الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أساليب التبشير:
لقد اندس المبشرون وراء كل فكرة براقة يمكن أن تجذب طبقات مختلفة من الشعوب، فاستغلوا كافة الخدمات الاجتماعية لمصالحهم الخاصة، فأنشئوا الأندية الثقافية والترفيهية، وجمعيات للشباب والشابات، وأنشئوا جمعيات لإصلاح الأحداث، ونادوا بإنصاف العمال لجذبهم إليهم، وقاموا بإنشاء جمعيات للرفق بالحيوان للتأثير في قلوب السذج من الناس الذين لا يلبثون أن يصطدموا بالواقع حينما يجدون ظلمهم للإنسان، واستغلالهم للأعمال النبيلة في سبيل تحقيق أغراضهم الضعيفة، ومطامعهم اللئيمة.
ويمكن أن ألخص أساليبهم التبشيرية بالنقاط التالية:
1-
إنشاء مدارس تبشيرية تعليمية في مختلف مجالات التعليم، فهناك دور للحضانة، وأخرى لتعليم تلاميذ المدارس الابتدائية، وثالثة لتعليم تلاميذ مدارس المرحلة المتوسطة والثانوية، وبالإضافة إلى هذه المدارس التعليمية هناك جامعات يسوعية وأخرى أمريكية، وقد بثت هذه المدارس والجامعات في مختلف أرجاء العالم الإسلامي، في القرية النائية، والقريبة وفي المدينة الكبيرة والمدينة الصغيرة، وهي بهذا الانتشار والتوسع تغزوكافة فئات المجتمعات وتتصل بمعظم طبقات المجتمع.
وقد قامت هذه المدارس والجامعات بدورها المعد لها قيامًا فعالًا في خدمة الأغراض الاستعمارية، وأهما بث روح الولاء للغرب، وإبعاد الجيل الحاضر رويدًا رويدًا عن شخصيته الإسلامية وعن تاريخه الإسلامي المشرق، وعن ثقافته الدينية التي تحدد للفرد مقومات كيانه الحضاري المستقل المتميز.
ومن أهداف التبشير في هذا المجال وضع المسلم في قالب غربي مستعار، ينسى به أصالة تراثه، وتسترخي قواه ويفقد شجاعته وحماسته لحرمات الله أن تنتهك، فإن غار على حد من حدود الله يتجرأ عليه فتلك رجعية لا تليق بالرجل المثقف الواعي العاقل، وإن أخذته كرامة المسلم وإباؤه
…
الأصيل والعزة النفسية بأن لا يساير ولا يداهن، فتلك همجية تتنافى مع الإنسان الحضري المتعلم..
وهكذا استطاع الاستعمار بهذا الأسلوب أن يسلب المسلم شخصيته المستقلة، فإذا فكر في مسألة ما فإنما يفكر بعقل أساتذته أصحاب الفضل عليه، وإن رسم هدفًا في حياته فتبعًا لأهدافهم وتحقيقًا لأغراضهم..
وكثيرًا ما أثرت المدارس التبشيرية في نفوس الطفولة البريئة، فإذا بالطفل المسلم يردد صلواتهم ويترنم بشركهم من حيث لا يدري ولا يشعر، كما أثرت في الشبيبة اليافعة من أبناء المسلمين، وأورثت في نفوسهم حب مخالطتهم والاقتباس من عاداتهم وتقاليدهم التي تمثل شخصيتهم، فتذبل الشخصية الإسلامية، وأول بوادر هذا الذبول التهاون في أداء العبادات وفي إظهار الشعائر الإسلامية الأساسية.
2-
ومن أساليب التبشير نشر العلمانية، والدعوة إلى فصل الدين عن الدولة، ورد النتائج والأسباب للطبيعة أو إلى المصادفة، وههنا يكمن الخطر الشديد، الذي يبذر بذور التشكيك في نفوس المسلمين، ويؤدي إلى اضطراب في العقيدة، واضطراب في القيم والمفاهيم لدى الإنسان المسلم فتتنازعه التيارات المتعاكسة المتضادة من مد وجذب، فتضيع ملامح شخصيته وتنهار قواه الذاتية، أو ينحرف في سلوكه الخلقي، ويخلع عنه الرداء الإسلامي.. وبهذا يتحقق للتبشير الدنيء غرضه الخطير.
3-
فتح المستشفيات وبعث الإرساليات الطبية إلى الشرق الإسلامي، وهذا أسلوب خطير أيضًا لأنه يدس السم في الدسم، فالغاية شريفة ظاهرًا وقالبًا ولكنها خبيثة مضمونًا وحقيقة. ذلك لأن المرض حالة بليغة من حالات الضعف البشري، ويتبع هذا الضعف قصور في الإدراك الفكري، فيصل الطبيب أو الممرض إلى غرضه من غير أدنى جهد
…
4-
المؤتمرات التبشيرية: 1
أذكر على سبيل المثال المؤتمرات التالية:
أ- مؤتمر القاهرة سنة 1324هـ "1906م" المنعقد في منزل زعيم الثورة العرابية المسلم.
1 انظر كتاب الغارة على العالم الإسلامي، وأساليب الغزو الفكري: ص32.