المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني في الأدعية وما جاء فيها - المستطرف في كل فن مستظرف

[شهاب الدين الأبشيهي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول في مباني الإسلام

- ‌الفصل الأول في الإخلاص لله تعالى والثناء عليه

- ‌الفصل الثاني في الصلاة وفضلها

- ‌الفصل الثالث في الزكاة وفضلها

- ‌الفصل الرابع في الصوم وفضله وما أعد الله للصائم من الأجر والثواب

- ‌الفصل الخامس في الحج وفضله

- ‌الباب الرابع في العلم والأدب وفضل العالم والمتعلم

- ‌الباب السادس في الأمثال السائرة

- ‌الفصل الأول فيما جاء من ذلك في القرآن العظيم وأحاديث النبي الكريم

- ‌الفصل الثاني في أمثال العرب

- ‌الفصل الثالث في أمثال العامة والمولدين

- ‌الفصل الرابع في الأمثال من الشعر المنظوم مرتبة على حروف المعجم

- ‌(حرف الألف)

- ‌(حرف الباء الموحدة)

- ‌(حرف التاء المثناة الفوقية)

- ‌(حرف الجيم)

- ‌(حرف الحا المهملة)

- ‌(حرف الخاء المعجمة)

- ‌(حرف الدال المهملة)

- ‌(حرف الدال المعجمة)

- ‌(حرف الراء)

- ‌(حرف الزاي)

- ‌(حرف السين المهملة)

- ‌(حرف الشين المعجمة)

- ‌(حرف الصاد المهملة)

- ‌(حرف الضاد المعجمة)

- ‌(حرف الطاء المهملة)

- ‌(حرف الظاء المشالة)

- ‌(حرف العين المهملة) :

- ‌(حرف الغين المعجمة)

- ‌(حرف الفاء)

- ‌(حرف القاف)

- ‌(حرف الكاف)

- ‌(حرف اللام)

- ‌(حرف الميم)

- ‌(حرف النون)

- ‌(حرف الهاء)

- ‌(حرف الواو)

- ‌(حرف اللام ألف)

- ‌(حرف الياء المثناة التحتية)

- ‌الفصل الخامس في الأمثال السائرة بين الرجال والنساء مرتبة على حروف المعجم

- ‌(حرف الألف)

- ‌(حرف الباء الموحدة)

- ‌(حرف التاء المثناة من فوق)

- ‌(حرف الثاء المثلثة)

- ‌(حرف الجيم)

- ‌(حرف الهاء المهملة)

- ‌(حرف الخاء المعجمة)

- ‌(حرف الدال المهملة)

- ‌(حرف الذال المعجمة)

- ‌(حرف الراء المهملة)

- ‌(حرف الزاي المعجمة)

- ‌(حرف السين المهملة)

- ‌(حرف الشين المعجمة)

- ‌(حرف الصاد المهملة)

- ‌(حرف الضاد المعجمة)

- ‌(حرف الطاء المهملة)

- ‌(حرف الظاء المعجمة)

- ‌(حرف العين المهملة) :

- ‌(حرف الغين المعجمة)

- ‌(حرف الفاء)

- ‌(حرف القاف)

- ‌(حرف الكاف)

- ‌(حرف اللام)

- ‌(حرف الميم)

- ‌(حرف النون)

- ‌(حرف الهاء)

- ‌(حرف الواو)

- ‌(حرف اللام ألف)

- ‌(حرف الياء)

- ‌[الفصل السادس فى] أمثال النساء

- ‌(حرف الألف)

- ‌(حرف الباء الموحدة)

- ‌(حرف التاء)

- ‌(حرف الثاء)

- ‌(حرف الجيم)

- ‌(حرف الحاء المهملة)

- ‌(حرف الخاء المعجمة)

- ‌(حرف الدال المهملة)

- ‌(حرف الذال المعجمة)

- ‌(حرف الراء)

- ‌(حرف الزاي)

- ‌(حرف السين المهملة)

- ‌(حرف الشين المعجمة)

- ‌(حرف الصاد المهملة)

- ‌(حرف الضاد المعجمة)

- ‌(حرف الطاء المهملة)

- ‌(حرف الظاء المعجمة) :

- ‌(حرف العين المهملة)

- ‌(حرف الغين المعجمة)

- ‌(حرف الفاء)

- ‌(حرف القاف)

- ‌(حرف الكاف)

- ‌(حرف اللام)

- ‌(حرف الميم)

- ‌(حرف النون)

- ‌(حرف الهاء)

- ‌(حرف الواو)

- ‌(حرف اللام ألف)

- ‌(حرف الياء)

- ‌الباب السابع في البيان والبلاغة والفصاحة وذكر الفصحاء من الرجال والنساء

- ‌الفصل الأول في البيان والبلاغة

- ‌الفصل الثاني في الفصاحة

- ‌الفصل الثالث في ذكر الفصحاء من الرجال

- ‌[الفصل الرابع فى] ذكر فصحاء النساء وحكاياتهن

- ‌حكاية المتكلمة بالقرآن

- ‌الباب التاسع في ذكر الخطب والخطباء والشعر والشعراء وسرقاتهم وكبوات الجياد وهفوات الأمجاد

- ‌فصل في ذكر الشعر والشعراء وسرقاتهم

- ‌الباب العاشر في التوكل على الله تعالى والرضا بما قسم والقناعة وذم الحرص والطمع وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في التوكل على الله تعالى

- ‌الفصل الثاني في القناعة والرضا بما قسم الله تعالى

- ‌الفصل الثالث في ذم الحرص والطمع وطول الأمل

- ‌الباب الثالث عشر في الصمت وصون اللسان والنهي عن الغيبة والسعي بالنميمة ومدح العزلة وذم الشهرة

- ‌الفصل الأول في الصمت وصون اللسان

- ‌الفصل الثاني في تحريم الغيبة

- ‌الفصل الثالث في تحريم السعاية بالنميمة

- ‌الباب الثامن عشر فيما جاء في القضاء وذكر القضاة وقبول الرشوة والهدية على الحكم وما يتعلق بالديون وذكر القصاص والمتصوفة

- ‌الفصل الأول فيما جاء في القضاء وذكر القضاة وأحوالهم وما يجب عليهم

- ‌الفصل الثاني في الرشوة والهدية على الحكم وما جاء في الديون

- ‌الفصل الثالث في ذكر القصّاص والمتصوفة وما جاء في الرياء ونحو ذلك

- ‌الباب الحادي والعشرون في بيان الشروط التي تؤخذ على العمال وسيرة السلطان في استجباء الخراج وأحكام أهل الذمة

- ‌الفصل الأول في سيرة السلطان في استجباء الخراج والانفاق من بيت المال وسيرة العمال

- ‌الفصل الثاني في أحكام أهل الذمة

- ‌الباب الخامس والعشرون في الشفقة على خلق الله تعالى والرحمة بهم وفضل الشفاعة وإصلاح ذات البين

- ‌الفصل الأول في الشفقة على خلق الله تعالى والرحمة بهم

- ‌الفصل الثاني في الشفاعة وإصلاح ذات البين

- ‌الباب السادس والعشرون في الحياء والتواضع ولين الجانب وخفض الجناح

- ‌الفصل الأول في الحياء

- ‌الفصل الثاني في التواضع ولين الجانب وخفض الجناح

- ‌وأما الذين انتهى إليهم الجود في الجاهلية

- ‌الباب الخامس والثلاثون في الطعام وآدابه والضيافة وآداب المضيف وأخبار الأكلة وما جاء عنهم وغير ذلك

- ‌أما إباحة الطيب من المطاعم

- ‌وأما نعوت الأطعمة وما جاء في فيها

- ‌وأما الزهد في المآكل:

- ‌وأما ما جاء في آداب الأكل

- ‌وأما ما جاء في كثرة الأكل

- ‌وأما أخبار الأكلة

- ‌وأما المهازلة على الطعام:

- ‌وأما آداب المضيف

- ‌وأما آداب الضيف

- ‌وأما الوفاء بالعهد ورعاية الذمم

- ‌الباب التاسع والثلاثون في الغدر والخيانة والسرقة والعداوة والبغضاء والحسد

- ‌الفصل الأول في الغدر والخيانة

- ‌الفصل الثاني في السرقة والسراق

- ‌الفصل الثالث فيما جاء في العداوة والبغضاء

- ‌الفصل الرابع في الحسد

- ‌الباب الأربعون في الشجاعة وثمرتها والحروب وتدبيرها وفضل الجهاد وشدة البأس والتحريض على القتال

- ‌الفصل الأول في فضل الجهاد في سبيل الله وشدة البأس

- ‌الفصل الثاني في الشجاعة وثمرتها والحروب وتدبيرها

- ‌الباب الحادي والأربعون في ذكر أسماء الشجعان وذكر الأبطال وطبقاتهم وأخبارهم وذكر الجبناء وأخبارهم وذم الجبن

- ‌(الطبقة الأولى: الذين أدركوا الجاهلية والإسلام) :

- ‌(الطبقة الثانية) :

- ‌(الطبقة الثالثة) :

- ‌ومما جاء في مدح السيف:

- ‌ومن أخبار الشجعان ما حكاه الفضل بن يزيد:

- ‌ذكر الجبن والجبناء وأخبارهم وما جاء عنهم

- ‌الباب الثاني والأربعون في المدح والثناء وشكر النعمة والمكافأة

- ‌الفصل الأول في المدح والثناء

- ‌الفصل الثاني من هذا الباب في شكر النعمة

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في المكافأة

- ‌الباب الرابع والاربعون في الصدق والكذب

- ‌الفصل الأول في الصدق

- ‌الفصل الثاني من هذا الباب في الكذب وما جاء به

- ‌الباب الخامس والاربعون في بر الوالدين وذم العقوق وذكر الأولاد وما يجب لهم وعليهم وصلة الرحم والقرابات وذكر الأنساب

- ‌الفصل الأول في بر الوالدين وذم العقوق

- ‌الفصل الثاني في الأولا وحقوقهم وذكر النجباء والأذكياء والبلداء والأشقياء

- ‌ومما جاء في الأولاد البلداء القليلي التوفيق:

- ‌ومما جاء في صلة الرحم:

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في ذكر الأنساب والأقارب والعشيرة

- ‌الباب السادس والاربعون في الخلق وصفاتهم وأحوالهم وذكر الحسن والقبيح والقصر والألوان والثياب وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في الحسن ومحاسن الاخلاق

- ‌ما قيل في الشعر:

- ‌(ومما قيل في مدح العذار)

- ‌ومما قيل في الجبين والحواجب:

- ‌ومما قيل في العيون:

- ‌ومما قيل في الخال:

- ‌ومما قيل في الخدود:

- ‌ومما قيل في الثغور:

- ‌ومما قيل في حسن الحديث:

- ‌ومما قيل في رقة البشرة:

- ‌ومما قيل في التقبيل:

- ‌ومما قيل في الوجه الحسن:

- ‌ومما قيل في البنان المخضبّ:

- ‌ومما قيل في النحور:

- ‌ومما قيل في نعت النهود:

- ‌ومما قيل في المعاصم:

- ‌ومما قيل في اعتدال القوام:

- ‌ومما قيل في الساق:

- ‌ومما قيل في مشي النساء:

- ‌ومما قيل في العناق وطيبه:

- ‌ومما قيل في السمن:

- ‌ومما قيل في مدح الألوان والثياب:

- ‌ومما قيل في الصفرة:

- ‌ومما قيل في طول اللحية:

- ‌ومما جاء في عظم الخلقة والطول والقصر:

- ‌ومما قيل في القبح والدمامة:

- ‌ومما جاء في الثقلاء:

- ‌ومما جاء في الملابس وألوانها والعمائم ونحوها:

- ‌ومما قيل فيمن رذل لبسه وعرف نفسه:

- ‌الباب السابع والأربعون في التختم والحلى والمصوغ والطيب والتطيب وما أشبه ذلك

- ‌ما جاء في التختم:

- ‌ذكر ما جاء في الحلى:

- ‌ذكر ما جاء في الطيب والتطيب:

- ‌الباب الثامن والاربعون في الشباب والصحة والعافية وأخبار المعمرين وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في الشباب وفضله

- ‌الفصل الثاني في الشيب وفضله

- ‌الفصل الثالث في العافية والصحة

- ‌الفصل الرابع في أخبار المعمرين في الجاهلية والإسلام

- ‌وأما الأسماء والكنى:

- ‌وأما الألقاب:

- ‌ومما جاء في مدح الأسماء منظوما:

- ‌ومما قيل في أسماء النساء:

- ‌الباب الخمسون فيما جاء في الأسفار والاغتراب وما قيل في الوداع والفراق والحث على ترك الإقامة بدار الهوان وحب الوطن والحنين إليه

- ‌أما ما جاء في الاسفار والحث على ترك الإقامة بدار الهوان

- ‌ومما قيل في ترك الإقامة بدار الهوان:

- ‌ومما قيل في الوداع والفراق والشوق والبكاء:

- ‌ومما قيل في البكاء:

- ‌ومما جاء في الحنين إلى الوطن:

- ‌ومما جاء في ذم السفر:

- ‌وأما ما جاء في الاحتراز على الأموال:

- ‌ذكر شيء مما جاء في ذم السؤال والنهي عنه:

- ‌ذكر أنواع الهدايا للخلفاء وغيرهم ممن قصرت به قدرته فاهدى اليسير وكتب معه مكاتبة يعتذر بها:

- ‌الباب الخامس والخمسون في العمل والكسب والصناعات والحرف وما أشبه ذلك

- ‌أما العمل:

- ‌وأما الكسب:

- ‌وأما ما جاء في العجز والتواني:

- ‌وأما التأني:

- ‌وأما الصناعات والحرف وما يتعلق بها:

- ‌الباب السادس والخمسون في شكوى الزمان وانقلابه بأهله والصبر على المكاره والتسلي عن نوائب الدهر

- ‌الفصل الأول في شكوى الزمان وانقلابه بأهله

- ‌الفصل الثاني في الصبر على المكاره ومدح التثبت وذم الجزع

- ‌ومن أحسن ما قيل في ذلك من المنظوم:

- ‌أما نوح عليه الصلاة والسلام:

- ‌وأما إبراهيم عليه الصلاة والسلام:

- ‌وأما يعقوب عليه الصلاة والسلام:

- ‌وأما أيوب عليه الصلاة والسلام:

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في التأسي في الشدة والتسلي عن نوائب الدهر

- ‌ولنذكر نبذة ممن حصل له الفرج بعد الشدة:

- ‌الباب الثامن والخمسون في ذكر العبيد والاماء والخدم

- ‌الفصل الأول في مدح العبيد والاماء والاستيصاء بهم خيرا

- ‌الفصل الثاني في ذم العبيد والخدم

- ‌وأما الرفادة في الحج:

- ‌ذكر أديان العرب في الجاهلية:

- ‌ذكر أوابدهم:

- ‌الغيلان والتغول للعرب:

- ‌ذكر الهواتف:

- ‌الباب الستون في الكهانة والقيافة والزجر والعرافة والفأل والطيرة والفراسة والنوم والرؤية وما أشبه ذلك

- ‌أما الكهانة:

- ‌وأما القيافة:

- ‌وأما الزجر والعرافة:

- ‌وأما الفأل:

- ‌وأما الطيرة:

- ‌وأما الفراسة:

- ‌وأما النوم والسهر وما جاء فيهما:

- ‌وأما الرؤيا:

- ‌ومن الحيل الطريفة:

- ‌وأما ما جاء في التيقظ والتبصر في الأمور:

- ‌الباب الثاني والستون في ذكر الدواب والوحوش والطير والهوام والحشرات وما أشبه ذلك مرتبا على حروف المعجم

- ‌(حرف الهمزة) :

- ‌(الأسد)

- ‌(الإبل)

- ‌(الأرضة)

- ‌(الأرنب)

- ‌(سقنقور)

- ‌(الأفعى)

- ‌(الأنيس)

- ‌(الأوز)

- ‌(الإيل)

- ‌(حرف الباء الموحدة) :

- ‌(باز)

- ‌(باله)

- ‌(ببغاء)

- ‌‌‌(بجع)

- ‌(بج

- ‌(براق) :

- ‌(برذون) :

- ‌(برغوث) :

- ‌(بعوض) :

- ‌(بغل) :

- ‌(بقر) :

- ‌(بومة) :

- ‌(بوقير) :

- ‌(حرف التاء) :

- ‌(تمساح) :

- ‌(تنين) :

- ‌(حرف الثاء) :

- ‌(ثعلب) :

- ‌جعل

- ‌(ثعبان) :

- ‌(حرف الجيم) :

- ‌(جراد) :

- ‌(جرو) :

- ‌(حرف الحاء) :

- ‌(حجل) :

- ‌(حدأة) :

- ‌(حرباء) :

- ‌(حمار أهليّ) :

- ‌(حمام) :

- ‌(حرف الخاء) :

- ‌(الخطاف) :

- ‌(خفاش) :

- ‌(خنزير) :

- ‌(خنفساء) :

- ‌(خيل) :

- ‌(حرف الدال) :

- ‌(دابة) :

- ‌(داجن) :

- ‌دج

- ‌(دب) :

- ‌(دجاجة) :

- ‌(دود) :

- ‌(ديك) :

- ‌(حرف الذال) :

- ‌(ذباب)

- ‌(ذئب) :

- ‌(حرف الراء) :

- ‌(رخ) :

- ‌(رخم) :

- ‌(حرف الزاي) :

- ‌(زرافة) :

- ‌(زنبور) :

- ‌(حرف السين) :

- ‌(سعلاة)

- ‌(سمندل)

- ‌(سنجاب)

- ‌(سنور)

- ‌(سوس)

- ‌(حرف الشين) :

- ‌(شادهوار)

- ‌(شاهين)

- ‌(شحرور)

- ‌(حرف الصاد) :

- ‌(صرد)

- ‌(صعو)

- ‌(حرف الضاد) :

- ‌(ضأن)

- ‌(ضب)

- ‌(ضبع)

- ‌(ضفدع)

- ‌(حرف الطاء) :

- ‌(طاووس)

- ‌(حرف الظاء) :

- ‌(ظبي)

- ‌(ظربان)

- ‌(حرف العين) :

- ‌(عجل) :

- ‌(عقرب) :

- ‌ علق

- ‌(عقعق) :

- ‌(عنقاء) :

- ‌(عنكبوت)

- ‌(ابن عرس)

- ‌(حرف الغين) :

- ‌(غراب)

- ‌(غرغر)

- ‌(حرف الفاء) :

- ‌(فاختة)

- ‌(فأرة)

- ‌(فرس البحر)

- ‌(فهد)

- ‌(فيل)

- ‌(حرف القاف) :

- ‌(قاقم)

- ‌(قاوند)

- ‌(قرد)

- ‌(قنفذ)

- ‌(حرف الكاف) :

- ‌(كركند)

- ‌(كروان)

- ‌(كركي)

- ‌(كلب)

- ‌(حرف اللام) :

- ‌(لغلغ)

- ‌(حرف الميم) :

- ‌(مالك الحزين)

- ‌(حرف النون) :

- ‌(نمل)

- ‌(نحل)

- ‌(نسر)

- ‌(نعام)

- ‌(نمير)

- ‌(حرف الهاء) :

- ‌(هدهد)

- ‌(حرف الواو) :

- ‌(ورشان)

- ‌(حرف الياء) :

- ‌(يأجوج ومأجوج) :

- ‌(يجمور)

- ‌فصل في خواص الطير والحيوان على الإجمال

- ‌فصل في مكايده لعنه الله

- ‌فصل في المتشيطنة وهم أنواع كثيرة

- ‌الباب الخامس والستون في ذكر البحار وما فيها من العجائب وذكر الأنهار والآبار

- ‌الفصل الأول في ذكر البحار

- ‌وأما ما يخرج من البحر

- ‌الفصل الثاني في ذكر الأنهار والآبار والعيون

- ‌الفصل الثالث في ذكر الآبار

- ‌الباب السادس والستون في ذكر عجائب الأرض وما فيها من الجبال والبلدان وغرائب البنيان

- ‌الفصل الأول في ذكر الأرض وما فيها من العمران

- ‌الفصل الثاني في ذكر الجبال

- ‌الفصل الثالث في ذكر المباني العظيمة وغرائبها وعجائبها

- ‌فصل في الصوت الحسن

- ‌ومن حكايات الخلفاء ومكارم أخلاقهم:

- ‌الباب الحادي والسبعون في ذكر العشق ومن بلي به والافتخار بالعفاف وأخبار من مات بالعشق وما في معنى ذلك

- ‌الفصل الأول في وصف العشق

- ‌الفصل الثاني من هذا الباب فيمن عشق وعف والافتخار بالعفاف

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في ذكر من مات بالحب والعشق

- ‌الباب الثاني والسبعون في ذكر دقائق الشعر والمواليا والدوبيت وكان وكان والموشحات والزجل والحماق والقومة والالغاز ومدح الأسماء والصفات وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في الشعر

- ‌ومما قيل في الغزل المؤنث

- ‌ومما قيل في السهر وطول الليل ونحو ذلك:

- ‌ومما قيل في فانوس

- ‌ومما قيل في الربيع والرياض والبساتين والمياه والنواعير ونحو ذلك

- ‌ومما قيل في الأزهار والثمار

- ‌ومما قيل في الأنهار والبرك والنوعير:

- ‌فصل في الألغاز

- ‌فصل في بيان الفن الثاني وهو الموشح

- ‌فصل في الفن الثالث وهو الدوبيت

- ‌فصل في الفن الرابع وهو الزجل

- ‌جمل في الالغاز

- ‌الفن الخامس في المواليا

- ‌الفن السادس كان وكان

- ‌الفن السابع في فن القوما

- ‌ومما قيل في فن الحماق:

- ‌الباب الثالث والسبعون في ذكر النساء وصفاتهن ونكاحهن وطلاقهن وما يحمد ويذم من عشرتهن

- ‌الفصل الأول في النكاح وفضله والترغيب فيه

- ‌الفصل الثاني في صفات النساء المحمودة

- ‌الفصل الثالث في صفة المرأة السوء نعوذ بالله تعالى منها

- ‌الفصل الرابع في مكر النساء وغدرهن وذمهن ومخالفتهن

- ‌الفصل الخامس في الطلاق وما جاء فيه

- ‌الباب الخامس والسبعون في المزاح والنهي عنه وما جاء في الترخيص فيه والبسط والتنعم

- ‌الفصل الأول في النهي عن المزاح

- ‌الفصل الثاني فيما جاء في الترخيص في المزاح والبسط والتنعم

- ‌الباب السادس والسبعون في النوادر

- ‌الفصل الأول من هذا الباب في نوادر العرب

- ‌الفصل الثاني في نوادر القراء والفقهاء

- ‌الفصل الثالث في نوادر القضاة

- ‌الفصل الرابع في نوادر النحاة

- ‌الفصل الخامس في نوادر المعلمين

- ‌الفصل السادس في نوادر المتنبئين

- ‌الفصل السابع في نوادر السؤال

- ‌الفصل الثامن في نوادر المؤذنين

- ‌الفصل التاسع في نوادر النواتية

- ‌الفصل العاشر في نوادر جامعة

- ‌الباب السابع والسبعون في الدعاء وآدابه وشروطه

- ‌الفصل الأول في الدعاء وآدابه

- ‌الفصل الثاني في الأدعية وما جاء فيها

- ‌الباب الثمانون فيما جاء في ذكر الأمراض والعلل والطب والدواء وما جاء في السنة من العبادة وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في الأمراض والعلل وما جاء في ذلك من الاجر والثواب

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في التداوي من الأمراض والطب

- ‌الفصل الرابع فيما جاء في العيادة وفضلها

- ‌الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك

- ‌الفصل الأول في الصبر

- ‌الفصل الثاني من هذا الباب في التعازي والتأسي

- ‌الفصل الثالث في المراثي

الفصل: ‌الفصل الثاني في الأدعية وما جاء فيها

فقال: كن كزكريا إذ نادى ربه نداء خفيا، وينبغي للداعي أن لا يتكلف وأن يأتي بالكلام المطبوع غير المسجوع، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والسجع في الدعاء بحسب أحدكم.

يقول: أللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل» .

وقيل: ادعوا بلسان الذلة والاحتقار ولا تدعوا بلسان الفصاحة والانطلاق. وكانوا لا يزيدون في الدعاء على سبع كلمات، فما دونها، كما في آخر سورة البقرة. وعن سفيان بن عيينة: لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه، فقد أجاب الله دعاء شر الخلق إبليس، إذ قال:

«رب انظرني إلى يوم يبعثون» وعن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا سأل أحدكم مسألة فتعرف الاجابة، فليقل: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، ومن أبطأ عليه من ذلك شيء فليقل: الحمد لله على كل حال. وعن سلمة بن الأكوع قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الدعاء إلا قال:

«سبحان ربي الأعلى الوهاب» . وعن أبي سليمان الداراني: من أراد أن يسأل الله حاجة، فليبدأ بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينبغي للمؤمن أن يجتهد في الدعاء وأن يكون على رجاء من الإجابة، ولا يقنط من رحمة الله لأنه يدعو كريما.

وللدعاء أوقات وأحوال يكون الغالب فيها الإجابة، وذلك وقت السحر ووقت الفطر وما بين الأذان والإقامة، وعند جلسة الخطيب بين الخطبتين إلى أن يسلم من الصلاة، وعند نزول الغيث وعند التقاء الجيش في الجهاد في سبيل الله تعالى، وفي الثلث الأخير من الليل لما جاء في الحديث:«إن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئا إلا أعطاه» . وفي حالة السجود لقوله عليه الصلاة والسلام أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء، وما بين الظهر والعصر في يوم الأربعاء وأوقات الاضطرار وحالة السفر والمرض. هذا كله جاءت به الآثار. قال جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الفتح ثلاثة أيام: يوم الاثنين ويوم الثلاثاء، واستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعرفت السرور في وجهه، قال جابر: ما نزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فادعو فيها فأعرف الإجابة.

وفي بعض الكتب المنزلة: يا عبدي إذا سألت فاسألني فإني غني وإذا طلبت النصرة فاطلبها مني فإني قوي، وإذا أفشيت سرك فافشه إلي فإني وفي وإذا أقرضت فأقرضني فإني ملي، وإذا دعوت فادعني فإني حفي» . وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له» . وقال وهب بن منبه بلغني أن موسى مر برجل قائم يبكي ويتضرع طويلا، فقال موسى: يا رب أما تستجيب لعبدك؟ فأوحى الله تعالى إليه: «يا موسى لو أنه بكي حتى تلفت نفسه ورفع يديه حتى بلغ عنان السماء ما استجبت له» . قال: يا رب لم ذلك؟ قال: لأن في بطنه الحرام. ومر إبراهيم بن أدهم بسوق البصرة فاجتمع الناس إليه وقالوا: يا أبا إسحاق ما لنا ندعوا فلا يستجاب لنا؟ قال: لأن قلوبكم ماتت بعشرة أشياء: الأول أنكم عرفتم الله فلم تؤدوا حقه، الثاني زعمتم أنكم تحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تركتم سنته، الثالث: قرأتم القرآن ولم تعملوا به، الرابع أكلتم نعمة الله ولم تؤدوا شكرها، الخامس قلت إن الشيطان عدوكم ووافقتموه، السادس: قلتم إن الجنة حق فلم تعملوا لها، السابع قلتم إن النار حق ولم تهربوا منها، الثامن: قلتم إن الموت حق فلم تستعدوا له، التاسع: انتبهتم من النوم واشتغلتم بعيوب الناس وتركتم عيوبكم، العاشر: دفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم.

وكان يحيى بن معاذ يقول: من أقر لله باساءته جاد الله عليه بمغفرته، ومن لم يمن على الله بطاعته أوصله إلى جنته، ومن أخلص لله في دعوته منّ الله عليه بإجابته.

وقال علي رضي الله تعالى عنه: ارفعوا أفواج البلايا بالدعاء. وعن أنس رضي الله تعالى عنه (يرفعه) :

«لا تعجزوا عن الدعاء فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد» .

‌الفصل الثاني في الأدعية وما جاء فيها

كان من دعاء شريح رحمه الله تعالى: اللهم إني أسألك الجنة بلا عمل عملته، وأعوذ بك من النار بلا ذنب تركته.

ودعت أعرابية عند البيت فقالت: إلهي لك أذل وعليك أدل.

وكان من دعاء بعض الصالحين اللهم إن كنا عصيناك فقد تركنا من معاصيك أبغضها إليك وهو الإشراك وإن كنا قصرنا عن بعض طاعتك فقد تمسكنا بأحبها إليك وهو شهادة أن لا إله إلا أنت وإن رسلك جاءت بالحق من عندك.

ومن دعاء سلام بن مطيع: «اللهم إن كنت بلغت أحدا

ص: 481

من عبادك الصالحين درجة ببلاء فبلغنيها بالعافية» . وقيل لفتح الموصلي: ادع الله لنا، فقال: اللهم هبنا عطاءك ولا تكشف عنا غطاءك. وكان من دعاء بعض السلف: اللهم لا تحرمني خير ما عندك لشر ما عندي فإن لم تقبل تعبي ونصبي فلا تحرمني أجر المصاب على مصيبته، اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى الناس فنضيع. وقال الحسن:

من دخل المقابر، فقال: اللهم رب الأرواح الفانية والأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة أدخل عليها روحا من عندك وسلاما مني، كتب الله له بعدد من مات من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات.

وحكي عن معروف القاضي أن الحجيج كانوا يجتهدونه في الدعاء وفيهم رجل من التركمان ساكت لا يحسن أن يدعو، فخشع قلبه وبكى فقال بلغته: اللهم إنك تعلم أني لا أحسن شيئا من الدعاء، فاسألك ما يطلبون منك بما دعوا، فرأى بعض الصالحين في منامه أن الله قبل حج الناس بدعوة ذلك التركماني لما نظر إلى نفسه بالفقر والفاقة.

وقال الأصمعي: حسدت عبد الملك على كلمة تكلم بها عند الموت، وهي: اللهم إن ذنوبي وإن كثرت وجلت عن الصفة فإنها صغيرة في جنب عفوك فاعف عني.

وركب إبراهيم بن أدهم في سفينة، فهاجت الريح وبكى الناس وأيقنوا بالهلاك، وكان إبراهيم نائما في كساء، فاستوى جالسا وقال: أريتنا قدرتك فأرنا عفوك، فذهب الريح وسكن البحر.

وقال الثوري: كان من دعاء السلف، اللهم زهدنا في الدنيا ووسع علينا فيها ولا تزوها عنا ولا ترغبنا فيها. وكان بعض الأعراب إذا أوى إلى فراشه قال: اللهم إني أكفر بكل ما كفر به محمد وأؤمن بكل ما آمن به، ثم يضع رأسه.

وسمعت بدوية تقول في دعائها: يا صباح يا مناح يا مطعم يا عريض الجفنة يا أبا المكارم، فزجرها رجل، فقالت: دعني أصف ربي وأمجد إلهي بما تستحسنه العرب.

وقال الزمخشري في كتابه «ربيع الأبرار» : سمعت أنا من يدعو من العرب عند الركن اليماني: يا أبا المكارم يا أبيض الوجه، وهذا ونحوه منهم إنما يقصدون به الثناء على الله تعالى بالكرم والنزاهة عن القبيح على طريق الاستعارة، لأنه لا فرق عندهم بين الكريم وأبي المكارم ولا بين الجواد والعريض الجفنة ولا بين المنزه والأبيض الوجه.

وقيل لأعرابي: أتحسن أن تدعو ربك؟ قال: نعم.

