الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب كراهة القيام من المجلس قبل أن يذكر الله تعالى
روينا بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لَا يَذْكُرُونَ الله تَعالى فِيهِ إلَاّ قامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمارٍ
ــ
باب كراهة القيام من المجلس قبل أن يذكر الله تعالى
الضمير في يذكر عائد إلى الجالس الدال عليه المجلس. قوله: (روينا بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود وغيره الخ) في السلاح بعد ذكر حديث أبي هريرة ما جلس قوم مجلساً رواه أبو داود والترمذي واللفظ له وقال حسن والنسائي والحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم ولفظه ما من قوم جلسوا مجلساً وتفرقوا منه لم يذكروا الله فيه إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار وكان عليهم حسرة يوم القيامة زاد النسائي وابن حبان وما مشى أحد ممشى لم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة وما أوى أحد إلى فراشه لم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة اهـ، وفيه إيهام لا يخفى واللفظ الذي ذكره الشيخ هنا هو عند أبي داود كذلك، ثم هذا الحديث في تقدم في باب كراهة النوم على غير ذكر الله أخرجه المصنف من طريق أبي داود ونبه الحافظ ثمة على أنه حديث حسن روى عنه من طرق وأشار إلى اختلاف في سنده ثم قال: وإنما حسنه الترمذي لمجيئه من غير وجه. قوله: (لا يذكرون) بحذف الواو في جميع الأصول المصححة فهو في محل الحال. قوله: (إلا قاموا الخ) أي مثل قيام المتفرقين عن جيفة حماراً استثناء مفرغ من أعم الأحوال أي لا يوجد لمن ذكر حال قيام عن مجلسهم حال من الأحوال إلا حال من قام عن مثل جيفة الحمار المنتنة فإنهم اشتغلوا بغير ذكر الله سيما إن كان اللام صفة الدنيا فكأنهم استعملوا من جيفة الحمار وتفرقوا بما باءوا به من النقص والأوزار وفيه تنفير عن الغفلة وترهيب منها وترغيب في الذكر شبه من أكل من الطيبات واستعمل المستلذات ثم تخصيص الحمار لأنه أبلد الحيوان فشبه به من أخلى المجلس عن ذكر ربه لأنه ضيع أنفس الأشياء في جنب أحقرها
وكانَ لَهُمْ حَسْرَةً".
وروينا فيه عن أبي هريرة أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَعَدَ مَقْعَداً لَمْ يَذْكُرِ الله تَعالى فِيهِ كانَتْ عَلَيهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ، وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضْجَعاً لا يَذْكُرُ الله تَعالى فِيهِ كانَتْ عَلَيهِ مِنَ الله تِرَةٌ".
قلت: تِرة بكسر التاء وتخفيف الراء، ومعناه: نقص، وقيل: تَبِعة، ويجوز أن يكون حسرة كما في الرواية الأخرى.
وروينا في كتاب الترمذي عن أبي هريرة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِساً لَمْ يَذْكُرُوا الله تَعالى فِيهِ، ولَمْ يُصَلُّوا على نَبِيهِمْ فِيهِ، إلَاّ كانَ عَلَيهِمْ تِرَةً، فإنْ شاءَ عَذبَهُمْ، وإنْ شَاءَ غفَرَ لَهُمْ" قال الترمذي: حديث حسن.
ــ
وهو اللهو واللعب لاستيلاء حجاب الغفلة حتى منعه عن ذلك النفيس الذي لا أنفس منه وهو ذكر الله تعالى قال ابن الجزري قوله عن جيفة حمار أي عن نتنه وقبحه والجيفة جثة الميت زاد في النهاية إذا نتن ومجمله إنه شبه مجلس الغفلة بالجيفة والقيام عنه بالتفرق عنها في الجملة قيل وضمن قام معنى تجاوز أو تعدى فعدى بعن. قوله: (وكان لهم
حسرة) أي ما ذكر من الجلوس مع الغفلة عن الذكر والقيام عنه كذلك أو كان ذلك المجلس لهم متعلقاً بحسرة وهي خبر كان ووقع في نسخة برفع حسرة فتكون كان تامة أي وقع لهم أي عليهم كقوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} أي فلها حسرة وندامة حيث لا تنفع الندامة. قوله: (وروينا فيه) أي في سنن أبي داود وتقدم الكلام على سنده وما يتعلق به في باب كراهة النوم من غير ذكر الله تعالى. قوله: (مقعداً) إما أن يكون مفعولاً مطلقاً أو ظرف مكان. قوله: (ترة الخ) الهاء فيه عوض عن الواو المحذوفة: مثل وعد عدة. قوله: (وروينا في كتاب الترمذي) أي بهذا اللفظ وإلا فالحديث عنده وعند أبي داود والنسائي والحاكم وابن حبان كما سبق في كلام السلاح وفي الحرز وكذا رواه ابن ماجه عن أبي هريرة وأبي سعيد. قوله: (فإن شاء عذبهم) أي على ذنوبهم الماضية لا على ترك الذكر فإنه ليس بمعصية كذا في الحرز وقيل: إنه على سبيل الزجر والتهديد إذ الله أن يعذب من غير ذنب فكيف