الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروينا في "صحيحيهما" عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "وُلد لي
غلام، فأتيتُ به النبي صلى الله عليه وسلم، فسماه إبراهيم، وحنكه بتمرة، ودعا له بالبركة" هذا لفظ البخاري ومسلم، إلا قوله: "ودعا له بالبركة" فإنه للبخاري خاصة.
كتاب الأسماء
باب تسمية المولود
السُّنَّة أن يُسمَّى المولودُ اليومَ السابعَ من ولادته أو يوم الولادة.
فأما
ــ
ظاهر العطف أنه دعا له بدعوات وزاد عليها بالدعاء بالبركة وعليه فالعطف من عطف الخاص على العام ويحتمل أن يكون دعا له بالبركة ويكون العطف تفسير والأول أنسب بمقام فضله صلى الله عليه وسلم وعنايته بابن حواريه وحفيد صديقه رضي الله عنهم.
قوله: (وروينا في صحيحيهما) قال الحافظ المزي رواه البخاري في العقيقة وفي الأدب ومسلم
في الاستئذان. قوله: (فسماه إبراهيم وحنكه) قال ابن النحوي التسمية عندنا تستحب في اليوم السابع وأما التحنيك فيستحب ساعة يولد وتقييد البخاري أنه يسمى غداة يولد لمن لم يعق غريب نعم حكاه ابن التين عن مذهب مالك وحمله الخطابي على أن التسمية إنما تكون يوم السابع عند مالك قال وذهب كثير من النّاس إلى جواز تسميته قبل ذلك وقال المهلب تسمية المولود حين يولد وبعد ذلك بليلة أو ليلتين وما شاء إذا لم ينو الأب العقيقة عنه يوم سابعه وإن أراد أن ينسك عنه فالسنة أن يؤخر التسمية إلى يوم النسك وهو يوم السابع اهـ. وقال المصنف في شرح مسلم فيه يعني في الحديث جواز تسمية المولود يوم الولادة.
كتاب الأسماء
وباب تسمية المولود
قال ابن حجر الهيتمي وردت أخبار صحيحة بتسميته يوم الولادة وحملها البخاري على من لم يرد العق يوم السابع وظاهر كلام أئمتنا ندبها يومه وإن أراد العق وكأنهم رأوا أن أخباره أصح وفيه ما فيه اهـ. قوله: (السنة أن يسمى المولود يوم السابع الخ) قد علمت وجه كل من القولين مما ذكر وعلى القول بأن التسمية يوم السابع
استحبابه يوم السابع، فلما رويناه في كتاب الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود في يوم سابعه، ووضع الأذى عنه، والعقّ" قال الترمذي: حديث حسن.
ــ
فاختلفوا هل يحسب منها يوم الولادة أولاً الأصح الأول. قوله: (فلما رويناه في كتاب الترمذي) تفرد بتخريجه عن باقي الستة وأخرجه في باب الاستئذان قاله الحافظ المزي. قوله: (أمر بتسمية المولود يوم السابع الخ) قال ابن النحوي ليس الأمر فيه على الحتم لما ورد من تسميته عليه الصلاة والسلام لابن أبي طلحة وابن الزبير وتحنيكهما قبل الأسبوع. قوله: (ووضع الأذى عنه) أي حلق الشعر الذي على رأس المولود وقيل إزالة النجاسة وما يخرج على الصبي من القذر حال ولادته قاله الكرماني فينحى ذلك حينئذٍ لتصلبه وتحمله لذلك إذ ذاك وقيل: كانوا يلطخون رأس المولود بدم العقيقة فنهوا عن ذلك وقيل المراد به الختان وعن محمد بن سيرين لما سمعنا هذا الحديث طلبنا من يعرف إماطة الأذى فلم أجد من يخبرني كذا في حاشية السيوطي على سنن أبي داود وفي المواهب اللدنية يحمل على أنها لا تؤخر عن السابع لا أنها لا تكون إلا فيه بل هي مشروعة من حين الولادة إلى السابع اهـ. وفي روى مالك في الموطأ أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزنت شعر الحسين وتصدقت بزنته فضة وفي الترمذي من حديث محمد بن الحسين بن علي رضي الله عنهم قال عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن بشاة وقال: يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة فوزناه فكان وزنه درهماً أو بعض درهم وقال الترمذي حديث غريب وإسناده ليس بمتصل قال أصحابنا: فيستحب ذلك وإلا فبذهب وكذا نص عليه الفاكهاني في شرح الرسالة. قوله: (والعق) أي ذبح العقيقة وهي الشاة المذبوحة لذلك وأصل العقيقة الشعر الذي على رأس الصبي وسميت الشاة بذلك لأنه يحلق رأسه عند ذبحها سميت باسم ذلك الشعر كما سموا النجو عذره وإنما العذرة فناء الدار لأنهم كانوا يلقون ذلك بأفنيتهم وذلك كثير في كلام العرب أن
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرها بالأسانيد الصحيحة عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كُلُّ غُلامٍ رَهِينة بِعَقِيقَتِه تُذْبَحُ عَنْهُ يَومَ سابعِهِ، وَيُحْلَقُ، وَيُسمَّى" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ــ
ينقلوا اسم الشيء إلى صاحبه إذا كثرت صحبته له قال ابن النحوي ومعنى الأمر بوضع الأذى عنه وإراقة الدم يوم السابع بالنسيكة تقرباً لله تعالى ليبارك فيه ويطهر بذلك اهـ. ثم يستحب أن يعق عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة وينبغي ألا
تكسر عظامه تفاؤلاً بسلامة أعضاء المولود فإن فعل لم يكره لكنه خلاف الأولى ثم هو خير بين قسم لحمه نيئاً وطبخه وإطعام أهله.
قوله: (وروينا في سنن أبي داود الخ) وأخرجه البيهقي في شعبب الإيمان بنحوه من حديث سليمان بن عامر وليس فيه تقييد ذلك بيوم السابع أورده عنه في الجامع الصغير وقاله الحافظ المزي في الأطراف. قوله: (كل غلام رهينة بعقيقته) قال في النهاية: الرهينة الرهن والهاء للمبالغة كالشتيمة والشتم استعملا في معنى المرهون فقيل هو رهن بكذا أو رهينة به وعند الترمذي الغلام مرتهن بعقيقته قال الخطابي تكلم النّاس في هذا وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أحمد بن حنبل قال: هذا في الشفاعة يريد أنه إذا لم يعق عنه فمات طفلاً لم يشفع في والديه وقيل المراد أن العقيقة لازمة لا بد منها فشبه المولود في لزومها له وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن وقيل: المعنى أنه مرهون بأذى شعره بدليل قوله وأميطوا عنه الأذى وقال ابن القيم في "كتاب أحكام المولود" اختلف في معنى هذا الارتهان فقالت طائفة: هو محبوس مرتهن عن الشفاعة لوالديه قاله عطاء وتبعه عليه أحمد وفيه نظر لا يخفى إذ لا يقال لمن لا يشفع لغيره إنه مرتهن ولا في اللفظ ما يدل على ذلك كالمرتهن المحبوس عن أمر بصدد نيله وحصوله والأولى أن يقال إن العقيقة سبب لفك رهانه من الشيطان الذي تعلق به من حين خروجه إلى الدنيا وطعنه في خاصرته فكانت العقيقة فداء وتخليصاً له من حبس
وأما يوم الولادة، فلما رويناه في الباب المتقدم من حديث أبي موسى.
وروينا في "صحيح مسلم" وغيره عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وُلِدَ لي اللَّيْلَةَ غُلامٌ فَسَمَّيتُهُ باسْم أبي إبْراهِيمَ صلى الله عليه وسلم ".
وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أنس قال: "وُلد لأبي طلحة غلام، فأتيت به
ــ
الشيطان له في أمره ومنعه له من سعيه في مصالح آخرته فهو بالمرصاد للمولود من حين يخرج إلى الدنيا يحرص أن يجعله في قبضته وتحت أسره ومن جملة أوليائه فشرع للوالدين أن يفكا رهانه بذبح يكون فداءه فإن لم يذبح عنه بقي مرتهناً كقوله ولهذا قال: فأريقوا عنه الدم وأميطوا عنه الأذى أمر بإراقة الدم عنه الذي يخلص به من الارتهان ولو كان الارتهان يتعلق بالأبوين لقال: فأريقوا عنكم الدم لتخلص لكم شفاعته فلما أمر بإزالة الأذى الظاهر عنه وإراقة الدم الذي يزيل الأذى الباطن بارتهانه علم أن ذلك تخليص للمولود من الأذى الباطن والظاهر والله أعلم بمراده ومراد رسوله اهـ. نقله عنه الحافظ السيوطي في حاشيته على الترمذي. قوله: (وأما يوم الولادة) أي دليل التسمية فيه وتقدم ون المصنف في حديث أبي موسى حمل الحديث في ذلك على الجواز وظاهر كلامه هنا الاستحباب وتقدم في أول الباب نقله عن جمع من الأصحاب وتوجيهه بأنه صح عندهم ما يقتضيه وسبق أن فيه ما فيه.
قوله: (وروينا في صحيح مسلم وغيره) في الأطراف للمزي أخرجه البخاري في الجنائز ومسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو داود في الجنائز أيضاً وفي الجامع الصغير زيادة عزوه لتخريج أحمد أيضاً. قوله: (ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم) هذا الولد أمه مارية القبطية رضي الله عنها وسبق ذكر ترجمته وسنة مولده وعام وفاته رضي الله عنه وقوله فسميته يقتضي أن التسمية كانت عقب الولادة في الليلة والله أعلم قال المصنف في شرح مسلم في الحديث جواز تسمية المولود يوم ولادته وجواز التسمية بأسماء الأنبياء اهـ.
قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم). قوله: (ولد لأبي طلحة غلام) هو أثر دعوته صلى الله عليه وسلم له ولامرأته
النبيَّ صلى الله عليه وسلم فحنَّكه وسماه عبدَ الله".
وروينا في "صحيحيهما" عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: "أتيَ بالمنذر بن أبي أُسَيْد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولد، فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم على فخذه وأبو أُسيد جالس، فَلَهِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بشيءٍ بين يديه، فأمر أبو أسيد بابنه فاحتُمل من على فخذ النبي صلى الله عليه وسلم، فأَقْلبُوه، فاستفاق النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أيْنَ الصَّبِي؟ فقال أبو أسَيْد: أقْلَبْناه يا رسول الله،
ــ
أم سليم لما صبرت على موت ولدها وتعرضت له حتى أصابها فقال صلى الله عليه وسلم: "بارك الله لكما في ليلتكما فجاء لهما هذا الولد وكان خيراً كاملاً كما تقدم في كلام ابن النحوي في باب التحنيك وولد عشرة أولاد كلهم فقهاء علماء صالحين كما ذكره المصنف وغيره. قوله: (فحنكه وسماه عبد الله) في الحديث استحباب تحنيك المولود وفيه حمل المولود عند واحد من أهل الصلاح والفضل يحنكه بتمرة ليكون أول ما يدخل جوفه ريق الصالحين وفيه استحباب التسمية بعبد الله وفيه استحباب تفويض تسميته إلى صالح فيختار له اسماً يرتضيه قال المصنف وفيه جواز تسميته يوم ولادته اهـ. وعبد الله بن أبي طلحة ذكره ابن الأثير وغيره في الصحابة قال في أسد الغابة هو أخو أنس لأمه أمهما أم سليم وساق حديث وفاة الولد الصغير وما وقع من أم سليم ومن دعائه صلى الله عليه وسلم لهما بالبركة في ليلتهما إلى أن قال وولد لعبد الله بن أبي طلحة عشرة أولاد كلهم قرأ القرآن وروى أكثرهم العلم شهد عبد الله صفين مع علي وروى عنه ابناه إسحاق وعبد الله وقتل شهيداً بفارس وقيل مات بالمدينة في خلافه الوليد اهـ.
قوله: (وروينا في صحيحيهما) قال الحافظ المزي في الأطراف أخرجه البخاري ومسلم في باب الأدب من صحيحيهما. قوله: (أتى بالمنذر بن أبي أسيد) المشهور في أبي أسيد ضم الهمزة وفتح السين ولم يذكر الجماهير غيره قال القاضي وحكى عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان بفتح الهمزة قال أحمد بن حنبل وبالضم قاله عبد الرزاق ووكيع وهو الصواب واسمه مالك بن ربيعة قالوا: وسبب تسمية النبي صلى الله عليه وسلم هذا المولود بالمنذر أن ابن عمه المنذر بن عمرو وكان قد
قال: ما اسمُهُ؟ قال: فلان، قال: لا، ولكِنِ اسْمُهُ المُنْذِرِ، فسماه يومئذ المنذر".
قلت: قوله: لهي، بكسر الهاء وفتحها لغتان: الفتح لطيء، والكسر لباقي العرب، وهو الفصيح المشهور، ومعناه: انصرف عنه، وقيل: اشتغل بغيره، وقيل: نسيه، وقوله: استفاق: أي: ذكره، وقوله: فأقلبوه: أي ردُّوه إلى منزلهم.
ــ
استشهد ببئر معونة وكان أميرهم فقال صلى الله عليه وسلم يكون خلفاً منه ذكره المصنف في شرح مسلم وترجمه في أسد الغابة بما ذكر في حديث الباب المذكور والله أعلم. قوله: (فقالوا فلان) قال شيخ الإسلام زكريا لم يجيء تعيينه
وقوله ولكن اسمه المنذر أي ليس وهذا الاسم المكنى عنه بفلان لائقاً به ولكن اسمه المنذر. قوله: (قلت قوله فلهي) قال المصنف في شرح مسلم رويت هذه اللفظة على وجهين أحدهما فلها بفتح الهاء والثانية فلهي بكسرها وبالياء والأولى لغة طيئ أي يقلبون الكسرة فتحة ثم يقلبون الياء ألفاً لتحريكها وانفتاح ما قبلها والثانية لغة الأكثرين ومعناه اشتغل بشيء بين يديه واللهو فلها بالفتح لا غير يلهو والأشهر في الرواية هنا كسر الهاء وهي لغة أكثر العرب كما ذكرنا واتفق أهل الغريب والشراح على أن معناه اشتغل اهـ. وفي التوشيح للسيوطي لهي بالكسر إذا غفل وبالفتح إذا لعب. قوله: (استفاق) أي ذكره يعني تذكره تذكراً ناشئاً عن استفاقة عما كان مشغولاً به من الفكر ونحوه كما قال في شرح مسلم استفاق أي أفاق من شغله وفكره وذكره الذي كان فيه أي فلما أفاق من ذلك ذكره. قوله: (فأقلبوه أي ردوه إلى منزلهم) قال المصنف في شرح مسلم هكذا وقع في جميع نسخ صحيح مسلم فأقلبوه بالألف وأنكره أهل اللغة والغريب والحديث وقالوا صوابه قلبوه بحذف الألف قالوا: يقال قلبت الصبي والشيء صرفته ورددته ولا يقال: أقلبته وذكر صاحب التحرير أن أقلبوه بالألف هنا لغة قليلة فأثبتها لغة أعلم ولا سهو في زيادة الألف اهـ.