الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعود كان في يده ويقول: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]{قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49].
باب ما يقول من كان في لسانه فحش
روينا في كتابي ابن ماجه وابن السني عن حذيفة رضي الله عنه قال: "شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَرَبَ لساني، فقال: أيْنَ أنْتَ مِنَ الاستغْفَارِ؟
ــ
لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ}. قوله: (بعود كان في يده) في مسلم فجعل يطعنه بسية قوسه وهو بكسر المهملة وتخفيف التحتية المنعطف من طرفي القوس وسيأتي في كلام النهر أنه كان بالمخصرة فلعله كان تارة بهذا وتارة بهذا. قوله: (ويقول جاء الحق) قال المصنف في شرح مسلم في هذا استحباب قراءة هاتين الآيتين عند إزالة المنكر وفي النهر لأبي حيان جاء الحق أي القرآن وزهق الباطل أي الشيطان وهذه الآية نزلت بمكة لأنه صلى الله عليه وسلم كان يستشهد بها يوم فتح مكة وقت طعنه الأصنام وسقوطها لطعنه إياها بالمخصرة حسبما ذكر في السير وزهوقاً صفة مبالغة في اضمحلاله وعدم ثبوته في وقت ما. قوله: (جاء الحق) قال في النهر أخبر سبحانه أن الحق قد جاء وهو القرآن والوحي وبطل ما سواه من الأديان ولم يبق لغير الإسلام ثبات لا في بدء ولا في عاقبة فلا يخاف على الإسلام ما يبطله.
باب ما يقول من كان في لسانه فحش
أي بالشتم وسيأتي في أواخر باب تكره ألفاظ فصل في بيان الفحش والبذاء وآخر في طلب الاستغفار لمن كثر لغوه وأراد تكفير ذلك فيستغفره. قوله: (روينا في كتابي ابن ماجه وابن السني الخ) وكذا رواه النسائي بل قال في السلاح: إن اللفظ له ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم وفي رواية النسائي إني لأستغفر الله في اليوم وأتوب إليه مائة مرة اهـ، وزاد في الحصن فيمن خرجه ابن أبي شيبة في المصنف. قوله:(ذرب لساني) قال ابن الجزري بفتح المعجمة والراء أي حدته فلا يبالي ما يقول اهـ، وفي القاموس ذرب اللسان محركة فساد اللسان وإيذاؤه والفحش. قوله:(أين أنت من الاستغفار) أي
إني لأسْتَغْفِرُ اللهَ عز وجل كل يَوْمٍ مائَةَ مرَّةٍ".
قلت: الذرَب بفتح الذال المعجمة والراء، قال أبو زيد وغيره من أهل اللغة: هو فحش اللسان.
ــ
كيف يغيب عن فهمك الاستغفار وكان ينبغي أن تستحضره وتعلم أن من لزمه أذهب الله عنه فحش لسانه ولا منافاة بين ملازمة الاستغفار لذي البذاءة والاستحلال ممن آذاه بلسانه فإنه مع الاستحلال لا يستغني عن الاستغفار لحق الله سبحانه فيجمع بين الأمرين: الاستحلال والاستغفار ليؤدي الحقين. قوله: (إني) أي مع جلالة قدري وعصمة أمري. قوله: (لأستغفر الله في اليوم سبعمائة مرة) أي لأمتي أو لتقصيري في عبادتي أو لغفلتي عن حقيقتي أو لقناعتي بمرتبتي في الحال وعدم الاستزادة في العلم وقرب المتعال فإنه لا نهاية لغايتها عند أرباب الكمال أو لتنزلي عن مرتبة العين إلى مرتبة الغين وما يحصل في البين فبين أنواع استغفار الأبرار والاستغفار الصادر من الفجاريون عند ذوي البصيرة والأبصار، والمراد بالمائة الكثرة لأن حال السالك في ميدان المحاربة بين الحضور والغيبة متردد بين الفرة والكرة إنما الاختلاف في الغلبة كذا في الحرز وفي الفتح للحافظ أجوبة أخر منها قول ابن الجوزي هفوات الطباع البشرية لا يسلم منها أحد ومنها قول ابن بطال الأنبياء أشد النّاس اجتهاداً في العبادة لما أعطاهم الله من المعرفة فهم دائبون في شكره معترفون له بالتقصير اهـ، ومحصل جوابه أن الاستغفار من التقصير من أداء الحق الذي يجب الله تعالى ويحتمل أن يكون الاستغفار لاشتغاله بالأمور المباحة من أكل أو شرب أو نحو ذلك بالنسبة إلى المقام العلي وهو الحضور في حظيرة القدس ومنها أن استغفاره تشريع لأمته وقال الغزالي: كان صلى الله عليه وسلم دائم الترقي فإذا ارتقى إلى حال رأى ما قبلها ذنباً فاستغفر من الحال السابقة وقال السهرودي لما كان روح النبي ولا ريب أن حركة الروح والقلب أسرع من نهضة النفس فكانت خطى النفس تقصر عن مداهما في العروج فاقتضت الحكمة إبطاء حركة القلب لئلا تنقطع علاقة النفس عنه فيبقى العباد محرومين وكان صلى الله عليه وسلم يفزع إلى