المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وأما الوفاء بالعهد ورعاية الذمم - المستطرف في كل فن مستظرف

[شهاب الدين الأبشيهي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول في مباني الإسلام

- ‌الفصل الأول في الإخلاص لله تعالى والثناء عليه

- ‌الفصل الثاني في الصلاة وفضلها

- ‌الفصل الثالث في الزكاة وفضلها

- ‌الفصل الرابع في الصوم وفضله وما أعد الله للصائم من الأجر والثواب

- ‌الفصل الخامس في الحج وفضله

- ‌الباب الرابع في العلم والأدب وفضل العالم والمتعلم

- ‌الباب السادس في الأمثال السائرة

- ‌الفصل الأول فيما جاء من ذلك في القرآن العظيم وأحاديث النبي الكريم

- ‌الفصل الثاني في أمثال العرب

- ‌الفصل الثالث في أمثال العامة والمولدين

- ‌الفصل الرابع في الأمثال من الشعر المنظوم مرتبة على حروف المعجم

- ‌(حرف الألف)

- ‌(حرف الباء الموحدة)

- ‌(حرف التاء المثناة الفوقية)

- ‌(حرف الجيم)

- ‌(حرف الحا المهملة)

- ‌(حرف الخاء المعجمة)

- ‌(حرف الدال المهملة)

- ‌(حرف الدال المعجمة)

- ‌(حرف الراء)

- ‌(حرف الزاي)

- ‌(حرف السين المهملة)

- ‌(حرف الشين المعجمة)

- ‌(حرف الصاد المهملة)

- ‌(حرف الضاد المعجمة)

- ‌(حرف الطاء المهملة)

- ‌(حرف الظاء المشالة)

- ‌(حرف العين المهملة) :

- ‌(حرف الغين المعجمة)

- ‌(حرف الفاء)

- ‌(حرف القاف)

- ‌(حرف الكاف)

- ‌(حرف اللام)

- ‌(حرف الميم)

- ‌(حرف النون)

- ‌(حرف الهاء)

- ‌(حرف الواو)

- ‌(حرف اللام ألف)

- ‌(حرف الياء المثناة التحتية)

- ‌الفصل الخامس في الأمثال السائرة بين الرجال والنساء مرتبة على حروف المعجم

- ‌(حرف الألف)

- ‌(حرف الباء الموحدة)

- ‌(حرف التاء المثناة من فوق)

- ‌(حرف الثاء المثلثة)

- ‌(حرف الجيم)

- ‌(حرف الهاء المهملة)

- ‌(حرف الخاء المعجمة)

- ‌(حرف الدال المهملة)

- ‌(حرف الذال المعجمة)

- ‌(حرف الراء المهملة)

- ‌(حرف الزاي المعجمة)

- ‌(حرف السين المهملة)

- ‌(حرف الشين المعجمة)

- ‌(حرف الصاد المهملة)

- ‌(حرف الضاد المعجمة)

- ‌(حرف الطاء المهملة)

- ‌(حرف الظاء المعجمة)

- ‌(حرف العين المهملة) :

- ‌(حرف الغين المعجمة)

- ‌(حرف الفاء)

- ‌(حرف القاف)

- ‌(حرف الكاف)

- ‌(حرف اللام)

- ‌(حرف الميم)

- ‌(حرف النون)

- ‌(حرف الهاء)

- ‌(حرف الواو)

- ‌(حرف اللام ألف)

- ‌(حرف الياء)

- ‌[الفصل السادس فى] أمثال النساء

- ‌(حرف الألف)

- ‌(حرف الباء الموحدة)

- ‌(حرف التاء)

- ‌(حرف الثاء)

- ‌(حرف الجيم)

- ‌(حرف الحاء المهملة)

- ‌(حرف الخاء المعجمة)

- ‌(حرف الدال المهملة)

- ‌(حرف الذال المعجمة)

- ‌(حرف الراء)

- ‌(حرف الزاي)

- ‌(حرف السين المهملة)

- ‌(حرف الشين المعجمة)

- ‌(حرف الصاد المهملة)

- ‌(حرف الضاد المعجمة)

- ‌(حرف الطاء المهملة)

- ‌(حرف الظاء المعجمة) :

- ‌(حرف العين المهملة)

- ‌(حرف الغين المعجمة)

- ‌(حرف الفاء)

- ‌(حرف القاف)

- ‌(حرف الكاف)

- ‌(حرف اللام)

- ‌(حرف الميم)

- ‌(حرف النون)

- ‌(حرف الهاء)

- ‌(حرف الواو)

- ‌(حرف اللام ألف)

- ‌(حرف الياء)

- ‌الباب السابع في البيان والبلاغة والفصاحة وذكر الفصحاء من الرجال والنساء

- ‌الفصل الأول في البيان والبلاغة

- ‌الفصل الثاني في الفصاحة

- ‌الفصل الثالث في ذكر الفصحاء من الرجال

- ‌[الفصل الرابع فى] ذكر فصحاء النساء وحكاياتهن

- ‌حكاية المتكلمة بالقرآن

- ‌الباب التاسع في ذكر الخطب والخطباء والشعر والشعراء وسرقاتهم وكبوات الجياد وهفوات الأمجاد

- ‌فصل في ذكر الشعر والشعراء وسرقاتهم

- ‌الباب العاشر في التوكل على الله تعالى والرضا بما قسم والقناعة وذم الحرص والطمع وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في التوكل على الله تعالى

- ‌الفصل الثاني في القناعة والرضا بما قسم الله تعالى

- ‌الفصل الثالث في ذم الحرص والطمع وطول الأمل

- ‌الباب الثالث عشر في الصمت وصون اللسان والنهي عن الغيبة والسعي بالنميمة ومدح العزلة وذم الشهرة

- ‌الفصل الأول في الصمت وصون اللسان

- ‌الفصل الثاني في تحريم الغيبة

- ‌الفصل الثالث في تحريم السعاية بالنميمة

- ‌الباب الثامن عشر فيما جاء في القضاء وذكر القضاة وقبول الرشوة والهدية على الحكم وما يتعلق بالديون وذكر القصاص والمتصوفة

- ‌الفصل الأول فيما جاء في القضاء وذكر القضاة وأحوالهم وما يجب عليهم

- ‌الفصل الثاني في الرشوة والهدية على الحكم وما جاء في الديون

- ‌الفصل الثالث في ذكر القصّاص والمتصوفة وما جاء في الرياء ونحو ذلك

- ‌الباب الحادي والعشرون في بيان الشروط التي تؤخذ على العمال وسيرة السلطان في استجباء الخراج وأحكام أهل الذمة

- ‌الفصل الأول في سيرة السلطان في استجباء الخراج والانفاق من بيت المال وسيرة العمال

- ‌الفصل الثاني في أحكام أهل الذمة

- ‌الباب الخامس والعشرون في الشفقة على خلق الله تعالى والرحمة بهم وفضل الشفاعة وإصلاح ذات البين

- ‌الفصل الأول في الشفقة على خلق الله تعالى والرحمة بهم

- ‌الفصل الثاني في الشفاعة وإصلاح ذات البين

- ‌الباب السادس والعشرون في الحياء والتواضع ولين الجانب وخفض الجناح

- ‌الفصل الأول في الحياء

- ‌الفصل الثاني في التواضع ولين الجانب وخفض الجناح

- ‌وأما الذين انتهى إليهم الجود في الجاهلية

- ‌الباب الخامس والثلاثون في الطعام وآدابه والضيافة وآداب المضيف وأخبار الأكلة وما جاء عنهم وغير ذلك

- ‌أما إباحة الطيب من المطاعم

- ‌وأما نعوت الأطعمة وما جاء في فيها

- ‌وأما الزهد في المآكل:

- ‌وأما ما جاء في آداب الأكل

- ‌وأما ما جاء في كثرة الأكل

- ‌وأما أخبار الأكلة

- ‌وأما المهازلة على الطعام:

- ‌وأما آداب المضيف

- ‌وأما آداب الضيف

- ‌وأما الوفاء بالعهد ورعاية الذمم

- ‌الباب التاسع والثلاثون في الغدر والخيانة والسرقة والعداوة والبغضاء والحسد

- ‌الفصل الأول في الغدر والخيانة

- ‌الفصل الثاني في السرقة والسراق

- ‌الفصل الثالث فيما جاء في العداوة والبغضاء

- ‌الفصل الرابع في الحسد

- ‌الباب الأربعون في الشجاعة وثمرتها والحروب وتدبيرها وفضل الجهاد وشدة البأس والتحريض على القتال

