المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث في ذكر الفصحاء من الرجال - المستطرف في كل فن مستظرف

[شهاب الدين الأبشيهي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول في مباني الإسلام

- ‌الفصل الأول في الإخلاص لله تعالى والثناء عليه

- ‌الفصل الثاني في الصلاة وفضلها

- ‌الفصل الثالث في الزكاة وفضلها

- ‌الفصل الرابع في الصوم وفضله وما أعد الله للصائم من الأجر والثواب

- ‌الفصل الخامس في الحج وفضله

- ‌الباب الرابع في العلم والأدب وفضل العالم والمتعلم

- ‌الباب السادس في الأمثال السائرة

- ‌الفصل الأول فيما جاء من ذلك في القرآن العظيم وأحاديث النبي الكريم

- ‌الفصل الثاني في أمثال العرب

- ‌الفصل الثالث في أمثال العامة والمولدين

- ‌الفصل الرابع في الأمثال من الشعر المنظوم مرتبة على حروف المعجم

- ‌(حرف الألف)

- ‌(حرف الباء الموحدة)

- ‌(حرف التاء المثناة الفوقية)

- ‌(حرف الجيم)

- ‌(حرف الحا المهملة)

- ‌(حرف الخاء المعجمة)

- ‌(حرف الدال المهملة)

- ‌(حرف الدال المعجمة)

- ‌(حرف الراء)

- ‌(حرف الزاي)

- ‌(حرف السين المهملة)

- ‌(حرف الشين المعجمة)

- ‌(حرف الصاد المهملة)

- ‌(حرف الضاد المعجمة)

- ‌(حرف الطاء المهملة)

- ‌(حرف الظاء المشالة)

- ‌(حرف العين المهملة) :

- ‌(حرف الغين المعجمة)

- ‌(حرف الفاء)

- ‌(حرف القاف)

- ‌(حرف الكاف)

- ‌(حرف اللام)

- ‌(حرف الميم)

- ‌(حرف النون)

- ‌(حرف الهاء)

- ‌(حرف الواو)

- ‌(حرف اللام ألف)

- ‌(حرف الياء المثناة التحتية)

- ‌الفصل الخامس في الأمثال السائرة بين الرجال والنساء مرتبة على حروف المعجم

- ‌(حرف الألف)

- ‌(حرف الباء الموحدة)

- ‌(حرف التاء المثناة من فوق)

- ‌(حرف الثاء المثلثة)

- ‌(حرف الجيم)

- ‌(حرف الهاء المهملة)

- ‌(حرف الخاء المعجمة)

- ‌(حرف الدال المهملة)

- ‌(حرف الذال المعجمة)

- ‌(حرف الراء المهملة)

- ‌(حرف الزاي المعجمة)

- ‌(حرف السين المهملة)

- ‌(حرف الشين المعجمة)

- ‌(حرف الصاد المهملة)

- ‌(حرف الضاد المعجمة)

- ‌(حرف الطاء المهملة)

- ‌(حرف الظاء المعجمة)

- ‌(حرف العين المهملة) :

- ‌(حرف الغين المعجمة)

- ‌(حرف الفاء)

- ‌(حرف القاف)

- ‌(حرف الكاف)

- ‌(حرف اللام)

- ‌(حرف الميم)

- ‌(حرف النون)

- ‌(حرف الهاء)

- ‌(حرف الواو)

- ‌(حرف اللام ألف)

- ‌(حرف الياء)

- ‌[الفصل السادس فى] أمثال النساء

- ‌(حرف الألف)

- ‌(حرف الباء الموحدة)

- ‌(حرف التاء)

- ‌(حرف الثاء)

- ‌(حرف الجيم)

- ‌(حرف الحاء المهملة)

- ‌(حرف الخاء المعجمة)

- ‌(حرف الدال المهملة)

- ‌(حرف الذال المعجمة)

- ‌(حرف الراء)

- ‌(حرف الزاي)

- ‌(حرف السين المهملة)

- ‌(حرف الشين المعجمة)

- ‌(حرف الصاد المهملة)

- ‌(حرف الضاد المعجمة)

- ‌(حرف الطاء المهملة)

- ‌(حرف الظاء المعجمة) :

- ‌(حرف العين المهملة)

- ‌(حرف الغين المعجمة)

- ‌(حرف الفاء)

- ‌(حرف القاف)

- ‌(حرف الكاف)

- ‌(حرف اللام)

- ‌(حرف الميم)

- ‌(حرف النون)

- ‌(حرف الهاء)

- ‌(حرف الواو)

- ‌(حرف اللام ألف)

- ‌(حرف الياء)

- ‌الباب السابع في البيان والبلاغة والفصاحة وذكر الفصحاء من الرجال والنساء

- ‌الفصل الأول في البيان والبلاغة

- ‌الفصل الثاني في الفصاحة

- ‌الفصل الثالث في ذكر الفصحاء من الرجال

- ‌[الفصل الرابع فى] ذكر فصحاء النساء وحكاياتهن

- ‌حكاية المتكلمة بالقرآن

- ‌الباب التاسع في ذكر الخطب والخطباء والشعر والشعراء وسرقاتهم وكبوات الجياد وهفوات الأمجاد

- ‌فصل في ذكر الشعر والشعراء وسرقاتهم

- ‌الباب العاشر في التوكل على الله تعالى والرضا بما قسم والقناعة وذم الحرص والطمع وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في التوكل على الله تعالى

- ‌الفصل الثاني في القناعة والرضا بما قسم الله تعالى

- ‌الفصل الثالث في ذم الحرص والطمع وطول الأمل

- ‌الباب الثالث عشر في الصمت وصون اللسان والنهي عن الغيبة والسعي بالنميمة ومدح العزلة وذم الشهرة

- ‌الفصل الأول في الصمت وصون اللسان

- ‌الفصل الثاني في تحريم الغيبة

- ‌الفصل الثالث في تحريم السعاية بالنميمة

- ‌الباب الثامن عشر فيما جاء في القضاء وذكر القضاة وقبول الرشوة والهدية على الحكم وما يتعلق بالديون وذكر القصاص والمتصوفة

- ‌الفصل الأول فيما جاء في القضاء وذكر القضاة وأحوالهم وما يجب عليهم

- ‌الفصل الثاني في الرشوة والهدية على الحكم وما جاء في الديون

- ‌الفصل الثالث في ذكر القصّاص والمتصوفة وما جاء في الرياء ونحو ذلك

- ‌الباب الحادي والعشرون في بيان الشروط التي تؤخذ على العمال وسيرة السلطان في استجباء الخراج وأحكام أهل الذمة

- ‌الفصل الأول في سيرة السلطان في استجباء الخراج والانفاق من بيت المال وسيرة العمال

- ‌الفصل الثاني في أحكام أهل الذمة

- ‌الباب الخامس والعشرون في الشفقة على خلق الله تعالى والرحمة بهم وفضل الشفاعة وإصلاح ذات البين

- ‌الفصل الأول في الشفقة على خلق الله تعالى والرحمة بهم

- ‌الفصل الثاني في الشفاعة وإصلاح ذات البين

- ‌الباب السادس والعشرون في الحياء والتواضع ولين الجانب وخفض الجناح

- ‌الفصل الأول في الحياء

- ‌الفصل الثاني في التواضع ولين الجانب وخفض الجناح

- ‌وأما الذين انتهى إليهم الجود في الجاهلية

- ‌الباب الخامس والثلاثون في الطعام وآدابه والضيافة وآداب المضيف وأخبار الأكلة وما جاء عنهم وغير ذلك

- ‌أما إباحة الطيب من المطاعم

- ‌وأما نعوت الأطعمة وما جاء في فيها

- ‌وأما الزهد في المآكل:

- ‌وأما ما جاء في آداب الأكل

- ‌وأما ما جاء في كثرة الأكل

- ‌وأما أخبار الأكلة

- ‌وأما المهازلة على الطعام:

- ‌وأما آداب المضيف

- ‌وأما آداب الضيف

- ‌وأما الوفاء بالعهد ورعاية الذمم

- ‌الباب التاسع والثلاثون في الغدر والخيانة والسرقة والعداوة والبغضاء والحسد

- ‌الفصل الأول في الغدر والخيانة

- ‌الفصل الثاني في السرقة والسراق

- ‌الفصل الثالث فيما جاء في العداوة والبغضاء

- ‌الفصل الرابع في الحسد

- ‌الباب الأربعون في الشجاعة وثمرتها والحروب وتدبيرها وفضل الجهاد وشدة البأس والتحريض على القتال

- ‌الفصل الأول في فضل الجهاد في سبيل الله وشدة البأس

- ‌الفصل الثاني في الشجاعة وثمرتها والحروب وتدبيرها

- ‌الباب الحادي والأربعون في ذكر أسماء الشجعان وذكر الأبطال وطبقاتهم وأخبارهم وذكر الجبناء وأخبارهم وذم الجبن

- ‌(الطبقة الأولى: الذين أدركوا الجاهلية والإسلام) :

- ‌(الطبقة الثانية) :

- ‌(الطبقة الثالثة) :

- ‌ومما جاء في مدح السيف:

- ‌ومن أخبار الشجعان ما حكاه الفضل بن يزيد:

- ‌ذكر الجبن والجبناء وأخبارهم وما جاء عنهم

- ‌الباب الثاني والأربعون في المدح والثناء وشكر النعمة والمكافأة

- ‌الفصل الأول في المدح والثناء

- ‌الفصل الثاني من هذا الباب في شكر النعمة

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في المكافأة

- ‌الباب الرابع والاربعون في الصدق والكذب

- ‌الفصل الأول في الصدق

- ‌الفصل الثاني من هذا الباب في الكذب وما جاء به

- ‌الباب الخامس والاربعون في بر الوالدين وذم العقوق وذكر الأولاد وما يجب لهم وعليهم وصلة الرحم والقرابات وذكر الأنساب

- ‌الفصل الأول في بر الوالدين وذم العقوق

- ‌الفصل الثاني في الأولا وحقوقهم وذكر النجباء والأذكياء والبلداء والأشقياء

- ‌ومما جاء في الأولاد البلداء القليلي التوفيق:

- ‌ومما جاء في صلة الرحم:

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في ذكر الأنساب والأقارب والعشيرة

- ‌الباب السادس والاربعون في الخلق وصفاتهم وأحوالهم وذكر الحسن والقبيح والقصر والألوان والثياب وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في الحسن ومحاسن الاخلاق

- ‌ما قيل في الشعر:

- ‌(ومما قيل في مدح العذار)

- ‌ومما قيل في الجبين والحواجب:

- ‌ومما قيل في العيون:

- ‌ومما قيل في الخال:

- ‌ومما قيل في الخدود:

- ‌ومما قيل في الثغور:

- ‌ومما قيل في حسن الحديث:

- ‌ومما قيل في رقة البشرة:

- ‌ومما قيل في التقبيل:

- ‌ومما قيل في الوجه الحسن:

- ‌ومما قيل في البنان المخضبّ:

- ‌ومما قيل في النحور:

- ‌ومما قيل في نعت النهود:

- ‌ومما قيل في المعاصم:

- ‌ومما قيل في اعتدال القوام:

- ‌ومما قيل في الساق:

- ‌ومما قيل في مشي النساء:

- ‌ومما قيل في العناق وطيبه:

- ‌ومما قيل في السمن:

- ‌ومما قيل في مدح الألوان والثياب:

- ‌ومما قيل في الصفرة:

- ‌ومما قيل في طول اللحية:

- ‌ومما جاء في عظم الخلقة والطول والقصر:

- ‌ومما قيل في القبح والدمامة:

- ‌ومما جاء في الثقلاء:

- ‌ومما جاء في الملابس وألوانها والعمائم ونحوها:

- ‌ومما قيل فيمن رذل لبسه وعرف نفسه:

- ‌الباب السابع والأربعون في التختم والحلى والمصوغ والطيب والتطيب وما أشبه ذلك

- ‌ما جاء في التختم:

- ‌ذكر ما جاء في الحلى:

- ‌ذكر ما جاء في الطيب والتطيب:

- ‌الباب الثامن والاربعون في الشباب والصحة والعافية وأخبار المعمرين وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في الشباب وفضله

- ‌الفصل الثاني في الشيب وفضله

- ‌الفصل الثالث في العافية والصحة

- ‌الفصل الرابع في أخبار المعمرين في الجاهلية والإسلام

- ‌وأما الأسماء والكنى:

- ‌وأما الألقاب:

- ‌ومما جاء في مدح الأسماء منظوما:

- ‌ومما قيل في أسماء النساء:

- ‌الباب الخمسون فيما جاء في الأسفار والاغتراب وما قيل في الوداع والفراق والحث على ترك الإقامة بدار الهوان وحب الوطن والحنين إليه

- ‌أما ما جاء في الاسفار والحث على ترك الإقامة بدار الهوان

- ‌ومما قيل في ترك الإقامة بدار الهوان:

- ‌ومما قيل في الوداع والفراق والشوق والبكاء:

- ‌ومما قيل في البكاء:

- ‌ومما جاء في الحنين إلى الوطن:

- ‌ومما جاء في ذم السفر:

- ‌وأما ما جاء في الاحتراز على الأموال:

- ‌ذكر شيء مما جاء في ذم السؤال والنهي عنه:

- ‌ذكر أنواع الهدايا للخلفاء وغيرهم ممن قصرت به قدرته فاهدى اليسير وكتب معه مكاتبة يعتذر بها:

- ‌الباب الخامس والخمسون في العمل والكسب والصناعات والحرف وما أشبه ذلك

- ‌أما العمل:

- ‌وأما الكسب:

- ‌وأما ما جاء في العجز والتواني:

- ‌وأما التأني:

- ‌وأما الصناعات والحرف وما يتعلق بها:

- ‌الباب السادس والخمسون في شكوى الزمان وانقلابه بأهله والصبر على المكاره والتسلي عن نوائب الدهر

- ‌الفصل الأول في شكوى الزمان وانقلابه بأهله

- ‌الفصل الثاني في الصبر على المكاره ومدح التثبت وذم الجزع

- ‌ومن أحسن ما قيل في ذلك من المنظوم:

- ‌أما نوح عليه الصلاة والسلام:

- ‌وأما إبراهيم عليه الصلاة والسلام:

- ‌وأما يعقوب عليه الصلاة والسلام:

- ‌وأما أيوب عليه الصلاة والسلام:

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في التأسي في الشدة والتسلي عن نوائب الدهر

- ‌ولنذكر نبذة ممن حصل له الفرج بعد الشدة:

- ‌الباب الثامن والخمسون في ذكر العبيد والاماء والخدم

- ‌الفصل الأول في مدح العبيد والاماء والاستيصاء بهم خيرا

- ‌الفصل الثاني في ذم العبيد والخدم

- ‌وأما الرفادة في الحج:

- ‌ذكر أديان العرب في الجاهلية:

- ‌ذكر أوابدهم:

- ‌الغيلان والتغول للعرب:

- ‌ذكر الهواتف:

- ‌الباب الستون في الكهانة والقيافة والزجر والعرافة والفأل والطيرة والفراسة والنوم والرؤية وما أشبه ذلك

- ‌أما الكهانة:

- ‌وأما القيافة:

- ‌وأما الزجر والعرافة:

- ‌وأما الفأل:

- ‌وأما الطيرة:

- ‌وأما الفراسة:

- ‌وأما النوم والسهر وما جاء فيهما:

- ‌وأما الرؤيا:

- ‌ومن الحيل الطريفة:

- ‌وأما ما جاء في التيقظ والتبصر في الأمور:

- ‌الباب الثاني والستون في ذكر الدواب والوحوش والطير والهوام والحشرات وما أشبه ذلك مرتبا على حروف المعجم

- ‌(حرف الهمزة) :

- ‌(الأسد)

- ‌(الإبل)

- ‌(الأرضة)

- ‌(الأرنب)

- ‌(سقنقور)

- ‌(الأفعى)