قال: اللهم إنك أعطيتنا الإسلام من غير أن نسألك فلا تحرمنا الجنة ونحن نسألك.

وذكر لعبد السلام بن مطيع أن الرجل تصيبه البلوى، فيدعو فتبطىء عنه الإجابة، فقال: بلغني أن الله تعالى يقول: كيف أحرمه من شيء به أرحمه. وقال طاوس:

بينما أنا في الحجر ذات ليلة إذ دخل على علي بن الحسين، فقلت: رجل صالح من أهل بيت الخير لأسمعن دعاءه، فسمعته يقول: عبدك بفنائك مسكينك بفنائك فقيرك بفنائك، فما دعوت بهما في كرب إلا فرج عني.

ودعا أعرابي فقال: اللهم إنا نبات نعمتك. وقال ابن المسيب: سمعت من يدعو بين القبر والمنبر اللهم إني أسألك عملا بارا ورزقا دارا وعيشا قارا، فدعوت به، فما وجدت إلا خيرا. ودعت أعرابية بالموقف، فقالت:

أسألك سترك الذي لا تزيله الرياح ولا تخرقه الرماح.

وقيل: اتقوا مجانيق الضعفاء أي دعواتهم، ودعا أعرابي فقال: اللهم أمح ما في قلبي من كذب وخيانة واجعل مكانه صدقا وأمانة. وصلّى رجل إلى جنب عبد الله بن المبارك وبادر القيام، فجذب ثوبه وقال: أما لك إلى ربك حاجة؟. وقال سفيان الثوري: سمعت أعرابيا يقول: اللهم إن كان رزقي في السماء، فأنزله، وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيدا فقربه، وإن كان قريبا فيسره، وإن كان قليلا فكثره، وإن كان كثيرا فبارك لي فيه.

وقال أبو نواس:

أحببت من شعر بشار وكلمته

بيتا لهجت به من شعر بشار «1»

يا رحمة الله حلّي في منازلنا

وجاورينا فدتك النفس من جار

وكان بشار يعني بذلك جارية بصرية كان يحبها ويتغزل بها، ونعني بها هنا رحمة الله التي وسعت كل شيء.

وسمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه رجلا يقول وهو متعلق بأستار الكعبة: يا من لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل ولا يبرمه إلحاح الملحين، أذقني برد عفوك وحلاوة مغفرتك، فقال علي: والذي

ص: 482

نفسي بيده لو قلتها وعليك ملء السماوات والأرض من الذنوب لغفر لك.

ومن دعائه رضي الله عنه: اللهم صن وجهي باليسار ولا تبدل جاهي بالاقتار، فأسترزق طامعا رزقك من غيرك، وأستعطف شرار خلقك وأبتلي بحمد من أعطاني، وأفتتن بذم من منعني، وأنت من وراء ذلك كله، وليّ الاجابة والمنع.

وعن أبي عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«ما انتهيت إلى الركن اليماني قط إلا وجدت جبريل قد سبقني إليه يقول: قل يا محمد «اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر والفاقة وهي من مواقف الخزي» .

وهبط جبريل على يعقوب فقال: يا يعقوب إن الله تعالى يقول لك: قل يا كثير الخير يا دائم المعروف ردّ علي ابني، فقالها فأوحى الله تعالى إليه: وعزتي لو كانا ميتين لنشرتهما لك.

وكان أبو مسلم الخراساني إذا نابه أمر قال: يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين. وقال جعفر بن محمد:

ما المبتلي الذي اشتد بلاؤه بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن وقوع البلاء. وكان الزهري يدعو بعد الحديث بدعاء جامع فيقول: اللهم إني أسألك من خير ما أحاط به علمك في الدنيا والآخرة، وأعوذ بك من شر ما أحاط به علمك في الدنيا والآخرة. وعن عقبة بن الغافر دعوة في السر أفضل من سبعين دعوة في العلانية. واعلم أن التوحيد والدعاء عند نوازل الملمات هو سفينة النجاة من الحوادث المهلكات.

وعن أبي الدرداء قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر فمر بنا كلب، فما بلغت يده رجله حتى وقع ميتا، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته قال: من الداعي على الكلب آنفا؟ قال رجل من القوم: أنا يا رسول الله. قال:

لقد دعوت الله باسمه الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. كيف دعوت الله؟ قال: قلت اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام.

وقيل: أنه دخلت أذن رجل من أهل البصرة حصاة فعالجها الأطباء فلم يقدروا عليها حتى وصلت إلى صماخه فأتى إلى رجل من أصحاب الحسن، فشكا له ما أصابه من الحصاة فدعا له بدعاء العلاء بن الحضرمي وهو:«يا علي يا عظيم يا حليم يا عليم» . قال الرواي فما برحنا حتى خرجت الحصاة من أذنه، ولها طنين حتى ضربت الحائط.

وعن أنس إذا قال العبد: يا رب يا رب يقول الله عز وجل لبيك عبدي، وعنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يقول: يا أرحم الراحمين، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم سل حاجتك. فقد نظر الله إليك.

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا فتح الله على عبد الدعاء فليكثر، فإن الله يستجيب له» . وروي عن علي بن أبي زفر عن أخ له وكان فاضلا صالحا فقال: دعوت الله أن يريني الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، فقمت ليلة أصلي فسمعت قعقعة في سقف البيت، ثم هبط نور حتى صار تلقاء وجهي وإذا مكتوب بالنور فقرأته: يا الله يا رحمن يا ذا الجلال والإكرام. ومن دعاء الكرب ما روي عن وهب أن ابن عباس رضي الله عنهما قال له:

هل تجد فيما تقرأ من الكتب دعاء تدعو به عند الكرب؟

قال: نعم. اللهم إني أسألك يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ضمير الصامتين، فإن لكل مسألة منك سمعا حاضرا وجوابا عتيدا، ولكل صامت منك علما ناطقا محيطا، أسألك بمواعيدك الصادقة وأياديك الفاضلة ورحمتك الواسعة أن تفعل بي كذا وكذا، فقال ابن عباس هذا دعاء علمته في النوم ما كنت أرى أن أحدا يحسنه. وعن وهب أيضا قال: لما أهبط الله تعالى آدم من الجنة إلى الأرض استوحش لفقد أصوات الملائكة، فهبط إليه جبريل وقال:

يا آدم، هل أعلمك شيئا تنتفع به في الدنيا والآخرة؟ قال:

بلى. قال: قل: اللهم أتمم النعمة حتى تهنيني المعيشة، اللهم اختم لي بخير حتى لا تضرني ذنوبي، اللهم أكفني مؤنة الدنيا وكل هول في القيامة حتى تدخلني الجنة معافى.

وعن معروف الكرخي قال: اجتمعت اليهود أخزاهم الله على قتل عيسى عليه الصلاة والسلام بزعمهم، وأهبط الله تعالى عليه جبريل وفي باطن جناحيه مكتوب: اللهم إني أدعوك باسمك الأجل الأعز، وأدعوك اللهم باسمك الأحد الصمد، وأدعوك باسمك العظيم الوتر وأدعوك اللهم باسمك الكبير المتعالي الذي ملأ الأركان كلها، أن تكشف عني ضر ما أصبحت وأمسيت فيه، فأوحى الله عز وجل إلى جبريل أن أرفع عبدي إلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه عليكم بهذا الدعاء، ولا تستبطئوا الإجابة، فإن ما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.

إسناد هذا متصل إلى معروف الكرخي، ثم هو منقطع، ولو لم يكن فيه من البركة إلا رواية معروف لكان كافيا في قبوله والعمل به.

ص: 483

حدث عبد الله بن أبان الثقفي رضي الله عنه قال:

وجهني الحجاج بن يوسف في طلب أنس بن مالك، فظننت أنه يتوارى عني، فأتيته بخيلي ورجلي، فإذا هو جالس على باب داره مادا رجليه، فقلت له: أجب الأمير، فقال: أي الأمراء؟ فقلت أبو محمد الحجاج، فقال غير مكترث به: قد أذله الله ما أراني أعزه لأن العزيز من عز بطاعة الله، والذليل من ذل بمعصية الله، وصاحبك قد بغى وطغى واعتدى وخالف كتاب الله والسنة، والله لينتقم الله منه، فقلت له: أقصر عن الكلام وأجب الأمير، فقام معنا حتى حضر بين يدي الحجاج، فقال له: أنت أنس بن مالك؟ قال: نعم. قال: أنت الذي تدعو علينا وتسبنا؟

قال: نعم، قال: ومم ذاك؟ قال: لأنك عاص لربك مخالف لسنة نبيك تعز أعداء الله وتذل أوليائه. فقال له:

أتدري ما أريد أن أفعل بك؟ قال: لا، قال: أريد أن أقتلك شر قتلة، قال: أنس لو علمت أن ذلك بيدك لعبدتك من دون الله، قال الحجاج: ولم ذاك؟ قال: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمني دعاء، وقال من دعا به في كل صباح لم يكن لأحد عليه سبيل، وقد دعوت به في صباحي هذا.

فقال الحجاج: علمنيه؟ فقال: معاذ الله أن أعلمه لأحد ما دمت أنت في الحياة. فقال الحجاج: خلوا سبيله. فقال الحاجب: أيها الأمير لنا في طلبه كذا وكذا يوما حتى أخذناه، فكيف تخلي سبيله؟ قال: رأيت على عاتقه أسدين عظيمين فاتحين أفواههما. ثم أن أنسا رضي الله عنه لما حضرته الوفاة علم الدعاء لأخوانه وهو: بسم الله الرحمن الرحيم باسم الله خير الأسماء باسم الله الذي لا يضر مع اسمه أذى، باسم الله الكافي، باسم الله المعافي باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، باسم الله على نفسي وديني باسم الله على أهلي ومالي باسم الله على كل شيء أعطانيه ربي، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أعوذ بالله مما أخاف وأحذر الله ربي لا أشرك به شيئا، عز جارك وجل ثناؤك وتقدست أسماؤك ولا إله غيرك اللهم إني أعوذ بك من شر كل جبار عنيد وشيطان مريد، ومن شر قضاء السوء ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم.

