الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال بعضهم: لا يبطل، بل يستحبُّ أن يأتيَ به، والصواب ما قدَّمناه أنه لا يأتي به، ولو خالف فأتى به، لا يبطل النكاح، والله أعلم.
باب ما يقال للزوج بعد عقد النكاح
السُّنَّة أن يقال له: بارك الله لك،
ــ
طوله لأن المقدمة التي قام الدليل عليها ما ذكر فقط فلم يغتفر طوله وضبط القفال
الطول بأن يكون زمنه لو سكتا فيه لخرج الجواب عن كونه جواباً. قوله: (وقال بعضهم لا يبطل بل يستحب) هو ما في الروضة واصلها والمحرر وزاد فيه الوصية بالتقوى وأطال الأذرعي وغيره في تصويبه نقلاً ومعنى واستبعد الأول بأن عدم الندب مع عدم البطلان خارج عن كلامهم وتقدم في كلام المصنف الإشارة إلى الجواب عن استبعاد الأذرعي. قوله: (والصواب ما قدمناه أنه لا يأتي به) أي على سبيل الاستحباب بل يستحب تركه خروجاً من خلاف من أبطل به.
باب ما يقال للزوج بعد عقد النكاح
أي الشامل للذكر والأنثى من استعمال المشترك في معنييه دفعة وهو جائز عند الشافعية وعينهم الشيخ المصنف أو من عموم المجاز عند من منع ذلك فإن الزوج كما يقال للزوج يقال للزوجة أيضاً كما ذكره المصنف بل قال: استعمال الزوجة بالتاء لغة ضعيفة إلا في الفرائض للفرق وبفرض قصر عبارة المصنف على الزوج المقابل للزوجة فالاقتصار عليه كونه محلل النص والزوجة بطريق القياس عليه. قوله: (بارك الله لك) بفتح الكاف وهكذا عند مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة والحميدي وابن أبي عمر والطبراني في الأوسط وابن السكن والإسماعيلي وأبي عوانة والبرقاني وأبي نعيم والبيهقي والبغوي وغيرهم وهو عند جمهور الرواة من مسند أنس وعند بعض رواته من مسند ابن عوف قاله القلقشندي في شرح العمدة ووهم صاحب الحرز فقال في هذا الحديث إنه بفتح الكاف وكسرها أيضاً اهـ. فإن الكسر لم تأت به رواية بل لا يصح بوجه لأن الخطاب فيه لعبد الرحمن بن
أو بارك الله عليك، وجمع بينكما في خير. ويستحب أن يقال لكل واحد من الزوجين: بارك الله لكل واحدٍ منكما في صاحبه، وجمع بينكما في خير.
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه حين أخبره أنه تزوَّج:"بارَكَ الله لَكَ".
ــ
عوف كما سيأتي في الأصل ولعل مراده أنه بالكسر لا في هذا الحديث بل بطريق القياس على المنصوص وهو الفتح والله أعلم، وقوله: بارك الله لك أي كثر لك النمو والأنعام والأمن من كل مؤذ في هذا الأمر المهم الذي يحتاج إلى الأمداد ومن ثم جاء في الحديث ثلاثة حق على الله أن يعينهم وذكر منهم المتزوج عفافاً قال الكرماني في أواخر كتاب الدعوات من شرح البخاري أراد بقوله بارك الله لك اختصاص البركة وبقوله عليك استعلاءها عليه اهـ. قوله: (وبارك عليك) رواه الشيخان والترمذي والنسائي كلهم من حديث جابر. قوله: (وجمع بينكما في خير) أي بأن تجتمعا على الطاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحسن المعاشرة والموافقة لما يدعو لدوام الاجتماع حسن الاستمتاع ثم قوله وجمع بينكما الخ لم يرد مع أحدى هذين اللفظين السابقين عند من ذكر بل هو من دعاء آخر ورد منه صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة كان صلى الله عليه وسلم إذا تزوج إنسان قال له الله: بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير رواه أصحاب السنن الأربعة وابن حبان والحاكم في المستدرك وبما ذكر علم أن قوله وجمع بينكما مجموع إلى ما قبله من الذكرين وإن كلاً من الذكرين الأولين جاء مستقلاً قاله في وقتين وجمعه تارة مع الثالث في وقت آخر والله أعلم.
قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) وسبق أن الحديث عند الترمذي والنسائي وأشار ابن النحوي في شرح البخاري إلى أنه عند ابن ماجه أيضاً وسبق ذكر ما في مخرجيه في كلام القلقشندي وعبد الرحمن بن عوف هو أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن الحارث وقيل ابن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري الصحابي الجليل أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى وأحد الثمانية السابقين للإسلام وأحد المهاجرين الأولين
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأحد المفتين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأمين النبي صلى الله عليه وسلم على نسائه وأمه صفية بنت عبد مناف بن زهرة وكان اسمه في الجاهلية عبد عمرو وقيل عبد الكعبة فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن أسلم قديماً على يد أبي بكر الصديق قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع بالمدينة وبينه وبين أيمن بمكة ولزم النبي صلى الله عليه وسلم وشهد معه المشاهد وجرح في رجله يوم أحد عشرين جراحة أو أكثر فعرج وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة وكان كثير المال جداً كثير الإنفاق في سبيل الله والصدقة والعتق تصدق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة آلاف درهم ثم بأربعين ألفاً ثم بأربعين ألف دينار ثم بخمسمائة فرس في سبيل الله ثم بخمسمائة راحلة وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جعفر بن برقان قال بلغني أن عبد الرحمن بن عوف أعتق ثلاثين ألف نسمة وأخرج أحمد والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما مرفوعاً اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى دومة الجندل وعممه بيده وأرخى له عذبة وسدلها بين كتفيه وقال: إن فتح الله عليك فتزوج بنت ملكهم أو شريفهم فتزوج تماضر بنت شريفهم ومن مناقبه العظيمة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلفه في غزوة تبوك حين أدركه وقد صلى بالناس ركعة والقصة في صحيح مسلم ولما قال لأهل الشورى هل لكم أن أختار لكم وانفصل فقال: علي أنا أول من رضيت فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أمين في أهل السماء والأرض روي أن عثمان ابن عفان اشتكى فدعا حمران فقال: اكتب العهد من بعدي لعبد الرحمن بن عوف فكتبه وانطلق إليه حمران يبشره فقام بين القبر والمنبر فقال: اللهم أمتني قبل عثمان فلم يعش بعد ذلك إلا ستة أشهر وفي السند ابن لهيعة روى له عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما قيل خمسة وستون حديث اتفقا منها على حديثين وانفرد البخاري بخمسة ومناقبة كثيرة ومات سنة اثنتين وثلاثين وله خمس وسبعون سنة وقيل غير ذلك وصلى عليه عثمان ودفن بالبقيع وخلف مالاً عظيماً حتى قطع الذهب بالفؤوس وصولحت امرأة من نسائه الأربع وهي تماضر بثمانين ألفاً قيل
وروينا في "الصحيح" أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال لجابر رضي الله عنه حين أخبره أنه تزوَّج: "بارَكَ اللهُ عَلَيكَ".
وروينا بالأسانيد الصحيحه
ــ
ديناراً وقيل درهماً وأوصى لأمهات المؤمنين بحديقة بيعت بأربعمائة ألف درهم ولكل رجل ممن شهد بدراً بأربعمائة دينار وكان بقي منهم مائة وبألف فرس في سبيل الله رضي الله عنه كذا نقل من شرح العمدة للقلقشندي.
قوله: (وروينا في الصحيح الخ) من حديث جابر وتقدم تخريجه وفي كل من الحديثين أنه صلى الله عليه وسلم سأل كلاً من عبد الرحمن وجابر عن التزوج فقال لعبد الرحمن وقد رأى عليه آثار صفرة ما هذا وفي
رواية مهيم فقال: إني تزوجت امرأة وهي أم إناس بنت أبي الحيسر بمهملتين بينهما تحتية وآخره راء واسمه أنس بن رافع الأوسي كما في التوشيح على وزن نواة من ذهب فقال: بارك الله لك والبركة الزيادة وجاء في بعض طرق حديثه زيادة هي قال عبد الرحمن ولقد رأيتني ولو أقلب حجراً لرجوت أن أصيب ذهباً أو فضة أشار إلى قبول الدعوة النبوية بالبركة له كذا في شرح العمدة للقلقشندي أيضاً وقال لجابر: تزوجت يا جابر قال: نعم يا رسول الله وذكر اعتذاره من نكاح الثيب قال: فبارك الله عليك ففيه جواز سؤال الإِمام أصحابه عن مثل ذلك ومفاوضتهم فيه والسؤال عن حال الصاحب والنظر في أمره والدعاء للمتزوج والله أعلم.
قوله: (وروينا بالأسانيد الصحيحة الخ) قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الشرح الكبير روى الحديث أحمد والدارمي وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة وصححه أيضاً الحافظ أبو الفتح القشيري في الاقتراح على شرط مسلم وفي الباب عن عقيل بن أبي طالب رواه الدارمي وابن السني وغيرهما من طريق الحسن قال: تزوج عقيل بن أبي طالب امرأة من في جشم فقيل له بالرفاء والبنين فقال: قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بارك الله فيكم وبارك لكم" قلت: