الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ".
قال السرخسي: "والمراد بالسنة شرعًا: ما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط".
وأطلق السلف السنة على طريقة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وكانوا يأخذون البيعة على سنة العمرين "أبي بكر وعمر"1.
وكانت السنة بالمعنى الاصطلاحي المصدر الثاني للتشريع تستنبط منها الأحكام كما تستنبط من المصدر الأول، وهو القرآن الكريم، ويرجع إليها في فهم المراد من كتاب الله تبارك وتعالى، ولهذا السبب قيل: إن أصول الشرع هما القرآن والسنة. وأما ما سواهما من أصول فهي مظهرة ومبينة لأحكام الله، ولا منشئة كالقياس والاستصحاب.
1 أصول السرخسي: 1/ 114.
أقسام السنة باعتبار السند
…
ويمكننا أن نقسم السنة باعتبارين:
الاعتبار الأول من حيث السند.
والاعتبار الثاني من حيث ما يصدر عن النبي عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير.
التقسيم الأول باعتبار السند:
تنقسم السنة بهذا الاعتبار عند الجمهور إلى قسمين:
الأول: السنة المتواترة.
والثاني: سنة الآحاد سواء أكان خبر الواحد مستفيضًا وهو الذي زادت رواته على ثلاثة كما قرر ابن الحاجب والآمدي1، وغير المستفيض وهو المشهور، وهو ما رواه الثلاثة فأقل ثم اشتهر ولو في القرن الثاني أو الثالث، إلى حد ينقله ثقات لايتوهم تواطؤهم على الكذب2 ويهمنا هنا أن نعرف كلًا من
1 مختصر المنتهى الأصولي لابن الحاجب مع حاشيةالسعد: 2/ 55، الأحكام للآمدي: 2/ 21.
2 المستصفى للغزالي: 1/ 93، إرشاد الفحول للشوكاني: ص41.
المتواتر والآحاد، ونبين ما يفيداه:
أولًا: السنة المتواترة أو الحديث المتواتر:
التواتر في اللغة: هو التتابع، يقال: تواترت الخيل: إذا جاءت يتبع بعضها بعضًا: ومنه "جاءوا تترى" أي متتابعين، وترًا بعد وتر، والوتر الفرد1.
أما تعريفه في الاصطلاح، فقد عرف تعريفات متعددة نختار منها ما قاله البزدوي: "هو الذي اتصل بك من رسول الله لا اتصالًا بلا شبهة حتى صار كالمعاين المسموع منه، وذلك بأن يرويه قوم لا يحصى عددهم، ولا يتوهم تواطؤهم على الكذب لكثرتهم وعدالتهم وتباين أماكنهم، ويدوم هذا الحد فيكون آخره وأوسطه كطرفيه، وذلك مثل نقل القرآن الكريم والصلوات الخمس، وأعداد الركعات ومقادير الزكاة، وما أشبه ذلك2.
ونأخذ من هذا التعريف شروط المتواتر وهي:
1-
تعدد النقلة بحيث يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب لاختلاف مشاربهم وبلدانهم.
2-
صلة الإسناد.
3-
أن يستوي في ذلك الطرفان والوسط، بأن يحدث المشاهدون أنهم شاهدوا، وهم جمع يؤمن تواطؤهم عن الكذب، وينقل عنهم أنهم شاهدوا مثلهم حتى يصل إلينا3.
وهذا القسم يوجب علم اليقين بمنزلة العيان علمًا ضروريًّا.
ثانيًا: السنة المشهورة أو الحديث المشهور: وهو ما كان أحادي الأصل ثم انتشر واشتهر في القرن الثاني والثالث ونقله قوم لا يتوهم تواطؤهم على الكذب، وأولئك قوم ثقات أئمة لا يتهمون، فصار بشهادتهم وتصديقهم قريبًا من
1 المصباح المنير: 2/ 321.
2 أصول البزدوي: 2/ 680-681.
3 الأحكام للآمدي: 2/ 25.