وهذا دعاء مشهور الإجابة وله شرح طويل وتركناه لطوله وهو: اللهم كما لطفت في عظمتك دون اللطفاء وعلوت بعظمتك على العظماء، وعلمت ما تحت أرضك كعلمك بما فوق عرشك، وكانت وساوس الصدور كالعلانية عندك وعلانية القول كالسر في علمك، وانقاد كل شيء لعظمتك وخضع كل ذي سلطان لسلطانك وصار أمر الدنيا والآخرة كله بيدك لا بيد غيرك، اجعل لي من كل هم وغم أصبحت أو أمسيت فيه فرجا ومخرجا، إنك على كل شيء قدير. اللهم إن عفوك عن ذنوبي وتجاوزك عن خطيئتي وسترك عن قبيح عملي أطمعني أن أسألك ما لا أستوجبه منك مما قضيته لي أدعوك آمنا وأسألك مستأنسا لا خائفا ولا وجلا لأنك أنت المحسن إلي وأنا المسيء إلى نفسي، فيما بيني وبينك، تتودد إلي بالنعم مع غناك عني، وأتبغض إليك بالمعاصي مع فقري إليك، فلم أر مولى كريما أعطف منك على عبد لئيم مثلي، لكن الثقة بك حملتني على الجرأة على الذنوب فاسألك بجودك وكرمك وإحسانك مع طولك، وتحبس عني باب الهم بقدرتك ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين فأعجز، ولا إلى الناس فأضيع، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وروى الحافظ النسفي باسناده عن الزهري، عن أبي مسلمة، عن أبي هريرة قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل ساجد وهو يقول في سجوده: اللهم إني استغفرك وأتوب إليك من مظالم كثيرة لعبادك قبلي، فأيما عبد من عبادك أو أمة من إمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمتها إياه في مال أو بدن أو عرض علمتها أو لم أستطع أن أتحللها، فأسألك أن ترضيه عني بما شئت وكيف شئت، ثم تهبها لي من لدنك إنك واسع المغفرة ولديك الخير كله، يا رب ما تصنع بعذابي ورحمتك وسعت كل شيء، فلتسعني رحمتك، فإني لا شيء، وأسألك يا رب أن تكرمني برحمتك ولا تهني بذنوبي وما عليك أن تعطيني الذي سألتك يا رب يا ألله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرفع رأسك فقد غفر الله لك إن هذا دعاء أخي شعيب عليه السلام. وقال صالح المزني: قال لي قائل في منامي: إذا أحببت أن يستجاب لك، فقل اللهم إني أسألك باسمك المخزون المكنون المبارك الطيب الطاهر المطهر المقدس، فما دعوت بها في شيء إلا تعرفت الاجابة.

وقيل إن هذا الدعاء فيه اسم الله الاعظم وهو: بسم الله الرحمان الرحيم اللهم إني أسألك بالعزة التي لا ترام والملك الذي لا يضام والعين التي لا تنام والنور الذي لا يطفأ، وبالوجه الذي لا يبلى وبالديمومة التي لا تفنى وبالحياة التي لا تموت وبالصمدية التي لا تقهر وبالربوبية التي لا تستذل، أن تجعل لنا في أمورنا فرجا ومخرجا

ص: 484

حتى لا نرجو غيرك يا أرحم الراحمين. وقال سعيد بن المسيب: دخلت المسجد في ليلة مقمرة وأظن أني قد أصبحت وإذا الليل على حاله، فقمت أصلي، وجلست أدعو وإذا بهاتف يهتف من خلفي يا عبد الله قل: قلت ما أقول؟ قال: قل اللهم إني أسألك بأنك ملك وأنت على كل شيء قدير، وما تشاء من أمر يكون. قال سعيد: فما دعوت به قط في شيء إلا رأيت نجحه.

وعن الشيخ كمال الدين الدميري قال: روينا عن قاضي القضاة عز الدين ابن جماعة قال: أنبأنا الشيخ شرف الدين أبو العباس أحمد بن ابراهيم بن مناع الفزاري خطيب دمشق، أنبأنا الشيخ زين الدين أبو البقاء خالد بن يوسف النابلسي بقراءتي عليه، قال، أنبأنا الحافظ بهاء الدين ناصر السنة محمد بن الامام أبي محمد بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسين بن هبة الله ابن عساكر قراءة عليه، وأنا أسمع. قال: رويت بالاسناد وذكر إسناده إلى الإمام الحجة التابعي الجليل محمد بن سيرين، قال: نزلنا بنهر تيرا، فأتانا أهل ذلك المنزل فقالوا لنا: ارحلوا فإنه لم ينزل هذا المنزل أحد إلا أخذ متاعه فرحل أصحابي وتخلفت، فلما أمسينا قرأت آيات، فما نمت حتى رأيت أقواما قد أقبلوا وجاءوا إلى جهتي أكثر من ثلاثين نفرا وقد جردوا سيوفهم فلم يصلوا إلي، فلما أصبحت رحلت فلقيني شيخ على فرس ومعه قوس عربية، فقال لي: يا هذا أنسي أنت أم جني؟ فقلت بل أنا من بني آدم، قال، فما بالك لقد أتيناك في هذه الليلة أكثر من سبعين مرة وفي كل ذلك يحال بيننا وبينك بسور من حديد، قلت: حدثني ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قرأ في ليلة ثلاثا وثلاثين آية لم يضره في تلك الليلة لص طار ولا سبع ضار، وعوفي في نفسه وأهله وماله حتى يصبح، فنزل عن فرسه وكسر قوسه وأعطى الله تعالى عهدا أن لا يعود لهذا الأمر، وهذه الآيات وهي أن تقرأ بعد الفاتحة الم 1 ذلِكَ الْكِتابُ

«1» إلى قوله الْمُفْلِحُونَ

«2» ، وآية الكرسي إلى قوله هُمْ فِيها خالِدُونَ

«3» . آمَنَ الرَّسُولُ

«4» إلى آخر السورة، إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي

إلى قوله الْمُحْسِنِينَ

«5» . وقُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا

الرَّحْمنَ

«6» إلى آخر السورة، وَالصَّافَّاتِ صَفًّا 1

إلى قوله تعالى لازِبٍ

«7» ، ويا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ

إلى قوله فَلا تَنْتَصِرانِ

«8» . لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً

«9» إلى آخرها، وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا

إلى قوله شَطَطاً

«10» زاد البوني إلى قوله شِهاباً رَصَداً

«11» . وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ 20

إلى قوله مَحْفُوظٍ

«12» ، قال محمد بن سيرين، فذكرت هذا الحديث لشعيب بن حرب، فقال: كنا نسميها آيات الحرز ويقال إن فيها شفاء من مائة داء، وعدوا منها الجذام وغير ذلك. قال محمد بن علي: قرأتها على شيخ لنا قد أفلج فأذهب الله تعالى ذلك الفالج، قال البوني: هذه الآيات شرفها مشهور وفضلها مذكور لا ينكرها إلا غبي أو غيور، وقد جربها المشايخ، وعرف سرها من له في العلم قدم راسخ وقدر شامخ، وهي على ما رويناه بل ما رأيناه أولها الفاتحة ثم أول البقرة إلى آخر الآيات.

وقال أبو العباس أحمد القسطلاني سمعت الشيخ أبا عبد الله القرشي يقول سمعت أبا زيد القرطبي يقول في بعض الآثار أن من قال: لا إله إلا الله سبعين ألف مرة كانت فداءه من النار، فعملت ذلك رجاء بركة الوعد، ففعلت منها لأهلي وعملت أعمالا ادخرتها لنفسي وكان إذ ذاك يبيت معنا شاب يكاشف بالجنة والنار، وكانت الجماعة ترى له فضلا على صغر سنه، وكان في قلبي منه شيء، فاتفق أن استدعانا بعض الإخوان إلى منزله، فنحن نتناول الطعام والشاب معنا إذ صاح صيحة منكرة، واجتمع في نفسه وهو يقول: يا عم هذه أمي في النار ويصيح بصياح عظيم لا يشك من سمعه أنه عن أمر، فلما رأيت ما به من الانزعاج قلت: اليوم أجرب صدقه، فألهمني الله تعالى السبعين ألفا، ولم يطلع على ذلك إلا الله تعالى، فقلت في نفسي الأثر حق والذين رووه لنا صادقون: اللهم أن هذه السبعين ألفا فداء أم هذا الشاب من النار، فما استتممت هذا الخاطر في نفسي أن قال: يا عم هذه أمي أخرجت من النار، والحمد لله فحصل عندي فائدتان

ص: 485

امتحاني لصدق الأثر وسلامتي من الشاب وعلمي بصدقه.

ومن خاف إنسانا فليصل ركعتين بعد صلاة المغرب ثم يضع جبهته على التراب ويقول: يا شديد المحال يا عزيزا أذللت بعزتك جميع من خلقت. صل على محمد وآله واكفني فلانا بما شئت، كفاه الله تعالى شره.

وروى الثقفي رحمه الله تعالى بإسناده إلى محمد بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول لولده:

يا بني من أصابته مصيبة في الدنيا أو نزلت به نازلة فليتوضأ وليحسن الوضوء وليصل أربع ركعات أو ركعتين، فإذا انصرف من صلاته يقول: يا موضع كل شكوى، ويا سامع كل نجوى ويا شاهد كل بلوى ويا منجي موسى والمصطفى محمد والخليل إبراهيم عليهم السلام، أدعوك دعاء من اشتدت فاقته، وضعفت حركته وقلت حيلته.

دعاء الغريب الغريق الفقير الذي لا يجد لكشف ما هو فيه إلا أنت يا أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

قال علي بن الحسين رضي الله عنهما: لا يدعو به مبتلى إلا فرج الله عنه.

وقيل الإسم الأعظم هو بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك يا مؤنس كل وحيد، يا قريبا غير بعيد يا شاهدا غير غائب يا غالبا غير مغلوب يا حي يا قيوم يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والأكرام، أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، وأسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الذي عنت له الوجوه وخشعت له الأصوات ووجلت له القلوب أن تصلي على محمد وعلى آله وأن تعطيني كذا وكذا إنك على كل شيء قدير.

وهذه أبيات الفرج لأحمد بن حمزة البوني قيل إن فيها اسم الله الأعظم وهي هذه:

إنّي لأرجو عطفة الله ولا

أقول إن قيل متى ذاك متى

لا بدّ أن ينشر ما كان طوى

جودا وأن يمطر ما كان خوى «1»

وربما ينشر ما كان زوى

وربّما قدّر ما كان لوى

وكل شيء ينتهي إلى مدى

والشيء يرجى كشفه إذا انتهى

لطائف الله وإن طال المدى

كلمحة الطرف إذا الطرف رمى

كم فرج بعد إياس قد أتى

وكم سرور قد أتى بعد الأسى

من لاذ بالله نجا فيمن نجا

من كلّ ما يخشى ونال ما رجا

سبحان من نهفو ويعفو دائما

ولم يزل مهما هفا العبد عفا «2»

يعطي الذي يخطي ولا يمنعه

جلاله من العطا لذي الخطا

ومن المنظوم أيضا:

يا من يرى ما في الضمير ويسمع

أنت المعد لكلّ ما يتوقع

يا من يرجّى للشدائد كلّها

يا من إليه المشتكى والمفزع «3»

يا من خزائن رزقه في قول كن

أمنن فإن الخير عندك أجمع

مالي سوى فقري إليك وسيلة

فبالافتقار إليك فقري أدفع

مالي سوى قرعي لبابك حيلة

فلئن رددت فأي باب أقرع

ومن الذي أدعو وأهتف باسمه

إن كان فضلك عن فقيرك يمنع

حاشا لجودك أن تقنّط عاصيا

الفضل أجزل والمواهب أوسع «4»

ثم الصلاة على النبي وآله

خير الأنام ومن به يتشفّع

وقال آخر:

يا خالق الخلق يا رب العباد ومن

قد قال في محكم التنزيل أدعوني

إنّي دعوتك مضطرا فخذ بيدي

يا جاعل الأمر بين الكاف والنون

ص: 486

نجّيت أيوب من بلواه حين دعا

بصبر أيوب يا ذا اللطف نجّيني

واطلق سراحي وامنن بالخلاص كما

نجّيت من ظلمات البحر ذا النون «1»

ثم يقرأ: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 87

«2» .

قال بعضهم:

يا ربّ ما زال لطف منك يشملني

وقد تجدّد بي ما أنت تعلمه

فاصرفه عنّي كما عوّدتني كرما

فمن سواك لهذا العبد يرحمه

وقال آخر:

يا من تحلّ بذكره

عقد النّوائب والشّدائد

يا من إليه المشتكى

وإليه أمر الخلق عائد

يا حيّ يا قيوم يا

صمد تنزه عن مضادد

أنت الرقيب على العب

اد وأنت في الملكوت واحد

أنت المعز لمن أطا

عك والمذلّ لكل جاحد

إنّي دعوتك والهمو

م جيوشها نحوي تطارد

فافرج بحولك كربتي

يا من له حسن العوائد «3»

فخفيّ لطفك يستعا

ن به على الزمن المعاند

أنت الميسّر والمسبّ

ب والمسهّل والمساعد

يسّر لنا فرجا قري

با يا إلهي لا تباعد

كن راحمي فلقد يئس

ت من الأقارب والأباعد

ثم الصلاة على النبي

وآله الغرّ الأماجد

وعلى الصحابة كلّهم

ما خرّ للرحمن ساجد

دعاء عظيم مأثور:

اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت رب المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكلني إلى بغيض يتجهمني أو إلى قوي ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحل بي غضبك أو ينزل بي سخطك فلك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة لنا إلا بك يا رب العالمين.

ومما جاء في أدعية الناس بعضهم لبعض:

دعا رجل لآخر فقال: سرك الله بما ساءك ولا ساءك فيما سرك. ودعا رجل لآخر فقال: لا أخلاك الله تعالى من ثناء صادق باق ودعاء صالح واق.

ودعا أعرابي لآخر فقال: رحب واديك وعز ناديك، ولا ألّم بك ألم ولا طاف بك عدم، وسلمك الله ولا أسلمك.

وسمعت بعض العرب يدعو لرجل ويقول: سلمك الله تعالى من الرهق والوهق، وعافاك الله تعالى من الوحل والزجل، وسلمك الله من الشاردات والواردات، وسلمك الله بين الأعنة والأسنة.

ودعا أعرابي لعبد الله بن جعفر رضي الله عنه فقال:

لا ابتلاك الله تعالى ببلاء يعجز عنه صبرك. وأنعم عليك نعمة يعجز عنها شكرك، وأبقاك ما تعاقب الليل والنهار، وتناسخت الظلم والأنوار.

ودعا بعضهم لآخر فقال: زودك الله تعالى الأمن في مسيرك والسعد في مصيرك، ولا أخلاك من شهر تستجده وخير من الله تستمده. وعزى شيب بن شبة يهوديا، فقال:

أعطاك الله على مصيبتك ما أعطى أحدا من أهل ملتك.

ومما جاء في الدعاء على الأعداء والظلمة ونحوهم:

دعا أعرابي على ظالم فقال: لا ترك الله لك شفرا ولا ظفرا، أي عينا ولا يدا. ومن دعاء العرب:«فتّه الله فتا وحتّه حتا وجعل أمره شتى» . وخرج أعرابي إلى سفر

ص: 487

وكانت له امرأة تكرهه، فاتبعته نواة وقالت: شط نواك ونأى سفرك، ثم أتبعته روثة وقالت: رثتك أهلك وورث خيرك، ثم أتبعته حصاة، وقالت: حاص رزقك وحص أثرك. ودعا أعرابي على آخر فقال: أطفأ الله ناره وخلع نعليه، أي جعله أعمى مقعدا. ودعا أعرابي على آخر فقال: سقاه الله دم جوفه أي قتل ابنه، وأخذ ديته فشرب لبنها. ودعا أعرابي على آخر فقال: بعث الله عليه سنة فاشورة تحلقه كلما يحلق الشعر بالنورة، ودعا رجل على أمير فقال:

أزال الله دولته سريعا

فقد ثقلت على عنق الليالي

وقالت امرأة من بني ضبة في زوجها:

وما دعوت عليه حين ألعنه

إلا وآخر يتلوه بآمين

فليته كان أرض الروم منزله

وليتني قبله قد صرت للصين

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم الأحزاب: «اللهم كلّ سلاحهم واضرب وجوههم ومزقهم في البلاد تمزيق الريح للجراد» . ودعا رجل، فقال: اللهم أكفنا أعداءنا ومن أرادنا بسوء، فلتحط به ذلك السوء إحاطة القلائد بترائب الولائد، ثم أرسخه على هامته كرسوخ السجّيل على هام أصحاب الفيل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

ولنختم هذا الباب بهذا الدعاء المبارك وهو: اللهم إنك عرفتنا بربوبيتك وغرقتنا في بحار نعمتك، ودعوتنا إلى دار قدسك ونعمتنا بذكرك وأنسك، إلهي إن ظلمة ظلمنا لنفوسنا قد عمت، وبحار الغفلة على قلوبنا قد طمت، والعجز شامل والحصر حاصر والتسليم أسلم، وأنت بالحال أعلم، إلهي ما عصيتك جهلا بعقابك ولا تعرضا لعذابك، ولكن سولتها نفوسنا وأعانتنا شقوتنا وغرنا سترك علينا وأطمعنا عفوك وبرك بنا، فالآن من عذابك من ينقذنا؟ وبحبل من نعتصم إن قطعت حبلك عنا؟ واخجلتاه غدا من الوقوف بين يديك، وافضيحتاه إن عرضت فعالنا القبيحة عليك، اللهم اغفر ما علمت ولا تهتك ما سترت.

إلهي إن كنا عصيناك بجهل فقد دعوناك بعقل حيث علمنا أن لنا ربا يغفر لنا ولا يبالي، إلهي لا تحرق بالنار وجها كان لك مصليا ولسانا كان لك ذاكرا وداعيا، بالذي دلنا عليك وأمرنا بالخشوع بين يديك وهو محمد صلى الله عليه وسلم خاتم أنبيائك وسيد أصفيائك، فإن حقه علينا أعظم الحقوق بعد حقك، كما أن منزلته لديك أشرف المنازل، فهو سيد خلقك، ومعدن أسرارك، صل يا رب على محمد وآله وأصحابه وارحم عبادا غرهم طول إمهالك، وأطمعهم كثرة أفضالك، فقد ذلوا لعزك وجلالك ومدوا أكفهم لطلب نوالك، ولولا ذلك لم يصلوا إلى ذلك، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولكل المسلمين أجمعين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الباب الثامن والسبعون في القضاء والقدر وأحكامه والتوكل على الله عز وجل

إعلم أن كل ما يجري في العالم من حركة وسكون وخير وشر ونفع وضر وإيمان وكفر وطاعة ومعصية، فكلّ بقضاء الله وقدره، وكذلك فلا طائر يطير بجناحيه ولا حيوان يدب على بطنه ورجليه، ولا تطن بعوضة ولا تسقط ورقة إلا بقضائه وقدره وإرادته ومشيئته، كما لا يجري شيء من ذلك إلا وقد سبق علمه به. واعلم أن كل ما قضاه الله تعالى وقدره، فهو كائن لا محالة كما أن ما في علم الله تعالى يكون فهو كائن قريب، وما قدر الله وصوله إليك بعد الطلب فهو لا يصل إليك إلا بالطلب، والطلب أيضا من القدر فإن تعسر شيء فبتقديره، وإن اتفق شيء فبتيسيره، فمن رام أمرا من الأمور ليس الطريق في تحصيله أنه يغلق بابه عليه ويفوض أمره لربه، وينتظر حصول ذلك الأمر، بل الطريق أن يشرع في طلبه على الوجه الذي شرعه له فيه.

وقد ظاهر النبي صلى الله عليه وسلم بين درعين «1» واتخذ خندقا حول المدينة حين تحزبت عليه الأحزاب يحترس به من العدو وأقام الرماة يوم أحد ليحفظوه من خالد بن الوليد، وكان يلبس لأمة الحرب ويهيىء الجيوش ويأمرهم وينهاهم لما فيه من مصالحهم، واسترقى وأمر بالرقية، وتداوى وأمر بالمداواة، وقال: الذي أنزل الداء أنزل الدواء، فإن قيل:

قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من استرقى أو اكتوى فهو بريء من التوكل، قلنا: أليس قد قال: أعقلها وتوكل. فإن قيل:

فما الجمع بين ذلك؟ قلنا: معناه من استرقى أو اكتوى متكلا على الرقية أو الكي، وإن البرء من قبلهما خاصة،

ص: 488

فهذا يخرجه عن التوكل، وإنما يفعله كافر يضيف الحوادث إلى غير الله، وقد أمرنا بالكسب والتسبب. ألا ترى أن الله قال لمريم عليها السلام: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ

«1» فهلا أمرها بالسكون وحمل الرطب إلى فمها وأنشدوا في ذلك:

ألم تر أن الله قال لمريم

وهزّي إليك الجذع يسّاقط الرطب

ولو شاء أن تجنيه من غير هزّها

جنته ولكن كلّ شيء له سبب

وقد تقدم هذا الشعر في باب الكسب والتسبب ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا «2» وتروح بطانا «3» ، فلم يحمل أرزاقها إليها في أوكارها بل ألهمها طلبه بالغدو والرواح» .