- ‌الفصل الأول في فضل الجهاد في سبيل الله وشدة البأس

- ‌الفصل الثاني في الشجاعة وثمرتها والحروب وتدبيرها

- ‌الباب الحادي والأربعون في ذكر أسماء الشجعان وذكر الأبطال وطبقاتهم وأخبارهم وذكر الجبناء وأخبارهم وذم الجبن

- ‌(الطبقة الأولى: الذين أدركوا الجاهلية والإسلام) :

- ‌(الطبقة الثانية) :

- ‌(الطبقة الثالثة) :

- ‌ومما جاء في مدح السيف:

- ‌ومن أخبار الشجعان ما حكاه الفضل بن يزيد:

- ‌ذكر الجبن والجبناء وأخبارهم وما جاء عنهم

- ‌الباب الثاني والأربعون في المدح والثناء وشكر النعمة والمكافأة

- ‌الفصل الأول في المدح والثناء

- ‌الفصل الثاني من هذا الباب في شكر النعمة

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في المكافأة

- ‌الباب الرابع والاربعون في الصدق والكذب

- ‌الفصل الأول في الصدق

- ‌الفصل الثاني من هذا الباب في الكذب وما جاء به

- ‌الباب الخامس والاربعون في بر الوالدين وذم العقوق وذكر الأولاد وما يجب لهم وعليهم وصلة الرحم والقرابات وذكر الأنساب

- ‌الفصل الأول في بر الوالدين وذم العقوق

- ‌الفصل الثاني في الأولا وحقوقهم وذكر النجباء والأذكياء والبلداء والأشقياء

- ‌ومما جاء في الأولاد البلداء القليلي التوفيق:

- ‌ومما جاء في صلة الرحم:

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في ذكر الأنساب والأقارب والعشيرة

- ‌الباب السادس والاربعون في الخلق وصفاتهم وأحوالهم وذكر الحسن والقبيح والقصر والألوان والثياب وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في الحسن ومحاسن الاخلاق

- ‌ما قيل في الشعر:

- ‌(ومما قيل في مدح العذار)

- ‌ومما قيل في الجبين والحواجب:

- ‌ومما قيل في العيون:

- ‌ومما قيل في الخال:

- ‌ومما قيل في الخدود:

- ‌ومما قيل في الثغور:

- ‌ومما قيل في حسن الحديث:

- ‌ومما قيل في رقة البشرة:

- ‌ومما قيل في التقبيل:

- ‌ومما قيل في الوجه الحسن:

- ‌ومما قيل في البنان المخضبّ:

- ‌ومما قيل في النحور:

- ‌ومما قيل في نعت النهود:

- ‌ومما قيل في المعاصم:

- ‌ومما قيل في اعتدال القوام:

- ‌ومما قيل في الساق:

- ‌ومما قيل في مشي النساء:

- ‌ومما قيل في العناق وطيبه:

- ‌ومما قيل في السمن:

- ‌ومما قيل في مدح الألوان والثياب:

- ‌ومما قيل في الصفرة:

- ‌ومما قيل في طول اللحية:

- ‌ومما جاء في عظم الخلقة والطول والقصر:

- ‌ومما قيل في القبح والدمامة:

- ‌ومما جاء في الثقلاء:

- ‌ومما جاء في الملابس وألوانها والعمائم ونحوها:

- ‌ومما قيل فيمن رذل لبسه وعرف نفسه:

- ‌الباب السابع والأربعون في التختم والحلى والمصوغ والطيب والتطيب وما أشبه ذلك

- ‌ما جاء في التختم:

- ‌ذكر ما جاء في الحلى:

- ‌ذكر ما جاء في الطيب والتطيب:

- ‌الباب الثامن والاربعون في الشباب والصحة والعافية وأخبار المعمرين وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في الشباب وفضله

- ‌الفصل الثاني في الشيب وفضله

- ‌الفصل الثالث في العافية والصحة

- ‌الفصل الرابع في أخبار المعمرين في الجاهلية والإسلام

- ‌وأما الأسماء والكنى:

- ‌وأما الألقاب:

- ‌ومما جاء في مدح الأسماء منظوما:

- ‌ومما قيل في أسماء النساء:

- ‌الباب الخمسون فيما جاء في الأسفار والاغتراب وما قيل في الوداع والفراق والحث على ترك الإقامة بدار الهوان وحب الوطن والحنين إليه

- ‌أما ما جاء في الاسفار والحث على ترك الإقامة بدار الهوان

- ‌ومما قيل في ترك الإقامة بدار الهوان:

- ‌ومما قيل في الوداع والفراق والشوق والبكاء:

- ‌ومما قيل في البكاء:

- ‌ومما جاء في الحنين إلى الوطن:

- ‌ومما جاء في ذم السفر:

- ‌وأما ما جاء في الاحتراز على الأموال:

- ‌ذكر شيء مما جاء في ذم السؤال والنهي عنه:

- ‌ذكر أنواع الهدايا للخلفاء وغيرهم ممن قصرت به قدرته فاهدى اليسير وكتب معه مكاتبة يعتذر بها:

- ‌الباب الخامس والخمسون في العمل والكسب والصناعات والحرف وما أشبه ذلك

- ‌أما العمل:

- ‌وأما الكسب:

- ‌وأما ما جاء في العجز والتواني:

- ‌وأما التأني:

- ‌وأما الصناعات والحرف وما يتعلق بها:

- ‌الباب السادس والخمسون في شكوى الزمان وانقلابه بأهله والصبر على المكاره والتسلي عن نوائب الدهر

- ‌الفصل الأول في شكوى الزمان وانقلابه بأهله

- ‌الفصل الثاني في الصبر على المكاره ومدح التثبت وذم الجزع

- ‌ومن أحسن ما قيل في ذلك من المنظوم:

- ‌أما نوح عليه الصلاة والسلام:

- ‌وأما إبراهيم عليه الصلاة والسلام:

- ‌وأما يعقوب عليه الصلاة والسلام:

- ‌وأما أيوب عليه الصلاة والسلام:

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في التأسي في الشدة والتسلي عن نوائب الدهر

- ‌ولنذكر نبذة ممن حصل له الفرج بعد الشدة:

- ‌الباب الثامن والخمسون في ذكر العبيد والاماء والخدم

- ‌الفصل الأول في مدح العبيد والاماء والاستيصاء بهم خيرا

- ‌الفصل الثاني في ذم العبيد والخدم

- ‌وأما الرفادة في الحج:

- ‌ذكر أديان العرب في الجاهلية:

- ‌ذكر أوابدهم:

- ‌الغيلان والتغول للعرب:

- ‌ذكر الهواتف:

- ‌الباب الستون في الكهانة والقيافة والزجر والعرافة والفأل والطيرة والفراسة والنوم والرؤية وما أشبه ذلك

- ‌أما الكهانة:

- ‌وأما القيافة:

- ‌وأما الزجر والعرافة:

- ‌وأما الفأل:

- ‌وأما الطيرة:

- ‌وأما الفراسة:

- ‌وأما النوم والسهر وما جاء فيهما:

- ‌وأما الرؤيا:

- ‌ومن الحيل الطريفة:

- ‌وأما ما جاء في التيقظ والتبصر في الأمور:

- ‌الباب الثاني والستون في ذكر الدواب والوحوش والطير والهوام والحشرات وما أشبه ذلك مرتبا على حروف المعجم

- ‌(حرف الهمزة) :

- ‌(الأسد)

- ‌(الإبل)

- ‌(الأرضة)

- ‌(الأرنب)

- ‌(سقنقور)

- ‌(الأفعى)

- ‌(الأنيس)

- ‌(الأوز)

- ‌(الإيل)

- ‌(حرف الباء الموحدة) :

- ‌(باز)

- ‌(باله)

- ‌(ببغاء)

- ‌‌‌(بجع)

- ‌(بج

- ‌(براق) :

- ‌(برذون) :

- ‌(برغوث) :

- ‌(بعوض) :

- ‌(بغل) :

- ‌(بقر) :

- ‌(بومة) :

- ‌(بوقير) :

- ‌(حرف التاء) :

- ‌(تمساح) :

- ‌(تنين) :

