الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يقوله إذا عثرت دابته
روينا في سنن أبي داود عن أبي المليح التابعي المشهور عن رجل قال: "كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فعثرت دابته، فقلت: تَعَس الشيطان، فقال: "لا تَقُلْ: تَعَسَ الشَّيطَانُ، فإنَّكَ إذَا قُلْتَ ذلكَ تَعَاظَم حَتى يَكُونَ مِثْلَ البَيتِ وَيَقُولُ
ــ
الاستغفار لقصور النفس عن تناول القلب والله أعلم اهـ، ثم وجه المناسبة بين هذه الجملة وما قبلها الحث والخص لأنه إذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم مع تنزهه عن كل
وصف دني وتحليه بكل نعت سني يكثر من الاستغفار لعظم ثمرته وشرف نتيجته فمن ابتلى بالنقص أولى بملازمته كالصابون لدرنه والله تعالى أعلم.
باب ما يقول إذا عثرت دابته
بفتح المثلثة أي زلت دابته وفي القاموس عثر كضرب ونصر وعلم وكرم عثراً فهو مثلث العين في الماضي والمضارع. قوله: (عن أبي المليح) بفتح الميم وكسر اللام آخره مهملة واسمه عامر بن أسامة بن عمير ويقال: زيد بن أسامة بن عامر بن عمير وقيل غير ذلك. قوله: (التابعي) هو من اجتمع بالصحابي واختلف في أنه هل يعتبر طول المدة هنا بخلاف الصحابي لأن نور النبوة يؤثر في الزمن اليسير ما لا يؤثر غيره في زمن طويل أولاً وعلى الأول فقيل يعتبر سنة. قوله: (عن رجل) وكذا رواه أحمد لكن عن أبي تميمة عمن كان رديفاً للنبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم) الرديف بوزن الشريف ويقال: الردف بكسر الراء وسكون الدال هذه اللغة الفصيحة وحكى القاضي عياض عن أبي علي الطبراني بفتح الراء وكسر الدال وهو الراكب خلف الراكب يقال منه ردفة يردفه بكسر الدال في الماضي وفتحها في المضارع إذا ركب خلفه وأردفته أنا وأصله من ركوبه على الردف وهو العجز قال القاضي: ولا وجه لما روى عن الطبراني إلا أن يكون فعل هذا اسم فاعل مثل عجل وزمن اهـ. قوله: (تعس) بفتح المثناة وكسر العين وبالسين المهملتين يقال: تعس يتعس إذا عثر وانكب لوجهه وقد تفتح العين وهو دعاء عليه بالهلاك كذا في النهاية وسيأتي في الأصل كلام الجوهري فيه. قوله: (تعاظم) أي لأنه يرى
بِقُوَّتِي، وَلَكِنْ قُلْ: بِسْمِ الله، فإنَّكَ إذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ حتَّى يَكونَ مِثْلَ الذُّبَابِ".
قلت: هكذا رواه أبو داود عن أبي المليح عن رجل هو رديف النبي صلى الله عليه وسلم.
ورويناه في كتاب ابن السني عن أبي المليح عن أبيه، وأبوه صحابي اسمه أسامة على
الصحيح المشهور، وقيل فيه أقوال أُخر، وكلا الروايتين صحيحة متصلة، فإن الرجل المجهول في رواية أبي داود صحابي، والصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول لا تضرُّ الجهالة بأعيانهم.
وأما قوله: تَعَس، فقيل: معناه: هلك، وقيل: سقط، وقيل: عثر، وقيل: لزمه الشرّ، وهو بكسر العين وفتحها، والفتح أشهر، ولم يذكر الجوهري في "صحاحه" غيره.
ــ
أنه نسب إليه حصول العثور ودعا عليه بالهلاك لسببه ولا فاعل إلا الله سبحانه ولذا قال في الحديث يقول: بقوتي عثرت الدابة أي إن قائل هذا اللفظ ربما توهم إن عثورها بقوة الشيطان فدعا عليه لذلك فنهى عنه. قوله: (بسم الله) أي أعوذ باسمه ومن عاذ بمولاه كفى شر أعدائه والشيطان للإنسان عدو مبين. قوله: (تصاغر) إذ لا بقاء للباطل عند وجود الحق بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق. قوله: (هكذا رواه أبو داود) أي عن أبي المليح عن رجل مبهم من الصحابة ورواه أحمد عن أبي تميمة عمن كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن هذا المبهم هو أبو أبي المليح وأنه أبهمه تارة لغرض وصرح باسمه تارة أخرى ويحتمل أنه غيره وهو ظاهر كلام الشيخ هنا ولا يضر إبهامه وعدم تعيينه لأن الصحابة كلهم عدول.
قوله: (ورويناه في كتاب ابن السني) وكذا رواه النسائي بهذا اللفظ عن أبي المليح عن أبي
الحاكم وكان العزو إليه أولى منه إلى ابن السني وأخرجه الحاكم في المستدرك. قوله: (وأبوه صحابي اسمه أسامة) قيل: أسامة بن عمير وقيل ابن عامر بن عمير وقيل غير ذلك وسبقت ترجمته وترجمة أبيه في باب ما يقول بعد ركعتي سنة الصبح والله سبحانه أعلم.