الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تذكّرا الحرب فاحتالا لها فطنا
…
من غير أن يأثما فيها بسفك دم
هذا يغير على هذا وذاك على
…
هذا يغير وعين الحزم لم تنم
فانظر إلى همم جاشت بمعركة
…
في عسكرين بلا طبل ولا علم
قالوا: إن سبب وضع الشطرنج أن ملوك الهند ما كانوا يرون بقتال، فإذا تنازع ملكان في كورة أو مملكة تلاعبا بالشطرنج، فيأخذها الغالب من غير قتال. وقيل: إنه كان لبعض ملوك الفرس شطرنج من ياقوت أحمر وأصفر القطعة منه بثلاثة آلاف دينار.
فحكي أن غلمانا من أهل البحرين خرجوا يلعبون بالصوالجة وأسقف البحرين قاعد، فوقعت الأكرة على صدره، فأخذها، فجعلوا يطلبونها منه فأبى، فقال غلام منهم: سألتك بحق محمد صلى الله عليه وسلم إلا رددتها علينا، فأبى لعنه الله وسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبلوا عليه بصوالجهم، فما زالوا يخبطوا حتى مات لعنة الله عليه، فرفع ذلك إلى عمر رضي الله تعالى عنه فو الله ما فرح بفتح ولا غنيمة كفرحته بقتل الغلمان لذلك الأسقف، وقال: الآن عز الإسلام إن أطفالا صغارا شتم نبيهم فغضبوا له وانتصروا وأهدر دم الأسقف، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
الباب السادس والسبعون في النوادر
وفيه فصول
الفصل الأول من هذا الباب في نوادر العرب
خرج المهدي يتصيد، فغار به فرسه حتى وقع في خباء أعرابي، فقال: يا أعرابي هل من قرى، فأخرج له قرص شعير، فأكله، ثم أخرج له فضله من لبن فسقاه، ثم أتاه بنبيذ في ركوة فسقاه «1» ، فلما شرب قال: أتدري من أنا؟ قال: لا، قال: أنا من خدم أمير المؤمنين الخاصة، قال:
بارك الله لك في موضعك، ثم سقاه مرة أخرى، فشرب فقال: يا أعرابي أتدري من أنا؟ قال: زعمت أنك من خدم أمير المؤمنين الخاصة قال: لا. أنا من قواد أمير المؤمنين، قال: رحبت بلادك وطاب مرادك، ثم سقاه الثالثة، فلما فرغ قال: يا أعرابي أتدري من أنا؟ قال:
زعمت أنك من قواد أمير المؤمنين، قال: لا، ولكني أمير المؤمنين. قال: فأخذ الأعرابي الركوة، فوكأها «2» وقال:
إليك عني، فو الله لو شربت الرابعة لادعيت أنك رسول الله، فضحك المهدي حتى غشي عليه، ثم أحاطت به الخيل، ونزلت إليه الملوك والأشراف، فطار قلب الأعرابي فقال له: لا بأس عليك، ولا خوف، ثم أمر له بكسوة ومال جزيل.
ووجد أعرابي يأكل ويتغوط ويفلي ثوبه، فقيل له في ذلك، فقال: أخرج عتيقا وأدخل جديدا، وأقتل عدوا.
وقيل لبعض الأعراب: إن شهر رمضان قدم، فقال:
والله لأبددن شمله بالأسفار. وسمع أعرابي قارئا يقرأ القرآن حتى أتى على قوله تعالى: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً
«3» . فقال: لقد هجانا، ثم بعد ذلك سمعه يقرأ:
وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
«4» .
فقال: لا بأس هجا ومدح. هذا كما قال شاعرنا:
هجوت زهيرا ثم إني مدحته
…
وما زالت الأشراف تهجى وتمدح
وحضر أعرابي على مائدة يزيد بن مزيد فقال لأصحابه:
أفرجوا «5» لأخيكم، فقال الأعرابي: لا حاجة لي بإفراجكم إن أطنابي «6» طوال يعني سواعده، فلما مد يده ضرط، فضحك يزيد، فقال يا أخا العرب: أظن أن طنبا من أطنابك قد انقطع.
ورؤي أعرابي يغطس في البحر ومعه خيط، وكلما غطس غطسة عقد عقدة، فقيل له: ما هذا؟ قال: جنابات الشتاء أقضيها في الصيف.