- ‌(الأنيس)

- ‌(الأوز)

- ‌(الإيل)

- ‌(حرف الباء الموحدة) :

- ‌(باز)

- ‌(باله)

- ‌(ببغاء)

- ‌‌‌(بجع)

- ‌(بج

- ‌(براق) :

- ‌(برذون) :

- ‌(برغوث) :

- ‌(بعوض) :

- ‌(بغل) :

- ‌(بقر) :

- ‌(بومة) :

- ‌(بوقير) :

- ‌(حرف التاء) :

- ‌(تمساح) :

- ‌(تنين) :

- ‌(حرف الثاء) :

- ‌(ثعلب) :

- ‌جعل

- ‌(ثعبان) :

- ‌(حرف الجيم) :

- ‌(جراد) :

- ‌(جرو) :

- ‌(حرف الحاء) :

- ‌(حجل) :

- ‌(حدأة) :

- ‌(حرباء) :

- ‌(حمار أهليّ) :

- ‌(حمام) :

- ‌(حرف الخاء) :

- ‌(الخطاف) :

- ‌(خفاش) :

- ‌(خنزير) :

- ‌(خنفساء) :

- ‌(خيل) :

- ‌(حرف الدال) :

- ‌(دابة) :

- ‌(داجن) :

- ‌دج

- ‌(دب) :

- ‌(دجاجة) :

- ‌(دود) :

- ‌(ديك) :

- ‌(حرف الذال) :

- ‌(ذباب)

- ‌(ذئب) :

- ‌(حرف الراء) :

- ‌(رخ) :

- ‌(رخم) :

- ‌(حرف الزاي) :

- ‌(زرافة) :

- ‌(زنبور) :

- ‌(حرف السين) :

- ‌(سعلاة)

- ‌(سمندل)

- ‌(سنجاب)

- ‌(سنور)

- ‌(سوس)

- ‌(حرف الشين) :

- ‌(شادهوار)

- ‌(شاهين)

- ‌(شحرور)

- ‌(حرف الصاد) :

- ‌(صرد)

- ‌(صعو)

- ‌(حرف الضاد) :

- ‌(ضأن)

- ‌(ضب)

- ‌(ضبع)

- ‌(ضفدع)

- ‌(حرف الطاء) :

- ‌(طاووس)

- ‌(حرف الظاء) :

- ‌(ظبي)

- ‌(ظربان)

- ‌(حرف العين) :

- ‌(عجل) :

- ‌(عقرب) :

- ‌ علق

- ‌(عقعق) :

- ‌(عنقاء) :

- ‌(عنكبوت)

- ‌(ابن عرس)

- ‌(حرف الغين) :

- ‌(غراب)

- ‌(غرغر)

- ‌(حرف الفاء) :

- ‌(فاختة)

- ‌(فأرة)

- ‌(فرس البحر)

- ‌(فهد)

- ‌(فيل)

- ‌(حرف القاف) :

- ‌(قاقم)

- ‌(قاوند)

- ‌(قرد)

- ‌(قنفذ)

- ‌(حرف الكاف) :

- ‌(كركند)

- ‌(كروان)

- ‌(كركي)

- ‌(كلب)

- ‌(حرف اللام) :

- ‌(لغلغ)

- ‌(حرف الميم) :

- ‌(مالك الحزين)

- ‌(حرف النون) :

- ‌(نمل)

- ‌(نحل)

- ‌(نسر)

- ‌(نعام)

- ‌(نمير)

- ‌(حرف الهاء) :

- ‌(هدهد)

- ‌(حرف الواو) :

- ‌(ورشان)

- ‌(حرف الياء) :

- ‌(يأجوج ومأجوج) :

- ‌(يجمور)

- ‌فصل في خواص الطير والحيوان على الإجمال

- ‌فصل في مكايده لعنه الله

- ‌فصل في المتشيطنة وهم أنواع كثيرة

- ‌الباب الخامس والستون في ذكر البحار وما فيها من العجائب وذكر الأنهار والآبار

- ‌الفصل الأول في ذكر البحار

- ‌وأما ما يخرج من البحر

- ‌الفصل الثاني في ذكر الأنهار والآبار والعيون

- ‌الفصل الثالث في ذكر الآبار

- ‌الباب السادس والستون في ذكر عجائب الأرض وما فيها من الجبال والبلدان وغرائب البنيان

- ‌الفصل الأول في ذكر الأرض وما فيها من العمران

- ‌الفصل الثاني في ذكر الجبال

- ‌الفصل الثالث في ذكر المباني العظيمة وغرائبها وعجائبها

- ‌فصل في الصوت الحسن

- ‌ومن حكايات الخلفاء ومكارم أخلاقهم:

- ‌الباب الحادي والسبعون في ذكر العشق ومن بلي به والافتخار بالعفاف وأخبار من مات بالعشق وما في معنى ذلك

- ‌الفصل الأول في وصف العشق

- ‌الفصل الثاني من هذا الباب فيمن عشق وعف والافتخار بالعفاف

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في ذكر من مات بالحب والعشق

- ‌الباب الثاني والسبعون في ذكر دقائق الشعر والمواليا والدوبيت وكان وكان والموشحات والزجل والحماق والقومة والالغاز ومدح الأسماء والصفات وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في الشعر

- ‌ومما قيل في الغزل المؤنث

- ‌ومما قيل في السهر وطول الليل ونحو ذلك:

- ‌ومما قيل في فانوس

- ‌ومما قيل في الربيع والرياض والبساتين والمياه والنواعير ونحو ذلك

- ‌ومما قيل في الأزهار والثمار

- ‌ومما قيل في الأنهار والبرك والنوعير:

- ‌فصل في الألغاز

- ‌فصل في بيان الفن الثاني وهو الموشح

- ‌فصل في الفن الثالث وهو الدوبيت

- ‌فصل في الفن الرابع وهو الزجل

- ‌جمل في الالغاز

- ‌الفن الخامس في المواليا

- ‌الفن السادس كان وكان

- ‌الفن السابع في فن القوما

- ‌ومما قيل في فن الحماق:

- ‌الباب الثالث والسبعون في ذكر النساء وصفاتهن ونكاحهن وطلاقهن وما يحمد ويذم من عشرتهن

- ‌الفصل الأول في النكاح وفضله والترغيب فيه

- ‌الفصل الثاني في صفات النساء المحمودة

- ‌الفصل الثالث في صفة المرأة السوء نعوذ بالله تعالى منها

- ‌الفصل الرابع في مكر النساء وغدرهن وذمهن ومخالفتهن

- ‌الفصل الخامس في الطلاق وما جاء فيه

- ‌الباب الخامس والسبعون في المزاح والنهي عنه وما جاء في الترخيص فيه والبسط والتنعم

- ‌الفصل الأول في النهي عن المزاح

- ‌الفصل الثاني فيما جاء في الترخيص في المزاح والبسط والتنعم

- ‌الباب السادس والسبعون في النوادر

- ‌الفصل الأول من هذا الباب في نوادر العرب

- ‌الفصل الثاني في نوادر القراء والفقهاء

- ‌الفصل الثالث في نوادر القضاة

- ‌الفصل الرابع في نوادر النحاة

- ‌الفصل الخامس في نوادر المعلمين

- ‌الفصل السادس في نوادر المتنبئين

- ‌الفصل السابع في نوادر السؤال

- ‌الفصل الثامن في نوادر المؤذنين

- ‌الفصل التاسع في نوادر النواتية

- ‌الفصل العاشر في نوادر جامعة

- ‌الباب السابع والسبعون في الدعاء وآدابه وشروطه

- ‌الفصل الأول في الدعاء وآدابه

- ‌الفصل الثاني في الأدعية وما جاء فيها

- ‌الباب الثمانون فيما جاء في ذكر الأمراض والعلل والطب والدواء وما جاء في السنة من العبادة وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في الأمراض والعلل وما جاء في ذلك من الاجر والثواب

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في التداوي من الأمراض والطب

- ‌الفصل الرابع فيما جاء في العيادة وفضلها

- ‌الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك

- ‌الفصل الأول في الصبر

- ‌الفصل الثاني من هذا الباب في التعازي والتأسي

- ‌الفصل الثالث في المراثي

الفصل: ‌الفصل الثالث في ذكر الفصحاء من الرجال

وكما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للكافر الذي سأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت ذهابهما إلى الغار: هو رجل يهديني السبيل، وقد صدق فيما قال رضي الله عنه، فقد هداه الله وهدانا السبيل، ولا سبيل أوضح ولا أقوم من الإسلام.

وكما حكي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه لما سأله بعض المعتزلة بحضرة الرشيد ما تقول في القرآن؟

فقال الشافعي: إياي تعني، قال: نعم. قال: مخلوق، فرضي خصمه منه بذلك، ولم يرد الشافعي إلا نفسه.

وكما حكي عن ابن الجوزي رحمه الله تعالى أنه سئل وهو على المنبر وتحته جماعة من مماليك الخليفة وخاصته، وهم فريقان قوم سنية وقوم شيعة، فقيل له: من أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر أم علي رضي الله عنهما، فقال: أفضلهما بعده من كانت ابنته تحته، فأرضى الفريقين ولم يرد إلا أبا بكر رضي الله عنه لأن الضمير في ابنته يعود إلى أبي بكر رضي الله عنه، وهي عائشة رضي الله عنها، وكانت تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والشيعة ظنوا أن الضمير في ابنته يعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فاطمة رضي الله عنها، وكانت تحت علي رضي الله عنه، فهذه منه جيدة حسنة وكلمة باتت جفون الفريقين منها وسنة، والله أعلم.

‌الفصل الثالث في ذكر الفصحاء من الرجال

دخل الحسن بن الفضل على بعض الخلفاء وعنده كثير من أهل العلم، فأحب الحسن أن يتكلم، فزجره وقال:

يا صبي تتكلم في هذا المقام؟ فقال: يا أمير المؤمنين إن كنت صبيا، فلست بأصغر من هدهد سليمان ولا أنت بأكبر من سليمان عليه السلام حين قال: أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ

»

، ثم قال: ألم تر أن الله فهم الحكم سليمان ولو كان الأمر بالكبر لكان داود أولى.

ولما أفضت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز، أتته الوفود، فإذا فيهم وفد الحجاز، فنظر إلى صبي صغير السن، وقد أراد أن يتكلم فقال: ليتكلم من هو أسن منك، فإنه أحق بالكلام منك، فقال الصبي: يا أمير المؤمنين لو كان القول كما تقول لكان في مجلسك هذا من هو أحق به منك، قال: صدقت، فتكلم، فقال: يا أمير المؤمنين: إنا قدمنا عليك من بلد تحمد الله الذي منّ علينا بك، ما قدمنا عليك رغبة منا ولا رهبة منك، أما عدم الرغبة، فقد أمنا بك في منازلنا، وأما عدم الرهبة، فقد أمنا جورك بعدلك، فنحن وفد الشكر والسلام. فقال له عمر رضي الله عنه:

عظني يا غلام. فقال: يا أمير المؤمنين إن أناسا غرّهم حلم الله وثناء الناس عليهم، فلا تكن ممن يغره حلم الله وثناء الناس عليه، فتزل قدمك وتكون من الذين قال الله فيهم وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ 21

«2» . فنظر عمر في سن الغلام فإذا له اثنتا عشرة سنة، فأنشدهم عمر رضي الله تعالى عنه:

تعلّم فليس المرء يولد عالما

وليس أخو علم كمن هو جاهل

فإنّ كبير القوم لا علم عنده

صغير إذا التفّت عليه المحافل

وحكي: أن البادية قحطت في أيام هشام، فقدمت عليه العرب، فهابوا أن يكلموه، وكان فيهم درواس بن حبيب، وهو ابن ست عشرة سنة، له ذؤابة، وعليه شملتان، فوقعت عليه عين هشام، فقال لحاجبه: ما شاء أحد أن يدخل عليّ إلا دخل، حتى الصبيان، فوثب درواس حتى وقف بين يديه مطرقا فقال: يا أمير المؤمنين إن للكلام نشرا وطيا، وإنه لا يعرف ما في طيه إلا بنشره، فإن أذن لي أمير المؤمنين أن أنشره نشرته، فأعجبه كلامه، وقال له: انشره لله درك، فقال: يا أمير المؤمنين إنه أصابتنا سنون ثلاث، سنة أذابت الشحم وسنة أكلت اللحم، وسنة دقت العظم، وفي أيديكم فضول مال، فإن كانت لله ففرقوها على عباده، وإن كانت لهم، فعلام تحبسونها عنهم، وإن كانت لكم، فتصدقوا بها عليهم، فإن الله يجزي المتصدقين، فقال هشام: ما ترك الغلام لنا في واحدة من الثلاث عذرا، فأمر للبوادي بمائة ألف دينار، وله بمائة ألف درهم، ثم قال له: ألك حاجة؟ قال: ما لي حاجة في خاصة نفسي دون عامة المسلمين، فخرج من عنده وهو من أجلّ القوم.

وقيل: إن سعد بن ضمرة الأسدي لم يزل يغير على النعمان بن المنذر يستلب أمواله حتى عيل صبره «3» ، فبعث إليه يقول إن لك عندي ألف ناقة على أنك تدخل في طاعتي، فوفد عليه وكان صغير الجثة، اقتحمته عينه

ص: 56

وتنقصه «1» ، فقال: مهلا أيها الملك إن الرجال ليسوا بعظم أجسامهم، وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، إن نطق نطق ببيان، وإن صال صال بجنان «2» ، ثم أنشأ يقول:

يا أيّها الملك المرجوّ نائله

إنّي لمن معشر شمّ الذرى زهر «3»

فلا تغرّنّك الأجسام إنّ لنا

أحلام عاد وإن كنّا إلى قصر

فكم طويل إذا أبصرت جثته

تقول هذا غداة الروع ذو ظفر «4»

فإن ألمّ به أمر فأفظعه

رأيته خاذلا بالأهل والزّمر «5»

فقال: صدقت، فهل لك علم بالأمور، قال: إني لأنقض منها المفتول، وأبرم منها المحلول، وأجيلها حتى تجول، ثم أنظر فيها إلى ما تؤول، وليس للدهر بصاحب من لا ينظر في العواقب. قال: فتعجب النعمان من فصاحته وعقله، ثم أمر له بألف ناقة وقال له: يا سعد إن أقمت واسيناك، وإن رحلت وصلناك، فقال: قرب الملك أحب إليّ من الدنيا وما فيها، فأنعم عليه وأدناه، وجعله من أخص ندمائه.

وحكي: أن هرقل ملك الروم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يسأله عن الشيء ولا شيء، وعن دين لا يقبل الله غيره، وعن مفتاح الصلاة، وعن غرس الجنة، وعن صلاة كل شيء، وعن أربعة فيهم الروح، ولم يركضوا في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وعن رجل لا أب له، وعن رجل لا أم له، وعن قبر جرى بصاحبه، وعن قوس قزح ما هو، وعن بقعة طلعت عليها الشمس مرة واحدة ولم تطلع عليها قبلها ولا بعدها، وعن ظاعن ظعن مرة واحدة، ولم يظعن قبلها ولا بعدها، وعن شجرة نبتت من غير ماء، وعن شيء تنفس ولا روح له، وعن اليوم وأمس وغد وبعد غد، وعن البرق والرعد وصوته، وعن المحو الذي في القمر. فقيل لمعاوية لست هناك ومتى أخطأت في شيء من ذلك سقطت من عينه، فاكتب إلى ابن عباس يخبرك عن هذه المسائل، فكتب إليه، فأجابه، أما الشيء فالماء، قال الله تعالى: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ

«6» . وأما لا شيء فإنها الدنيا تبيد وتفنى، وأما دين لا يقبل الله غيره، فلا إله إلا الله، وأما مفتاح الصلاة، فالله أكبر، وأما غرس الجنة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأما صلاة كل شيء، فسبحان الله وبحمده، وأما الأربعة الذين فيهم الروح، ولم يركضوا في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فآدم وحواء وناقة صالح وكبش إسماعيل، وأما الرجل الذي لا أب له فالمسيح، وأما الرجل الذي لا أم له، فآدم عليه السلام، وأما القبر الذي جرى بصاحبه، فحوت يونس عليه السلام سار به في البحر. وأما قوس قزح فأمان من الله لعباده من الغرق، وأما البقعة التي طلعت عليها الشمس مرة واحدة، فبطن البحر حين انفلق لبني إسرائيل، وأما الظاعن الذي ظعن مرة ولم يظعن قبلها ولا بعدها، فجبل طور سيناء كان بينه وبين الأرض المقدسة أربع ليال، فلما عصت بنو إسرائيل أطاره الله تعالى بجناحين، فنادى مناد إن قبلتم التوراة كشفته عنكم ولا ألقيته عليكم، فأخذوا التوراة معذرين، فرده الله تعالى إلى موضعه، فلذلك قوله تعالى:

وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ

«7» الآية. وأما الشجرة التي نبتت من غير ماء، فشجرة اليقطين التي أنبتها الله تعالى على يونس عليه السلام، وأما الشيء الذي يتنفس بلا روح، فالصبح. قال الله تعالى: وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ 18

«8» . وأما اليوم، فعمل، وأمس فمثل، وغد فأجل، وبعد غد فأمل. وأما البرق فمخاريق بأيدي الملائكة تضرب بها السحاب، وأما الرعد، فاسم الملك الذي يسوق السحاب وصوته زجره، وأما المحو الذي في القمر، فقول الله تعالى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً

«9» . ولولا ذلك المحو لم يعرف الليل من النهار، ولا النهار من الليل.

ودعا بعض البلغاء لصديق له، فقال: تمم الله عليك ما أنت فيه، وحقق ظنك فيما ترجوه، وتفضل عليك بما لم تحتسبه.

ص: 57

وحكي: أن الحجاج سأل يوما الغضبان بن القبعثري عن مسائل يمتحنه فيها من جملتها أن قال له: من أكرم الناس؟

قال: أفقههم في الدين وأصدقهم لليمين، وأبذلهم للمسلمين، وأكرمهم للمهانين، وأطعمهم للمساكين.

قال: فمن ألأم الناس؟ قال: المعطي على الهوان، المقتر على الإخوان، الكثير الألوان. قال: فمن شر الناس؟

قال: أطولهم جفوة، وأدومهم صبوة، وأكثرهم خلوة، وأشدهم قسوة. قال: فمن أشجع الناس؟ قال: أضربهم بالسيف. وأقراهم للضيف. وأتركهم للحيف. قال: فمن أجبن الناس؟ قال: المتأخر عن الصفوف المنقبض عن الزحوف، المرتعش عند الوقوف، المحب ظلال السقوف الكاره لضرب السيوف.

قال: فمن أثقل الناس؟

قال: المتفنن في الملام، الضنين بالسلام، المهذار في الكلام، المقبقب على الطعام.

قال: فمن خير الناس؟

قال: أكثرهم إحسانا وأقومهم ميزانا، وأدومهم غفرانا، وأوسعهم ميدانا.

قال: لله أبوك، فكيف يعرف الرجل الغريب، أحسيب هو أم غير حسيب؟

قال: أصلح الله الأمير إن الرجل الحسيب يدلك أدبه وعقله وشمائله وعزة نفسه وكثرة احتماله وبشاشته وحسن مداورته على أصله، فالعاقل البصير بالأحساب يعرف شمائله، والنذل الجاهل يجهله، فمثله كمثل الدرة إذا وقعت عند من لا يعرفها ازدراها، وإذا نظر إليها العقلاء عرفوها وأكرموها، فهي عندهم لمعرفتهم بها حسنة نفيسة.

فقال الحجاج: لله أبوك، فما العاقل والجاهل؟

قال: أصلح الله الأمير، العاقل الذي لا يتكلم هذرا، ولا ينظر شزرا، ولا يضمر غدرا، ولا يطلب عذرا، والجاهل هو المهذر في كلامه، المنان بطعامه، الضنين بسلامه المتطاول على إمامه، الفاحش على غلامه.

قال: لله أبوك، فما الحازم الكيس؟

قال: المقبل على شأنه، التارك لما لا يعنيه، قال:

العاجز؟

قال: المعجب بآرائه الملتفت إلى ورائه.

قال: هل عندك من النساء خير؟

قال: أصلح الله الأمير إني بشأنهن خبير إن شاء الله تعالى. إن النساء من أمهات الأولاد بمنزلة الأضلاع إن عدلتها انكسرت، ولهن جوهر لا يصلح إلا على المداراة، فمن داراهن انتفع بهن وقرت عينه، ومن شاورهن كدرن عيشه، وتكدرت عليه حياته، وتنغصت لذاته، فأكرمهن أعفهن، وأفخر أحسابهن العفة، فإذا زلن عنها فهن أنتن من الجيفة.

فقال له الحجاج: يا غضبان إني موجهك إلى ابن الأشعث وافد، فماذا أنت قائل له؟ قال: أصلح الله الأمير أقول ما يرديه ويؤذيه ويضنيه، فقال: إني أظنك لا تقول له ما قلت وكأني بصوت جلا جلك تجلجل في قصري هذا، قال: كلا أصلح الله الأمير سأحدد له لساني، وأجريه في ميداني، قال: فعند ذلك أمره بالمسير إلى كرمان، فلما توجه إلى ابن الأشعث وهو على كرمان بعث الحجاج عينا عليه أي جاسوسا، وكان يفعل ذلك مع جميع رسله، فلما قدم الغضبان على ابن الأشعث قال له: إن الحجاج قد همّ بخلعك وعزلك، فخذ حذرك، وتغدّ به قبل أن يتعشى بك، فأخذ حذره عند ذلك، ثم أمر للغضبان بجائزة سنية، وخلع فاخرة، فأخذها وانصرف راجعا، فأتى إلى رملة كرمان في شدة الحر القيظ وهي رملة شديد الرمضاء، فضرب قبته فيها، وحط عن رواحله فبينما هو كذلك إذا بأعرابي من بني بكر بن وائل قد أقبل على بعير قاصدا نحوه وقد اشتد الحر وحميت الغزالة وقت الظهيرة، وقد ظمىء ظمأ شديدا، فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته.

فقال الغضبان: هذه سنة وردها فريضة قد فاز قائلها وخسر تاركها، ما حاجتك يا أعرابي؟

قال: أصابتني الرمضاء وشدة الحر والظمأ، فيممت قبتك أرجو بركتها.

قال الغضبان: فهلا تيممت قبة أكبر من هذه وأعظم.

قال: أيتهن تعني؟

قال: قبة الأمير بن الأشعث.

قال: تلك لا يوصل إليها.

قال: إن هذه أمنع منها.

فقال الأعرابي: ما اسمك يا عبد الله؟.

قال: آخذ، فقال: وما تعطي؟

قال: أكره أن يكون لي إسمان.

قال: بالله من أين أنت؟

ص: 58

قال: من الأرض.

قال: فأين تريد؟

قال: أمشي في مناكبها.

فقال الأعرابي وهو يرفع رجلا ويضع أخرى من شدة الحر: أتقرض الشعر؟ قال: إنما يقرض الفأر.

فقال: أفتسجع؟

قال: إنما تسجع الحمامة.

فقال: يا هذا ائذن لي أن أدخل قبتك.

قال: خلفك أوسع لك.

فقال: قد أحرقني حر الشمس.

قال: ما لي عليها من سلطان.

فقال: الرمضاء أحرقت قدمي.

قال: بل عليها تبرد.

فقال: إني لا أريد طعامك، ولا شرابك.

قال: لا تتعرض لما لا تصل إليه، ولو تلفت روحك.

فقال الأعرابي: سبحان الله.

قال: نعم من قبل أن تطلع أضراسك.

فقال الأعرابي: هل عندك غير هذا؟

قال: بلى. هراوة أضرب بها رأسك.

فاستغاث الأعرابي يا جار بني كعب.

قال الغضبان: بئس الشيخ أنت، فو الله ما ظلمك أحد فتستغيث.

فقال الأعرابي: ما رأيت رجلا أقسى منك أتيتك مستغيثا فحجبتني وطردتني، هلا أدخلتني قبتك وطارحتني القريض؟

قال: ما لي بمحادثتك من حاجة.

فقال الأعرابي: بالله ما اسمك، ومن أنت؟

فقال: الغضبان بن القبعثري.

فقال: اسمان منكران خلقا من غضب.

قال: قف متوكئا على باب قبتي برجلك هذه العوجاء.

فقال: قطعها الله إن لم تكن خيرا من رجلك هذه الشنعاء.

قال الغضبان: لو كنت حاكما لجرت في حكومتك لأن رجلي في الظل قاعدة ورجلك في الرمضاء قائمة.

فقال الأعرابي: إني لأظنك حروريا.

قال: اللهم اجعلني ممن يتحرى الخير ويريده، فقال: إني لأظن عنصرك فاسدا.

قال: ما أقدرني على إصلاحه.

فقال الأعرابي: لا أرضاك الله ولا حياك ثم ولى، وهو يقول:

لا بارك الله في قوم تسودهم

إني اظنّك والرحمن شيطانا

أتيت قبّته أرجو ضيافته

فأظهر الشيخ ذو القرنين حرمانا

فلما قدم الغضبان على الحجاج وقد بلّغه الجاسوس ما جرى بينه وبين ابن الأشعث وبين الأعرابي قال له الحجاج: يا غضبان كيف وجدت أرض كرمان؟

قال: أصلح الله الأمير أرض يابسة الجيش، بها ضعاف هؤلاء إن كثروا جاعوا، وإن قلوا ضاعوا.

فقال له الحجاج: ألست صاحب الكلمة التي بلغتني أنك قلت لابن الأشعث تغدّ بالحجاج قبل أن يتعشى بك، فو الله لأحبسنك عن الوساد، ولأنزلنك عن الجياد، ولأشهرنك في البلاد.

قال: الأمان أيها الأمير، فوالله ما ضرت من قيلت فيه ولا نفعت من قيلت له.

فقال له: ألم أقل لك كأني بصوت جلاجلك تجلجل في قصري هذا، اذهبوا به إلى السجن، فذهبوا به، فقيد وسجن، فمكث ما شاء الله، ثم إن الحجاج ابتنى الخضراء بواسط فأعجب بها، فقال لمن حوله: كيف ترون قبتي هذه وبناءها؟

فقالوا: أيها الأمير إنها حصينة مباركة منيعة، نضرة بهجة، قليل عيبها، كثير خيرها.

قال: لم لم تخبروني بنصح؟

قالوا: لا يصفها لك إلا الغضبان، فبعث إلى الغضبان، فأحضره، وقال له: كيف ترى قبتي هذه وبناءها؟

قال: أصلح الله الأمير بنيتها في غير بلدك لا لك ولا لولدك لا تدوم لك، ولا يسكنها وارثك، ولا تبقى لك، وما أنت لها بباق.

فقال الحجاج: قد صدق الغضبان ردوه إلى السجن، فلما حملوه قال: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ

«1» ، فقال: أنزلوه، فلما أنزلوه قال: رَبِ

ص: 59

أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ

«1» فقال: اضربوا به الأرض، فلما ضربوا به الأرض قال: مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى 55

«2» فقال: جروه، فأقبلوا يجرونه وهو يقول: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ 41

«3» فقال الحجاج: ويلكم اتركوه فقد غلبني دهاء وخبثا، ثم عفا عنه، وأنعم عليه، وخلى سبيله.

وحدث الزبير قال: دخل محمد بن عبد الملك بن صالح على المأمون، وقد كانت ضياعهم أخذت، فقال:

السلام عليك يا أمير المؤمنين. محمد بن عبد الملك بين يديك سليل نعمتك وغصن من أغصان دوحتك، أتأذن له في الكلام، فقال: تكلم. قال: الحمد لله رب العالمين ولا إله إلا الله رب العرش العظيم، وصلى الله والملائكة على محمد خاتم النبيين، ونستمتع الله لحياطة ديننا ودنيانا، ورعاية أدنانا وأقصانا ببقائك يا أمير المؤمنين، ونسأل الله أن يمد في عمرك من أعمارنا، وأن يقيك الأذى بأسماعنا وأبصارنا، فإن الحق لا تعفو آثاره، ولا ينهدم مناره، ولا ينبت حبله، ولا يزول ما دمت بين الله وبين عباده، والأمين على بلاده يا أمير المؤمنين. هذا المقام مقام العائذ بظلك، الهارب إلى كنفك، الفقير إلى رحمتك وعدلك من تعاود النوائب وسهام المصائب وكلب الدهر، وذهاب النعمة، وفي نظر أمير المؤمنين ما يفرج كربة المكروب، ويبرد غليل القلوب، وقد نفذ أمر أمير المؤمنين في الضياع التي أفادناها نعم آبائه الطيبين، ونوافل أسلافه الطاهرين الراشدين، وقد قمت مقامي هذا متوسلا إليك بآبائك الطيبين وبالرشيد خير الهداة الراشدين، والمهدي ناصر المسلمين، والمنصور منكل الظالمين، ومحمد خير المحمدين بعد خاتم النبيين مزدلفا إليك بالطاعة التي أفرع عليها غصني واحتنكت بها سني، وريّش بها جناحي، متعوذا من شماتة الأعداء وحلول البلاء، ومقارفة الشدة بعد الرخاء، يا أمير المؤمنين قد مضى جدك المنصور وعمك صالح بن علي جدي وبينهما من الرضاع والنسب ما علمه أمير المؤمنين، وعرفه، وقد أثبت الله الحق في نصابه، وأقره في داره، وأربابه، يا أمير المؤمنين إن الدهر ذو اغتيال، وقد يقلب حالا بعد حال فارحم يا أمير المؤمنين الصبية الصغار، والعجائز الكبار الذين سقاهم الدهر كدرا بعد صفو، ومرا بعد حلو، وهبنا نعم آبائك اللاتي غذتنا صغارا وكبارا وشبابا وأشياخا وأمشاجا في الأصلاب، ونطفا في الأرحام، وقدمنا في القرابة حيث قدمنا الله منك في الرحم، فإن رقابنا قد ذلت لسخطك، ووجوهنا قد عنت لطاعتك، فأقلنا عثرتنا يا أمير المؤمنين، إن الله قد سهل بك الوعور وجلا بك الديجور وملأ من خوفك القلوب والصدور، بك يرع الفاسق ويقمع بك المنافق، فارتبط نعم الله عندك بالعفو والإحسان فإن كل راع مسؤول عن رعيته، وإن النعم لا ينقطع المزيد فيها حتى ينقطع الشكر عليها، يا أمير المؤمنين إنه لا عفو أعظم من عفو إمام قادر عن مذنب عاثر، وقد قال الله جل ثناؤه، وتعالت قدرته: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

«4» أحاط الله أمير المؤمنين بستره الواقي ومنعه الكافي ثم أنشد يقول:

أمير المؤمنين أتاك ركب

لهم قربى وليس لهم تلاد «5»

هم الصدر المقدّم من قريش

وأنت الرأس تتبعك العباد

لقد طابت بك الدنيا ولذّت

وأرجو أن يطيب بك المعاد

فكيف تنالكم لحظات عين

وكيف يقلّ سؤددك البلاد

قال: فاستحسن المأمون كلامه وأمر له بالحلل الفاخرة والجوائز السنية، وأمر برد ضياعه وقرب منزلته وأدناه، ودفع إليه من المال ما أغناه.

ومن حكايات الفصحاء ونوادر البلغاء ما حكي أن عبد الملك بن مروان جلس يوما وعنده جماعة من خواصه وأهل مسامرته، فقال: أيكم يأتيني بحروف المعجم في بدنه وله عليّ ما يتمناه، فقام إليه سويد بن غفلة، فقال: أنا لها يا أمير المؤمنين، قال: هات. فقال: نعم يا أمير المؤمنين. أنف بطن ترقوة ثغر جمجمة حلق خد دماغ ذكر رقبة زند ساق شفة صدر ضلع طحال ظهر عين غبب فم قفا كف لسان منخر نغنوغ هامة، وجه يد، وهذه آخر حروف المعجم، والسلام على أمير المؤمنين.

