المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مكانة السنة في التشريع: - أضواء على الثقافة الاسلامية

[نادية شريف العمري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: في محيط الثقافة

- ‌المبحث الأول: تعريف الثقافة

- ‌في الاستعمال اللغوي

- ‌في الاستعمال الاصطلاحي:

- ‌الفرق بين الثقافة والعلم:

- ‌العلاقة بين الثقافة والحضارة:

- ‌الثقافة الإسلامية:

- ‌الفرق بين الثقافة الإسلامية وغيرها من الثقافات:

- ‌المبحث الثاني: خصائص الثقافة الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌أولى هذه الخصائص أنها ربانية المصدر:

- ‌الخاصية الثانية: الثبات

- ‌الخاصية الثالثة: الشمول

- ‌خاصية التوازن:

- ‌خاصية الإيجابية:

- ‌خاصية الواقعية المثالية:

- ‌المبحث الثالث: أهمية دراسة الثقافة الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌الازدهار الحضاري للأمة الإسلامية:

- ‌تأثر الغرب بالثقافة الإسلامية:

- ‌الأدواء التي حلت بالمسلمين:

- ‌تفاعل المسلم مع ثقافته:

- ‌الأساسيات التي تقوم عليها الثقافة الإسلامية:

- ‌دور الثقافة الإسلامية في العصر الحديث:

- ‌ما الذي تقدمه الثقافة الإسلامية للإنسان المعاصر:

- ‌الفصل الثاني: ركائز الثقافة الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الإيمان والعقيدة

- ‌المبحث الثاني: التشريع ومصادره

- ‌مدخل

- ‌القرآن الكريم

- ‌مدخل

- ‌أسماء القرآن الكريم:

- ‌الآيات المكية والمدنية:

- ‌جمع القرآن الكريم:

- ‌جمع عثمان بن عفان، رضي الله عنه:

- ‌الأسلوب القرآني في الطلب والتخيير:

- ‌أساس التشريع في القرآن الكريم:

- ‌أنواع الأحكام الواردة في القرآن الكريم:

- ‌دلالة القرآن الكريم بين القطعية والظنية:

- ‌السنة الشريفة

- ‌مدخل

- ‌السنة في اللغة والاصطلاح

- ‌أقسام السنة باعتبار السند

- ‌أقسام السنة باعتبار ما يصدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌نسبة السنة المطهرة للقرآن الكريم:

- ‌مكانة السنة في التشريع:

- ‌الفصل الثالث: تحديات أمام الثقافة الإسلامية التيارات المعادية

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: النصرانية

- ‌مدخل

- ‌ الحروب الصليبية:

- ‌ التبشير:

- ‌أساليب التبشير:

- ‌تعاون التبشير واليهودية:

- ‌الاستشراق

- ‌مدخل

- ‌تاريخ الاستشراق:

- ‌خطر الاستشراق:

- ‌أمثلة من مظاهر تحامل المستشرقين:

- ‌وسائل المستشرقين لتحقيق أهدافهم:

- ‌المبحث الثاني: اليهودية

- ‌التوراة

- ‌ التلمود:

- ‌ البروتوكولات:

- ‌الجمعيات اليهودية:

- ‌موقف المسلمين من المبادئ اليهودية:

- ‌المبحث الثالث: الشيوعية

- ‌مدخل

- ‌الترابط الوثيق بين الشيوعية واليهودية:

- ‌مقومات الماركسية

- ‌مدخل

- ‌ التفسير المادي للتاريخ

- ‌إلغاء الملكية الفردية والقضاء على الأسرة

- ‌القضاء على الدين

- ‌القضاء على الأخلاقيات

- ‌الغزو الشيوعي:

- ‌المبحث الرابع: التغريب

- ‌مدخل

- ‌العلمانية

- ‌مدخل

- ‌موقف الإسلام من العلمانية:

- ‌مجالات نشر العلمانية:

- ‌العلمانية والإعلام:

- ‌القومية

- ‌مدخل

- ‌كيف دخلت القومية إلى البلاد الإسلامية:

- ‌الفصل الرابع: الجوانب العملية في الثقافة الإسلامية

- ‌توطئة

- ‌المبحث الأول: الجهاد فريضة مستمرة

- ‌مدخل

- ‌تعريف الجهاد:

- ‌وللجهاد سبل كثيرة يتحقق بكل واحد منها

- ‌تاريخ تشريع الجهاد في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌سبب تشريع الجهاد:

- ‌مراحل تشريع الجهاد:

- ‌فضل الجهاد

- ‌مدخل

- ‌أجر المجاهدين:

- ‌من هو الشهيد:

- ‌مبحث شروط المجاهدين في الإسلام

- ‌حكم الجهاد

- ‌مدخل

- ‌أدلة وجوب الجهاد:

- ‌الإعداد للجهاد

- ‌مدخل

- ‌إعداد معنوي

- ‌إعداد مادي

- ‌أخلاق المسلمين في القتال:

- ‌ومن مظاهر رأفة الإسلام في الحرب:

- ‌المعاهدات في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌الشروط التي يجب تحققها في المعاهدة

- ‌الوفاء بالمعاهدات:

- ‌المبحث الثاني: التضامن الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌أسباب انقسام الأمة الإسلامية:

- ‌تاريخ الدعوة إلى التضامن الإسلامي:

- ‌أول مجتمع قام على أساس التضامن:

- ‌أسس التضامن الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ الأخوة الإيمانية:

- ‌ التكافل الاجتماعي:

- ‌ الشورى:

- ‌ العدل:

- ‌الخلافة وأثرها على وحدة الأمة الإسلامية:

- ‌واجب المسلمين لتحقيق التضامن الإسلامي:

- ‌دواعي التضامن الإسلامي:

- ‌الفهرس

الفصل: ‌مكانة السنة في التشريع:

ولعل الذي يؤيد ذلك قوله في أصول مذهبه: "الأصل: كتاب أو سنة".

الصورة الرابعة: أن تكون السنة مثبتة ومنشئة حكمًا سكت عنه القرآن الكريم، فيكون هذا الحكم ثابتًا بالسنة ولا يدل عليه نص من القرآن، مثل الأخبار التي تدل على رجم الزاني المحصن1، والحكم بشاهد ويمين2، وتحريم لبس الذهب والحرير على الرجال، وصدقة الفطر3، وتحريم لحم الحمر الأهلية4، وفكاك الأسير5 ونحو ذلك.

يتبين مما تقدم أن السنة راجعة إلى القرآن الكريم رجوع الشرح للمشروح والمبين للمجمل، كما أنها قد تستقل بتشريع أحكام غير منصوص عليها في القرآن الكريم ما كان لنا أن نهتدي إليها بعقولنا، ولولا هدي الرسالة ما انكشف لنا قريبها فضلًا عن بعيدها6.

ومن هذا نعلم أنه لا يمكن أن يقع بين أحكام القرآن والسنة تخالف أو تعارض.

1 عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه:"إن الله تعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم-بالحق وأنزل عليه الكتاب، وكان فيما أنزل آية الرجم فقرأناها ووعيناها وعقلناها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله عز وجل فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله عز وجل، ألا وإن الرجم حق إذا أحصن الرجل وقامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف. "السنن الكبرى للبيهقي: 8/ 211، سنن الدارمي: 1/ 179".

2 روى مالك عن جعفر الصادق بن محمد عن أبيه "محمد بن علي بن الحسين" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد. "شرح الزرقاني على موطأ مالك: 3/ 389".

3 عن ابن عمر قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين" رواه الجماعة. نيل الأوطار: 4/ 249.

4 "نهى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ورخص في الخيل" رواه الشيخان. شرح الزرقاني على موطأ مالك ص2/ 92، وفي نيل الأوطار "حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمر الأهلية" متفق عليه: 8/ 281.

5 عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فكوا العاني وأطعموا الجائع"، سنن الدارمي2/ 223. وفكاك الأسير في صحيح البخاري كتاب المعلم الحديث: ص39، والجهاد الحديث: 171، والديات: 24، 31، والترمذي: كتاب الديات الحديث: 16، والنسائي كتاب القسامة الحديث:14.

6 انظر إرشاد الفحول للشوكاني: ص 33، الموافقات: 4/ 27-37.

ص: 152

‌مكانة السنة في التشريع:

تأتي السنة المطهرة في المرتبة التالية للقرآن الكريم من حيث الاحتجاج بها

ص: 152

والرجوع إليها وأخد الأحكام منها أي أن المجتهد لا يرجع إلى السنة للبحث عن واقعة إلا إذا لم يجد في القرآن الكريم حكم ما أراد معرفة حكمه، لأن القرآن الكريم أصل التشريع ومصدره الأول، فإذا نص على حكم اتبع وإذا لم ينص على حكم الواقعة رجع إلى السنة. فإن وجد فيها حكمه اتبع.