وسرق اعرابي غاشية من على سرج ثم دخل المسجد
يصلي فقرأ الامام: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ 1
«1» فقال: يا فقيه لا تدخل في الفضول، فلما قرأ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ 2
«2» قال: خذوا غاشيتكم ولا يخشع وجهي لا بارك الله لكم فيها ثم رماها من يده وخرج.
وحضر أعرابي مجلس قوم فتذكروا قيام الليل «3» فقيل له: يا أبا أمامة أتقوم الليل؟ فقال: نعم. قالوا: ما تصنع؟
قال: أبول وأرجع أنام.
وسرق أعرابي صرة فيها دارهم ثم دخل المسجد يصلى، وكان اسمه موسى، فقرأ الإمام، وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى 17
«4» ، فقال الأعرابي: والله إنك لساحر، ثم رمى الصرة وخرج.
وحكى الأصمعي قال: ضلت لي إبل، فخرجت في طلبها، وكان البرد شديدا، فالتجأت إلى حي من أحياء العرب، وإذا بجماعة يصلون وبقربهم شيخ ملتف بكساء، وهو يرتعد من البرد وينشد:
أيا ربّ إن البرد أصبح كالحا
…
وأنت بحالي يا إلهي أعلم
فإن كنت يوما في جهنم مدخلي
…
ففي مثل هذا اليوم طابت جهنم
قال الأصمعي: فتعجبت من فصاحته، وقلت: يا شيخ أما تستحي تقطع الصلاة وأنت شيخ كبير، فأنشد يقول:
أيطمع ربّي أن أصلّي عاريا
…
ويكسو غيري كسوة البرد والحرّ
فو الله لا صليت ما عشت عاريا
…
عشاء ولا وقت المغيب ولا الوتر «5»
ولا الصبح إلّا يوم شمس دفيئة
…
وإن عمّمت فالويل للظهر والعصر
وإن يكسني ربي قميصا وجبّة
…
أصلي له مهما أعيش من العمر
قال: فأعجبني شعره وفصاحته، فنزعت قميصا وجبّة كانا عليّ ودفعتهما إليه، وقلت له: البسهما وقم، فاستقبل القبلة، وصلّى جالسا وجعل يقول:
إليك اعتذاري من صلاتي جالسا
…
على غير طهر موميا نحو قبلتي
فمالي ببرد الماء يا رب طاقة
…
ورجلاي لا تقوى على ثني ركبتي
ولكنني استغفر الله شاتيا
…
وأقضيكها يا ربّ في وجه صيفتي
وإن أنا لم أفعل فأنت محكم
…
بما شئت من صفعي ومن نتف لحيتي
قال: فعجبت من فصاحته، وضحكت عليه وانصرفت.
وصلى أعرابي مع قوم فقرأ الإمام قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا
«6» ، فقال الأعرابي: أهلكك الله وحدك. إيش كان ذنب الذين معك، فقطع القوم الصلاة من شدة الضحك. وقيل: دخلت أعرابية على قوم يصلون، فقرأ الإمام فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ
«7» وجعل يرددها، فجعلت الأعرابية تعدو وهي هاربة حتى جاءت لأختها فقالت: يا أختاه ما زال الإمام يأمرهم أن ينكحونا حتى خشيت أن يقعوا عليّ. وصلى أعرابي خلف إمام، فقرأ الإمام: أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ 16
«8» وكان في الصف الأول، فتأخر إلى الصف الآخر، فقرأ: ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ 17
«9» فتأخر، فقرأ: كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ 18
«10» . وكان اسم البدوي مجرما، فترك الصلاة وخرج هاربا، وهو يقول: والله ما المطلوب غيري، فوجده بعض الأعراب، فقال له: ما لك يا مجرم؟ فقال: إن الامام أهلك الأولين والآخرين وأراد أن يهلكني في الجملة، والله لا رأيته بعد اليوم.
وجلس بعض الأعراب يشرب مع ندائمه فاحتاج إلى بيت الخلاء، فدلوه عليه، فلما دخل جعل يضرط ضراطا شنيعا، فضحكوا عليه، فأنشد يقول:
إذا ما خلا الإنسان في بيت غائط
…
تراخت بلا شك مصاريع فقحته