الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجبن وقبول واقع مرير وحياة وضيعة، والفضيلة كل الفضيلة تتجلى في رد الاعتداء ومنع الخضوع للأقوياء المشركين، ولو ترك الأشرار وشأنهم يعيثون فسادًا من غير رادع يردعهم ولا مانع يمنع طغيانهم وبغيهم لعَمَّ الفساد في البر والبحر قال الله تبارك وتعالى:{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} 1.
ولعل الحكمة من مشروعية الجهاد في الإسلام قد استبانت ويمكن إرجاعها إلى العوامل التالية:
1-
الدفاع عن النفس.
2-
رد العدوان.
3-
تأمين حرية العقيدة وإقامة الشعائر الدينية.
قال الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود في كتابه "الجهاد المشروع في الإسلام": "لقد عشنا زمنًا طويلًا ونحن نعتقد ما يعتقده بعض العلماء وأكثر العوام من أن قتال الكفار سببه الكفر، وأن الكفار يقاتلون حتى يسلموا لكننا بعد أن توسعنا في علم الكتاب والسنة والوقوف على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم تحققنا بأن القتال في الإسلام، إنما شرع دفاعًا عن الدين وعن أذى المعتدين على المؤمنين، وليس هذا بالظن ولكنه اليقين ثم استشهد بقول ابن تيمية "الصحيح أن القتال شرع لأجل الحرب لا لأجل الكفر، وهذا هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة وهو مقتضى الاعتبار، وذلك أنه لو كان الكفر هو الموجب للقتال لم يجز إقرار كافر بالجزية"2.
1 سورة البقرة: 251.
2 الجهاد المشروع في الإسلام: ص7 وما بعدها.
مراحل تشريع الجهاد:
إن المتتبع لآيات الجهاد وزمن نزولها وأقوال علماء التفسير فيها يرى أن فريضة الجهاد قد مرت بمراحل تشريعية يمكن إجمال الكلام عنها في نقاط أساسية هي:
1-
المرحلة الأولى:
تتمثل في الرد على عدوان كفار مكة والتصدي لإيذائهم وظلمهم، وهذا ما يفهم من قول الله تبارك وتعالى:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} 1، يؤيد هذا المعنى المستفاد من الآية ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إن أبا بكر قال حين نزلت هذه الآية: "فعرفت أنه سيكون قتال"2.
2-
المرحلة الثانية:
السماح للمسلمين بقتال من يعتدي عليهم، ولعل هذا المعنى هو الذي يشير إليه قول الله تبارك وتعالى:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} 3، وقوله سبحانه:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} 4.
3-
المرحلة الثالثة:
الإذن بقتال اليهود وإخراجهم من ديارهم، ذلك لأنهم نقضوا ما كان بينهم وبين المسلمين من عهود ومواثيق وتآزروا مع أعداء الدعوة لقتال المسلمين وقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله سبحانه قوله الكريم:{الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ، فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ، وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} 5.
4-
المرحلة الرابعة:
الإذن بقتال قوى الشر متمثلة باليهود والنصارى الذين تكتلوا ووقفوا ضد الدعوة الإسلامية ومنعوا الناس من الدخول في دين الله. وهذا المعنى يفيده قول الله تبارك وتعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} 6.
5-
المرحلة الخامسة:
الإذن بقتال أعداء الإسلام عامة من مشركين
1 سورة الحج: 39.
2 تفسير ابن كثير: 3/ 224.
3 سورة البقرة: 190.
4 سورة البقرة: 194.
5 سورة الأنفال: 56، 57، 58.
6 سورة التوبة: 29.