- ‌(حرف الثاء) :

- ‌(ثعلب) :

- ‌جعل

- ‌(ثعبان) :

- ‌(حرف الجيم) :

- ‌(جراد) :

- ‌(جرو) :

- ‌(حرف الحاء) :

- ‌(حجل) :

- ‌(حدأة) :

- ‌(حرباء) :

- ‌(حمار أهليّ) :

- ‌(حمام) :

- ‌(حرف الخاء) :

- ‌(الخطاف) :

- ‌(خفاش) :

- ‌(خنزير) :

- ‌(خنفساء) :

- ‌(خيل) :

- ‌(حرف الدال) :

- ‌(دابة) :

- ‌(داجن) :

- ‌دج

- ‌(دب) :

- ‌(دجاجة) :

- ‌(دود) :

- ‌(ديك) :

- ‌(حرف الذال) :

- ‌(ذباب)

- ‌(ذئب) :

- ‌(حرف الراء) :

- ‌(رخ) :

- ‌(رخم) :

- ‌(حرف الزاي) :

- ‌(زرافة) :

- ‌(زنبور) :

- ‌(حرف السين) :

- ‌(سعلاة)

- ‌(سمندل)

- ‌(سنجاب)

- ‌(سنور)

- ‌(سوس)

- ‌(حرف الشين) :

- ‌(شادهوار)

- ‌(شاهين)

- ‌(شحرور)

- ‌(حرف الصاد) :

- ‌(صرد)

- ‌(صعو)

- ‌(حرف الضاد) :

- ‌(ضأن)

- ‌(ضب)

- ‌(ضبع)

- ‌(ضفدع)

- ‌(حرف الطاء) :

- ‌(طاووس)

- ‌(حرف الظاء) :

- ‌(ظبي)

- ‌(ظربان)

- ‌(حرف العين) :

- ‌(عجل) :

- ‌(عقرب) :

- ‌ علق

- ‌(عقعق) :

- ‌(عنقاء) :

- ‌(عنكبوت)

- ‌(ابن عرس)

- ‌(حرف الغين) :

- ‌(غراب)

- ‌(غرغر)

- ‌(حرف الفاء) :

- ‌(فاختة)

- ‌(فأرة)

- ‌(فرس البحر)

- ‌(فهد)

- ‌(فيل)

- ‌(حرف القاف) :

- ‌(قاقم)

- ‌(قاوند)

- ‌(قرد)

- ‌(قنفذ)

- ‌(حرف الكاف) :

- ‌(كركند)

- ‌(كروان)

- ‌(كركي)

- ‌(كلب)

- ‌(حرف اللام) :

- ‌(لغلغ)

- ‌(حرف الميم) :

- ‌(مالك الحزين)

- ‌(حرف النون) :

- ‌(نمل)

- ‌(نحل)

- ‌(نسر)

- ‌(نعام)

- ‌(نمير)

- ‌(حرف الهاء) :

- ‌(هدهد)

- ‌(حرف الواو) :

- ‌(ورشان)

- ‌(حرف الياء) :

- ‌(يأجوج ومأجوج) :

- ‌(يجمور)

- ‌فصل في خواص الطير والحيوان على الإجمال

- ‌فصل في مكايده لعنه الله

- ‌فصل في المتشيطنة وهم أنواع كثيرة

- ‌الباب الخامس والستون في ذكر البحار وما فيها من العجائب وذكر الأنهار والآبار

- ‌الفصل الأول في ذكر البحار

- ‌وأما ما يخرج من البحر

- ‌الفصل الثاني في ذكر الأنهار والآبار والعيون

- ‌الفصل الثالث في ذكر الآبار

- ‌الباب السادس والستون في ذكر عجائب الأرض وما فيها من الجبال والبلدان وغرائب البنيان

- ‌الفصل الأول في ذكر الأرض وما فيها من العمران

- ‌الفصل الثاني في ذكر الجبال

- ‌الفصل الثالث في ذكر المباني العظيمة وغرائبها وعجائبها

- ‌فصل في الصوت الحسن

- ‌ومن حكايات الخلفاء ومكارم أخلاقهم:

- ‌الباب الحادي والسبعون في ذكر العشق ومن بلي به والافتخار بالعفاف وأخبار من مات بالعشق وما في معنى ذلك

- ‌الفصل الأول في وصف العشق

- ‌الفصل الثاني من هذا الباب فيمن عشق وعف والافتخار بالعفاف

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في ذكر من مات بالحب والعشق

- ‌الباب الثاني والسبعون في ذكر دقائق الشعر والمواليا والدوبيت وكان وكان والموشحات والزجل والحماق والقومة والالغاز ومدح الأسماء والصفات وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في الشعر

- ‌ومما قيل في الغزل المؤنث

- ‌ومما قيل في السهر وطول الليل ونحو ذلك:

- ‌ومما قيل في فانوس

- ‌ومما قيل في الربيع والرياض والبساتين والمياه والنواعير ونحو ذلك

- ‌ومما قيل في الأزهار والثمار

- ‌ومما قيل في الأنهار والبرك والنوعير:

- ‌فصل في الألغاز

- ‌فصل في بيان الفن الثاني وهو الموشح

- ‌فصل في الفن الثالث وهو الدوبيت

- ‌فصل في الفن الرابع وهو الزجل

- ‌جمل في الالغاز

- ‌الفن الخامس في المواليا

- ‌الفن السادس كان وكان

- ‌الفن السابع في فن القوما

- ‌ومما قيل في فن الحماق:

- ‌الباب الثالث والسبعون في ذكر النساء وصفاتهن ونكاحهن وطلاقهن وما يحمد ويذم من عشرتهن

- ‌الفصل الأول في النكاح وفضله والترغيب فيه

- ‌الفصل الثاني في صفات النساء المحمودة

- ‌الفصل الثالث في صفة المرأة السوء نعوذ بالله تعالى منها

- ‌الفصل الرابع في مكر النساء وغدرهن وذمهن ومخالفتهن

- ‌الفصل الخامس في الطلاق وما جاء فيه

- ‌الباب الخامس والسبعون في المزاح والنهي عنه وما جاء في الترخيص فيه والبسط والتنعم

- ‌الفصل الأول في النهي عن المزاح

- ‌الفصل الثاني فيما جاء في الترخيص في المزاح والبسط والتنعم

- ‌الباب السادس والسبعون في النوادر

- ‌الفصل الأول من هذا الباب في نوادر العرب

- ‌الفصل الثاني في نوادر القراء والفقهاء

- ‌الفصل الثالث في نوادر القضاة

- ‌الفصل الرابع في نوادر النحاة

- ‌الفصل الخامس في نوادر المعلمين

- ‌الفصل السادس في نوادر المتنبئين

- ‌الفصل السابع في نوادر السؤال

- ‌الفصل الثامن في نوادر المؤذنين

- ‌الفصل التاسع في نوادر النواتية

- ‌الفصل العاشر في نوادر جامعة

- ‌الباب السابع والسبعون في الدعاء وآدابه وشروطه

- ‌الفصل الأول في الدعاء وآدابه

- ‌الفصل الثاني في الأدعية وما جاء فيها

- ‌الباب الثمانون فيما جاء في ذكر الأمراض والعلل والطب والدواء وما جاء في السنة من العبادة وما أشبه ذلك

- ‌الفصل الأول في الأمراض والعلل وما جاء في ذلك من الاجر والثواب

- ‌الفصل الثالث من هذا الباب في التداوي من الأمراض والطب

- ‌الفصل الرابع فيما جاء في العيادة وفضلها

- ‌الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك

- ‌الفصل الأول في الصبر

- ‌الفصل الثاني من هذا الباب في التعازي والتأسي

- ‌الفصل الثالث في المراثي

الفصل: ‌وأما الوفاء بالعهد ورعاية الذمم

يذكره سلامك ما عليه

ويغنيك السلام عن الكلام

وقال آخر:

شكاك لساني ثم أمسكت نصفه

فنصف لساني بامتداحك ينطق

فإن لم تنجز ما وعدت تركتني

وباقي لساني بالمذمة مطلق

وقال آخر:

باتت لوعدك عيني غير راقدة

والليل حي الدياجي منبت السحر

هذا وقد بت من وعد على ثقة

فكيف لو بت من هجر على حذر

وقال آخر:

نذكر بالرّقاع إذا نسينا

ويأبى الله أن تنسى الكرام

‌وأما الوفاء بالعهد ورعاية الذمم

فقد نقل فيه من عجائب الوقائع وغرائب البدائع ما يطرب السامع ويشنف المسامع، كقضية الطائي وشريك نديم النعمان بن المنذر، وتلخيص معناها أن النعمان كان قد جعل له يومين يوم بؤس من صادفه فيه قتله وأرداه «1» ، ويوم نعيم من لقيه فيه أحسن إليه وأغناه.

وكان هذا الطائي قد رماه حادث دهره بسهام فاقته وفقره، فأخرجته الفاقة من محل استقراره ليرتاد شيئا لصبيته وصغاره، فبينما هو كذلك إذ صادفه النعمان في يوم بؤسه فلما رآه الطائي علم أنه مقتول وأن دمه مطلول «2» ، فقال: حيا الله الملك إن لي صبية صغارا وأهلا جياعا وقد أرقت ماء وجهي في حصول شيء من البلغة «3» لهم، وقد أقدمني سوء الحظ على الملك في هذا اليوم العبوس وقد قربت من مقر الصبية والأهل وهم على شفا تلف من الطوى، ولن يتفاوت الحال في قتلي بين أول النهار وآخره، فإن رأى الملك أن يأذن لي في أن أوصل إليهم هذا القوت وأوصي بهم أهل المروءة من الحي لئلا يهلكوا ضياعا ثم أعود إلى الملك وأسلم نفسي لنفاذ أمره.

فلما سمع النعمان صورة مقاله وفهم حقيقة حاله ورأى تلهفه على ضياع أطفاله رقّ له ورثى لحاله، غير أنه قال له: لا آذن لك حتى يضمنك رجل معنا فإن لم ترجع قتلناه، وكان شريك بن عدي بن شرحبيل نديم النعمان معه فالتفت الطائي إلى شريك وقال له:

يا شريك بن عدي

ما من الموت انهزام

من لأطفال ضعاف

عدموا طعم الطعام

بين جوع وانتظار

وافتقار وسقام

يا أخا كلّ كريم

أنت من قوم كرام

يا أخا النعمان جد لي

بضمان والتزام

ولك الله بأنيّ

راجع قبل الظلام

فقال شريك بن عدي: أصلح الله الملك، عليّ ضمانه فمر الطائي مسرعا وصار النعمان يقول لشريك: إن صدر النهار قد ولّى ولم يرجع، وشريك يقول: ليس للملك علي سبيل حتى يأتي المساء. فلما قرب المساء قال النعمان لشريك: قد جاء وقتك قم فتأهب للقتل. فقال شريك: هذا شخص قد لاح مقبلا وأرجو أن يكون الطائي فإن لم يكن فأمر الملك ممتثل.

قال فبينما هم كذلك وإذا بالطائي قد اشتد عدوه في سيره مسرعا حتى وصل. فقال: خشيت أن ينقضي النهار قبل وصولي. ثم وقف قائما وقال: أيها الملك مر بأمرك فأطرق النعمان ثم رفع رأسه وقال: والله ما رأيت أعجب منكما أما أنت يا طائي فما تركت لأحد في الوفاء مقاما يقوم فيه ولا ذكرا يفتخر به، وأما أنت يا شريك فما تركت لكريم سماحة يذكر بها في الكرماء. فلا أكون أنا ألأم الثلاثة ألا وإني قد رفعت يوم بؤسي عن الناس ونقضت عادتي كرامة لوفاء الطائي وكرم شريك.

فقال الطائي:

ولقد دعتني للخلاف عشيرتي

فعددت قولهم ومن الإضلال

إني امرؤ مني الوفاء سجية

وفعال كلّ مهذب مفضال

ص: 208

فقال له النعمان: ما حملك على الوفاء وفيه إتلاف نفسك؟ فقال ديني فمن لا وفاء فيه لا دين له. فأحسن إليه النعمان ووصله بما أغناه وأعاده مكرما إلى أهله وأناله ما تمناه.

ومن ذلك..

ما حكي أن الخليفة المأمون لما ولّى عبد الله بن طاهر بن الحسين مصر والشام وأطلق حكمه، دخل على المأمون بعض إخوانه يوما فقال: يا أمير المؤمنين إن عبد الله بن طاهر يميل إلى ولد أبي طالب وهواه مع العلويين وكذلك كان أبوه قبله، فحصل عند المأمون شيء من كلام أخيه من جهة عبد الله بن طاهر فتشوش فكره وضاق صدره، فاستحضر شخصا وجعله في زي الزهاد والنساك الغزاة ودسه إلى عبد الله بن طاهر، وقال له:

امض إلى مصر وخالط أهلها وداخل كبراءها واستملهم إلى القاسم بن محمد العلوي. واذكر مناقبه، ثم بعد ذلك اجتمع ببعض بطانة «1» عبد الله بن طاهر ثم اجتمع بعبد الله بن طاهر بعد ذلك وادعه إلى القاسم بن محمد العلوي واكشف باطنه وابحث عن دفين نيّته، وائتني بما تسمع.

ففعل ذلك الرجل ما أمره به المأمون وتوجه إلى مصر ودعا جماعة من أهلها، ثم كتب ورقة لطيفة ودفعها إلى عبد الله بن طاهر وقت ركوبه، فلما نزل من الركوب وجلس في مجلسه خرج الحاجب إليه وأدخله على عبد الله بن طاهر وهو جالس وحده فقال له: لقد فهمت ما قصدت فهات ما عندك، فقال: ولي الأمان؟ قال: نعم.

فأظهر له ما أراده ودعاه إلى القاسم بن محمد، فقال له عبد الله: أو تنصفني فيما أقوله لك؟ قال: نعم. قال: فهل يجب شكر الناس بعضهم لبعض عند الإحسان والمنة؟

قال: نعم، قال: فيجب عليّ وأنا في هذه الحالة التي تراها من الحكم والنعمة والولاية ولي خاتم في المشرق وخاتم في المغرب، وأمري فيما بينهما مطاع وقولي مقبول، ثم إني التفت يمينا وشمالا فأرى نعمة هذا الرجل غامرة وإحسانه فائضا عليّ، أفتدعوني إلى الكفر بهذه النعمة وتقول أغدر وجانب الوفاء. والله لو دعوتني إلى الجنة عيانا لما غدرت، ولما نكثت بيعته وتركت الوفاء له، فسكت الرجل، فقال له عبد الله: والله ما أخاف إلا على نفسك، فارحل من هذا البلد. فلمّا يئس الرجل منه وكشف باطنه وسمع كلامه رجع إلى المأمون، فأخبره بصورة الحال، فسره ذلك، وزاد في إحسانه إليك، وضاعف إنعامه عليه.

ومما يعد من محاسن الشيم ومكارم أخلاق أهل الكرم ويحث على الوفاء بالعهود ورعاية الذمم ما رواه حمزة بن الحسين الفقيه في تاريخه. قال: قال لي أبو الفتح المنطيقي، كنا جلوسا عند كافور الأخشيدي، وهو يومئذ صاحب مصر والشام، وله من البسطة والمكنة، ونفوذ الأمر وعلو القدر وشهرة الذكر ما يتجاوز الوصف والحصر، فحضرت المائدة والطعام، فلما أكلنا نام وانصرفنا، ولما انتبه من نومه طلب جماعة منا، وقال أمضوا الساعة إلى عقبة النجارين، وسلوا عن شيخ منجم أعور كان يقعد هناك، فطن كان حيا، فأحضروه، وإن كان قد توفي فسلوا عن أولاده، واكشفوا أمرهم. قال: فميضنا إلى هناك، وسألنا عنه، فوجدناه قد مات، وترك بنتين إحداهما متزوجة، والأخرى عاتق «2» .

فرجعنا إلى كافور وأخبرناه بذلك، فسيّر في الحال واشترى لكل واحدة منهما دارا وأعطاهما مالا جزيلا وكسوة فاخرة، وزوّج العاتق، وأجرى على كل واحدة منهما رزقا وأظهر أنهما من المتعلقين به لرعاية أمورهما، فلما فعل ذلك وبالغ فيه ضحك وقال: أتعلمون سبب هذا؟ قلنا لا، فقال: اعلموا أني مررت يوما بوالدهما المنجم، وأنا في ملك ابن عباس الكاتب، وأنا بحالة رثّة، فوقفت عليه، فنظر إليّ واستجلبني وقال: أنت تصير إلى رجل جليل القدر، وتبلغ منه مبلغا كبيرا، وتنال خيرا، ثم طلب مني شيئا، فأعطيته درهمين كانا معي، ولم يكن معي غيرهما، فرمى بهما إليّ وقال: أبشرك بهذه البشارة وتعطيني درهمين؟ ثم قال: وأزيدك أنت والله تملك هذا البلد وأكثر منه، فاذكرني إذا صرت إلى الذي وعدتك به ولا تنس. فقلت له: نعم، فقال: عاهدني أنك تفي لي ولا يشغلك ذلك عن افتقادي، فعاهدته، ولم يأخذ مني الدرهمين.

ثم إني شغلت عنه بما تجدد لي من الأمور والأحوال وصرت إلى هذه المنزلة ونسيت ذلك، فلما أكلنا اليوم ونمت رأيته في المنام قد دخل عليّ، وقال لي: أين الوفاء بالعهد الذي بيني وبينك، وإتمام وعدك؟ لا تغدر، فيغدر بك، فاستيقظت وفعلت ما رأيتم، ثم زاد في إحسانه إلى

ص: 209

بنات المنجم وفاء لوالدهما بما وعده، والله أعلم.

ومما أسفرت عنه وجوه الأوراق وأخبرت به الثقات في الآفاق، وظهرت روايته بالشام والعراق وضرب به الأمثال في الوفاء بالاتفاق، حديث السموأل بن عاديا، وتلخيص معناه، أن أمرأ القيس الكندي لما أراد المضي إلى قيصر ملك الروم أودع عند السموأل دروعا وسلاحا وأمتعة تساوي من المال جملة كثيرة، فلما مات امرؤ القيس أرسل ملك كندة يطلب الدروع والأسلحة المودعة عند السموأل، فقال السموأل: لا أدفعها إلا لمستحقها وأبى أن يدفع إليه منها شيئا. فعاوده، فأبى وقال: لا أغدر بذمتي ولا أخون أمانتي ولا أترك الوفاء والواجب عليّ. فقصده ذلك الملك من كندة بعسكره، فدخل السموأل في حصنه وامتنع به، فحاصره ذلك الملك. وكان ولد السموأل خارج الحصن، فظفر به ذلك الملك، فأخذه أسيرا ثم طاف حول الحصن وصاح بالسموأل، فأشرف عليه من أعلى الحصن، فلما رآه قال له: إن ولدك قد أسرته، وها هو معي، فإن سلمت إليّ الدروع والسلاح التي لامرىء القيس عندك رحلت عنك وسلمت إليك ولدك، وإن امتنعت من ذلك ذبحت ولدك وأنت تنظر، فاختر أيهما شئت. فقال له السموأل: ما كنت لأخفر ذمامي وأبطل وفائي. فاصنع ما شئت، فذبح ولده وهو ينظر، ثم لما عجز عن الحصن رجع خائبا. واحتسب السموأل ذبح ولده وصبر محافظة على وفائه، فلما جاء الموسم وحضر ورثة امرىء القيس سلّم إليهم الدروع والسلاح، ورأى حفظ ذمامه ورعاية وفائه أحب إليه من حياة ولده وبقائه، فسارت الأمثال في الوفاء تضرب بالسموأل، وإذا مدحوا أهل الوفاء في الأنام ذكروا السموأل في الأول. وكم أعلى الوفاء رتبة من اعتقله بيديه وأغلى قيمة من جعله نصب عينيه، واستنطق الأفواه لفاعله بالثناء عليه، واستنطق الأيدي المقبوضة عنه بالإحسان إليه.

ومما وضع في بطون الدفاتر واستحسنته عيون البصائر ونقلته الأصاغر عن الأكابر وتداولته الألسنة من الأوائل والأواخر، ما رواه خادم أمير المؤمنين المأمون، قال:

طلبني أمير المؤمنين ليلة، وقد مضى من الليل ثلثه فقال لي: خذ معك فلانا وفلانا وسمّاهما: أحدهما علي بن محمد، والآخر دينار الخادم، واذهب مسرعا لما أقوله لك، فإنه قد بلغني أن شيخا يحضر ليلا إلى دور البرامكة، وينشد شعرا ويذكرهم ذكرا كثيرا ويندبهم ويبكي عليهم، ثم ينصرف، فامض الآن أنت وعلي ودينار حتى تروا هذه الخرابات، فاستتروا خلف بعض الجدران، فإذا رأيتم الشيخ قد جاء وبكى وندب وأنشد شيئا، فائتوني به. قال:

فأخذتهما ومضينا حتى أتينا الخرابات، وإذا نحن بغلام قد أتى ومعه بساط وكرسي حديد، وإذا شيخ وسيم له جمال وعليه مهابة ووقار قد أقبل، فجلس على الكرسي وجعل يبكي وينتحب ويقول:

ولما رأيت السيف جندل جعفرا

ونادى مناد للخليفة في يحيى

بكيت على الدنيا وزاد تأسفي

عليهم وقلت الآن لا تنفع الدنيا

مع أبيات أطالها ورددها، فلما فرغ قبضنا عليه، وقلنا له: أجب أمير المؤمنين، ففزع فزعا شديدا، وقال:

دعوني حتى أوصي وصية، فإني لا أوقن بعدها بحياة. ثم تقدم إلى بعض الدكاكين، فاستفتح، وأخذ ورقة، وكتب فيها وصية ودفعها إلى غلامه، ثم سرنا به، فلما مثل بين يدي أمير المؤمنين زجره، وقال له: من أنت، وبماذا استوجبت البرامكة منك ما تفعله في خرائب دورهم وما تقوله فيها؟ قال الخادم: ونحن وقوف نسمع، فقال:

يا أمير المؤمنين إن للبرامكة عندي أياد خطيرة، أفتأذن لي أن أحدثك حديثي معهم؟ قال: قل. قال: يا أمير المؤمنين أنا المنذر بن المغيرة من أولاد الملوك، وقد زالت عني نعمتي كما تزول عن الرجال، فلما ركبني الدين، واحتجت إلى بيع مسقط رأسي ورؤوس أهلي، أشاروا عليّ بالخروج إلى البرامكة، فخرجت من دمشق ومعي نيف وثلاثون امرأة وصبيا وصبية، وليس معنا ما يباع ولا ما يوهب حتى دخلنا بغداد ونزلنا في بعض المساجد، فدعوت بثويبات لي كنت قد أعددتها لأستمنح بها الناس، فلبستها وخرجت وتركتهم جياعا لا شيء عندهم، ودخلت شوارع بغداد أسأل عن دور البرامكة، فإذا أنا بمسجد مزخرف وفيه مائة شيخ بأحسن زي وزينة وعلى الباب خادمان، فطمعت في القوم وولجت المسجد وجلست بين أيديهم وأنا أقدم وأؤخر والعرق يسيل مني لأنها لم تكن صناعتي «1» ، وإذا بخادم قد أقبل فدعا القوم، فقاموا وأنا معهم، فدخلوا دار يحيى بن خالد، ودخلت معهم، وإذا بيحيى جالس على دكة له في وسط بستان، فسلمنا، وهو يعدنا مائة وواحد وبين يديه عشرة من ولده،

ص: 210

وإذا غلام أمرد «1» عذاراره خداه «2» قد أقبل من بعض المقاصير بين يديه مائة خادم ممنطقون في وسط كل خادم منطقة من ذهب يقرب وزنها من ألف مثقال، ومع كل خادم مجمرة من ذهب في كل مجمرة قطعة من عود كهيئة الفهر «3» ، قد قرن بها مثلها من العنبر السلطاني، فوضعوه بين يدي الغلام إلى جنب يحيى، ثم قال يحيى للقاضي:

تكلم وزوج بنتي عائشة من ابن عمي هذا. فخطب القاضي، وزوّجه، وشهد أولئك الجماعة، وأقبلوا علينا بالنثار «4» ببنادق المسك والعنبر، فالتقطت، والله يا أمير المؤمنين ملء كمي، ونظرت، فإذا نحن في المكان ما بين يحيى والمشايخ وولده والغلام مائة وإثنا عشر رجلا، فخرج إلينا مائة وإثنا عشر خادما مع كل خادم صينية من فضة عليها ألف دينار، فوضعوا بين يدي كل رجل منا صينية، فرأيت القاضي والمشايخ يصبون الدنانير في أكمامهم ويجعلون الصواني تحت آباطهم، ويقوم الأول فالأول، حتى بقيت وحدي بين يدي يحيى لا أجسر على أخذ الصينينة، فغمزني الخادم، فجسرت وأخذتها، وجعلت الذهب في كمي، وأخذت الصينية في يدي وقمت، وجعلت ألتفت إلى ورائي مخافة أن أمنع من الذهاب بها، فبينما أنا كذلك في صحن الدار ويحيى يلحظني إذ قال للخادم ائتني بذلك الرجل. فرددت إليه، فأمر بصب الدنانير والصينية وما كان في كمي، ثم أمرني بالجلوس، فجلست فقال لي: ممن الرجل؟ فقصصت عليه قصتي، فقال للخادم ائتني بولدي موسى، فأتي به، فقال له: يا بني هذا رجل غريب، فخذه إليك واحفظه بنفسك وبنعمتك. فقبض موسى على يدي وأدخلني إلى دار من دوره، فأكرمني غاية الإكرام، وأقمت عنده يومي وليلتي في ألذ عيش، وأتم سرور، فلما أصبح دعا بأخيه العباس وقال: إن الوزير قد أمرني بالعطف على هذا الرجل، وقد علمت اشتغالي في دار أمير المؤمنين فاقبضه إليك، وأكرمه، ففعل ذلك وأكرمني غاية الإكرام، فلما كان من الغد تسلمني أخوه أحمد، ثم لم أزل في أيدي القوم يتداولوني عشرة أيام لا أعرف خبر عيالي وصبياني أفي الأموات هم أم في الأحياء. فلما كان اليوم الحادي عشر جاءني خادم ومعه جماعة من الخدم، فقالوا لي:

قم، فاخرج إلى عيالك بسلام. فقلت: واويلاه سلبت الدنانير والصينية، وأخرج إلى عيالي في هذه الحالة. إنّا لله وإنّا إليه راجعون فرفع الستر الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم الرابع، فلما رفع الخادم الستر الأخير قال لي: مهما كان لك من الحوائج، فارفعها إلي فإني مأمور بقضاء جميع ما تأمرني به، فلما رفع الستر رأيت حجرة كالشمس حسنا ونورا واستقبلني منها رائحة الند والعود ونفحات المسك، وإذا بصبياني وعيالي يتقلبون في الحرير والديباج، وحمل إلي ألف ألف درهم وعشرة آلاف دينار ومنشورين بضيعتين، وتلك الصينية التي كنت أخذتها بما فيها من الدنانير والبنادق، وأقمت يا أمير المؤمنين مع البرامكة في دورهم ثلاث عشرة سنة لا يعلم الناس أمن البرامكة أنا أم رجل غريب اصطنعوني، فلما جاءتهم البلية، ونزل بهم من أمير المؤمنين الرشيد ما نزل، أجحفني عمرو بن مسعدة وألزمني في هاتين الضيعتين من الخراج ما لا يفي دخلهما به، فلما تحامل عليّ الدهر كنت في أواخر الليل أقصد خرابات القوم، فأندبهم وأذكر حسن صنيعهم إليّ وأشكرهم على إحسانهم.

فقال المأمون: عليّ بعمرو بن مسعدة، فلما أتي به قال: يا عمرو: أتعرف هذا الرجل؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين هو بعض صنائع البرامكة، قال: كم ألزمته في ضيعته؟ قال: كذا وكذا، قال: رد له كل ما أستأديته منه في مدته، ووقع له بهما ليكونا له ولعقبه من بعده، قال:

فعلا نحيب الرجل وبكاؤه، فلما رأى المأمون كثرة بكائه قال: يا هذا قد أحسنا إليك، فلم تبكي؟ قال: يا أمير المؤمنين وهذا أيضا من صنائع البرامكة، إذ لو لم آت خراباتهم، فأبكيهم وأندبهم حتى اتصل خبري بأمير المؤمنين، ففعل ما فعل، فمن أين كنت أصل إلى أمير المؤمنين.

قال إبراهيم بن ميمون، فلقد رأيت المأمون قد دمعت عيناه، وظهر عليه حزنه وقال: لعمري هذا من صنائع البرامكة، فعليهم فابك، وإياهم فاشكر، ولهم فأوف ولإحسانهم فاذكر.

وقيل: إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل، ودوام عهده، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه وكثرة بكائه على ما مضى من زمانه قال الشاعر:

ص: 211

سقى الله أطلال الوفاء بكفّه

فقد درست أعلامه ومنازله «1»

وقال آخر:

أشدد يديك بمن بلوت وفاءه

إنّ الوفاء من الرجال عزيز

وقال مالك بن عمارة اللخمي: كنت جالسا في ظل الكعبة أيام الموسم عند عبد الملك بن مروان، وقبيصة بن ذؤيب، وعروة بن الزبير، وكنا نخوض في الفقه مرة، وفي المذاكرة مرة، وفي أشعار العرب، وأمثال الناس مرة، فكنت لا أجد عند أحد ما أجده عند عبد الملك بن مروان من الاتساع في المعرفة والتصرف في فنون العلم، وحسن استماعه إذا حدّث، وحلاوة لفظه إذا حدّث، فخلوت معه ليلة، فقلت له: والله إني لمسرور بك لما شاهدته من كثرة تصرفك وحسن حديثك، وإقبالك على جليسك، فقال: إن تعش قليلا، فسترى العيون طامحة إليّ، والأعناق نحوي متطاولة، فإذا صار الأمر إليّ، فلعلك أن تنقل إلي ركابك «2» ، فلأملأن يديك. فلما أفضت إليه الخلافة، توجهت إليه، فوافيته «3» يوم الجمعة، وهو يخطب على المنبر، فلما رآني أعرض عني، فقلت:

لعله لم يعرفني، أو عرفني وأظهر لي نكره، فلما قضيت الصلاة ودخل بيته لم ألبث أن خرج الحاجب، فقال: أين مالك بن عمارة؟ فقمت، فأخذ بيدي، وأدخلني عليه، فمد إلي يده وقال: إنك تراءيت لي في موضع لا يجوز فيه إلا ما رأيت، فأما الآن، فمرحبا وأهلا، كيف كنت بعدي؟ فأخبرته، فقال: أتذكر ما كنت قلت لك؟ قلت:

نعم، فقال: والله ما هو بميراث وعيناه، ولا أثر رويناه، ولكني أخبرك بخصال مني سمت بها نفسي إلى الموضع الذي ترى. ما خنت ذا ودّ قط، ولا شمتّ بمصيبة عدوّ قط، ولا أعرضت عن محدث حتى ينتهي حديثه، ولا قصدت كبيرة من محارم الله تعالى متلذذا بها، فكنت أؤمل بهذه أن يرفع الله تعالى منزلتي وقد فعل.

ثم دعا بغلام، فقال له يا غلام: بوئه منزلا «4» في الدار، فأخذ الغلام بيدي، وأفرد لي منزلا حسنا، فكنت في ألذ حال، وأنعم بال، وكان يسمع كلامي وأسمع كلامه، ثم أدخل عليه في وقت عشائه، وغدائه، فيرفع منزلتي ويقبل عليّ ويحادثني، ويسألني مرة عن العراق ومرة عن الحجاز حتى مضت لي عشرون ليلة، فتغديت يوما عنده، فلما تفرق الناس نهضت قائما، فقال: على رسلك «5» ، فقعدت، فقال: أي الأمرين أحب إليك المقام عندنا مع النصفة لك في المعاشرة، أو الرجوع إلى أهلك ولك الكرامة، فقلت يا أمير المؤمنين: فارقت أهلي وولدي على أني أزور أمير المؤمنين، وأعود إليهم، فإن أمرني أمير المؤمنين اخترت رؤيته على الأهل والولد، فقال:

لا، بل أرى لك الرجوع إليهم والخيار لك بعد في زيارتنا، وقد أمرنا لك بعشرين ألف دينار، وكسوناك وحملناك.

أتراني قد ملأت يديك؟ فلا خير فيمن ينسى إذا وعد وعدا، وزرنا إذا شئت، صحبتك السلامة.

