الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقفًا غير نزيه وغير علمي، وقد قدم تحليلات لفترات انتقالية من التاريخ في بيئة من البيئات، ولكنه عجز عن تفسير التاريخ كله في كل البيئات.. وفي السنوات الأخيرة تراجع الماركسيون عن موقفهم بإعطاء العامل الاقتصادي الأهمية القصوى، وأقروا بألسنتهم أن الاقتصاد ليس العامل الوحيد في التغيرات الاجتماعية، وهكذا جاء الاعتراف من جانبهم ليؤكد فساد نظريتهم.
وتبع فساد هذا الرأي فساد آخر في تناول "الحتمية التاريخية" التي تنبأ بها "كارل ماركس" والتي تجعل الأحداث الاجتماعية منحصرة في دائرة الصراع العنيف بين طبقات المجتمع، وهذا الصراع لا بد أن يئول إلى الاشتراكية بصورة حتمية، وقد أثبت الواقع خطأ هذا القول وفساده بل أثبت عكسه، فإن انتشار الشيوعية في روسيا والصين كان بصورة ضيقة جدًّا ومحدودة جدًّا وكان بشكل إلزامي، استبيح فيه دم الإنسان، وأهدرت كرامته.
ومن حسن حظ البشرية أن تتنبه للأخطاء الجسيمة التي تكمن في هذه النظرية الإلحادية، ولذلك فقد رفضتها معظم دول العالم وكشفت النقاب عن فسادها.
وتكاد الآراء تجمع على أن ماركس اعتمد في أسس نظريته على متغيرات اقتصادية تكشف خطؤها فيما بعد، وأن النظرية لم تكن وليدة بحث علمي وإنما جاء البحث تبريرًا ودفاعًا عن النظرية.
2-
الشيوعية و
إلغاء الملكية الفردية والقضاء على الأسرة
توجه الماركسية ضربة شديدة إلى المجتمع الإنساني، حيث ترى أن الأسرة هي دعامة المجتمع "البرجوازي" فيجب القضاء على هذه الدعامة حتى يصبح المجتمع "شيوعيًّا" تقوم العلاقات بين أفراده على أساس الجنسية الحرة والإباحية المطلقة، ومن ثم فلا أنساب ولا حرمات، ولا أعراض ولا فضائل هذا شأن الماركسية الوقحة.. ومن ثم فالفرد ذرة مذابة في جسم المجتمع الشيوعي ومن شأن هذا إلغاء الملكية الفردية، وإلغاء حق التوريث وحق ثمار الكسب.
إن هذا المبدأ الذي تنادي به الماركسية من أخطر المبادئ التي تصادم الفطرة البشرية والطبيعة الإنسانية، فالإنسان يسعى بفطرته لإقامة أسرة وهو منتمٍ
أصلًا إلى أسرة، والأسرة توفر الحياة الكريمة التي تتناسب مع كرامته ومكانته في الكون.. فهو لم يخلق ليكون حيوانًا يعيش حياة جنسية فوضوية.. بل هو أكرم مخلوقات الله خلق لتحقيق العبودية لله تعالى وليكون خليفة لله في أرضه، ومن كان هذا شأنه حريًّا أن يكون في مقدمة المخلوقات كرامة وعفة وشرفًا واعتزازًا بإنسانيته وبانتمائه إلى أسرة تنظم حياته وتضع الخطوط العريضة الواضحة لتميز بين الحلال والحرام والأقارب والأباعد والأنساب والأرحام والزوجات والأخوات والأبناء والآباء.
ولا يوجد فيما نعلم - مجتمع يأخذ بنظام الشيوعية المشاعة المطلقة في علاقات الرجال بالنساء.. وأن هذه المحاولة من الماركسية قد باءت بالفشل الذريع فلم تستطع أن تعيش حتى في نفس الموطن الذي انبثقت منه هذه الفكرة.
وأهانت الشيوعية "المرأة" أيما إهانة، فجعلتها عاملًا في المزرع والمصنع، ومنظفًا للطرقات ومزيلًا للركام الثلجي في سيبريا، وحملتها فوق طاقتها من الأعباء والتكاليف.. فهل بعد هذه الإهانة من إهانة؟ وهل هنالك أدنى درجة لتحقير الإنسان من هذا التحقير؟ وهل يرضى الرجل وهو ابن أو أب أو زوج أو أخ أن يرى أمه أو ابنته أو زوجته أو أخته في هذه الحالة المهينة؟
هذه هي الشيوعية الذئب المفترس في صورة الحمل الوديع، هذه هي الشيوعية وقد كشرت عن أنيابها فنفثت أحقادها وضغائنها على البشرية.. إنها وصمة عار في جبين الإنسانية. ودمعة سوداء في سجل تاريخ الإنسانية، إنسان القرن العشرين.
وأين هذه النكسة الماركسية من إعزاز الإسلام للبشرية قاطبة ومنحه الإنسان الحرية الكاملة والمكانة الرفيعة، والإرادة المستقلة والحقوق الحصينة.
وعلى هذا فالإنسان مهما بلغ من مرتبته في سلم التقدم الفكري والنهضة العلمية -بعيدًا عن الغرضية والأهواء الشخصية- لا يستطيع أن يضع نظامًا واحدًا من الأنظمة التي وضعها الإسلام، فما عليه إلا أن يقر بهذه الحقيقة الكبرى ويخضع للإسلام خضوعًا كاملًا فيتخذه عقيدة ومنهج حياة..