الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتضامن الإسلامي ضرورة لازمة لحماية ديننا ودنيانا من الغزو الفكري الهدام الذي يحمل راية الإلحاد والفوضوية والإباحية والشيوعية، ويعتقد -افتراء وبهتانا وظلما وعدوانا- أن الدين أفيون يخدر الشعوب.
والتضامن الإسلامي تعبير صادق عن المشاعر القوية التي تحملها قلوب الملايين من المسلمين الذين يحسون إحساسا حقيقيا بالروابط الثقافية والتاريخية والجغرافية والاجتماعية.. يؤكد هذا تزايد أعداد حجاج بيت الله الحرام عاما بعد عام، واجتماع قادة الفكر، والعلماء وأهل الحل والعقد، وتبادلهم وجهات النظر في القضايا الإسلامية المطروحة على بساط البحث.
يقول الأستاذ محيي الدين القابسي في كتابه التضامن الإسلامي: "
…
والتضامن الإسلامي ما هو إلا مبادرة طبيعية من الشعوب الإسلامية التي تعد بالملايين لإرسال قواعد حياتها على أسس متينة في عالم تنازعه المطامع وتمزقه الأهواء وتشن فيه المبادئ الملحدة حربا شرسة ضد التراث الحضاري الإنساني1.
1 التضامن الإسلامي: ص28.
أسباب انقسام الأمة الإسلامية:
لقد تكالبت قوى الشر ووقفت مجتمعة، متحدة، متماسكة الأيدي، توجه للعالم الإسلامي ضربات قاسية وشديدة مريرة، ضربات دامية مرهقة، ضربات حاقدة لئيمة خبيثة، حتى كادت تذهب بالأنفاس وتخمد الحركة، لولا أن من الله علينا من فضله فأبقى لنا بقية من حياة، وشعلة نلتف حولها، ومبادئ تجمع بيننا وأهدافا نرنو إلى تحقيقها وقبلة نتوجه إليها وشعائر نؤديها مجتمعين، وركائز يقوم عليها كياننا الإسلامي الممتد عبر الدهور والأزمان، منذ انبثاق فجر التوحيد إلى يومنا هذا.
أجل لقد تحالفت قوى الشر والضلال من صهيونية ماكرة شرسة، وصليبية حاقدة مريعة وشيوعية خبيثة لئيمة لتطعن في الجسم الإسلامي والكيان المؤمن بالله المعتصم بحبله. وكانت أولى تلك الضربات إبعاد الخلافة الإسلامية عن الوجود والواقع الإنساني، والإطاحة بها وتحطيم دعائمها، وبث الدعاية الباطلة ضدها،
واتهامها بشتى الاتهامات الشنيعة كيلا يفكر المسلمون بإعادتها مرة ثانية، وألصقوا بها تهمة الخلف والرجعية والتعارض مع النهضة والتقدم والرقي، واتهموا الخلافة العثمانية بالرجل المريض الضعيف الذي يجب بتره والتخلص منه وألا يبقى وصمة تخلف في جبين البشرية، ودبروا المؤامرات الخبيثة للقضاء على الخلافة، وصدرت المؤلفات الضخمة لتطرح مائة مشروع لتقسم الممتلكات العثمانية بين الدول الأوروبية على أن يكون للصهيونية نصيب منها، وخدعت بعض الأشخاص من الأتراك والعرب وغررت بها وضللتهم بادعاءاتها الباطلة وأمسكتهم معاول فاتكة حادة قوية لهدم الكيان الإسلامي ولتمزيق وحدته وتفتيت قوته، فنادوا كالببغاوات بالقومية ودعوا إلى تتريك اللغة وأجهزة الحكم والإدارة، والمكاتبات الرسمية، وكان ما كان من مأساة القومية لسلخ تركيا عن الوطن الإسلامي.. وعلى الطرف الآخر.. العربي.. ظهرت دعوة قومية، تسير في الاتجاه السابق نفسه.
الضربة الثانية: استطاعت أن تمزق كيان الأمة الإسلامية إلى أجزاء متعددة وأن تجعل من الدولة القوية دويلات ضعيفة، ومن البلد الواحد المتعاضد بلدان متباعدة متعادية.. كل هذا بقصد أن تبسط الدول الأوروبية الاستعمارية سلطانها على هذه الأجزاء، وفعلا أخضعتها إلى سلطتها الأوروبية، لتستغل خيرات تربتها وأرضها، ولتستخدم طاقاتها البشرية لتحقيق أطماعها العدوانية والاقتصادية، ولتبني مجدها على أكتاف أناس عاملين بصمت، مأخوذين بشدة الضربات المتتالية.. فسوريا ولبنان خضعتا لنفوذ فرنسا، ومصر والسودان والعراق والأردن خضعت لأطماع انجلترا، والشمال الإفريقي خضع لسيطرة فرنسا، والهند لسلطان انجلترا، وبذل الاستعمار ما بذل لإبعاد الوسط الإفريقي عن التأثر بالدين الإسلامي.
الضربة الثالثة: تمكنت من بذر بذور الاختلاف والشقاق والتناصر والتصارع بين تلك الدويلات الإسلامية، فلكل دولة اتجاهها السياسي المختلف عن اتجاه الدولة الأخرى، ولكل منها أهدافها الخاصة، فتلك تعمل لحساب الشيوعية الماركسية، تنفق لها وتدعوا لمبادئها، وتحمل شعارها، وتدور في فلكها حيث دارت يمنة أو يسرة، وأخرى تعمل وفق سياسة غربية استعمارية لا تستيطع حراكا، ولا تنفذ خطة إلا بإذن من سيدتها وبإشارة منها.