في نفسه أو أهله ببعض هذه الأسماء فليحوله إلى غيره فإن لم يفعل وقيل: أثم يسار أو بركة فإن من الأدب أن يقال كل ما هنا يسر وبركة والحمد الله ويوشك أن يأتي الذي تريده ولا يقال: ليس هنا ولا خرج اهـ. قوله: (لا تزيدن على) قال المصنف في شرح مسلم هو بضم الدال المهملة ومعناه الذي سمعته أربع كلمات وكذا رويتهن فلا تزيدوا علي في الرواية ولا تنقلوا عني غير الأربع وليس فيه منع القياس على الأربع وأن يلحق بها ما في معناها قال أصحابنا: تكره التسمية بهذه الأسماء المذكورة في هذا الحديث وما في معناه ولا تختص الكراهة بها وحدها وهي كراهة تنزيه لا تحريم والعلة في الكراهة ما بينه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم في قوله: "فإنك وقول أثم هو فقول لا فكره بشاعة الجواب وربما أوقع بعض النّاس في شيء من الطيرة" اهـ. قال ابن القيم وقد تقع الطيرة وقل: من تطير إلا وقعت به طيرته وأصله طائره فأرشد صلى الله عليه وسلم أمته إلى منعهم من أسباب توجب لهم سماع المكروه ووقوعه وأن يعدل إلى أسماء يحصل بها المقصود من غير مفسدة هذا مع ما ينضاف إلى ذلك من تعليق ضد الاسم عليه بأن يسمى يساراً من هو أعسر النّاس ورباحاً من هو من الخاسرين فيكون قد وقع في الكذب عليه وعلى الله تعالى ومن أمر آخر وهو أن المسمى قد يطالب بقضية اسمه فلا يوجد ذلك عنده فيكون سبب ذمه وسبه كما قيل:
سموك من جهلهم سديداً
…
والله ما فيك من سداد
أنت الذي كونه فساد
…
في عالم الكون والفساد
قال ولي من أبيات:
وسميته صالحاً فاغتدى
…
بضد اسمه في الورى سائرا
وظن بأن اسمه ساتر
…
لأوصافه فغدى شاهرا
وأمر آخر هو ظن الممدوح في نفسه أنه كذلك فيقع في تزكية نفسه وترفعه على غيرها ولهذا غير صلى الله عليه وسلم اسم برة إلى زينب وقال لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم اهـ. وما جاء عن جابر أراد صلى الله عليه وسلم أن ينهي عن أن يسمى بيعلى وببركة وبأفلح وبيسار وبنافع وبنحو ذلك ثم رأيته بعد سكت عنها فلم يقل شيئاً ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينه عن ذلك ثم أراد عمر أن ينهي عن ذلك ثم تركه هكذا وقع في معظم نسخ صحيح مسلم ببلادنا أن يسمى بيعلى وفي بعضها بمقبل بدل يعلى وذكر عياض أنه في أكثر النسخ بمقبل وفي بعضها بيعلى قال: والأشبه أنه تصحيف والمعروف بمقبل وهذا الذي أنكره القاضي ليس بمنكر بل هو المشهور وهو صحيح في الرواية وفي المعنى ومعنى قوله أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهي عن هذه الأسماء الخ فمعناه نهى تحريم فلم ينه وأما النهي الذي هو كراهة تنزيه فقد نهى عنه
وروينا في سنن أبي داود وغيره من رواية جابر، وفيه أيضاً النهي عن تسميته بركة.
وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ الله تَعالى رَجل تَسَمَّى مَلِكَ الأمْلاكِ". وفي رواية "أخنى" بدل "أخنع". وفي رواية لمسلم "أغيَظُ رَجُلٍ عِنْدَ الله يَوْمَ
ــ
في الأحاديث الباقية اهـ.
قوله: (وروينا في سنن أبي داود الخ) رواه أبو داود عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عشت إن شاء الله تعالى أنهي أمتي أن يسموا نافعاً وأفلح وبركة والله أعلم".
قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم) قال في الجامع الصغير رواه الشيخان وأبو داود والترمذي. قوله: (إن أخنع اسم عند الله الخ) قال أحمد بن حنبل: سألت أبا عمرو عن أخنع فقال: أوضع قال المصنف: هذا التفسير الذي ذكره أبو عمرو مشهور عنه وعن غيره فإن معناه أشد ذلاً وضغاراً يوم القيامة والمراد صاحب الاسم بدليل الرواية الثانية أغيظ رجل اهـ. قال الطيبي أو يراد بالاسم المسمى مجازاً أي أخنى الرجال رجل كقوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وفيه من المبالغة أنه إذا قدس اسمه عما لا يليق بذاته فكان ذاته أولى وهنا إذا كان الاسم محكوماً عليه بالهوان والصغار فكيف بالمسمى فإذا كان حكم الاسم ذلك فكيف بالمسمى وهذا إذا رضي المسمى بالاسم واستمر عليه ولم يبد له وهذا التأويل أبلغ من الأول اهـ. وقد سبق لهذا الوجه الذي ذكره الطيبي القاضي فقال: يستدل به على أن الاسم هو المسمى وفيه الخلاف المشهور وقيل أخنع بمعنى أفجر يقال خنع الرجل إلى المرأة والمرأة إليه أي دعاها للفجور وهو بمعنى أخبث أي أكذب الأسماء وقيل: أقبح. وقوله: (عند الله) أي هذا شأنه عند الله وإن عده العوام الذين هم كالهوام من أعظم ما يرام. قوله: (وفي رواية) هي للبخاري (أخنى بدل أخنغ) وهو بمعنى ما سبق أي أفحش وأفجر والخنا الفحش وقد يكون بمعنى أهلك لصاحبه المسمى والإخناء الهلاك يقال: أخنى عليه الدهر أي أهلكه قال أبو عبيد وروي أنخع أي أقتل والنخع القتل الشديد. قوله: (أغيظ رجل عند الله) وفي نسخة على الله
بدل قوله عند الله قال المازري: أغيظ هنا مصروف عن
القِيامَةِ وأخْبَثُهُ رَجُلٌ كانَ يُسَمَّى مَلِكَ الأملاك، لا مَلِكَ إلَاّ اللهُ".
قال العلماء: معنى أخنع وأخنى: أوضعُ وأذلُ وأرذلُ. وجاء في الصحيح عن سفيان بن عيينة قال: ملك الأملاك، مثل شاهان شاه.
ــ
ظاهره والله سبحانه لا يوصف بالغيظ فيتأول هذا الغيظ على الغضب نقله المصنف في شرح مسلم وقال العاقولي في شرح المصابيح أي أكثر من يغضب عليه غضباً اسم تفضيل بني للمفعول كألوم أضافه إلى المفرد على إرادة الجنس والاستغراق أي أشد أصحاب الأسماء الكريهة عقوبة وأغيظ وعلى ليس صلة لا غيظ كما يقال اغتاظ على صاحبه أي لأن الغيظ غضب العاجز عن الانتقام وهذا مستحيل في حقه تعالى بل هو مجاز معدول عن ظاهره وحمل مثلها على الله بالمعنى الغائي من الانتقام وحلول العقاب ممن تسمى بهذا الاسم في الآخرة ولهذا كان أحب الأسماء عبد الله وعبد الرحمن لأن المسمى بهما على بصيرة اهـ. وقال الطيبي لا بد في الحديث من الحمل على المجاز لأن التقييد بيوم القيامة مع أن حكمه في الدنيا كذلك للإشعار بترتب ما هو مسبب عنه من إنزال الهوان وحلول العقاب. قوله: (يسمى) بصيغة المجهول من التسمية نص عليه بعض المحدثين وفي نسخة بفتح الفوقية وتشديد الميم ماض معلوم من التسمي مصدر باب التفعل قال في المرقاة وقع في أصل مصحح في مسلم بصيغة المجهول من التسمية. وقوله: (ملك الأملاك) منصوب على المفعولية والأملاك جمع ملك كالملوك على ما في القاموس وقد جاء في رواية مسلم ما يشهد بذلك وهو قوله في آخر الحديث: لا ملك إلا الله فبين به علة تحريم التسمية بذلك إذ الملك الحقيقي ليس هو إلا الله تعالى وملكيته غير مستعارة فمن تسمى بهذا الاسم نازع الله عز وجل كبرياءه فلما استنكف ذلك المسمى عن أن يكون عبداً لله جعل له الخزي على رؤوس الأشهاد وقيل إنه جمع ملك بكسر الميم ويشهد له رواية لا مالك إلا الله رواه الشيخان وغيرهما فيكون بهذا المعنى أيضاً مذموماً واعلم أن التسمي بهذا الاسم حرام وكذا التسمي بأسمائه تعالى المختصة به كالرحمن والرحيم والملك والقدوس وخالق الخلق ونحوها. قوله: (وجاء في الصحيح الخ) في صحيح مسلم وقع في رواية شاهان شاه وزعم