ومن ذلك: ما روي عن أبي بكار الأعمى، وكان قد انقطع إلى آل برمك، قال مسرور الكبير: لما أمرني الرشيد بقتل جعفر بن يحيى دخلت عليه، فوجدت عنده أبا بكار الأعمى يغنيه ويقول:

فلا تحزن فكل فتى سيأتي

عليه الموت يطرق أو يغادي «6»

فقلت: في هذا والله قد أتيتك، ثم أمسكت بيد جعفر وأقمته، وضربت عنقه، فقال أبو بكار: ناشدتك الله إلا ما ألحقتني به، فقلت له: ما الذي حملك على هذا؟ فقال:

أغناني عن الناس، فقلت: حتى استأمر الرشيد، ثم أحضرت الرأس إلى الرشيد، وأخبرته بخبر أبي بكار، فقال: هذا رجل فيه مصطنع اضممه إليك، وانظر ما كان يجري عليه جعفر فادفعه إليه. وكان يحيى بن خالد إذا أكّد في يمينه قال: لا والذي جعل الوفاء أعز ما يرى.

قال أبو فراس بن حمدان الشاعر:

بمن يتّقي الإنسان فيما ينوبه

ومن أين للحرّ الكريم صحاب

وقد صار هذا الناس إلّا أقلهم

ذئابا على أجسادهن ثياب

وسأل المنصور بعض بطانة هشام عن تدبيره في الحروب، فقال: كان رحمه الله تعالى يفعل كذا وكذا، فقال المنصور: عليك لعنة الله تطأ بساطي وتترحم على

ص: 212

عدوي؟ فقال: إن نعمة عدوك لقلادة في عنقي لا ينزعها إلا غاسلي، فقال له المنصور ارجع يا شيخ، فإني أشهد أنك لوفي حافظ للخير، ثم أمر له بمال، فأخذه، ثم قال:

والله لولا جلالة أمير المؤمنين وإمضاء طاعته ما لبست لأحد بعد هشام نعمة، فقال له المنصور: لله درك، فلو لم يكن في قومك غيرك لكنت قد أبقيت لهم مجدا مخلدا.

وخرج سليمان بن عبد الملك، ومعه يزيد بن المهلب في بعض جبابين الشام، فإذا امرأة جالسة على قبر تبكي، قال سليمان: فرفعت البرقع عن وجهها، فحكت شمسا عن متون غمامة، فوقفنا متحيرين ننظر إليها، فقال لها يزيد بن المهلب: يا أمة الله: هل لك في أمير المؤمنين بعلا؟ فنظرت إلينا، ثم أنشأت تقول:

فإن تسألاني عن هواي فإنه

يحول بهذا القبر يا فتيان

وإني لأستحييه والترب بيننا

كما كنت أستحييه وهو يراني

ومن ذلك: ما روي عن نائلة بنت القرافصة بن الأحوص الكلبي زوج عثمان رضي الله عنهما، أن عثمان لما قتل أصابتها ضربة على يدها، وخطبها معاوية، فردته، وقالت: ما يعجب الرجل مني؟ قالوا: ثناياك «1» ، فكسرت ثناياها، وبعثت بها إلى معاوية، فكان ذلك مما رغّب قريشا في نكاح نساء بني كلب.

ولما أحس مصعب بن الزبير بالقتل دفع إلى مولاه زياد فص ياقوت قيمته ألف ألف، وقال له: إنج بهذا فأخذه زياد ودقه بين حجرين، وقال: والله لا ينتفع به أحد بعدك.

ولما قدم هدبة بن الجشرم للقتل بحضرة مروان بن الحكم، قالت زوجته: إن لهدبة عندي وديعة، فامهله حتى آتيك بها، فقال: أسرعي، فإن الناس قد كثروا، وكان مروان قد جلس لهم بارزا عن داره، فمضت إلى السوق، وأتت إلى قصاب، فقالت: أعطني شفرتك، وخذ هذين الدرهمين، وأنا أردها عليك، فأخذتها وقربت من حائط وأرسلت ملحفها على وجهها، ثم جدعت أنفها من أصله، وقطعت شفتيها وردت الشفرة إلى القصاب. ثم أقبلت حتى دخلت بين الناس، فقالت: أتراني يا هدبة متزوجة بعد ما ترى، فقال: الآن طابت نفسي بالموت، فجزاك الله من حليلة وفية خيرا.

ولنجعل لهذا الباب من القضايا ختاما هو أوجزها كلاما، وأحسنها نظاما، وأبينها حكما وإحكاما، وهي قضية جمعت الأمرين: وفاء وغدرا، وعرفا ونكرا، وخيرا وشرا، ونفعا وضرا، واشتملت على حال شخصين أحدهما وفى بعهده ففاز ونجا وحاز من مقترحات مناه ما أمل ورجا، وغدر الآخر، فلم يجد له من جزاء غدره إلى النجاة فرجا، ولم يلق له من ضيق الغدر مخرجا. وهو ما ذكره عبد الله بن عبد الكريم، وكان مطلعا على أحوال أحمد بن طولون عارفا بأموره عالما بوروده وصدوره، فقال ما معناه:

إن أحمد بن طولون وجد عند سقايته طفلا مطروحا، فالتقطه ورباه وسماه أحمد وشهره باليتيم، فلما كبر ونشأ كان أكثر الناس ذكاء وفطنة، وأحسنهم زيا وصورة، فصار يرعاه ويعلمه حتى تهذب وتمرن، فلما حضرت أحمد بن طولون الوفاة أوصى ولده أبا الجيش خمارويه به، فأخذه إليه، فلما مات أحمد بن طولون أحضره الأمير أبو الجيش إليه، وقال له: أنت عندي بمكانة أرعاك بها، ولكن عادتي إني آخذ العهد على كل من أصرفه في شيء أنه لا يخونني فعاهده، ثم حكمه في أمواله وقدمه في أشغاله، فصار أحمد اليتيم مستحوذا على المقام حاكما على جميع الحاشية الخاص والعام، والأمير أبو الجيش بن طولون يحسن إليه، فلما رأى خدمته متصفة بالنصح ومساعيه متسمة بالنجح ركن إليه، واعتمد في أمور بيوته عليه، فقال له يوما: يا أحمد أمض إلى الحجرة الفلانية ففي المجلس حيث أجلس سبحة جوهر، فائتني بها، فمضى أحمد، فلما دخل الحجرة وجد جارية من مغنيات الأمير وحظاياه مع شاب من الفراشين ممن هو من الأمير بمحل قريب، فلما رأياه خرج الفتى وجاءت الجارية إلى أحمد وعرضت نفسها عليه، ودعته إلى قضاء وطره، فقال لها: معاذ الله أن أخون الأمير وقد أحسن إليّ وأخذ العهد عليّ، ثم تركها، وأخذ السبحة وانصرف إلى الأمير وسلمها إليه. وبقيت الجارية شديدة الخوف من أحمد بعدما أخذ السبحة، وخرج من الحجرة لئلا يذكرها للأمير، فأقامت أياما لم تجد من الأمير ما غيّره عليها. ثم اتفق أن الأمير اشترى جارية وقدمها على حظاياه، وغمرها بعطاياه، واشتغل بها عمن سواها، وأعرض لشغفه بها عن كل من عنده حتى كاد لا يذكر جارية غيرها، ولا يراها، وكان أولا مشغولا بتلك الجارية الخاسرة الخائنة الخائبة الغادرة العائبة العاهرة الفاسقة الفاجرة، فلما أعرض عنها اشتغالا بالجارية

ص: 213

الجديدة الممجدة السعيدة الحامدة المحمودة الوصيفة الموصوفة الأليفة المألوفة العارفة المعروفة، وصرف لبهجة محاسنها وكثرة آدابها وجهه من ملاعبة أترابها، وشغلته بعذوبة رضابها عن ارتشاف رضاب أضرابها، وكانت تلك الجارية الأولى لحسنها متأمرة على تأميره لا تخاف من وليه ولا نصيره، فكبر عليها إعراضه عنها، ونسبت ذلك إلى أحمد اليتيم لاطلاعه على ما كان منها، فدخلت على الأمير وقد ارتدت من الكآبة بجلباب نكرها، وأعلنت بالبكاء بين يديه لإتمام كيدها ومكرها، وقالت:

إن أحمد اليتيم راودني عن نفسي.