ص: 60

فقام بعض أصحاب عبد الملك، وقال: يا أمير المؤمنين أنا أقولها من جسد الإنسان مرتين، فضحك عبد الملك وقال لسويد: أسمعت ما قال: قال: أصلح الله الأمير أنا أقولها ثلاثا، فقال: هات ولك ما تتمناه، فابتدأ يقول: أنف أسنان أذن، بطن بنصر بزة، ترقوة تمرة تينة، ثغر ثنايا ثدي، جمجمة جنب جبهة، حلق حنك حاجب، خد خنصر خاصرة، دبر دماغ درادير، ذقن ذكر ذراع، رقبة رأس ركبة، زند زردمة زب، فهناك ضحك عبد الملك حتى استلقى على قفاه، ساق سرة سبابة، شفة شفر شارب، صدر صدع صلعة، ضلع ضفيرة ضرس، طحال طرة طرف، ظهر ظفر ظلم، عين عنق عاتق، غبب غلصمة غنة، فم فك فؤاد، قلب قفا قدم، كف كتف كعب لسان لحية لوح، منخر مرفق منكب، نغنوغ ناب نن، هامة هيئة هيف وجه وجنة ورك، يمين يسار يافوخ. ثم نهض مسرعا، فقبل الأرض بين يدي أمير المؤمنين قال: فعندها ضحك عبد الملك وقال: والله ما تزيدنا عليها شيئا أعطوه ما يتمناه، ثم أجازه وأنعم عليه، وبالغ في الإحسان إليه.

وكان الحجاج بن يوسف الثقفي من الفصحاء، وكان على عتوه وإسرافه جوادا، وكان إذا ضحك واستغرق في الضحك أتبع ذلك الاستغفار مرات، وكان يطعم على ألف خوان، وكان يطوف على الموائد ويقول: يا أهل الشام مزقوا الخبز لئلا يعود إليكم ثانيا، وكان يجلس على كل مائدة عشرة رجال، وذلك في كل يوم وكان يقول: أرى الناس يتخلفون عن طعامي، فقيل له: إنهم يكرهون الحضور قبل أن يدعوا، فقال: قد جعلت رسولي إليهم كل يوم الشمس إذا طلعت وعند المساء إذا غربت.

حكي عن عبد الملك بن عمير أنه قال: لما بلغ أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان اضطراب أهل العراق جمع أهل بيته وأولي النجدة من جنده، وقال: أيها الناس، إن العراق كدر ماؤها، وكثر غوغاؤها، وأملولح عذبها، وعظم خطبها، وظهر ضرامها، وعسر إخماد نيرانها فهل من ممهد لهم بسيف قاطع، وذهن جامع، وقلب ذكي، وأنف حمي، فيخمد نيرانها، ويردع غيلانها، وينصف مظلومها، ويداوي الجرح حتى يندمل فتصفو البلاد، وتأمن العباد، فسكت القوم، ولم يتكلم أحد.

فقام الحجاج وقال: يا أمير المؤمنين أنا للعراق. قال:

ومن أنت لله أبوك؟ قال: أنا الليث الضمضام، والهزبر الهشام، أنا الحجاج بن يوسف. قال: ومن أين؟ قال: من ثقيف كهوف الضيوف ومستعمل السيوف. قال: أجلس لا أم لك، فلست هناك.

ثم قال: ما لي أرى الرؤوس مطرقة والألسن معتقلة، فلم يجبه أحد، فقام إليه الحجاج وقال: أنا مجندل الفساق، ومطفىء نار النفاق، قال: ومن أنت؟ قال: أنا قاصم الظلمة، ومعدن الحكمة الحجاج بن يوسف معدن العفو والعقوبة، آفة الكفر والريبة، قال إليك عني، وذاك، فلست هناك.

ثم قال: من للعراق؟ فسكت القوم، وقام الحجاج وقال: أنا للعراق، فقال: إذن أظنك صاحبها والظافر بغنائمها وإن لكل شيء يا ابن يوسف آية وعلامة. فما آيتك وما علامتك؟ قال: العقوبة والعفو، والاقتدار والبسط، والازورار والإدناء، والابعاد والجفاء، والبر والتأهب، والحزم وخوض غمرات الحروب بجنان غير هيوب، فمن جادلني قطعته، ومن نازعني قصمته، ومن خالفني نزعته، ومن دنا مني أكرمته، ومن طلب الأمان أعطيته، ومن سارع إلى الطاعة بجلته، فهذه آيتي وعلامتي، وما عليك يا أمير المؤمنين أن تبلوني، فإن كنت للأعناق قطاعا، وللأموال جماعا، وللأرواح نزاعا، ولك في الأشياء نفاعا. وإلا فليستبدل بي أمير المؤمنين، فإن الناس كثير، ولكن من يقوم بهذا الأمر قليل.

فقال عبد الملك: أنت لها، فما الذي تحتاج إليه؟ قال:

قليل من الجند والمال، فدعا عبد الملك صاحب جنده فقال: هيىء له من الجند شهوته وألزمهم طاعته، وحذرهم مخالفته، ثم دعا الخازن، فأمره بمثل ذلك، فخرج الحجاج قاصدا نحو العراق.

قال عبد الملك بن عمير: فبينما نحن في المسجد الجامع بالكوفة إذا أتانا آت فقال: هذا الحجاج قدم أميرا على العراق، فتطاولت الأعناق نحوه وأفرجوا له عن صحن المسجد، فإذا نحن به يمشي وعليه عمامة حمراء متلثما بها، ثم صعد المنبر، فلم يتكلم كلمة واحدة، ولا نطق بحرف حتى غص المسجد بأهله، وأهل الكوفة يومئذ ذوو حالة حسنة وهيئة جميلة، فكان الواحد منهم يدخل المسجد ومعه العشرون والثلاثون من أهل بيته ومواليه وأتباعه عليهم الخز والديباج قال: وكان في المسجد يومئذ عمير بن صابىء التميمي، فلما رأى الحجاج على المنبر قال لصاحب له: أحصبه لكم؟

قال: اكفف حتى نسمع ما يقول، فأبى ابن صابىء وقال: لعن الله بني أمية حيث يولون ويستعملون مثل هذا

ص: 61

على العراق، وضيع الله العراق حيث يكون هذا أميرها، فوالله لو دام هذا أميرا كما هو ما كان بشيء، والحجاج ساكت ينظر يمينا وشمالا، فلما رأى المسجد قد غص بأهله قال: هل اجتمعتم؟

فلم يرد عليه أحد شيئا، فقال: إني لا أعرف قدر اجتماعكم، فهل اجتمعتم؟

فقال رجل من القوم: قد اجتمعنا أصلح الله الأمير، فكشف عن لثامه، ونهض قائما فكان أول شيء نطق به أن قال: والله إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها، وإني لأرى الدماء ترقرق بين العمائم واللحى، والله يا أهل العراق إن أمير المؤمنين نثر كنانة بين يديه فعجم عيدانها، فوجدني أمرّها عودا، وأصلبها مكسرا، فرماكم بي لأنكم طالما أثرتم الفتنة، واضطجعتم في مراقد الضلال، والله لأنكلن بكم في البلاد، ولأجعلنكم مثلا في كل واد، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، وإني يا أهل العراق لا أعد إلّا وفيت، ولا أعزم إلا أمضيت، فإياي وهذه الزرافات والجماعات، وقيل وقال، وكان ويكون، يا أهل العراق: إنما أنتم أهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، فكفرت بأنعم الله، فأتاها وعيد القرى من ربها، فاستوثقوا واستقيموا، واعملوا، ولا تميلوا، وتابعوا، وبايعوا، واجتمعوا، واستمعوا، فليس مني الإهدار والإكثار إنما هو هذا السيف، ثم لا ينسلخ الشتاء من الصيف حتى يذل الله لأمير المؤمنين صعبكم، ويقيم له أودكم؛ ثم إني وجدت الصدق مع البر ووجدت البر في الجنة، ووجدت الكذب مع الفجور، ووجدت الفجور في النار، وقد وجهني أمير المؤمنين إليكم، وأمرني أن أنفق فيكم وأوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبي صفرة، وإني أقسم بالله لا أجد رجلا يتخلف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام إلا ضربت عنقه، يا غلام: اقرأ كتاب أمير المؤمنين.

فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عبد الملك بن مروان إلى من بالكوفة من المسلمين سلام عليكم، فلم يرد أحد شيئا.

فقال الحجاج: اكفف يا غلام، ثم أقبل على الناس فقال: أيسلم عليكم أمير المؤمنين فلا تردون شيئا عليه؟

هذا أدبكم الذي تأدبتم به، أما والله لأؤدبنكم أدبا غير هذا الأدب، اقرأ يا غلام، فقرأ حتى بلغ قوله: سلام عليكم فلم يبق أحد إلا قال: وعلى أمير المؤمنين السلام، ثم نزل بعدما فرغ من خطبته وقراءته، ووضع للناس عطاياهم، فجعلوا يأخذونها حتى أتاه شيخ يرعش، فقال: أيها الأمير إني على الضعف كما ترى، ولي ابن هو أقوى مني على الأسفار، أفتقبله بديلا مني؟ فقال: نقبله أيها الشيخ، فلما ولى قال له قائل: أتدري من هذا أيها الأمير؟ قال: لا.

قال: هذا ابن صابىء الذي يقول:

هممت ولم أفعل وكدت وليتني

تركت على عثمان تبكي حلائله «1»

ولقد دخل هذا الشيخ على عثمان رضي الله عنه وهو مقتول، فوطىء في بطنه، فكسر ضلعين من أضلاعه، فقال الحجاج: ردوه فلمّا ردوه قال له الحجاج: أنت الفاعل بأمير المؤمنين عثمان ما فعلت يوم قتل في الدار؟

إن في قتلك أيها الشيخ إصلاحا للمسلمين. يا سياف أضرب عنقه، فضرب عنقه، وكان من أمره بعد ذلك ما عرف وسطر.

ومن حكايات الحجاج ما حكي أنه لما أسرف في قتل أسرى دير الجماجم، وأعطى الأموال، بلغ ذلك أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، فشق عليه، وكتب إليه، أما بعد، فقد بلغني عنك إسراف في الدماء، وتبذير في العطاء، وقد حكمت عليك في الدماء في الخطأ بالدية، وفي العمد بالقود، وفي الأموال أن تردها إلى مواضعها، ثم تعمل فيها برأيي، فإنما هو مال الله تعالى، ونحن أمناؤه، فإن كنت أردت الناس لي فما أغناني عنهم، وإن كنت أردتهم لنفسك فما أغناك عنهم، وسيأتيك عني أمران: لين وشدة، فلا يؤمننك إلا الطاعة، ولا يوحشنك إلا المعصية، وإذا أعطاك الله عز وجل الظفر، فلا تقتلن جانحا، ولا أسيرا، وكتب في أسفل الكتاب:

إذا أنت لم تترك أمورا كرهتها

وتطلب رضائي بالذي أنا طالبه

فإن تر منّي غفلة قرشية

فيا ربما قد غصّ بالماء شاربه «2»

وأن تر منّي وثبة أموية

فهذا وهذا كلّ ذا أنا صاحبه

ص: 62

فلا تأمننّي والحوادث جمة

فإنك تجزي بالذي أنت كاسبه

فلا تعد ما يأتيك منّي وإن تعد

يقمن به يوما عليك نوادبه «1»

فلا تمنعنّ الناس حقا علمته

ولا تعطين ما ليس للناس واجبه

فإنك إن تعطي الحقوق فإنّما

النّوافل شيء لا يثيبك واهبه «2»

فلما ورد الكتاب على الحجاج كتب إلى أمير المؤمنين أما بعد، فقد ورد كتاب أمير المؤمنين بذكر إسرافي وتبذيري في الأموال. ولعمري ما بلغت في عقوبة أهل المعصية، ولا قضيت حقوق أهل الطاعة، فإن كان قتلي العصاة إسرافا وإعطائي المطيعين تبذيرا، فليمض لي أمير المؤمنين ما سلف والله ما أصبت القوم خطأ فأوديهم ولا ظلمتهم عمدا فأقاديهم ولا قتلت إلا لك، ولا أعطيت إلا فيك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، وكتب في أسفل الكتاب:

إذا أنا لا أبغي رضاك وأتّقي

أذاك فليلي لا توارى كواكبه

وما لامرىء بعد الخليفة جنّة

تقيه من الأمر الذي هو راكبه

إذا قارف الحجاج فيك خطيئة

لقامت عليه بالصباح نوادبه

إذا أنا لم أدن الشفيق لنصحه

واقص الذي تسري إليّ عقاربه

وأعط المواسي في البلاء عطية

لردّ الذي ضاقت عليّ مذاهبه

فمن يتّقي بؤسي ويرجو مودتي

ويخشى غدا والدهر جم نوائبه

وأمري إليك اليوم ما قلت قلته

وما لم تقله لم أقل ما يقاربه

ومهما أردت اليوم مني أردته

وما لم ترده اليوم إنّي مجانبه

وقف بي على حدّ الرضا لا أجوزه

مدى الدهر حتى يرجع الدرّ حالبه «3»

وإلّا فدعني والأمور فإنّني

شفيق رفيق أحكمته تجاربه

فلما انتهى الكتاب إلى عبد الملك قال: خاف أبو محمد صولتي ولن يعاود لأمر كرهته إن شاء الله تعالى، فمن يلومني على محبته، يا غلام أكتب إليه: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب وأنت أعلى عينا بما هناك.

وفي مروج الذهب للمسعودي: أن أم الحجاج وهي الفارعة بنت همام، ولدته مشوها لا دبر له، فثقب له دبر وأبى أن يقبل الثدي وأعياهم أمره، فيقال: إن الشيطان تصور لهم في صورة الحارث بن كلدة حكيم العرب، فسألهم عن ذلك، فأخبره مخبر من أهله، فقال لهم:

اذبحوا له تيسا وألعقوه من دمه، وأولغوه فيه، ثم أطلوا به وجهه، ففعلوا ذلك، فقبل الثدي، فلأجل ذلك كان لا يصبر عن سفك الدماء، وكان يخبر عن نفسه أن أكبر لذاته سفك الدماء وارتكاب أمور لا يقدر غيره عليها، وكانت أمه متزوجة قبل أبيه الحارث بن كلدة، فدخل عليها يوما في السحر، فوجدها تخلل أسنانها فطلقها، فسألته لم فعل؟ فقال لها: إن كنت باكرت الغداء فأنت شرهة، وإن كان بقايا طعام بفيك، فأنت قذرة، فقالت:

كل ذلك لم يكن، وإنما تخللت من شظايا السواك، فقال:

قضي الأمر، فتزوجها بعده يوسف بن عقيل الثقفي فأولدها الحجاج.

وقيل إن الحجاج تقلد الإمارة وهو ابن عشرين سنة، ومات وله ثلاث وخمسون سنة، وكان من عنف السياسة، وثقل الوطأة، وظلم الرعية، والإسراف في القتل على ما لا يبلغه وصف، أحصي من قتله الحجاج بأمره سوى من قتله في حروبه فكانوا مائة ألف وعشرين ألفا، ووجد في سجنه خمسون ألف رجل، وثلاثون ألف امرأة، لم يجب على أحد منهم قطع ولا قتل، وكان يحبس الرجال والنساء في موضع واحد، ولم يكن لحبسه سقف يستر الناس من الحر والبرد.

وقيل للشعبي، أكان الحجاج مؤمنا؟ قال: نعم بالطاغوت، وقال: لو جاءت كل أمة بخبيثها وفاسقها

ص: 63