الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القضاء على الدين
…
3-
الماركسية والدين
تزعم الماركسية أن الحياة عبارة عن مادة تتحرك وفق قانون مادي.. وتنكر وجود الخالق {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَاّ كَذِبًا} 1.
وترى أيضًا أن الأديان كلها مخدرة للعقول، وهي أفيون الشعوب وأن وجود الدين والدعاة عوامل ضعف يجب التخلص منهما والقضاء عليهما.
والإلحاد في الشيوعية يعتبر دعامة أساسية من الدعائم التي تقوم عليها الفكرة الماركسية والدولة الشيوعية، ولذا فهي تفرض الإلحاد فرضًا إلزاميًّا.. وتنكر البعث والحساب والجزاء..
ويرى كثير من الباحثين أن الشيوعية بأفكارها وإلحادها ونظرياتها وتطلعاتها تحاول أن تكون دينًا يمكن فرضه على الناس وإحلاله محل الأديان.
يقول ماركس:
"إن المسيحية تفرض الجبن واحتقار النفس وإذلالها وتجند الخضوع والخسة وكل صفات الكلب الطريد، وأن أصحاب المصالح قد استغلوا المسيحية كلما وجدوا لهم مصلحة في استغلالها فجعلوها دين الدولة بعد قرنين ونصف من ظهورها، وجاء البرجوازيون في ألمانيا فابتدعوا البروتستانتية ولم يستفيدوا منها لضعفهم فاستفاد منها الملوك المطلقون وأنها رفعت عنهم سلطان الكنيسة، والدين جملة هو الغذاء الخادع للضعفاء لأنه يدعوهم إلى احتمال المظالم ولا يزيلها"2.
ذلك هو رأي ماركس في الدين بعامة، وقد أقام عليه نظريته الضيقة المحدودة، المحصورة في بيئته، ولم يكلف نفسه مؤنة البحث عن الأديان الأخرى، ولو عرف الإسلام ولو معرفة سطحية أو نظر إليه نظرة سريعة لتغيرت مبادؤه من حيث الأساس، ولهدم نظريته، ولعاد أدراجه مستغفرًا الله منيبًا إليه، إن كان يريد الخير للبشرية، وإن كان يريد لنفسه السعادة الدنيوية والأخروية.
1 سورة الكهف: 5.
2 عن كتاب هزيمة الشيوعية في عالم الإسلام: ص78.
ولكنه العمى القلبي الذي يحجب الحقيقة عن النفس ويخدر العقل فيجعله عاطلًا عن التفكير السليم السديد.. وماركس كان يعمل ليهوديته ليس غير، كان يدور في إطار التلمود يلتمس الأعذار المبيحة ليمحوا الأديان، ويبقي اليهودية عقيدة وديانة كي يضمن لهم السيطرة على العالم والتمكين في فلسطين.. وهو بهذا العمل ينفذ بروتوكولات صهيون، ويهاجم العقيدة والنظام الاجتماعي معًا، ويقدم مفهومًا ماديًّا خالصًا للكون والحياة والمجتمع والتاريخ والحضارة. يستمد مفاهيمه من ركام الوثنيات البدائية التي انقرضت أو كادت تنقرض أمام جلاء الحقيقة الواحدة عن طريق الأديان السماوية التي وهبها الله للإنسان، ولكن ماركس لم يرد هذا التقدم الذي أحرزته البشرية بفضل الأديان السماوية بعامة والإسلام الخالد بخاصة، وإنما أراد أن ترتكس البشرية وتعود أدراجها من حيث أتت وحين نفضت عنها غبار التأخر ومزقت ظلام الجهل وركام الوثنيات المفزعة
…
أراد ماركس أن ترجع البشرية كلها القهقرى وأن تثبت اليهودية وحدها، وأن تبني حضارتها وحدها تحت شعار "شعب الله المختار" إنها غباء الانعزالية، وضلال الانفرادية، وعمى العنصرية.
وليست الماركسية هي أول نكسة للبشرية وأول نظام سياسي واقتصادي واجتماعي يتحدى العقيدة الدينية ويتهمها أنها عائق في وجه الإصلاح، فقد ظهرت نظم كثيرة تطورت إلى نظم أخرى ثم اندثرت، وداستها أقدام الأصالة والفطرة وبقيت العقيدة كامنة في قرارة السلوك الإنساني تحفظ الحياة وقيمها الرفيعة في خضم القلق والثورات وتمد الناس بأسباب الأمن والطمأنينة والثقة بالعدالة الإلهية والاستقرار النفسي والاجتماعي1.
والإسلام الذي واجه فلسفات كثيرة وعقائد مختلفة خلال أربعة عشر قرنًا، وثبت في وجه تياراتها وأمام تحدياتها، وأثبت عجزها وجمودها وضلالها، قادر -بإذن الله تعالى- أن ينتصر أمام تحديات الماركسية والشيوعية والماسونية
…
وغيرها وغيرها..
1 هزيمة الشيوعية في عالم الإسلام: ص81.
2 سورة يوسف: 21.