والدليل على ذلك أمور:

الأول: إن الكتاب الكريم مقطوع به، والسنة مظنونة، والقطع فيها إنما يصح في الجملة لا في التفصيل، بينما القرآن الكريم فإنه مقطوع به جملة وتفصيلًا. والمقطوع مقدم على المظنون، فلزم تقديم الكتاب على السنة.

الثاني: إن السنة إما بيان للكتاب أو زيادة عليه، فإن كانت بيانًا فهي تلي القرآن في المرتبة لأن المبين مقدم على البيان، وإن لم تكن بيانًا وإنما كانت زيادة، فلا بد أيضًا من تقديم المزيد عليه على الزيادة، وبهذا الاعتبار يقدم القرآن الكريم.

الثالث: ما دل على ذلك من الأخبار والآثار كحديث معاذ: حينما سأله الرسول، صلى الله عليه وسلم، وقد أرسله واليًا على اليمن:"بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله. قال: "فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي"1.

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى شريح: "إذا أتاك أمر فاقض بما في كتاب الله، فإن أتاك ما ليس في كتاب الله فاقض بما سن فيه رسول الله، صلى الله عليه وسلم"2، وفي رواية عنه:"انظر ما تبين لك في كتاب الله فلا تسأل عنه أحدًا، وما لم يتبين لك في كتاب الله فاتبع فيه سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم".

وورد مثله عن ابن مسعود: "من عرض له منكم قضاء فليقض بما في كتاب الله فإن جاءه ما ليس في كتاب الله فليقض بما قضى به نبيه، صلى الله عليه وسلم"3.

وعن ابن عباس أنه كان إذا سئل عن شيء فإن كان في كتاب الله قال به،

1 رواه أبو داود في كتاب الأقضية الحديث: 6.

2، 3 أعلام الموقعين لابن قيم الجوزية: ج1 ص202، الموافقات للشاطبي: 4/ 8.

ص: 153

وإن لم يكن في كتاب الله وكان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به.

وعلى هذا سار السلف الصالح من العلماء.. وللصحابة رضوان الله عليهم آثار جمة من هذا القبيل.

وقد فرق الحنفية بين الفرض والواجب بناء على تقديم اعتبار الكتاب على اعتبار السنة. وأن اعتبار الكتاب أقوى من اعتبار السنة، وقد لا يخالف غيرهم في معنى تلك التفرقة.

فإن اعترض على هذا بأن السنة تقدم على القرآن الكريم لأنها تقيد المطلق وتخص العام، والمقيد والخاص مقدمان على المطلق والعام.

فالجواب: ليس معنى ذلك العمل بالسنة وإطراح الكتاب، بل إن الموضح في السنة هو المراد، فكأن السنة بمنزلة التفسير والشرح لمعاني أحكام الكتاب.

وقد دل على ذلك قول الله تبارك وتعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} 1، فبالسنة يحصل البيان، مثال ذلك قول الله تبارك وتعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} 2. فإنه حكم عام يوجب القطع على كل من ارتكب جريمة السرقة، فكان محتاجًا إلى بيان المحل الذي تقطع منه اليد، ومحتاجًا إلى بيان الشروط التي إذا تضافرت مجتمعة وجب تنفيذ هذا الحد، فجاءت السنة المطهرة مبينة أن القطع من الكوع، وأن للمسروق شروطًا: كأن يبلغ نصابًا فأكثر، وأن يكون في حرز مثله..

وهذا البيان هو المعنى المراد من الآية الكريمة، وليس ثمة أحد يقول إن السنة أثبتت هذه الأحكام دون القرآن الكريم، كما إذا بين لنا مالك رحمه الله أو أحد المفسرين معنى آية أو حديث، فعملنا بمقتضاه، فلا يصح لنا أن نقول: إنا عملنا بقول المفسر الفلاني دون أن نقول عملنا بقول الله تعالى أو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا هنا، فلا يقال إن السنة مقدمة على القرآن، بل مبينة له.

1 سورة النحل: 44.

2 سورة المائدة: 38.

ص: 154