وقد جمعوا بين الطلب والقدر فقالوا: إنهما كالعدلين على ظهر الدابة، إن أحمل في واحد منهما أرجح مما في الآخر سقط حمله وتعب ظهره وثقل عليه سفره. وإن عادل بينهما سلم ظهره ونجح سفره وتمت بغيته. وضربوا فيه مثالا عجيبا، فقالوا: إن أعمى ومقعدا كانا في قرية بفقر وضر لا قائد للأعمى ولا حامل للمقعد، وكان في القرية رجل يطعمهما قوتهما في كل يوم احتسابا لله تعالى، فلم يزالا بنعمة إلى أن هلك ذلك الرجل فلبثا أياما واشتد جوعهما وبلغ الضر منهما جهده، فأجمع رأيهما على أن الأعمى يحمل المقعد فيدله المقعد على الطريق ببصره، فاشتغل الأعمى بحمل المقعد ويدور به ويرشده إلى الطريق وأهل القرية يتصدقون عليهما، فنجح أمرهما ولولا ذلك لهلكا. فكذلك القدر سببه الطلب. والطلب سببه القدر وكل واحد منهما معين لصاحبه، ألا ترى أن من طلب الرزق والولد ثم قعد في بيته لم يطأ زوجته ولم يبذر أرضه معتمدا في ذلك على الله واثقا به أن تلد امرأته من غير مواقعة، وأن ينبت الزرع من غير بذر، كان عن المعقول خارجا ولأمر الله كارها.

قال الغزالي: أما المعيل فلا يخرج عن حد التوكل بادخار قوت سنة لعياله جبرا لضعفهم وتسكينا لقلوبهم وقد ادخر رسول الله صلى الله عليه وسلم قوت سنة، ونهى أم أيمن وغيرها أن تدخر شيئا، وقال: أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا.

وقال عبد الله بن الفرج: أطلعت على إبراهيم بن أدهم، وهو في بستان بالشام فوجدته مستلقيا على قفاه، وإذا بحية في فمها باقة نرجس، فما زالت تذب عنه حتى انتبه. فحسبك توكل يؤدي إلى هذا.

وعن عبد الله الهروي قال: كنا مع الفضيل بن عياض على جبل أبي قيس فقال: لو أنّ رجلا صدق في توكله على الله ثم قال لهذا الجبل اهتز لاهتز، فو الله لقد رأيت الجبل اهتز وتحرك. فقال له الفضيل رحمه الله تعالى: لم أعنك رحمك الله فسكن.

وفي الإسرائيليات أن رجلا احتاج إلى أن يقترض ألف دينار، فجاء إلى رجل من المتمولين فسأله في ذلك وقال له: تمهل علي بدينك إلى أن أسافر إلى البلد الفلاني فإن لي مالا آتيك به، وأوفيك منه، وتكون مدة الأجل بيني وبينك كذا وكذا، فقال له: هذا غرر، فأنا ما أعطيك مالي إلا أن تجعل لي كفيلا إن لم تحضر طلبته منه. فقال الرجل: الله كفيل بمالك وشاهد على أن لا أغفل عن وفائك، فإن رضيت فافعل، فداخل الرجل خشية الله تعالى، وحمله التوكل على أن دفع المال للرجل فأخذه ومضى إلى البلد الذي ذكر، فلما قرب الأجل الذي بينه وبين صاحبه جهز المال وقصد السفر في البحر فعسر عليه وجود مركب، ومضت المدة وبعدها أيام وهو لا يجد مركبا، فاغتم لذلك، وأخذ الألف دينار وجعلها في خشبة وسمّر عليها ثم قال: اللهم إني جعلتك كفيلا بإيصال هذه إلى صاحبها، وقد تعذر علي وجود مركب وعزمت على طرحها في البحر وتوكلت عليك في إيصالها إليه، ثم نقش على الخشبة رسالة إلى صاحبها بصورة الحال، وطرحها في البحر بيده وأقام في البلدة مدة بعد ذلك، إلى أن جاءت مركب فسافر فيها إلى صاحب المال، فابتدأه وقال: أنت سيرت الألف دينار في خشبة صفتها كيت وكيت وعليها منقوش كذا وكذا؟ قال: نعم، قال: قد أوصلها الله تعالى إلي، والله نعم الكفيل. فقال: فكيف وصلت إليك؟ قال:

لما مضى الأجل المقدر بيني وبينك بقيت أتردد إلى البحر لأجدك أو أجد من يخبرني عنك، فوقفت ذات يوم إلى الشط وإذا بالخشبة قد استندت إلي ولم أر لها طالبا، فأخذها الغلام ليجعلها حطبا. فلما كسرها وجد ما فيها، فأخبرني بذلك، فقرأت ما عليها، فعلمت أن الله تعالى حقق أملك لما توكلت عليه حق التوكل.

ص: 489

وقيل: إن سبب بداية ذي النون المصري رحمه الله تعالى أنه رأى طيرا أعمى بعيدا عن الماء والمرعى، فبينما هو يتفكر في أمر ذلك الطائر، فإذا هو بسكرجتين برزتا من الأرض إحداهما ذهب والأخرى فضة، هذه فيها ماء والأخرى فيها قمح، فلقط القمح وشرب الماء. ثم غابا بعد ذلك فذهل ذو النون، وانقطع إلى الله تعالى من ذلك الوقت.

وحكي أن رجلا من أبناء الناس كانت له يد في صناعة الصياغة، وكان أوحد أهل زمانه، فساء حاله وافتقر بعد غناه، فكره الإقامة في بلده، فانتقل إلى بلد آخر، فسأل عن سوق الصاغة، فوجد دكانا لمعلم السلطنة وتحت يده صناع كثيرة يعملون الأشغال للسلطنة، وله سعادة ظاهرة ما بين مماليك وخدم وقماش وغير ذلك، فتوصل الصائغ الغريب إلى أن بقي من أحد الصناع الذين في دكان هذا المعلم وأقام يعمل عنده مدة، وكلما فرغ النهار دفع له درهمين من فضة، وتكون أجرة عمله تساوي عشرة دراهم، فيكسب عليه ثمانية دراهم في كل يوم، فاتفق أن الملك طلب المعلم وناوله فردة سوار من ذهب مرصعة بفصوص في غاية من الحسن قد عملت في غير بلاده كانت في يد إحدى محاظيه، فانكسرت، فقال له:

إلحمها، فأخذها المعلم وقد اضطرب عليه في عملها، فلما أخذها وأراها للصناع الذين عنده وعند غيره فما قال له أحد أنه يقدر على عملها، فازداد المعلم لذلك غما، ومضت مدة وهي عنده لا يعلم ما يصنع، فاشتد الملك على إحضاره، وقال: هذا المعلم نال من جهتنا هذه النعمة العظيمة ولا يحسن أن يلحم سوارا، فلما رأى الصانع الغريب شدة ما نال المعلم قال في نفسه هذا وقت المروءة أعملها ولا أؤاخذه ببخله علي وعدم إنصافه ولعله يحسن إلي بعد ذلك، فحط يده في درج المعلم وأخذها وفك جواهرها وسبكها ثم صاغها كما كانت، ونظم عليها جواهرها، فعادت أحسن مما كانت، فلما رآها المعلم فرح فرحا شديدا، ثم مضى بها إلى الملك، فلما رآها استحسنها وادعى المعلم أنها صنعته، فأحسن إليه وخلع عليه خلعة سنية، فجاء وجلس مكانه، فبقي الصائغ يرجو مكافأته عما عامله به، فما التفت إليه المعلم، ولما كان آخر النهار ما زاده على الدرهمين شيئا، فما مضت إلا أيام قلائل وإذا الملك اختار أن يعمل زوجين أساور على تلك الصورة، فطلب المعلم ورسم له بكل ما يحتاج إليه وأكد عليه في تحسين الصفة وسرعة العمل، فجاء إلى الصانع وأخبره بما قال الملك، فامتثل مرسومه ولم يزل منتصبا إلى أن عمل الزوجين، وهو لا يزيده شيئا على الدرهمين في كل يوم ولا يشكره ولا يعده بخير ولا يتجمل معه، فرأى المصلحة أن ينقش على زوج الأساور أبياتا يشرح فيها حاله ليقف عليها الملك، فنقش في باطن أحدهما هذه الأبيات نقشا خفيفا يقول:

مصائب الدهر كفّي

إن لم تكفّي فعفّي

خرجت أطلب رزقي

وجدت رزقي توفّي

فلا برزقي أحظى

ولا بصنعة كفّي

كم جاهل في الثريا

وعالم متخفّي

قال: وعزم الصانع على أنه إن ظهرت الأبيات للمعلم شرح له ما عنده وإن غم عليه ولم يرها كان ذلك سبب توصله إلى الملك، ثم لفهما في قطن وناولهما للمعلم فرأى ظاهرهما ولم ير باطنهما لجهله بالصنعة، ولما سبق له في القضاء، فأخذها المعلم ومضى بهما فرحا إلى الملك، وقدمهما إليه، فلم يشك الملك في أنهما صنعته، فخلع عليه وشكره، ثم جاء فجلس مكانه ولم يلتفت إلى الصانع، وما زاده في آخر النهار شيئا على الدرهمين، فلما كان اليوم الثاني خلا خاطر الملك فاستحضر الحظية التي عمل لها السوارين الذهب فحضرت وهما في يديها، فأخذهما ليعيد نظره فيهما وفي حسن صنعتهما، فقرأ الأبيات، فتعجب وقال: هذا شرح حال صانعهما والمعلم يكذب، فغضب عند ذلك، وأمر باحضار المعلم، فلما حضر قال له: من عمل هذين السوارين؟ قال: أنا أيها الملك، قال: فما سبب نقش هذه الأبيات؟ قال: لم يكن عليهما أبيات. قال: كذبت. ثم أراه النقش. وقال: إن لم تصدقني الحق لأضربن عنقك، فأصدقه الحق، فأمر الملك بإحضار الصانع، فلما حضر سأله عن حاله، فحكى له قصته، وما جرى له مع المعلم. فرسم الملك بعزل المعلم وأن تسلب نعمته وتعطى للصانع، وأن يكون عوضا عنه في الخدمة ثم خلع عليه خلعة سنية، وصار مقدما سعيدا، فلما نال هذه الدرجة. وتمكن عند الملك تلطف به حتى رضي عن المعلم الأول وصارا شريكين ومكثا على ذلك إلى آخر العمر. ورحم الله من قال:

ص: 490

إذا كان سعد المرء في الدهر مقبلا

تدانت له الأشياء من كلّ جانب

وقال آخر:

ما سلّم الله هو السالم

ليس كما يزعم الزّاعم

تجري المقادير التي قدرت

وأنف من لا يرتضي راغم

وقال كعب بن زهير «1» :

لو كنت أعجب من شيء لأعجبني

سعي الفتى وهو مخبوء له القدر

يسعى الفتى لأمور ليس يدركها

والنفس واحدة والهم منتشر

والمرء ما عاش ممدود له أمل

لا ينتهي ذاك حتى ينتهي العمر

وروي في الإسرائيليات أن نبيا من الأنبياء عليهم الصلاة السلام مرّ بفخ منصوب وإذا بطائر قريب منه، فقال له الطائر: يا نبي الله: هل رأيت أقل عقلا ممن نصب هذا الفخ ليصيدني به وأنا أنظر إليه؟ قال: فذهب عنه ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع وإذا بالطائر في الفخ، فقال له: عجبا لك ألست القائل كذا وكذا آنفا؟ فقال: يا نبي الله إذا جاء الحين لم يبق أذن ولا عين. ويروى أن رجلا قال لبزرجمهر: تعال نتناظر في القدر، قال: وما تصنع بالمناظرة؟ قال: رأيت شيئا ظاهرا استدللت به على الباطن، رأيت جاهلا مبرورا وعالما محروما، فعلمت أن التدبير ليس للعباد.

