الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال، صلى الله عليه وسلم:"مثل المجاهد في سبيل الله، والله أعلم بمن يجاهد في سبيله، كمثل الصائم القائم، وتوكل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالمًا مع أجر أو غنيمة"1.
وعلى هذا فإن الجهاد يعتبر أفضل الأعمال الصالحة مطلقًا، وفضيلته أعظم الفضائل باعتباره وسيلة إلى إعلان الدين ونصره ونشره وإخماد الكفر ودحضه، ففضيلته بحسب فضيلة ذلك2.
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في كتاب "السياسة الشرعية": "لم يرد في ثواب الأعمال وفضلها مثل ما ورد في الجهاد، فهو ظاهر عند الاعتبار، فإن نفع الجهاد عام لفاعله ولغيره في الدين والدنيا، ومشتمل على جميع أنواع العبادات الباطنة والظاهرة، فإنه مشتمل من محبة الله تعالى والإخلاص له والتوكيل عليه وتسليم النفس والمال له والصبر والزهد وذكر الله وسائر أنواع الأعمال على ما لا يشتمل عليه عمل آخر. والقائم به من الشخص والأمة بين إحدى الحسنيين دائمًا، إما النصر والظفر وإما الشهادة والجنة"3.
1 فتح الباري: 6/ 6.
2 فتح الباري: 6/ 5، وهو من كلام ابن دقيق العيد.
3 السياسة الشرعية: ص122 وما بعدها الطبعة الرابعة عام 69.
أجر المجاهدين:
إن للمجاهد منزلة رفيعة في مقياس الناس وفي ميزان العدالة الإلهية، وإن الشهيد في مقام كريم عند رب العزة، وفي حواصل طيور خضر عند جنة المأوى وليس أحد من أهل الجنة يتمنى أن يرجع إلى الدنيا إلا الشهيد1، فإنه يود أن يقاتل ويقتل مرة ثانية ليحظى بما حظي به في المرة الأولى من روعة الاستقبال، وبهجة اللقاء. قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:"طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة. إن استأذن لم يؤذن وإن شفع لم يشفع" 2، وقد شهدت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بالحياة المنعمة التي لا موت فيها لمن قتل شهيدًا.
1 فتح الباري: 6/ 81.
2 فتح الباري: 6/ 81.
قال سبحانه: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} 1، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:"عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله"2.
وروي أن مالك الأشعري قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم يقول:"من فصل 3 فمات أو قتل فهو شهيد، أو وقصه فرسه أو بعيره أو لدغته هامة أو مات على فراشه. أو بأي حتف شاء الله فهو شهيد وإن له الجنة"4.
وقال، صلى الله عليه وسلم:"إن في الجنة لمائة درجة، ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيله"5.
وقال، عليه الصلاة والسلام:"من أغبر قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار"6.
وقال، صلى الله عليه وسلم:"رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات أجري عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأَمِنَ الفَتَّانَ"7.
وعن أنس بن مالك أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله.. ألا تحدثني عن حارثة؟ وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب. فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء. قال:"يا أم حارثة إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى"8.
روي عن أبي سعيد أن رجلًا قال: "أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال
1 سورة آل عمران: 169.
2 رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
3 خرج من منزله.
4 رواه أبو داود.
5 متفق عليه. انظر السياسة الشرعية لابن تيمية: ص121.
6 اغبر قدماه أي تعفرت قدماه. والحديث رواه البخاري.
7 الفتان ج فاتن وهو ما يفتن الميت في قبره ويضله عن السؤال. انظر الجامع للأصول: 4/ 341. وفي القاموس الفتان بمعنى الشيطان، والحديث رواه مسلم في صحيحه.
8 فتح الباري: 6/ 26.