فلمّا سمع الأمير ذلك استشاط غيظا وغضبا، وهمّ في الحال بقتله، ثم عاوده حاكم عقله، فتأنى في فعله، واستحضر خادما يعتمد عليه، وقال له: إذا أرسلت إليك إنسانا ومعه طبق من ذهب، وقلت لك على لسانه املأ هذا الطبق مسكا، فاقتل ذلك الإنسان واجعل رأسه في الطبق، وأحضره مغطى، ثم إن الأمير أبا الجيش جلس لشربه، وأحضر عنده ندماءه الخواص، وأدناهم لمجلس قربه، وأحمد اليتيم واقف بين يديه آمن في سربه لم يخطر بخاطره شيء، ولا هجس هاجس في قلبه، فلما مثل بين يدي الأمير، وأخذ منه الشراب شرع في التدبير، فقال يا أحمد: خذ هذا الطبق وامض به إلى فلان الخادم، وقل له يقول لك أمير المؤمنين املأ هذا الطبق مسكا.

فأخذه أحمد اليتيم ومضى، فاجتاز في طريقه بالمغنين وبقية الندماء، والخواص، فقاموا إليه وسألوه الجلوس معهم، فقال: أنا ماض في حاجة للأمير أمرني بإحضارها في هذا الطبق، فقالوا له: أرسل من ينوب عنك في إحضارها وخذها أنت وأدخل بها على الأمير، فأدار عينيه، فرأى الفتى الفراش الذي كان مع الجارية، فأعطاه الطبق، وقال له: إمض إلى فلان الخادم وقل له يقول لك الأمير إملأ هذا الطبق مسكا، فمضى ذلك الفراش إلى الخادم، فذكر له ذلك، فقتله، وقطع رأسه وغطاه وجعله في الطبق، وأقبل به، فناوله لأحمد اليتيم، فأخذه وليس عنده علم من باطن الأمر، فلما دخل به على الأمير كشفه وتأمله وقال: ما هذا؟ فقص عليه خبره وقعوده مع المغنين وبقية الندماء وسؤالهم له الجلوس معهم، وما كان من إنفاذ الطبق، وإرساله مع الفراش، وأنه لا علم عنده غير ما ذكره. قال: أتعرف لهذا الفراش خبر يستوجب به ما جرى عليه؟

فقال: أيها الأمير: إن الذي تم عليه بما ارتكبه من الخيانة، وقد كنت رأيت الإعراض عن إعلام الأمير بذلك، وأخذ أحمد يحدثه بما شاهده وما جرى له من حديث الجارية من أوله إلى آخره، لما أنفذه لإحضار السبحة الجوهر، فدعا الأمير أبو الجيش بتلك الجارية واستقررها، فأقرت بصحة ما ذكره أحمد، فأعطاه إياها، وأمره بقتلها، ففعل، وازدادت مكانة أحمد عنده، وعلت منزلته لديه وضاعف إحسانه إليه، وجعل أزمة جميع ما يتعلق به بيديه.

فانظر رحمك الله إلى آثار الوفاء كيف تحمي من المعاطب، وتنجي من قبضة التلف بعد إمضاء القواضب، ويفضي بصاحبه إلى ارتقاء غوارب المراتب، فهذا الغلام لما وفى لمولاه بعهده، وهو بشر مثله، وليس في الحقيقة بعبده، واطلع الله عز وجل على صدق نيته وقصده دفع عنه هذه القتلة الشنيعة بلطف من عنده، فإذا كان العبد مع خالقه ورازقه وافيا في طاعته بعقده كيف لا يفيض عليه من ألطاف مواهب بره ورفده ويفتح له من أنواع رحمته وأقسام نعمته ما لا ممسك له من بعده، وقالوا: ليس شيء أوفى من القمرية إذا مات ذكرها لم تقرب آخر بعده ولا تزال تنوح عليه إلى أن تموت. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.

الباب الثامن والثلاثون في كتمان السر وتحصينه وذم إفشائه

قال الله تعالى حكاية عن يعقوب صلوات الله وسلامه عليه: يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ

«1» الآية، فلما أفشى يوسف عليه السلام رؤياه بمشهد امرأة يعقوب أخبرت إخوته، فحل به ما حل. ومن شواهد الكتاب العزيز في السر قوله تعالى؛ فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى 10

«2» . وقوله تعالى: وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ 24

«3» . أي بمتهم.

وفي الحديث: «استعينوا على قضاء حوائجكم

ص: 214

بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود» . وقال علي رضي الله عنه وكرم وجهه: سرك أسيرك فإذا تكلمت به صرت أسيره، واعلم أن أمناء الأسرار أقل وجودا من أمناء الأموال، وحفظ الأموال أيسر من كتمان الأسرار، لأن إحراز الأموال منيعة بالأبواب والأفعال، وإحراز الأسرار بارزة يذيعها لسان ناطق ويشيعها كلام سابق. وحمل الأسرار أثقل من حمل الأموال فإن الرجل يستقل بالحمل الثقيل، فيحمله ويمشي به، ولا يستطيع كتم السر. وإن الرجل يكون سره في قلبه، فيلحقه من القلق والكرب ما لا يلحقه من حمل الأثقال، فإذا أذاعه استراح قلبه، وسكن خاطره، وكأنما ألقى عن نفسه حملا ثقيلا. وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: القلوب أوعية والشفاه أقفالها، والألسن مفاتيحها، فليحفظ كل إنسان مفتاح سره. ومن عجائب الأمور أن الأموال كلما كثرت خزائنها كان أوثق لها، وأما الأسرار فإنها كلما كثرت خزائنها كان أضيع لها، وكم من إظهار سر أراق دم صاحبه ومنعه من بلوغ مآربه ولو كتمه أمن سطواته. وقال أنوشروان: من حصن سره، فله بتحصينه خصلتان، الظفر بحاجته، والسلامة من السطوات. وقيل: كلما كثرت خزان الأسرار، زادت ضياعا. وقيل: انفرد بسرك لا تودعه حازما فيزل، ولا جاهلا فيخون.

وقال كعب بن سعد الغنوي:

ولست بمبد للرجال سريرتي

ولا أنا عن أسرارهم بسؤول «1»

وقال أبو مسلم صاحب الدولة:

أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت

عنه ملوك بني مروان إذ جهدوا

ما زلت أسعى عليهم في ديارهم

والقوم في غفلة بالشام قد رقدوا

حتى ضربتهم بالسيف فانتبهوا

من نومة لم ينمها قبلهم أحد

ومن رعا غنما في أرض مسبعة

ونام عنها تولّى رعيها الأسد «2»

وأسرّ رجل إلى صديقه حديثا، ثم قال له أفهمت؟ قال:

بل جهلت. ثم قال له: أحفظت؟ قال: بل نسيت. وقيل لبعضهم: كيف كتمانك للسر؟ قال: أجحد المخبر، وأحلف للمستخبر. وقال المهلب: أدنى أخلاق الشريف كتمان السر وأعلى أخلاقه نسيان ما أسرّ إليه.

ومن أحسن ما قيل في كتمان السر قول الشاعر:

ولها سرائر في الضمير طويتها

نسي الضمير بأنّها في طيّه

وقد أجازه الشيخ شمس الدين البدوي فقال:

إنّي كتمت حديث ليلى لم أبح

يوما بظاهره ولا بخفيّه

وحفظت عهد ودادها متمسّكا

في حبّها برشاده أو غيّه

ولها سرائر في الضمير طويتها

نسي الضمير بأنّها في طيّه

وقيل: كتمان الأسرار يدل على جواهر الرجال، وكما أنه لا خير في آنية لا تمسك ما فيها، فكذلك لا خير في إنسان لا يمسك سره.

قال الشاعر:

ومستودعي سرّا كتمت مكانه

عن الحسّ خوفا أن ينمّ به الحس «3»

وخفّفت عنه من هوى النفس شهوة

فأودعته من حيث لا يبلغ الحس

وقال قيس بن الحطيم:

أجود بمكنون التلاد وإنّني

بسري عمّن يسألنّي ضنين

وإن ضيّع الأقوام سري فإنّني

كتوم لأسرار العشير أمين

وقال جعفر بن عثمان:

يا ذا الذي أودعني سرّه

لا ترج أن تسمعه منّي

لم أجره قطّ على فكرتي

كأنه لم يجر في أذني

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: ما أفشيت سري إلى أحد قط، فأفشاه، فلمته إذ كان صدري به أضيق. وقال الأحنف بن قيس: يضيق صدر الرجل

ص: 215