ولما قدم موسى بن نصير بعد فتح الأندلس على سليمان بن عبد الملك قال له يزيد بن المهلب: أنت أدهى الناس وأعلمهم، فكيف طرحت نفسك في يد سليمان؟

فقال: إن الهدهد ينظر إلى الماء في الأرض على ألف قامة، ويبصر القريب منه والبعيد على بعد في التخوم، ثم ينصب له الصبي الفخ بالدودة أو الحبة فلا يبصره حتى يقع فيه وأنشدوا في ذلك:

وإذا خشيت من الأمور مقدّرا

وفررت منه فنحوه تتوجّه

وقال آخر:

أقام على المسير وقد أنيخت

مطاياه وغرّد حادياها

وقال أخاف عادية الليالي

على نفسي وأن ألقى رداها

مشيناها خطا كتبت علينا

ومن كتبت عليه خطا مشاها

ومن كانت منيّته بأرض

فليس يموت في أرض سواها

ولما قتل كسرى بزرجمهر وجد في منطقته «2» كتاب فيه: إذا كان القضاء حقا فالحرص باطل. وإذا كان الغدر في الناس طبعا فالثقة بكل أحد عجز، وإذا كان الموت بكل أحد نازلا فالطمأنينة إلى الدنيا حمق.

وقال ابن عباس وجعفر بن محمد رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما

«3» . إنما كان الكنز لوحا من ذهب مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن يوقن بالقدر كيف يحزن. وعجبت لمن يوقن بالرزق كيف ينصب، وعجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح، وعجيبت لمن يوقن بالحساب كيف يغفل، وعجبت لمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها. لا إله إلا الله محمد رسول الله.

وحكى الطرطوشي رحمه الله تعالى في كتابه «سراج الملوك» قال: من عجيب ما اتفق بالاسكندرية أن رجلا من خدم نائب الإسكندرية غاب عن خدمته أياما، ففي بعض الأيام قبض عليه صاحب الشرطة وحمله إلى دار النائب فانفلت في بعض الطرق وترامى في بئر والمدينة إذ ذاك مسردبة بسرداب يمشي الماشي فيه قائما، فما زال الرجل يمشي إلى أن لاحت له بئر مضيئة، فطلع منها فإذا البئر في دار النائب، فلما طلع أمسكه النائب وأدبه، فكان فيه المثل السائر: الفار من القضاء الغالب كالمتقلب في يد الطالب. وأنشدو فيه:

قالوا تقيم وقد أحاط

بك العدوّ ولا تفرّ

لا نلت خيرا إن بقي

ت ولا عداني الدهر شر

ص: 491

إن كنت أعلم أن

غير الله ينفع أو يضر

الباب التاسع والسبعون في التوبة والاستغفار

قد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة، وأمر الله تعالى بالتوبة فقال وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

«1» ووعد بالقبول فقال تعالى: هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ

«2» . وفتح باب الرجاء فقال: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ 53

«3» .

وروي في الصحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيها الناس توبوا إلى الله تعالى فإني أتوب إلى الله تعالى في اليوم مائة مرة.

وروى أحمد بن عبد الرحمن السلماني قال: اجتمع أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله تعالى يقبل التوبة من عبده قبل أن يموت بيوم، فقال الثاني: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال: وأنا سمعته يقول: إن الله تعالى يقبل توبته قبل أن يموت بنصف يوم، فقال الثالث: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.

قال: وأنا سمعته يقول إن الله تعالى يقبل توبة العبد قبل موته بضحوة، أو قال بضجعة، فقال الرابع: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال: وأنا سمعته يقول: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.

وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل بأرض دوية مهلكة معه راحلته، فنام واستيقظ وقد ذهبت راحلته، فطلبها حتى إذا أدركه الموت قال: أرجع إلى المكان الذي أضللتها فيه وأموت، فأتى مكانه فغلبته عينه فاستيقظ وإذا راحلته عند رأسه فيها طعامه وشرابه وزاده وما يصلحه، فالله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من هذا براحلته وزاده» .

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» . (رواه البخاري) .

وعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها» . (رواه مسلم) .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعبد أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة؟ قال: لا، فقتله وكمل به المائة. ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فأتاه وقال له أنه قد قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ قال: نعم. ومن يحل بينك وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله تعالى فاعبد الله تعالى معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء.

فانطلق حتى كان نصف الطريق أدركه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله تعالى، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط. فأتاهم ملك في صورة آدمي فحكموه بينهم فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى؟ فهو أقرب لها، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة» . (متفق عليه وفي الصحيحين) : فكان أدنى إلى أرض التوبة الصالحة فجعل من أهلها.

وعن أبي نجيد بضم النون وفتح الجيم عمران بن الحصين الخزاعي رضي الله عنه، أن امرأة من جهينة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فقالت: يا رسول الله أصبت حدا فأقمه علي، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال عمر:

يا رسول الله تصلي عليها وقد زنت؟ قال: «لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل ممن جادت بنفسها لله عز وجل» . (رواه مسلم) .

وعن أبي نصرة قال: لقيت مولى لأبي بكر رضي الله عنه فقلت له: سمعت من أبي بكر شيئا، قال: نعم، سمعته

ص: 492

يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أصر من استغفر ولو عاد إلى الذنب في اليوم سبعين مرة» .

وحكي.. أن نبهان التمار وكنيته أبو مقبل أتته امرأة حسناء تشتري تمرا، فقال لها: هذا التمر ليس بجيد وفي البيت أجود منه، فذهب بها إلى بيته وضمها إلى نفسه وقبلها، فقالت له: اتق الله، فتركها وندم على ذلك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فأنزل الله تعالى: وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً

«1» إلى آخر الآية. وعن أسماء بن الحكم الفزاري قال: سمعت عليا يقول: إني كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله حديثا ينفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وإنه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر أنه سمع رسول الله يقول:«ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ويصلي ثم يستغفر الله إلا غفر له» .

وروي في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أذنب العبد ذنبا فقال يا رب أذنبت ذنبا فاغفره لي، قال الله عز وجل: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، فغفر له. ثم إذا مكث ما شاء الله وأصاب ذنبا آخر، فقال: يا رب أذنبت ذنبا فاغفر لي، قال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء.

وكان قتادة رضي الله تعالى عنه يقول: القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، أما دواؤكم فالاستغفار، وأما داؤكم فالذنوب.

وكان علي رضي الله تعالى عنه يقول: العجب لمن هلك ومعه كلمة النجاة، قيل: وما هي؟ قال: الاستغفار.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال عشرا حين يصبح وحين يمسي، أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه وأسأله التوبة والمغفرة من جميع الذنوب، غفرت ذنوبه ولو كانت مثل رمل عالج. ومن قال سبحانك ظلمت نفسي وعملت سوءا فاغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، غفرت ذنوبه ولو كانت مثل دبيب النمل.

وقال أبو عبد الله الورّاق: لو كان عليك من الذنوب مثل عدد القطر وزبد البحر محيت عنك إذا استغفرت بهذا الاستغفار، وهو هذا: اللهم إني أسألك وأستغفرك من كل ذنب تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك من كل ما وعدتك من نفسي ثم لم أوف لك به، وأستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطه غيرك، وأستغفرك من كل نعمة أنعمت بها علي فاستعنت بها على معصيتك، يقول الله عز وجل لملائكته: ويح ابن آدم يذنب الذنب ثم يستغفرني فأغفر له، ثم يذنب فيستغفرني فأغفر له لا هو يترك الذنب من مخالفتي ولا ييأس من مغفرتي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له.

وقال بشر الحافي «2» بلغني أن العبد إذا عمل الخطيئة أوحى الله تعالى إلى الملائكة الموكلين ترفقوا عليه سبع ساعات، فإن استغفرني فلا تكتبوها وإن لم يستغفرني فاكتبوها.

نكتة.. قيل: انقطع الغيث عن بني إسرائيل في زمن موسى عليه الصلاة والسلام حتى احترق النبات وهلك الحيوان، فخرج موسى عليه الصلاة والسلام في بني إسرائيل وكانوا سبعين رجلا من نسل الأنبياء مستغيثين إلى الله تعالى، قد بسطوا أيدي صدقهم وخضوعهم وقربوا قربان تذللهم وخشوعهم ودموعهم تجري على خدودهم ثلاثة أيام، فلم يمطر لهم، فقال موسى: اللهم أنت القائل: ادعوني أستجب لكم وقد دعوتك وعبادك على ما ترى من الفاقة والحاجة والذل، فأوحى الله تعالى إليه:

يا موسى إن فيهم من غذاؤه حرام وفيهم من يبسط لسانه بالغيبة والنميمة وهؤلاء استحقوا أن أنزل عليهم غضبي، وأنت تطلب لهم الرحمة كيف يجتمع موضع الرحمة وموضع العذاب؟ فقال موسى: ومن هم يا رب حتى نخرجهم من بيننا؟ فقال الله تعالى: يا موسى لست بهتاك ولا نمام، ولكن يا موسى توبوا كلكم بقلوب خالصة فعساهم يتوبوا معكم فأجود بإنعامي عليكم، فنادى منادي موسى في بني إسرائيل ان اجتمعوا فاجتمعوا فأعلمهم موسى عليه الصلاة والسلام بما أوحي إليه والعصاة يسمعون، فذرفت أعينهم ورفعوا مع بني إسرائيل أيديهم إلى الله عز وجل وقالوا: إلهنا جئناك من أوزارنا هاربين، ورجعنا إلى بابك طالبين فارحمنا يا أرحم الراحمين، فما زالوا كذلك حتى سقوا بتوبتهم إلى الله تعالى.

اللهم تب علينا وعلى سائر العصاة والمذنبين يا رب العالمين.

ص: 493