الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحريم يعقوب عليه الصلاة والسلام أكلها فباجتهاد منه، وذلك أنه كان يسكن البوادي، فاشتكى عرق النسا، فلم يجد ما يلائمه إلا ترك أكل لحومها، فلذلك حرمها. وأما انتقاض الوضوء بأكل لحمها، فاختلف العلماء في ذلك، فهب الأكثرون إلى أنه لا ينقض، وعليه الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وأبي، وابن عباس، وأبو الدرداء، وأبو طلحة، وعامر بن ربيعة، وأبو أمامة، وجماهير التابعين، وبه أخذ مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وأصحابهم، وخالف في ذلك أحمد وإسحاق، ويحيى بن يحيى، وابن المنذر، وابن خزيمة، واختاره البيهقي، وهو مذهب الشافعي القديم.
خواصه: قال ابن زهير وغيره: أكل لحمه يزيد في الباه «1»
وفي الإنعاظ بعد الجماع، وبوله يفيق السكران، ووبره إذا أحرق وذر على دم سائل قطعه، وقراده إذا ربط على كم عاشق يزول عشقه.
(الأرضة)
بفتح الهمزة والراء دويبة صغيرة كنصف العدسة تأكل الخشب والورق، ولما كان فعلها في الأرض أضيف اسمها إليها. قال القزويني: إذا أتى على الأرضة سنة نبت لها جناحان طويلان تطير بهما، ويقال: إنها الدابة التي دلّت الجن على موت سليمان عليه الصلاة والسلام، ومن شأنها أنها تبني لنفسها بيتا من عيدان تجمعها مثل بيت العنكبوت مخرطا من أسفله إلى أعلاه، وله في إحدى جهاته باب مربع، ومنه تعلم الأوائل وضع النواويس لموتاهم، والنمل عدوها، وهو أصغر منها، فيأتي من خلفها ويحتملها ويمشي بها إلى حجره لأنه إذا أتاها مستقبلا لا يغلبها.
(الأرنب)
حيوان شبه العناق قصير اليدين طويل الرجلين يطأ الأرض على مؤخر قدميه، وهو اسم يطلق على الذكر والأنثى وله شدة شبق وربما تسفد وهي حبلى، ويكون عاما ذكرا وعاما أنثى. ومن عجائبها أنها تنام وعيناها مفتوحتان، فيأتي الصياد، فيظنها مستيقظة. قيل: من رأى أرنبا عند خروجه من بيته أول ما يخرج أو رآه عند قيامه من نومه، واصطبح به لم تقض له حاجة في ذلك اليوم. ومن عجيب أمره أن تحمل الأنثى منه باثنين وثلاثة وأربعة، ولا تلد إلا تحت الأرض خوفا على أولادها من الإنسان، وتحفر تحت الأرض الحفائر القوية حتى أنها تخرب الجدران، وعند ولادتها ينتحل شعرها وهي تحضن الأولاد إلى عشرين يوما، ومن طبعه أنه أبله، وفيه قوة وشدة وفي سفاده حالة نزوة يصرخ الذكر والأنثى كالسنانير، فإذا وقع منه الإنزال وقع على الأرض قليل الحركة، وعند سفاده تدير له وجهها فإذا ملكها بعد ذلك فإنها تجري به وهو راكب عليها ويجري معها.
فائدة: ذكر ابن الأثير في الكامل أن صديقا له أصطاد أرنبا وله أنثيان وذكر وفرج «2»
. وقيل: التقطت الأرنب تمرة فاختلسها الثعلب، فأكلها، فانطلقا يتخاصمان إلى الضب، فقالت الأرنب: يا أبا حسل، فقال: سميعا دعوت. قالت: أتيناك لنختصم قال: عادلا وحكيما.
قالت: فاخرج إلينا، قال: في بيته يؤتى الحكم. قالت:
إني وجدت تمرة حلوة قال: فكليها. قالت: اختلسها الثعلب. قال: لنفسه بغى الخير. قالت: فلطمته. قال:
بحقك أخذت، قالت: فلطمني. قال: اقتص. قالت:
فاقض بيننا. قال: قد قضيت، فذهبت أقواله أمثالا.
ومن ذلك ما حكي أن عدي بن أرطأة أتى شريحا القاضي في مجلس حكمه، فقال له: أين أنت؟ قال: بينك وبين الحائط. قال: فاسمع مني. قال: للاستماع جلست. قال: إني تزوجت امرأة. قال: بالرفاه والبنين، قال: فشرط أهلها أن لا أخراجها من بينهم، قال: أوف لهم بالشرط. قال: فأنا أريد الخروج. قال: الشرط أملك. قال: أريد أن أذهب. قال: في حفظ الله. قال:
فاقض بيننا. قال: قد فعلت. قال: فعلى من قضيت؟
قال: على ابن أمك. قال: بشهادة من؟ قال: بشهادة ابن أخت خالك.
الخواص: قال الجاحظ من علق عليه كعب أرنب لم تضره عين ولا سحر، وأكل دماغه يبرىء من الارتعاش العارض من البرد، وإن شربت المرأة الحامل أنفحة الذكر، ولدت ذكرا، وإن شربت أنفحة الأنثى ولدت أنثى، وإن علقت عليها زبلها لم تحمل، والأرنب البحري من السموم فلا يحل أكله.
(سقنقور)
دابة شكلها كالوزغة إذا أخذت وسلخت وملحت وشربت منها مقدار مثقال زاد في الباه وهو من الأشياء النفيسة عند أهل الهند يقال: إنه يهدى إليهم فيذبحونه بسكين من الذهب، ويحشونه من ملح مصر، فإذا وضعوا منه مثقالا على لحم أو بيض نفع نفعا عظيما.
(الأفعى)
الأنثى من الحيات والذكر أفعوان، وهو يعيش
ألف سنة على ما يقال، ويعرف بالشجاع، والأسود، وهو أشر الحيات وأشرها حيات وأفاعي سجستان، ومن عجيب ما يحكى عنها أنها لدغت إنسانا في رجله فانصدعت جبهته.
وحكي أنها نهشت ناقة وفصيلها يرضع، فمات قبل أمه، وقيل: لما دخل شبيب بن شبة على المنصور قال له: يا شبيب أدخلت سجستان؟ فقال له: نعم. قال:
صف لي أفاعيها. قال: يا أمير المؤمنين، هي دقائق الأعناق، صغار الأذناب، مقلصة الرؤوس، رقش برش، كأنما كسين أعلام الحبرات، كبارهن حتوف، وصغارهن سيوف.
وقيل: إنها تتدفن في التراب أربعة أشهر في البرد «1»
، ثم تخرج، وقد أظلمت عيناها فتمر بشجر الرازيانج وهو الشمر الأخضر، فتحك عينيها به، فيرجع إليها بصرها، فسبحان من ألهمها ذلك.
وقال الزمخشري: إذا عميت الأفعى بعد ألف سنة ألهمها الله تعالى أن تأتي البساتين وتلقي نفسها على هذه الشجرة، وتحك عينيها بها فتبصر. وقيل: إذا قطع ذنبها عاد كما كان «2»
وإذا قلع نابها عاد بعد ثلاثة أيام، وهي أعدى عدو للإنسان، وقال بعضهم: رأيت حية قد ابتلعت كبشا عظيم القرنين، فجعلت تضرب به الحجارة يمينا ويسارا حتى كسرت القرنين، وابتلعته وقرنيه والله تعالى أعلم، وقيل: إذا قطع ذنب الحية تعيش إن سلمت من الذر، وقيل: إن بالحبشة حيات لها أجنحة تطير بها، وقيل: إن جلدها ينسلخ عنها في كل سنة مرة وقيل: إن الجلد لا ينسلخ، وإنما الذي ينسلخ قشر فوق الجلد، وغلاف يخلق لها كل عام، وهي تبيض على عدد أضلاعها. أي ثلاثين بيضة، فيجتمع عليها النمل، فيفسدها بقدرة الله تعالى إلا نادرا. ومن عجيب أمرها أنها لا ترد الماء ولا ترده ولكنها إذا شمّت رائحة الخمر، فلا تكاد تصبر عنه مع أنه سبب هلاكها لأنها إذا شربت سكرت، فتعرضت للقتل، والذكر لا يقيم في الموضع، وإنما تقيم الأنثى لأجل فراخها حتى تكتسب قوة، فإذا قويت أخذتهم وانسابت، فأي حجر وجدته دخلت فيه، وأخرجت صاحبه منه، وعينها لا تدور وإذا قلعت عادت.
ومن عجيب أمرها أنها تهرب من الرجل العريان وتفرح بالنار وتقرب منها، وتحب اللبن حبا شديدا، وإذا دخلت بصدرها في حجر لا يستطيع أقوى الناس على إخراجها منه، ولو قطعت قطعا وليس لها قوائم ولا أظفار وإنما تقوى بظهرها لكثرة أضلاعها.
وحكى عمر بن يحيى العلوي قال: كنا في طريق مكة، فأصاب رجلا منا استسقاء، فاتفق العرب أن سرقوا منا، فطار جمال على أحدها ذلك الرجل قال: ثم بعد أيام جمعتنا المقادير، فوجدته قد برىء، فسألناه عن حاله، فقال: إن العرب لما أخذوني جعلوني في أواخر بيوتهم، فكنت في حالة أتمنى فيها الموت، وبينما أنا كذلك إذ اتوا يوما بأفاعي اصطادوها وقطعوا رؤوسها وأذنابها وشووها بعد ذلك، فقلت: في نفسي: هؤلاء اعتادوها، فلا تضرهم، فلعلي إن أكلت منها مت، فاسترحت، فاستطعمتهم، فأطعموني واحدة، فلما استقرت في بطني أخذني النوم، فنمت نوما ثقيلا، ثم استيقظت، وقد عرقت عرقا شديدا، واندفعت طبيعتي نحو مائة مرة، فلما أصبحت وجدت بطني قد ضمر، وقد انقطع الألم، فطلبت منهم مأكولا، فأكلت، وأقمت عندهم أياما، فلما نشطت، ووثقت من نفسي بالحركة أخذت في الطريق مع بعضهم وأتيت الكوفة.
فائدة: قيل إن الريحان الفارسي لم يكن قبل كسرى، وإنما وجد في زمانه، وسببه أن كسرى كان ذات يوم جالسا في بعض متفرجاته إذا جاءته حية، فانسابت بين يديه، وتمرغت وصارت تتقلّب مثل الذي يشتكي، فأراد بعض الجند قتلها، فمنعهم الملك، ثم قال لهم: انظروا أمرها، فلما سمعت ذلك انسبات بين يديه، فأمرهم أن يتبعوها إلى المكان الذي تريده، قال: فجاءت إلى بئر وصارت تنظر فيه قال: فنظروا فإذا فيه حية عظيمة وعلى ظهرها عقرب أسود فنخسها بعضهم برمح، فقتلها، وتركوها ورجعوا، فأخبروا الملك بذلك، فلما كان الغد جاءت الحية للملك وفي فمها بزر فنثرته بين يدي الملك، وذهبت، فقال الملك: إنها أرادت مكافأتنا اجعلوه في الأرض لننظر ما يكون من أمره قال: ففعلوا ذلك، فطلع منه الريحان قال فلما انتهى أمره أتوا به إلى الملك قال وكان به زكام، فشمه فبرىء.
لطيفة: من غريب ما اتفق لعماد الدولة أنه لما ملك شيراز اجتمع عليه أصحابه وطلبوا منه مالا، ولم يكن