الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الحثِّ على طيب الكلام
قال الله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88].
وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ــ
ومن حق المؤتمن ألا يخون فيما اؤتمن فيه فليمحض الرأي وليمحض النصح وإلا كان فيما اؤتمن فيه خائناً والله سبحانه وتعالى أعلم.
باب الحث على طيب الكلام
قوله: (واخفض جناحك للمؤمنين) قال في النهر: هو كناية عن التلطف والرفق وأصله أن الطائر إذا ضم الفرخ إليه بسط جناحه ثم قبضه على فرخه والجناحان من ابن آدم جانباه اهـ. قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) قال في الجامع الصغير ورواه أحمد وفي الجامع بدل قوله: فمن لم يجد فإن لم تجدوا وروى قوله: اتقوا النار ولو بشق تمرة دون ما بعده الشيخان والنسائي عن عدي وأحمد عن عائشة والبزاز والطبراني في الأوسط والضياء عن أنس والبزار عن النعمان بن بشير وعن أبي هريرة والطبراني في الكبير عن ابن عباس وعن أبي أمامة اهـ، وقال السخاوي في أمالي الأذكار ومن خطه نقلت. قوله:(عن عدي بن حاتم) هو الطائي والده الجواد المشهور وعدي يكنى أبا ظريف وقيل: أبا وهب قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة تسع من الهجرة فأسلم وكان نصرانياً روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وعشرون حديث اتفقا منها على ثلاثة وانفرد مسلم بحديثين روى عنه قيس بن أبي حازم ومصعب بن سعد وسعيد بن جبير في آخرين نزل الكوفة: وتوفي بها سنة تسع وستين وقيل: ثمان وستين وهو ابن مائة وعشرين سنة قال ابن قتيبة: وكان عدي طويلاً إذا ركب الفرس كادت رجله تخط الأرض شهد مع علي الجمل ثم صفين قال ولم يبق له عقب إلا من قبل ابنتيه أسد وعمرة وإنما أعقب حاتم من ولده عبد الله بن حاتم ولما توفي صلى الله عليه وسلم قدم عدي على
الصديق في وقت
"اتقُوا النَّارَ ولَو بِشِقِّ تَمْرةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيبَةٍ".
وروينا في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّ سُلامى مِنَ النَّاس عَلَيهِ
ــ
الردة بصدقة قومه وثبت على الإسلام وثبت معه قومه فلم يرتدوا فيمن ارتد من العرب وكان رضي الله عنه جواداً شريفاً في قومه معظماً عندهم وعند غيرهم حاضر الجواب روي عنه أنه قال: ما دخل علي وقت صلاة إلا وأنا مشتاق إليها وكان صلى الله عليه وسلم يكرمه إذا دخل عليه وشهد فتوح العراق زمن عمر رضي الله عنهما وشهد وقعة القادسية ووقعة مهران وغير ذلك وكان مع خالد بن الوليد حين سار إلى الشام وشهد معه بعض فتوحه وأرسل معه خالد بن الوليد الأخماس إلى الصديق وكان يفت الخبز للنمل ويقول: إنهن جارات ولهن حق وفي الصحيحين واللفظ للبخاري قال له عمر في قصة نعم والله لأعرفك آمنت إذ كفروا وأقبلت إذ أدبروا ووفيت إذ غدروا وإن أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة طيئ جئت بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال عدي: فلا أبالي كذا في التهذيب للمصنف مع نوع تلخيص. قوله: (اتقوا النار الخ) قال في النهاية بشق تمرة أي بنصف تمرة يريد أن لا تستقلوا من الصدقة شيئاً اهـ، وقال المصنف في شرح مسلم شق التمرة بكسر الشين المعجمة نصفها وجانبها وفيه الحث على الصدقة وأنه لا يمتنع منها لقلتها وإن قليلها سبب للنجاة من النار. وقوله:(فمن لم يجد) أي مما يتقيها به من المال. قوله: (فبكلمة طيبة) وهي الكلمة التى تطيب قلب الإنسان إذا كانت مباحة أو طاعة وقال ابن حجر في شرح المشكاة التي فيها نفع للنفس أو للغير وظاهر أن المراد كون الكلمة النافعة لنفسه طيبة النافعة له في دينه أو دنياه المستعين بها عليه أي فإنها سبب للنجاة من النار أيضاً.
قوله: (وروينا في صحيحيهما) وكذا رواه الإِمام أحمد كما في الجامع الصغير وقال السخاوي (من النَّاس) هو صفة للمبتدأ وقوله (عليه صدقة) خبر وتذكير الضمير رعاية لـ "لكل" المضافة لنكرة جائز وإن كان الأكثر اعتباره بالمضاف إليه كما في كل نفس ذائقة الموت إن كل نفس
صَدَقَةٌ، كل يَوْم تَطْلَعُ فيهِ الشَّمْسُ تَعْدِلُ بَينَ الاثْنَينِ صَدَقَةٌ، وتُعِينُ الرَّجُلَ في دابَّتِهِ فتَحْمِلهُ عَلَيهَا أو تَرْفَعُ لَهُ عَلَيها مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، قال: والكَلِمَةُ الطيبَةُ صَدَقَةٌ، وبِكُل خُطوةٍ تمشِيَها إلى الصّلاة صَدَقَةٌ، وتُمِيطُ الأذَى عنِ الطّريقِ صَدَقَةٌ".
قلت: السُّلامى بضم السين وتخفيف اللام: أحد مفاصل أعضاء الإنسان وجمعه: سُلاميات بضم السين وفتح الميم وتخفيف الياء وتقدم ضبطها في أوائل الكتاب.
ــ
لما عليها حافظ وطلب منه الصدقة شكراً لنعمة موجده وقوله (كل يوم) أعربه الطيبي مبتدأ والجمل بعده أخباره والرواجع فيها محذوفة: أي يعدل فيه وهكذا ويصح نصبه على الظرفية ويعدل الخ، بدل منه وعلى الأول استئناف جواب لسؤال محذوف كأنه قيل: من يقدر على هذا وأي شيء يتصدق به فقيل: كل يوم يعدل فيه بين الاثنين أي فيه صدقة الخ، كذا يستفاد من شرح المشكاة لابن حجر وقوله (تطلع فيه الشمس) صفة كاشفة والمراد بطلوعها وجودها وإن استترت بنحو غيم. قوله:(تعدل) بالرفع بتقدير إن، والفعل وإن في تأويل المبتدأ أي عدلك بين الاثنين أي المتخاصمين أي بالإصلاح بينهما ودوى ظلم الظالم منهما صدقة على كل من المظلوم لدفع الظلم عنه وعلى الظالم لمنعه مما فيه هلاك دينه وتقدم أنه على رفع يوم يكون فيه ضمير محذوف أي عدلك بين اثنين فيه صدقة والجملة خبر عنه ومثله في الجمل بعده وعلى النصب يكون بدلاً أي بدل اشتمال. قوله:(وتعين الرجل) بتقدير إن أي
وإعانة الرجل وذكره لأنه الغالب فمثله المرأة. قوله: (فتحمله عليها) بأن تمسك له الدابة حتى يركبها. قوله: (أو ترفع له عليها متاعه) أي وحده أو مع صاحبه. قوله: (وتميط) بتقدير إن كذلك أي إماطة الأذى عن الطريق فلذا عطفه على الجمل الاسمية تارة وعطفها عليه أخرى كما عملت. قوله: (وتقدم ضبطها في أوائل الكتاب) أي في باب فضل الذكر والذي تقدم ثمة هو ما ذكره الشيخ